( 2 ) غَضُّ الْبَصَرِ 18/11/1443هــ

خالد محمد القرعاوي
1443/11/17 - 2022/06/16 22:03PM
( 2 ) غَضُّ الْبَصَرِ 18/11/1443هــ
الحمدُ للهِ عَالمِ السِّرِّ وَأَخْفَى، أَشْهَد أنْ لا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الأَسْمَاءُ الحسْنَى وَالصِّفَاتُ العُلُى، تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِّنَّ:(وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ، وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ). وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ النَّبِيُّ الْمُجْتَبَى، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيهِ وَعَلى آلِهِ وَصْحْبِهِ وَمَنْ بِهُدَهُمُ اهْتَدَى.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَرَاقِبُوهُ، وَحَافِظُوا عَلى نِعَمِهِ وَلا تَعْصُوهُ. فَنِعْمَةُ البَصَرِ مِنْ أَجَلِّ النِّعَمِ وَأَغْلاهَا, وَلا يَشْعُرُ بِحَجْمِهَا حَقِيقَةً إلَّا مَنْ فَقَدَهَا لِذَا قَالَ تَعَالَى:﴿قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ﴾.وَلأَجْلِ تَسْلِيَةِ مَنْ فَقَدَ بَصَرَهُ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالى:«مَنْ أَذْهَبْتُ حَبِيبَتَيْهِ فَصَبَرَ وَاحْتَسَبَ لَمْ أَرْضَ لَهُ ثَوَابًا دُونَ الجَنَّةِ»حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ عِبَادَ اللهِ: النَّظَرُ نِعْمَةٌ فَمَتِّعْ نَاظِيرَيْكَ بِمَا أَباحَ اللهُ لَكَ, وَاصْرِفْهُ عَمَّا حَرَّمَ عَليكَ. مُبَاحٌ لَكَ، بَلْ وَمَطْلُوبٌ مِنْكَ أَنْ تَنْظُرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَواتِ والأَرْضِ وَتَتَفَكَّرَ فِي مَخْلُوقاتِ اللهِ, كَمَا أَمَرَ اللهُ فَقَالَ: (أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ *وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ*وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ). كَمَا أَنَّهُ حَرَامٌ عَليكَ أَنْ تَنْظُرَ إلى مَا حَرَّمَ اللهُ عَليكَ. فَهَذَا النَّظَرُ: يُمْرِضُ قَلْبَكَ, وَيُنَقِّصُ مِنْ إيمَانِكَ, وَيُفْسِدُ مِنْ أَخْلاقِكَ, وَيُذْهِبُ حَيَاءَكَ, ثُمَّ تَخِرُّ صَرِيعًا كَحَالِ مَنْ: ﴿خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾.
النَّظَرُ الحَرَامُ يَا رَعَاكُمُ اللهُ: بَرِيدُ الزِّنَا! وَقَرِينُ الفَوَاحِشِ! وَأُحْبُولَةُ الشَّيطَانِ!
فَالنَّظْرُ الْحَرامُ: سَهْمٌ مَسْمُومٌ فَتَّاكٌ يَسْرِي في القَلْبِ فَيَعْمَلُ فِيهِ عَمَلَهُ! فَكَمْ نَظْرَةٍ مَنَعَتْ مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ؟ وَجَرَّتْ إلى مَعْصِيَةٍ وَكِبِيرَةٍ؟ لِذَا نَهَى رَسُولُنَا الْكَرِيمُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَنْ كُلِّ مَنَافِذِ الْنَّظَرِ الْحَرَامِ ابْتِدَاءً مِنْ الْنَّهْيِ عَنْ الجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ فَلَمَّا قَالَ الْصَّحَابَةُ الْكِرَامُ يَا رَسُولَ اللهِ: مَا لَنَا بُدٌّ، مِنْ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا، قَالَ: «فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ»، فَكَانَ أَوَّلُهَا: «غَضُّ البَصَرِ».
عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يُرَبِيَّ نَفْسَهُ وَأَولادَهُ عَلَى مَرَاقَبَةِ اللهِ تَعَالَى, وَأَنَّ هَذِهِ الْمُنْكَرَاتِ، وَالصُّوَرِ تُرْدِيهِ لِلهَاوِيَةِ. ذَكِّرُوهُمْ بِقَولِ اللهِ تَعَالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ). وَبِقَولِهِ تَعَالَى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ). وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ). لا أَحَدَ مِنَّا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْظُرَ إلى مَا حَرَّمَ اللهُ عَلَيهِ بِحضْرَةِ أَبِيهِ، أَو أَخِيهِ، أَو أُمِّهِ، فَلا تَجْعَلْ رَبَّكَ أَهْوَنَ النَّاظِرِينَ إليكَ! اعْمُرُوا حَيَاتَكُمْ بِالحَيَاءِ فَإنَّهُ كَمَا قَالَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا، وَخُلُقُ الإِسْلامِ الْحَيَاءُ» وَقَالَ: «وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ».
أَيُّهَا الأَخُ الْمُسْلِمُ: إذَا أَدَّيْتَ مَا أَمَرَكَ اللهُ بِهِ عَصَمَكَ بِإذْنِهِ عَمَّا نَهَاكَ عَنْهُ: (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ). وَأَكْثِرْ مِن نَوَافِلِ الْعِبَادَاتِ ونَوِّعْ بِالأَعْمَالِ الصَّالِحَاتِ تَحْفَظُكَ بِحَولِ اللهِ مِنْ نَظَرِ الْحَرَامِ وَتُشْغِلُكَ عَنْهَا: فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ قَالَ: وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ" الحَدِيثُ..
أَخي الْكَرِيمَ: كُنْ عَازِمًا صَادِقًا على تَرْكِ النَّظَرِ إلى مَا حَرَّمُ وَجَاهِدْ نَفْسَكَ فَاللهُ سَيَهْدِيكَ السَّبِيلَ؛ وَيَحْفَظُكَ مِنْ كُلِّ مُنْكَرٍ وَشَرٍّ. كَيَفَ لا نُؤمِنُ بِذَلِكَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ»
لَيسَ الشُّجَاعُ الذي يَحمِي مَطيَّتَهُ يَومَ النِّزالِ وَنَارُ الحرْبِ تَشْتَعِلُ
لكنَّ فتًى غَضَّ طَرْفًا أَو ثَنَى بَصَرًا عَنِ الْحَرَامِ فَذَاكَ الفَارِسُ البَطَلُ
إخْوَانِي: مِنْ أَعْظَمِ الْحُصُونِ الْمُبَادَرَةُ بِالزِّواجِ كَمَا هِيَ وَصِيَّةُ رَسُولِنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ». عِبَادَ اللهِ: ابْتَعِدُوا عَنْ مَوَاطِنِ الفِتَنِ، فَبِحُجَّةِ الْفُضُولِ تُعَرِّضُ نَفْسَكَ لِلْحُتُوفِ، حَتَى مَواقِعَ الْمُحَادَثَاتِ والدْرْدَشَاتِ جَرَّتْ رِجَالاً لِلدَّرَكَاتِ, وَلا حَولا وَلا قُوَّةَ إلَّا بِرَبِّ الأَرْضِ والسَّمَوَاتِ. إذَا كُنَّا فِي الصَّلاةِ قَدْ أُمِرْنَا أَنْ نَبْتَعِدَ عَنْ صُفُوفِ النِّسَاءِ! فَكَيفَ بِمَنْ يُزَاحِمُ وَيُمَازِحُ النِّسَاءَ فِي الْمَواقِعِ والأَسْوَاقِ والْمُحَادَثَاتِ؟
أعْلَمْ يَا عَبْدَ اللهِ أَنْ تَيَسُّرَ نَظَرِ الْحَرَامِ لَكَ, لَيسَ حبًّا مِن اللهِ لَكَ, إنَّمَا هُوَ نَوعُ عُقُوبَةٍ وابْتِلاءٌ. حَقًّا: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ). وَصَدَقَ اللهُ القَائِلُ: (فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ).
