﴿ زيارة المدينة النبوية وانقضاء الحج ﴾

محمد البدر
1435/12/16 - 2014/10/10 01:05AM
[align=justify]الخطبة الأولى:-
أمّا بعد: عباد الله : قال صلى الله عليه وسلم : « لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِى هَذَا وَمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الأَقْصَى ». رواه البخاري ومسلم فيسن زيارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، في كل وقت ، سواء كان ذلك قبل الحج أو بعده ، وفيه تضاعف أجور الصلاة، فقد قال صلى الله عليه وسلم:« صَلاَةٌ فِى مَسْجِدِى هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلاَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ » رواه مسلم .
وليست زيارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم من تمام الحج، فالحج صحيح إن شاء الله تعالى، عند توافر شروطه وأركانه ، ولكنها سنة مستحبة يحصل الانسان فيها أجر الصلاة في المسجد النبوي ، فإذا وصلت إلى المسجد النبوي ،فقدم رجلك اليمنى عند الدخول،وقل كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم « إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ افْتَحْ لِى أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ. وَإِذَا خَرَجَ فَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ » رواه مسلم .
وليس لدخول المسجد النبوي دعاء أو ذكر مخصوص يميزه عن سائر المساجد. فإذا دخلت فصل أولاً ركعتين ، وبادر بهما، والأفضل أن تصليهما في الروضة الشريف، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « مَا بَيْنَ بَيْتِى وَمِنْبَرِى رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ » متفق عليه.
فإذا فرغت من الصلاة ، فالسنة لك زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وعند ما يفعل المسلم ذلك فإنه يقف تجاه القبر بأدب وخفض صوت، قائلا: السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَا بَكْرٍ السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا عمر .
قال صلى الله عليه وسلم : « مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلاَّ رَدَّ اللهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ » صححه الألباني .ولا بأس أن يقول: “السلام عليك يا نبي الله، السلام عليك يا خيرة الله من خلقه، السلام عليك يا سيد المرسلين وإمام المتقين، أشهد أنك قد بلغت الرسالة، وأديت الأمانة، ونصحت الأمة، وجاهدت في الله حق جهاده" فهذه كلها من أوصافه صلى الله عليه وسلم، فلا بأس من قولها. ثم يصلي عليه صلى الله عليه وسلم، ويدعو له، لما قد تقرر في الشريعة من شرعية الجمع بين الصلاة والسلام عليه، عملاً بقوله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً". ثم بعد ذلك يسلم على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ويدعو لهما، كما كان يفعل عبدالله بن عمر رضي الله عنهما .
ولا يجوز التمسح بالحجرة التي تضم قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه، رضوان الله عليهما، ولا يجوز تقبيلها، أو الطواف بها، لأن ذلك كله لم ينقل عن أحد من السلف الصالح رحمهم الله، وهم أشد حرصاً على الدين وأكثر محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم .ولا يجوز أن يسأل أحداً تفريج كربة أو شفاء مريض أو غير ذلك إلا الله سبحانه وتعالى، وطلبه من غير الله نوع من الشرك، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم أمته من ذلك، وحذر من اتخاذ القبور عيداً، ولما كان قبره عليه الصلاة والسلام يمكن ان يقع بعض الجهال في اتخاذه عيداً فقد خصه بالذكر عند التحذير، فقال: « لَا تَتَّخِذُوا قَبْرِي عِيدًا وَلَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَصَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي » صححه الألباني .
ويستحب أيضا للزائر: أن يأتي مسجد قباء فيصلي فيه، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزور مسجد قباء راكباً وماشياً، ويصلي فيه، فعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يزور قُبَاءَ رَاكِباً وَمَاشِياً ، فَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .وفي رواية : كَانَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأتي مَسْجِد قُبَاءَ كُلَّ سَبْتٍ رَاكباً ، وَمَاشِياً وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من تطَهَّرَ في بيتِهِ , ثمَّ أتى مسجدَ قباءٍ ، فصلَّى فيهِ صلاةً ، كانَ لَهُ كأجرِ عمرةٍ» رواه الترمذي وابن ماجة وصححه الألباني .
ويسن أيضا زيارة قبور البقيع، وقبور الشهداء وقبر حمزة، قال شيخ الإسلام - رحمه الله - : " ويستحب أيضا زيارة قبور أهل البقيع وشهداء أحد للدعاء لهم والاستغفار لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقصد ذلك مع أن هذا مشروع لجميع موتى المسلمين " ( مجموع الفتاوى 17/470 ) .
أقول قولي هذا...

الخطبة الثانية:-
أمّا بعد: عباد الله ، في الأيام القليلة الماضية قضى الحجاج عبادة من أعظم العبادات ، وقربة من أعظم القربات ، تجردوا لله من المخيط عند الميقات، وهلت دموع التوبة في صعيد عرفات ، وضجت بالافتقار إلى الله كل الأصوات بجميع اللغات ، وازدلفت جموع الحجيج إلى مزدلفة للبيات، وزحفت الجموع بعد ذلك إلى رمي الجمرات ، والطواف بالكعبة المشرفة، والسعي بين الصفا والمروة، عاد الحجاج بعد ذلك فرحين بما آتاهم الله من فضله، فهنيئًا للحجاج حجُهم ، وللعُبَّاد عبادتهم واجتهادهم ، وهنيئًا لهم قول النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ قَالَ « إِذَا تَقَرَّبَ الْعَبْدُ إِلَىَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا ، وَإِذَا تَقَرَّبَ مِنِّى ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا ، وَإِذَا أَتَانِى مَشْيًا أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً » .رواه البخاري.
عباد الله :نحمد الله جل وعلى أن اختار هذه البلاد حكومة وشعباً ومقيمين لخدمة ضيوف الرحمن ،وهنيئاً لخادم الحرمين هذا الشعب المبارك الوفي من مسؤولين يسهرون على راحت الحجاج ورجال أمن بواسل لحفظ الأمن وتذليل كل الصعاب وإرشاد الحجاج و كذلك مواطنين ومقيمين منهم العلماء والدعاة والمرشدين تركوا أبناءهم وبيوتهم وبذلوا كل وسع لإسعاد الحجاج فجزاهم الله خير الجزاء .

هذا وصلّوا وسلِّموا ..
[/align]
المشاهدات 1906 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا