يَوْمُ عَاشُورَاءَ، وَبِدَايَةُ عَامٍ دِرَاسِيٍّ جَدِيْدٍ ــ مختصرة ومشكولة

بندر المقاطي
1442/01/08 - 2020/08/27 15:30PM

يَوْمُ عَاشُورَاءَ، وَبِدَايَةُ عَامٍ دِرَاسِيٍّ جَدِيْدٍ

 

﴿الخُطْبَةُ الأُوْلَى

 الحَمْدُ للهِ خَالِقِ الأَرْضِ والسَّمَوَاتِ، مُقَدِّرِ الأَقْدَارِ وَمُقَسِّمِ الأَقْوَاتِ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ الَّذِيْ بِحَمْدِهِ ونِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ذُوْ العَرْشِ رَفِيْعُ الدَّرَجَاتِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ عَظِيمُ الخُلُقِ والصِّفَاتِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِ بَيْتِهِ وَصَحَابَتِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيْماً كَثِيْراً. أَمَّا بَعْدُ عِبَادَ اللهِ: فَاتَّقُوا اللهَ U، ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوۡلٗا سَدِيدٗا٧٠ يُصۡلِحۡ لَكُمۡ أَعۡمَٰلَكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۗ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ فَازَ فَوۡزًا عَظِيمًا٧١﴾.

أَيُّهَا الـمُؤْمِنُونَ:

إِنَّ مِنَ القَصَصِ العَظِيمَةِ الَّتِي وَرَدَتْ وَتَكَرَّرَتْ فِي كِتَابِ اللهِ تَعالى؛ قِصَّةُ مُوسَى u وَقَوْمِهِ حِيْنَ أَنْجَاهُمْ اللهُ تَعَالى مِنْ فِرْعَونَ، فقد جَعَلَ اللهُ لَنَا فِيْهَا العِبْرَةَ وَالعِظَةَ، يَنبَغِي لِكُلِّ مُؤْمِنٍ أَنْ يَتَأَمَّلَهَا وَيَتَفَكَّرَ فِيهَا، وَكَيفَ أَنَّ اللهَ I قَادِرٌ عَلَى كُلِّ شَيءٍ وَبِيَدِهِ تَدبِيرُ أُمُورِ المُؤْمِنِينَ إِذَا هُمْ أَطَاعُوهُ وَلَمْ يَعْصُوهُ.

وَمِنْ تِلْكَ العِبَرِ: أَنَّ دِيْنَ اللهِ مَنْصُورٌ، وأَنَّ الحَقَّ غَالِبٌ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ، أوْ اسْتَبْطَأَ بَعْضُ الـمُؤْمِنِيْنَ ذَلَكَ النَّصْرَ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿كَتَبَ ٱللَّهُ لَأَغۡلِبَنَّ أَنَا۠ وَرُسُلِيٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٞ٢١﴾.

فَقَدْ اسْتَبْطَأَ بَعْضُ بَنِيْ إسْرَائِيْلَ النَّصْرَ وَاشْتَكَوْا إِلَى مُوْسَى u، لَكِنْ حِيْنَمَا أَذِنَ اللهُ بِنَصْرِهِمْ؛ جَاءَهُمْ الفَرَجُ، وَأَهْلَكَ اللهُ عَدُوَّهُمْ وَمَكَّنَهُمْ فِي الأَرْضِ لِيَنْظُرَ كَيْفَ يَعْمَلُوْنَ.

أَيُّهَا الـمُؤْمِنُونَ:

وَمِنَ العِبَرِ فِي هَذِهِ القِصَّةِ: أَنَّ الخَوْفَ مِنْ الأَخْطَارِ أَمْرٌ جِبِلِّيٌّ وَطَبِيْعَةٌ بَشَرِيَّةٌ، وَهُوَ الشُّعُوْرُ الَّذِيْ رَاوَدَ بَنِيْ إِسْرَائِيْلَ حِيْنَمَا رَأَوْا جَيْشَ فِرْعَوْنَ يَقْتَرِبُ مِنْهُمْ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا تَرَٰٓءَا ٱلۡجَمۡعَانِ قَالَ أَصۡحَٰبُ مُوسَىٰٓ إِنَّا لَمُدۡرَكُونَ٦١﴾، لَكِنَّ الإِيْمَانَ بِاللهِ وَالتَّوَكُّلَ عَلَيْهِ يَصْرِفُ هَذَا الخَوْفَ، وَيُرْشِدُ الإِنْسَانَ إِلَى التَّصَرُّفِ السَّلِيْمِ حِيْنَمَا يَثِقُ بِوَعْدِ اللهِ وَحُسْنِ تَدْبِيْرِهِ، وَلِهَذَا كَانَ جَوَابُ مُوْسَى u لِقَوْمِهِ وَاضِحاً لَا لَبْسَ فِيْهِ، إِذْ قَالَ لَهُمْ بِكُلِّ ثِقَةٍ:   ﴿كَلَّآۖ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهۡدِينِ٦٢﴾.

