﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾
محمد البدر
1437/06/16 - 2016/03/25 02:03AM
[align=justify]الخطبة الأولى :
أما بعد: عباد الله : قال تعالى :﴿ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾
عباد الله :الفساد أمر مرفوض شرعا مهما كان نوعه ، سواء كان فسادا أخلاقيا أو فسادا ماليا أو فسادا إداريا أو فسادا دينياً وغير ذلك ،ومن أنواع الفساد الذي تعاني منه البلاد ، ويشتكي منه العباد : الفساد الإداري ، الذي لا ينكر وجوده أحد .
عباد الله :الفساد الإداري ، ظاهرة نشاز ، وقضية خطيرة ، بلي بها عباد المناصب والدراهم ، وعانى من ويلاتها كثير من الجهات ، سببها ضعف الإيمان ، وعدم استشعار المسؤولية ، والاستهانة بالأمانة ، وحب الثراء ، أما أدواتها ووسائلها ، فالرشوة والتزوير ، والسرقة والاختلاس والاحتيال ، ونفع الأقارب والأصدقاء على حساب غيرهم ، فتعطلت كثير من المصالح ، وضاعت الحقوق ، وتوقفت بعض المشاريع والمصالح العامة ، وتجرأ السفهاء للنيل من ولاة أمرنا وعلمائنا ، بل حصلت العديد من الكوارث والنكبات ، وهذا كله على حساب الوطن والمواطن ، وهو نتيجة خيانة الأمانة ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « إِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ » . قَالَ كَيْفَ إِضَاعَتُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « إِذَا أُسْنِدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ ، فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ » رواه البخاري .
إِنَّ تَضيِيعَ الأَمَانَةِ والاتِّصَافَ بِالخِيَانَةِ ، أَو مَا يُسمى بِالفَسَادِ الإِدارِيِّ وَالمَاليِّ والديني ، لم يَترُكْ بلداً إِلاَّ أَصَابَهَا ، وَلا مُجتَمَعًا إِلاَّ خَالَطَهُ ، وَلا مُؤَسَّسَةً حُكُومِيَّةً وَلا أَهلِيَّةً إِلاَّ أَخَذَ بِحَظِّهِ مِنهَا ، حَتى صَارَ مَرَضًا مُستَفحِلاً تَأَخَّرَت بِسَبَبِهِ دُوَلٌ وَتَخَلَّفَت عَنِ الحَضَارَةِ ، وَأَصبَحَ عَقبَةً تَحُولُ بَينَ أُنَاسٍ مِن أَصحَابِ الحُقُوقِ وَحُقُوقِهِم ، وَمَركَبًا تُمنَحُ عَلَى ظَهرِهِ بَعضُ المِيزَاتِ وَالأَموَالِ لِمَن لا يَستَحِقُّونَهَا ، وَقَنَاةً تَسمَحُ بِتَعيِينِ مُوَظَّفِينَ وَتَأخِيرِ آخَرِينَ ، وَوَرَقَةً رَابِحَةً في أَيدِي مَجمُوعَاتٍ مِنَ المُقَرَّبِينَ أَوِ الأَصدِقَاءِ ، تُرسَى عَلَيهِم بها المَشرُوعَاتُ ، وَيُقَدَّمُونَ عَلَى غَيرِهِم بِفَضلِهَا في المُنَاقَصَاتِ ، عَلَى أَسَاسٍ مِنَ الحَمِيَّةِ الجَاهِلِيَّةِ أَوِ اقتِسَامِ المَصَالِحِ المَادِّيَّةِ .
فالفَسَادُ لَهُ أَنمَاطًا وَأَشكَالاً شَاعَت وَذَاعَت ، وَانتَشَرَت وَتَمَدَّدَت ، وَباضَت في كُلِّ مَكَانٍ وَفَرَّخَت .
