2 ـ الأدب مع الأخبار ... من سورة الحجرات
مشاري بن محمد
1436/06/27 - 2015/04/16 22:58PM
الأدب من الأخبار ... سورة الحجرات
أما بعد:
قال الله ـ جلَّ جلاله ـ : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)
*** يأتي النداء هنا من الله "للذين آمنوا" تذكيرا لهم بإيمانهم في أدب آخر من آداب الإسلام التي تصان بها الذمم، وتدرأَ بها الشبهاتُ، يأمرهم الله هنا بالتأكد من خبر الفاسق!
فقال سبحانه: ( إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ) وفي قراءة فتثبتوا وهنا تذكيرٌ تربوي رفيع وفائدة لطيفةٌ؛ ذكرها ابن القيم ـ رحمه الله ـ : "وهي أنه سبحانه لم يأمر بِرَدِّ خبر الفاسق وتكذيبه ورد شهادته جملة"أ.هـ
فالله سبحانه لم يأمرنا برد خبر الفاسق على كل حال وإنما أمرنا بالتثبت والتبيّن، فقد يكون الفاسق صادقا جاء بحقٍ ونصح ... وهذا المبدأ يطبع في المجتمع التقاربُ والتواد وأن الأصل في المؤمن: "الصدق"
وكما رُوي في الحديث: "إذ قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: أيكون المؤمن كذابا فقال: لا ... "
قال الله:( إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ) ومن قوله تعالى: (فاسق)* يتبين أنه لا يلزم التثبت حين يأتي الخبر من رجلٍ صالحٍ ثقة، وإلا شاع بين الناس الظن السيء والتشكيك في كل شيء والإسلام دين أخوة وتلاحم وثقة ...
عبادَ الله!
لقد بيّن الله ـ سبحانه ـ عاقبةً من عواقبِ عدم التثبت من خبرِ الفاسقِ إذ قال سبحانه: ( أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَة ... ) فعدمْ التثبّتِ قد يجرُّ الويلات؛ وقد تُزهَقُ بسببهِ النُّفوسُ (أن تصيبوا قوما )* أيّاَ كانوا ؛أن تصيبوهم بخطأ فكيف بنا حين يصيب أحدنا إخوانه المؤمنين بخبر لم يتثبت منه؟!
وإنا لله وإنا إليه راجعون
لتعود عاقبة الاعتماد على خبر الفاسق دون تثبت ( فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِين )
ويكفي نفس المؤمن عذابا أن يندم على فعل بناه على خبرٍ لم يتثبت منه؛ ليقول بعدها: ليتني تثبَّت!
ليتني لم أستعجل !!
وفي الحديث: "التبيّن من الله والعجلة من الشيطان "
فكم جرَّت العجلة على المؤمن من ندامة؟!
ألا إنّ الله ـ سبحانه ـ قد بيّنَ في الآيةِ أنَّ نفسَ المؤمنِ تندمُ متى ظلمتْ غيرَها، إذ قال جلَّ جلاله: (فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِين)
والنداءْ هنا في بدايةِ الآيةِ للمؤمنين: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)
فنفسْ المؤمنِ تندمُ متى ما وقعَ منها الظلمُ؛ كما تندمُ للحكمِ السيءِ وإنْ كانَ من غيرِ عمدٍ ...وأما نفسُ الشقي البائسِ فهوَ أبعدُ ما يكونُ من النَّدم ...
فإن الندم توبةٌ كما وردَ، والندمُ علامةُ خيرٍ فلعلَّ الله أن يكفِّرَ به الخطايا ويمحوَ به السيئات ...
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ...
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمدا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وبعد:
عبادَ الله!
إن كان اللهُ قد أمرَ بالتثبتِ في زمن الرعيل الأول الصحابة الكرام ...
فكيف بحالنا اليوم؟!
وقد تقاربَ الزمانُ وتقدمتْ الوسائلُ وجهل حال الناقل ... وكثر البلاء
كيفَ والحالُ اليومَ؛ يتسابقُ الإعلامُ على السبقِ في الأخبارِ
وتنافسوا في العجلة!
كيف والحال؛ وقد تمكن الأطفال والحمقى والسفهاء من هذه الوسائل ...
أيها المؤمن ؛ عليك بما أمركَ اللهُ به التثبتَ التثبتَ، وما ضروك لو سبقوك في الأخبار ...
فكم تناقلَ الناسُ الباطلَ من الإشاعاتِ وبنوا عليها واعتمدوا ...
ناهيك أننا نمر بأحداثٍ ينبغي الحذرُ فيها والتحرز، لكثرةِ الإرجافِ من المرجفين ...
فاتقوا اللهَ عباد وعليكم بالاستجابة لندائه فإن الغُنْمَ كلُّهُ في طاعته ...
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وانصر عبادك الموحدين ....