يَا عَبْدَ اللهِ: يَامَنْ ابْتُلِيتَ بِمُدَاوَمَةِ النَّظَرِ إلى وُجُوهِ وَعَوراتِ النِّسَاءِ تَضَرَّعْ إلى اللهِ بِصِدْقٍ وَإخْلاصٍ، أَنْ يَصْرِفَ عَنْكَ السُّوءَ والفَحْشَاءَ وَأَنْ يَجْعَلَكَ مِنْ عِبَادِهِ الْمُخْلَصِينَ. رِدِّدْ فِي صَلاتِكَ كَمَا كَانَ رَسُولُنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يُرَدِّدُ فِي اسْتِفْتَاحِهِ: (اللهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالثَّلْجِ وَالْمَاءِ وَالْبَرَدِ). فَاللهُمَّ آتِ نُفُوسَنَا تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا. اللهُمَّ احْفَظْنَا وَنِسَاءَنَا والْمُسْلِمِينَ أَجْمَعِينَ مِنْ كُلِّ فِتْنَةٍ وَشَرٍّ. أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ وَأسْتَغْفِرُ اللهَ لي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إنَّهُ هُو الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
 
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ الوَاحِدِ القَهَّارِ، لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكَ الأَبْصَارَ، وَأَشْهَدُ أن لا إلَهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ذُو العِزَّةِ والاقْتِدَارِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُاللهِ وَرَسُولُهُ النَّبِيُّ الْمُخْتَارُ, صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الأَخْيَار وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإحْسَانٍ إلى يَومِ القَرَارِ. أَمَّا بَعْدُ: عِبَادَ اللهِ: اتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ، وَاحْفَظُوا دِيْنَكُمْ وَجَوارِحَكُمْ:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ (. فِي الحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"اضْمَنُوا لِي سِتًّا مِنْ أَنْفُسِكُمْ , أَضْمَنْ لَكُمْ الْجَنَّةَ: اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ , وَأَوْفُوا إِذَا وَعَدْتُمْ، وَأَدُّوا إِذَا اؤْتُمِنْتُمْ، وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ، وَغُضُّوا أَبْصَارَكُمْ، وَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ "
قَالَ الإمَامُ ابنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ مُبَيِّنًا بَعْضَ فَوائِدِ غَضِّ البَصَرِ عَنْ الْمَحَارِمِ أَنَّهُ يُوجِبُ ثَلاثَ فَوَائِدَ جَلِيلَةَ القَدْرِ: أَوَّلُهَا: أَنَّهُ بِغَضِّ الْمُسْلِمِ بَصَرَهُ عَنِ الْحَرامِ, يَجِدُ حَلاوَةَ الإيمانِ وَلَذَّتَهُ, فَإنَّ مَنْ تَرَكَ شَيئًا لِلهِ عَوَّضَهُ اللهُ خَيرًا مِنْهُ.
الثَّانِيَةُ: أنَّهُ يَجِدُ نُورَ القَلْبِ وَصِحَّةَ الفِرَاسَةِ. التي يُميِّزُ بِهَا بَينَ الْحَقِّ وَالبَاطِلِ, فَالجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ العَمَلِ. مَنْ غَضَّ بَصَرَهُ عَنْ مُحَرَّمٍ أَورَثَهُ اللهُ بِذَلِكَ حِكْمَةً عَلى لِسَانِهِ يَهْتِدِي بِهِا، وَيَهْدِي بِهَا.