عباد الله : وَمِن تِلكَ الأَنماطِ الكَرِيهَةِ وَالأَشكَالِ البَغِيضَةِ : الوَسَاطَاتُ في كَثِيرٍ مِن أَحوَالِهَا ، وَالَّتي خَرَجَت عَن كَونِهَا نَوعًا مِنَ الشَّفَاعَةِ الحَسَنَةِ الَّتي يُؤجَرُ عَلَيهَا صَاحِبُهَا وَيُثَابُ ، فَأَصبَحَت ظُلمًا لِلمُستَحِقِّينَ وَهَضمًا لِلمُستَضعَفِينَ ، وَإِبعَادًا لِذَوِي الكِفَايَاتِ مِن المَوَاقِعِ الَّتي تَحتَاجُهُم ، وَرَدًّا لأَصحَابِ الجَدَارَةِ وَتَهمِيشًا لِدَورِهِم ، مَعَ غَضِّ نَظَرٍ عَنِ المَقَايِيسِ المَطلُوبَةِ فِيمَن يُرَادُ تَوظِيفُهُ مِن قُوَّةٍ وَأَمَانَةٍ ، وَجَعلِ مَقَايِيسَ أُخرَى هَشَّةٍ مَكَانَهَا .
وَمِن أَنماطِ الفَسَادِ هَدرُ الوَقتِ العَامِّ وَضَعفُ الالتِزَامِ بِسَاعَاتِ الدَّوَامِ ، وَكَثرَةُ التَغَيُّبِ وَالتَّأَخُّرِ عَنِ العَمَلِ لأَعذَارٍ وَاهِيَةٍ ، وَاختِلاقُ أَسبَابٍ غَيرِ مُقنِعَةٍ لِلتَّهَرُّبِ مِنَ المُحَاسَبَةٍ وَالمُعَاقَبَةِ ،وَإِنَّ مِمَّا يُنَبَّهُ عَلَيهِ في هَذَا الجَانِبِ ، وَهُوَ مِمَّا يُسَاعِدُ عَلَى الخِيَانَةِ وَتَضيِيعِ الأَمَانَةِ وَبِهِ يَستَشرِي الفَسَادُ وَيَزدَادُ ، مَا تَفعَلُهُ بَعضُ المُستَشفَيَاتِ وَالمَراكِزِ الصِّحِّيَّةِ حُكُومِيَّةً وَأَهلِيَّةً ، مِن إِعطَاءِ المُوَظَّفِ المُتَغَيِّبِ عَن عَمَلِهِ إِجَازَةً مَرَضِيَّةً ، وَهُوَ في الحَقِيقَةِ لا يُعَاني مِن أَيِّ مَرَضٍ ، وَإِنَّمَا المَرِيضُ الحَقِيقِيُّ هُوَ مَن زَوَّرَ لَهُ مَا يُرِيدُهُ مِن أَورَاقِ إِجَازَةٍ أَو شَهَادَةِ مُرَافَقَةٍ ، طَلَبًا لِمَدحِهِ أَو خَشيَةَ ذَمِّهِ ، أَو لِغَيرِ ذَلِكَ مِن الأَسبَابِ ، فكم ضَاعت مَصَالِحَ وتأخرت مُعَامَلاتٍ ، بَل وَكَم يُظلَمُ بها في المَدَارِسِ مِن طُلاَّبٍ وَطَالِبَاتٍ .
عباد الله :ولا يخفى عليكم اتساع البلاد وكثرة السكان ، فولاة الأمر حفظهم الله ووفقهم لك خير وعلمائنا أهل السنة يحاربون الفساد بكافة أنواعه ويمنعون الأسباب المؤدية له ،والدولة وضعت هيئة لمكافحة الفساد ، فلابد من التعاون معهم لمحاربة الفساد والمفسدين والتبليغ عن كل ما يمس أمن هذه البلاد ، قال تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ فنحن بحاجة لنقف صفا واحدا ، ونكون يدا واحده ، مع ولاة أمرنا وعلمائنا ، أمام هذا الفساد المنتشر .
أقول قولي هذا ....