أَيُّهَا المُسْلِمُونَ:

رَوَى البُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: (قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ الْمَدِينَةَ فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟» قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى، قَالَ: «فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ»، فَصَامَهُ ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ).

فَيَومُ عَاشُورَاءَ وَهُوَ اليَوْمُ العَاشِرُ مِنْ شَهْرِ اللهِ الـمُحَرَّمِ، يَوْمُ نَصْرٍ لِنَبِيِّ اللهِ مُوْسَى u وَمنْ مَعَهُ مِنَ المؤمنينَ، سَنَّ لَنَا نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ r صِيَامَ هَذَا اليَوْمِ، وَأَخْبَرَنَا أَنَّ صَوْمَهُ يُكَفِّرُ ذُنُوبَ السَّنَةِ الـمَاضِيَةِ، فَعَنْ  أَبِيْ قَتَادَةَ t أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ ﷺ قَالَ: «وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُوْرَاءَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَة َالَّتِي قَبْلَهُ» رواه مسلم.

وَصِيَامُ التَّاسِعِ مَعَ العَاشِرِ مُسْتَحَبٌّ مُخَالَفَةً لِلْيَهُوْدِ، فَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «لَئِنْ بَقِيْتُ إِلَى قَابِلٍ لَأَصُوْمَنَّ التَّاسِعَ» رواه مسلم وأبو داود وغيرهما.

قَالَ الإِمَامُ ابنُ بَازٍ رَحمهُ الله: وَمَنْ صَامَ الثَّلاثَةَ أَيَّامٍ فَحَسَنٌ، أَي: التَّاسِعَ وَالعَاشِرَ وَالحَادِيَ عَشَرَ، لأنَّهُ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ e أَنَّهُ قَالَ: (خَالِفُوا اليَهُودَ صُومُوا يَوماً قَبلَهُ وَيَوماً بَعدَهُ)، وَفِي رِوَايَةٍ أُخرَى: (صُومُوا يَوماً قَبلَهُ أَو يَوماً بَعْدَهُ).

وَمَنْ أَرَادَ صِيَامَ يَومَ عَاشُوراءَ لِوَحدِهِ، جَازَ لَهُ ذَلِكَ، وَحَازَ عَلَى الأَجرِ المُتَرَتِّبِ عَلَى صِيَامِهِ، بإذنِ اللهِ تَعَالى.

فَاللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ يَعْتَبِرُ وَيَتَّعِظُ إِذَا وُعِظَ، وأَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَطَاعَتِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ يَا رَبَّ العَالَمِيْنَ.

أَقُوْلُ قَوْلِيْ هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

﴿ الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى عَظِيمِ إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى مَزِيْدِ فَضْلِهِ وَامْتِنَانِهِ، والصَّلَاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّهِ الهَادِيْ إِلَى رِضْوَانِهِ.          أَمَّا بَعْدُ عِبادَ اللهِ:

فَاتَّقُوْا اللهَ، فَمَنْ اتَّقَى اللهَ وَقَاهُ، وَمَنْ اسْتَرْشَدَهُ هَدَاهُ، ﴿وَٱتَّقُواْ يَوۡمٗا تُرۡجَعُونَ فِيهِ إِلَى ٱللَّهِۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفۡسٖ مَّا كَسَبَتۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ٢٨١﴾.

