﴿وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ ﴾

محمد البدر
1437/07/22 - 2016/04/29 01:50AM
[align=justify]الخطبة الأولى :
أما بعد : عباد الله :قال تعالى :﴿ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾فالسلام تحية الملائكة .
وهي تحية أهل الجنة قال الله تعالى:﴿وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ ﴾.وقال تعالى:﴿لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تَأْثِيمًا إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا﴾
وهي تحية المؤمنين يوم يلقون ربهم قال الله تعالى:﴿تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا﴾ وقد أمر الله بالسلام عند دخول المسلمين بعضهم على بعض في بيوتهم، قال تعالى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾وقال تعالى:﴿فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ وهذا يدل على فضل التسليم عند دخول البيت.
فعن أَبي هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :( لَمَّا خَلَقَ اللهُ آدَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولئِكَ نَفَرٍ مِنَ المَلاَئِكَةِ جُلُوس فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ ؛ فَإنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيتِكَ . فَقَالَ : السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ، فقالوا : السَّلاَمُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ ، فَزَادُوهُ :وَرَحْمَةُ اللهِ)متفقٌ عَلَيْهِ والسلام اسم من أسماء الله الحسنى ، فقولك لأخيك السلام عليك أي معناه أنّ الله يراقبك وهو مطّلع عليك لا تخفى عنه خافيه فهي تذكير له وموعظة وهو دعاء أيضاً تدعو به لإخوانك عندما تلقاهم أن يخلّصهم وينجّيهم من الشر والعيوب .
عباد الله إن من أدب المسلم الحق إفشاء السلام ابتداء وجواباً ، وإفشاء السلام في الإسلام ليس تقليداً اجتماعياً يتغير ويتطور تبعاً للبيئة والعصر، وإنما هو أدب ثابت ومحدد، أمر الله عز وجل به في كتابه، ووضع قواعده وآدابه رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وإن من أعظم ما شرعه الله في الإسلام إفشاء السلام، الذي هو تحية أهل الإسلام، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:إفشاء السلام المراد نشره سراً أو جهراً وهو:نشر السلام بين الناس ليحيوا سنة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
عباد الله :إن إفشاء السلام من أسباب المحبة والألفة بين المسلمين الموجبة للإيمان الذي يوجب دخول الجنة والنجاة من النار وعلى المُسلَّم عليه رد السلام وجوباً بمثله أو بأحسن منه، قال تعالى:﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾ [النساء: 86] ،
وأعظم من ذلك كله أن الله سمى نفسه السلام قال تعالى:﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الحشر: 23].
قال ابن حجر رحمه الله (السلام من أسماء الله تعالى فقد جاء في حديث التشهد:(فإن الله هو السلام) ومعنى السلام: سالم من النقائص، وقيل: المسلم لعباده، وقيل المسلم على أوليائه. أقول قولي هذا ..

الخطبة الثانية :
عباد الله :إن السلام من خير الأعمال عند الله، فعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الإِسْلاَمِ خَيْرٌ؟ قَالَ: «تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ»متفق عليه.
وتقرأ السلام يعني: تنشر السلام، وتبادر به، وينبغي للمسلم أن يسلم على إخوانه سواء عرفهم أو لم يعرفهم؛ فجميع المسلمين إخوان له فينبغي أن يسلم عليهم والله تعالى يقول: :﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ فكلهم إخوة له فينبغي أن يسلم عليهم سواءً عرفهم أو لم يعرفهم.وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلاَمٍ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ انْجَفَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ، وَقِيلَ: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجِئْتُ فِي النَّاسِ لأَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا اسْتَبَنْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ وَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلاَمَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا بالليل وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلاَمٍ.(رواه الترمذي وصححه الألباني)
وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِاللَّهِ مَنْ بَدَأَهُمْ بِالسَّلَامِ» (رواه ابو داود وصححه الألباني) فأولى الناس بالله يعني: أقربهم إلى طاعة الله وأحبهم إلى الله -عز وجل- من بدأهم بالسلام.عباد الله إن السلام من أعظم أسباب الألفة والمحبة، وهو طريق إلى الجنة، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ».( رَوَاهُ مُسْلِمٌ)
عباد الله : إن السلام ، حق من حقوق المسلم على أخيه فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ» قِيلَ: مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللهِ؟، قَالَ: «إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللهَ فَشمِّتْهُ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ».( رَوَاهُ مُسْلِمٌ)وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا انْتَهى أَحَدُكُمْ إِلَى المَجْلِسِ فَلْيُسَلِّمْ ، فَإذَا أرَادَ أنْ يَقُومَ فَلْيُسَلِّمْ ، فَلَيْسَتِ الأُولَى بِأحَقّ مِنَ الآخِرَةِ)).(رواه ابو داود وقال الالباني حسن صحيح )وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إِذَا لَقِيَ أَحَدُكُمْ أخَاهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ ، فَإنْ حَالَتْ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ ، أَوْ جِدَارٌ ، أَوْ حَجَرٌ ، ثُمَّ لَقِيَهُ ، فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ )) رواه أَبُو داود وصححه الألباني .
الا وصلوا ...
[/align]
المشاهدات 1122 | التعليقات 0