الخطبة الثانية :
عباد الله : أَمَّا بَعدُ عباد الله :إِنَّ لِلفَسَادِ الإِدَارِيِّ وَالمَاليِّ في المُجتَمَعَاتِ آثَارًا بَالِغَةً وَأَضرَارًا فَادِحَةً ، وَعَوَاقِبَ وَخِيمَةً وَنِهَايَاتٍ سَيِّئَةً ، فَهُوَ مَرَضٌ خَبِيثٌ يُضعِفُ قُوَّةَ المُجتَمَعِ وَيُذهِبُ مَنَاعَتَهُ ، وَيَجعَلُهُ عُرضَةً لأَمرَاضٍ أُخرَى مُستَعصِيَةٍ ، فَحِينَ يُصبِحُ ابنُ الوَطَنِ عَلَى استِعدَادٍ لِبَيعِ ذِمَّتِهِ ودينه وأمانته مِن أَجلِ تأثير دعاة الفتنة بكلمات مكذوبة منمقة وبأحاديث واهية ضعيفة لمصلحة بعض الجماعات المنحرفة والمخالفة للكتاب والسنة ،ومن أجل حَفنَةٍ مِنَ المَالِ أَو مُجَامَلَةً لِقَرِيبٍ أَو مُحَابَاةً لِصَدِيقٍ ، أَو طَلَبًا لِمَدحٍ أَو خَوفًا مِن ذَمٍّ ، ضَارِبًا بِمَصَالِحِ آلافِ البَشَرِ عُرضَ الحَائِطِ ، فَإِنَّكَ لَن تَجِدَ حِينَئِذٍ إِلاَّ قَومًا يُخرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيدِيهِم ، وَيَفَقَؤُونَ أَعيُنَهُم بِأَصَابِعِهِم ، وَيَقضُونَ بِقُوَّةٍ عَلَى آمالِ أُمَّتِهِم في النُّهُوضِ مِن كَبوَتِهَا وَالسَّيرِ في رَكبِ الحَضَارَةِ ، وَيَجعَلُونَهَا تَعِيشُ في كُرهٍ لِوُلاتِهَا وَبُغضٍ لِعلمائها .
فحنئذ لن تَنفَعْهُم سُلطَةٌ وَلا كَثرَةُ مَالٍ ، وَلن يغني عَنهُم جَاهٌ وَلا شُهرَةٌ .
أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ وَلْيَكُنْ لَنَا فِيمَن مَضَى مُعتَبَرٌ .
. ألا وصلوا ...
[/align]
أما بعد: عباد الله : قال تعالى :﴿ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾
عباد الله :الفساد أمر مرفوض شرعا مهما كان نوعه ، سواء كان فسادا أخلاقيا أو فسادا ماليا أو فسادا إداريا أو فسادا دينياً وغير ذلك ،ومن أنواع الفساد الذي تعاني منه البلاد ، ويشتكي منه العباد : الفساد الإداري ، الذي لا ينكر وجوده أحد .
عباد الله :الفساد الإداري ، ظاهرة نشاز ، وقضية خطيرة ، بلي بها عباد المناصب والدراهم ، وعانى من ويلاتها كثير من الجهات ، سببها ضعف الإيمان ، وعدم استشعار المسؤولية ، والاستهانة بالأمانة ، وحب الثراء ، أما أدواتها ووسائلها ، فالرشوة والتزوير ، والسرقة والاختلاس والاحتيال ، ونفع الأقارب والأصدقاء على حساب غيرهم ، فتعطلت كثير من المصالح ، وضاعت الحقوق ، وتوقفت بعض المشاريع والمصالح العامة ، وتجرأ السفهاء للنيل من ولاة أمرنا وعلمائنا ، بل حصلت العديد من الكوارث والنكبات ، وهذا كله على حساب الوطن والمواطن ، وهو نتيجة خيانة الأمانة ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « إِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ » . قَالَ كَيْفَ إِضَاعَتُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « إِذَا أُسْنِدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ ، فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ » رواه البخاري .