مَعَاشِرَ الـمُؤْمِنِيْنَ:

وَنَحْنُ عَلَى أَعْتَابِ عَامٍ دِرَاسِيٍّ جَدِيْدٍ سَتَبْدَأُ الدِّرَاسَةُ فِيْهِ بَعْدَ غَدٍ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالى، فَنَسْأَلُ اللهَ فِيْه التَّوْفِيقَ لَأَبْنَائِنَا وَبَنَاتِنَا، وَنَدْعُوْ اللهَ بِالـمَعُوْنَةِ وَالسَّدَادِ وَالتَّأْيِيْدِ لِزُمَلَائِنَا مِنْ الـمُعَلِّمِيْنَ وَالـمُعَلِّمَاتِ، والـمُشْرِفِينَ وَالـمَسْؤُوْلِينَ عَنْ التَّعْلِيْمِ فِي بِلَادِنَا، فَهُمْ بُنَاةُ الجِيْلِ وَصُنَّاعُ الـمُسْتَقْبَلِ، وَعَلَى عَاتِقِهِمْ أَمَانَةٌ عَظِيْمَةٌ فِي غَرْسِ الـمَعَانِي الجَلِيْلَةِ وَالمبَادِئِ النَّبِيلَةِ وَالقِيَمِ العَالِيَةِ.

أَيُّهَا المُؤْمِنُوْنَ:

إِنَّ الدَّوْرَ الحَيَوِيَّ للأُسْرَةِ وَأَوْلِيَاءِ أُمُوْرِ الطُّلَّابِ، فِي إِيْجَادِ التَّكَامُلِ بَيْنَ البَيْتِ وَالـمَدْرَسَةِ فِي التَّحْصِيْلِ العِلْمِيِّ، خُصُوْصاً مَعَ نِظَامِ التَّعْلِيْمِ عَنْ بُعْدٍ، يَحْتَاجُ إِلى مُتَابَعَةٍ خَاصَّةٍ تَتَنَاسَبُ مَعَ هَذَا النَّوْعِ مِنْ الدِّرَاسَةِ، فَجِدُّوا وَاجْتَهِدُوا وَحَصِّلُوا الْخَيْرَ، وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْمَعَالِي، رَبُّوا أَبنَاءَكُمْ عَلَى الاعتزازِ بالدِّينِ والهَويةِ, في مَنْطِقِهِمْ وَمَظْهَرِهِمْ وَقَنَاعَاتِهِمْ، فَإِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ هَويَّة, وَإِنَّ عِزَّتَنَا في تَمَسُّكِنا بِدينِنَا وهَوِيَتِنَا.

فَالَّلهُمَّ بَارِكْ فِي الجُهُودِ وَوَفِّقْ الـمُجْتَهِدِينَ لِمَا فِيْهِ خَيْرُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَصَلاحُ البِلَادِ وَالعِبَادِ.

اللَّهُمَّ أعِزَّ الإِسلامَ وَالمسلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّركَ وَالمشرِكِينَ، وَانصُرْ عِبَادَكَ الـمُوحِّدِينَ، واحمِ حوزةَ الدينِ، يَا رَبَّ العَالَمِين.

اللَّهُمَّ وَفِّقْ إمَامَنَا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِهُدَاكَ، واجْعَلْ عَمَلَهُمَا في رِضَاكَ، وارزُقْهُمَا البِطَانَةَ الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَ التي تَدُلُّهُمَا عَلى الحَقِّ وتُعِيْنُهُمَا عَليهِ.

اللَّهُمَّ اكْشِفْ عَنَّا الضُّرَّ وَالبَلَاءَ وَاصْرِفْ عَنَّا هَذِهِ الجَائِحَةَ وَالوَبَاءَ، يَا رَبَّ العَالَمِين.

اللَّهُمَّ إنَّا نَعُوذُ بكَ مِن زَوالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَميعِ سَخَطِكَ.

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ؛ وَعَلَى آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِين.

المرفقات

يَوْمُ-عَاشُورَاءَ،-وَبِدَايَةُ-عَا

يَوْمُ-عَاشُورَاءَ،-وَبِدَايَةُ-عَا-2

يَوْمُ-عَاشُورَاءَ،-وَبِدَايَةُ-عَا-3

يَوْمُ-عَاشُورَاءَ،-وَبِدَايَةُ-عَا-3

يَوْمُ-عَاشُورَاءَ،-وَبِدَايَةُ-عَا-4

يَوْمُ-عَاشُورَاءَ،-وَبِدَايَةُ-عَا-4

المشاهدات 1973 | التعليقات 1

تعديل يسير