الخطبة السابقة
لعلها تكون سلسلة
رحم الله من وجه ونقد وسدد
الأدب مع نبي الله من سورة الحجرات
https://khutabaa.com/forums/موضوع/145728
أما بعد:
قال الله ـ جلَّ جلاله ـ : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)
*** يأتي النداء هنا من الله "للذين آمنوا" تذكيرا لهم بإيمانهم في أدب آخر من آداب الإسلام التي تصان بها الذمم، وتدرأَ بها الشبهاتُ، يأمرهم الله هنا بالتأكد من خبر الفاسق!
فقال سبحانه: ( إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ) وفي قراءة فتثبتوا وهنا تذكيرٌ تربوي رفيع وفائدة لطيفةٌ؛ ذكرها ابن القيم ـ رحمه الله ـ : "وهي أنه سبحانه لم يأمر بِرَدِّ خبر الفاسق وتكذيبه ورد شهادته جملة"أ.هـ
فالله سبحانه لم يأمرنا برد خبر الفاسق على كل حال وإنما أمرنا بالتثبت والتبيّن، فقد يكون الفاسق صادقا جاء بحقٍ ونصح ... وهذا المبدأ يطبع في المجتمع التقاربُ والتواد وأن الأصل في المؤمن: "الصدق"
وكما رُوي في الحديث: "إذ قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: أيكون المؤمن كذابا فقال: لا ... "
قال الله:( إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ) ومن قوله تعالى: (فاسق)* يتبين أنه لا يلزم التثبت حين يأتي الخبر من رجلٍ صالحٍ ثقة، وإلا شاع بين الناس الظن السيء والتشكيك في كل شيء والإسلام دين أخوة وتلاحم وثقة ...
عبادَ الله!
لقد بيّن الله ـ سبحانه ـ عاقبةً من عواقبِ عدم التثبت من خبرِ الفاسقِ إذ قال سبحانه: ( أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَة ... ) فعدمْ التثبّتِ قد يجرُّ الويلات؛ وقد تُزهَقُ بسببهِ النُّفوسُ (أن تصيبوا قوما )* أيّاَ كانوا ؛أن تصيبوهم بخطأ فكيف بنا حين يصيب أحدنا إخوانه المؤمنين بخبر لم يتثبت منه؟!
وإنا لله وإنا إليه راجعون
لتعود عاقبة الاعتماد على خبر الفاسق دون تثبت ( فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِين )
ويكفي نفس المؤمن عذابا أن يندم على فعل بناه على خبرٍ لم يتثبت منه؛ ليقول بعدها: ليتني تثبَّت!
ليتني لم أستعجل !!
وفي الحديث: "التبيّن من الله والعجلة من الشيطان "
فكم جرَّت العجلة على المؤمن من ندامة؟!
ألا إنّ الله ـ سبحانه ـ قد بيّنَ في الآيةِ أنَّ نفسَ المؤمنِ تندمُ متى ظلمتْ غيرَها، إذ قال جلَّ جلاله: (فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِين)
والنداءْ هنا في بدايةِ الآيةِ للمؤمنين: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)
فنفسْ المؤمنِ تندمُ متى ما وقعَ منها الظلمُ؛ كما تندمُ للحكمِ السيءِ وإنْ كانَ من غيرِ عمدٍ ...وأما نفسُ الشقي البائسِ فهوَ أبعدُ ما يكونُ من النَّدم ...
فإن الندم توبةٌ كما وردَ، والندمُ علامةُ خيرٍ فلعلَّ الله أن يكفِّرَ به الخطايا ويمحوَ به السيئات ...
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ...
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمدا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وبعد:
عبادَ الله!
إن كان اللهُ قد أمرَ بالتثبتِ في زمن الرعيل الأول الصحابة الكرام ...
فكيف بحالنا اليوم؟!
وقد تقاربَ الزمانُ وتقدمتْ الوسائلُ وجهل حال الناقل ... وكثر البلاء
كيفَ والحالُ اليومَ؛ يتسابقُ الإعلامُ على السبقِ في الأخبارِ
وتنافسوا في العجلة!
كيف والحال؛ وقد تمكن الأطفال والحمقى والسفهاء من هذه الوسائل ...
أيها المؤمن ؛ عليك بما أمركَ اللهُ به التثبتَ التثبتَ، وما ضروك لو سبقوك في الأخبار ...
فكم تناقلَ الناسُ الباطلَ من الإشاعاتِ وبنوا عليها واعتمدوا ...
ناهيك أننا نمر بأحداثٍ ينبغي الحذرُ فيها والتحرز، لكثرةِ الإرجافِ من المرجفين ...
فاتقوا اللهَ عباد وعليكم بالاستجابة لندائه فإن الغُنْمَ كلُّهُ في طاعته ...
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وانصر عبادك الموحدين ....
الخطبة السابقة
لعلها تكون سلسلة
رحم الله من وجه ونقد وسدد
الأدب مع نبي الله من سورة الحجرات
https://khutabaa.com/forums/موضوع/145728