إِنَّ تَضيِيعَ الأَمَانَةِ والاتِّصَافَ بِالخِيَانَةِ ، أَو مَا يُسمى بِالفَسَادِ الإِدارِيِّ وَالمَاليِّ والديني ، لم يَترُكْ بلداً إِلاَّ أَصَابَهَا ، وَلا مُجتَمَعًا إِلاَّ خَالَطَهُ ، وَلا مُؤَسَّسَةً حُكُومِيَّةً وَلا أَهلِيَّةً إِلاَّ أَخَذَ بِحَظِّهِ مِنهَا ، حَتى صَارَ مَرَضًا مُستَفحِلاً تَأَخَّرَت بِسَبَبِهِ دُوَلٌ وَتَخَلَّفَت عَنِ الحَضَارَةِ ، وَأَصبَحَ عَقبَةً تَحُولُ بَينَ أُنَاسٍ مِن أَصحَابِ الحُقُوقِ وَحُقُوقِهِم ، وَمَركَبًا تُمنَحُ عَلَى ظَهرِهِ بَعضُ المِيزَاتِ وَالأَموَالِ لِمَن لا يَستَحِقُّونَهَا ، وَقَنَاةً تَسمَحُ بِتَعيِينِ مُوَظَّفِينَ وَتَأخِيرِ آخَرِينَ ، وَوَرَقَةً رَابِحَةً في أَيدِي مَجمُوعَاتٍ مِنَ المُقَرَّبِينَ أَوِ الأَصدِقَاءِ ، تُرسَى عَلَيهِم بها المَشرُوعَاتُ ، وَيُقَدَّمُونَ عَلَى غَيرِهِم بِفَضلِهَا في المُنَاقَصَاتِ ، عَلَى أَسَاسٍ مِنَ الحَمِيَّةِ الجَاهِلِيَّةِ أَوِ اقتِسَامِ المَصَالِحِ المَادِّيَّةِ .
فالفَسَادُ لَهُ أَنمَاطًا وَأَشكَالاً شَاعَت وَذَاعَت ، وَانتَشَرَت وَتَمَدَّدَت ، وَباضَت في كُلِّ مَكَانٍ وَفَرَّخَت .
عباد الله : وَمِن تِلكَ الأَنماطِ الكَرِيهَةِ وَالأَشكَالِ البَغِيضَةِ : الوَسَاطَاتُ في كَثِيرٍ مِن أَحوَالِهَا ، وَالَّتي خَرَجَت عَن كَونِهَا نَوعًا مِنَ الشَّفَاعَةِ الحَسَنَةِ الَّتي يُؤجَرُ عَلَيهَا صَاحِبُهَا وَيُثَابُ ، فَأَصبَحَت ظُلمًا لِلمُستَحِقِّينَ وَهَضمًا لِلمُستَضعَفِينَ ، وَإِبعَادًا لِذَوِي الكِفَايَاتِ مِن المَوَاقِعِ الَّتي تَحتَاجُهُم ، وَرَدًّا لأَصحَابِ الجَدَارَةِ وَتَهمِيشًا لِدَورِهِم ، مَعَ غَضِّ نَظَرٍ عَنِ المَقَايِيسِ المَطلُوبَةِ فِيمَن يُرَادُ تَوظِيفُهُ مِن قُوَّةٍ وَأَمَانَةٍ ، وَجَعلِ مَقَايِيسَ أُخرَى هَشَّةٍ مَكَانَهَا .
وَمِن أَنماطِ الفَسَادِ هَدرُ الوَقتِ العَامِّ وَضَعفُ الالتِزَامِ بِسَاعَاتِ الدَّوَامِ ، وَكَثرَةُ التَغَيُّبِ وَالتَّأَخُّرِ عَنِ العَمَلِ لأَعذَارٍ وَاهِيَةٍ ، وَاختِلاقُ أَسبَابٍ غَيرِ مُقنِعَةٍ لِلتَّهَرُّبِ مِنَ المُحَاسَبَةٍ وَالمُعَاقَبَةِ ،وَإِنَّ مِمَّا يُنَبَّهُ عَلَيهِ في هَذَا الجَانِبِ ، وَهُوَ مِمَّا يُسَاعِدُ عَلَى الخِيَانَةِ وَتَضيِيعِ الأَمَانَةِ وَبِهِ يَستَشرِي الفَسَادُ وَيَزدَادُ ، مَا تَفعَلُهُ بَعضُ المُستَشفَيَاتِ وَالمَراكِزِ الصِّحِّيَّةِ حُكُومِيَّةً وَأَهلِيَّةً ، مِن إِعطَاءِ المُوَظَّفِ المُتَغَيِّبِ عَن عَمَلِهِ إِجَازَةً مَرَضِيَّةً ، وَهُوَ في الحَقِيقَةِ لا يُعَاني مِن أَيِّ مَرَضٍ ، وَإِنَّمَا المَرِيضُ الحَقِيقِيُّ هُوَ مَن زَوَّرَ لَهُ مَا يُرِيدُهُ مِن أَورَاقِ إِجَازَةٍ أَو شَهَادَةِ مُرَافَقَةٍ ، طَلَبًا لِمَدحِهِ أَو خَشيَةَ ذَمِّهِ ، أَو لِغَيرِ ذَلِكَ مِن الأَسبَابِ ، فكم ضَاعت مَصَالِحَ وتأخرت مُعَامَلاتٍ ، بَل وَكَم يُظلَمُ بها في المَدَارِسِ مِن طُلاَّبٍ وَطَالِبَاتٍ .