عِبَادَ اللهِ: مِنْ فَوائِدِ غَضِّ البَصَرِ عَنْ الْمَحَارِمِ: قُوَّةُ القَلْبِ وَثَبَاتُهُ وَشَجَاعَتُهُ، فَإنَّ اللهَ جَعَلَ العِزَّ لِمَنْ أَطَاعَهُ وَالذِّلَ والْمَهَانَة لِمَنْ عَصَاهُ, كَمَا قَالَ تَعَالى: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ).
مِنْ أَعْظَمِ ثَمَرَاتِ غَضِّ البَصَرِ عَنْ الْمَحَارِمِ: أنَّهُ يُخَلِّصُ القَلْبَ مِنْ تَسَلُّطِ الشَّهْوَةِ، وَرَقْدَةِ الغَفْلَةِ، وَتَأَمَّلُوا فِي حَالِ مَنْ يَتَعَلَّقُونَ بِالصُّوَرِ أَو الأشْخَاصِ، فَهُوَ فِي وَادٍ وَمَنْ حَولَهُ فِي وَادٍ آخَرَ! غَضُّ البَصَرِ عَنْ الْمَحَارِمِ يُورِثُ القَلْبَ فَرَحًا وسُرُورًا، وَأُنْسًا وَانْشِرَاحًا.
وَمَنْ يَغْضُضْ فُضُولَ الطَّرْفِ عَنْهَا يَجِدْ في قَلْبِهِ رَوحًا وَطِيبًا
عِبَادَ اللهِ: مِنْ أَعْظَمِ ثَمرَاتِ غَضِّ البَصَرِ عَنْ الْمَحَارِمِ: أنَّهُ يُورِثُ مَحَبَّةِ اللهِ لِعَبْدِهْ, وَيُحَبِّبُهُ لِعِبَادِ حَقًّا: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا). أَيْ مَحَبَّةً ووِدَادًا عِنْدَهُ وَفِي قُلُوبِ عِبَادِهِ. فالَّلهُمَّ احْمِنَا مِن الفَواحِشِ والفِتَنِ مَا ظَهَر مِنْهَا وَمَا بَطَنَ, الَّلهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ الهُدَى والتُّقى والعَفَافَ وَالغِنَى، وَنَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ في الغَيبِ وَالشَّهَادَةِ, وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ خَائِنَةِ الأَعْيُنِ إنَّكَ تَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ, الَّلهُمَّ اغْضُضْ أَبْصَارَنَا وَأَسْمَاعَنَا وَجَوارِحَنَا عَنْ الْحَرامِ.
عِبَادَ اللهِ: مُبَارَكٌ لِمَنْ قُبِلَ لَهُمْ حَجُّ هَذا الْعَامِ نَسْأَلُ اللهَ لَهُمُ التَّيسِيرَ والْقَبُولَ. وَهَنِيئًا لِمَنْ عَزَمَ وَحَجَزَ وَحَاوَل وَلَمْ يَصْدُرْ لَهُ قَبُولٌ مِن الْوَزَارَةِ فَسَعْيُهُ مَشْكُورٌ, وَأَجْرُهُ مَوفُورٌ, فَإنَّ رَسُولَ الْهُدَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا، كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً». اللَّهُمَّ إِنِّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وجَمِيعِ سَخَطِكَ، اللَّهُمَّ أدم علينا نعمةَ الأمنِ والإيمانِ والرَّخاءِ والاستقرارِ, وأصلحْ لنا وُلاتَنَا وهيئ لِهُم بِطَانةً صَالحةً نَاصِحَةً واجعلهم رَحمةً على رعاياهم. اللهم انصر جُنُودَنَا واحفظ حُدُودَنا والمُسلمينَ أجمَعينَ. واغفر لنا ولِوالدينا والْمُسْلِمِينَ أجمعينَ. ربَّنا آتنا في الدنيا حَسَنَةً وفي الآخرة حَسَنَةً وقِنَا عذابَ النَّارِ. وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ .
 
 
 
 
 
المشاهدات 666 | التعليقات 0