عباد الله :ولا يخفى عليكم اتساع البلاد وكثرة السكان ، فولاة الأمر حفظهم الله ووفقهم لك خير وعلمائنا أهل السنة يحاربون الفساد بكافة أنواعه ويمنعون الأسباب المؤدية له ،والدولة وضعت هيئة لمكافحة الفساد ، فلابد من التعاون معهم لمحاربة الفساد والمفسدين والتبليغ عن كل ما يمس أمن هذه البلاد ، قال تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ فنحن بحاجة لنقف صفا واحدا ، ونكون يدا واحده ، مع ولاة أمرنا وعلمائنا ، أمام هذا الفساد المنتشر .
أقول قولي هذا ....
الخطبة الثانية :
عباد الله : أَمَّا بَعدُ عباد الله :إِنَّ لِلفَسَادِ الإِدَارِيِّ وَالمَاليِّ في المُجتَمَعَاتِ آثَارًا بَالِغَةً وَأَضرَارًا فَادِحَةً ، وَعَوَاقِبَ وَخِيمَةً وَنِهَايَاتٍ سَيِّئَةً ، فَهُوَ مَرَضٌ خَبِيثٌ يُضعِفُ قُوَّةَ المُجتَمَعِ وَيُذهِبُ مَنَاعَتَهُ ، وَيَجعَلُهُ عُرضَةً لأَمرَاضٍ أُخرَى مُستَعصِيَةٍ ، فَحِينَ يُصبِحُ ابنُ الوَطَنِ عَلَى استِعدَادٍ لِبَيعِ ذِمَّتِهِ ودينه وأمانته مِن أَجلِ تأثير دعاة الفتنة بكلمات مكذوبة منمقة وبأحاديث واهية ضعيفة لمصلحة بعض الجماعات المنحرفة والمخالفة للكتاب والسنة ،ومن أجل حَفنَةٍ مِنَ المَالِ أَو مُجَامَلَةً لِقَرِيبٍ أَو مُحَابَاةً لِصَدِيقٍ ، أَو طَلَبًا لِمَدحٍ أَو خَوفًا مِن ذَمٍّ ، ضَارِبًا بِمَصَالِحِ آلافِ البَشَرِ عُرضَ الحَائِطِ ، فَإِنَّكَ لَن تَجِدَ حِينَئِذٍ إِلاَّ قَومًا يُخرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيدِيهِم ، وَيَفَقَؤُونَ أَعيُنَهُم بِأَصَابِعِهِم ، وَيَقضُونَ بِقُوَّةٍ عَلَى آمالِ أُمَّتِهِم في النُّهُوضِ مِن كَبوَتِهَا وَالسَّيرِ في رَكبِ الحَضَارَةِ ، وَيَجعَلُونَهَا تَعِيشُ في كُرهٍ لِوُلاتِهَا وَبُغضٍ لِعلمائها .
فحنئذ لن تَنفَعْهُم سُلطَةٌ وَلا كَثرَةُ مَالٍ ، وَلن يغني عَنهُم جَاهٌ وَلا شُهرَةٌ .
أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ وَلْيَكُنْ لَنَا فِيمَن مَضَى مُعتَبَرٌ .
. ألا وصلوا ...
[/align]