يوم عاشوراء والبدع فيه

شبيب القحطاني
1434/01/09 - 2012/11/23 07:25AM
الحَمْدُ لله مالك يوم الدين،جعل العذاب جزاء للكافرين،وقال في كتابه المبين وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ أحمده حمدا يليق بكريم وجهه،وعظيم سلطانه،له الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وأشهد أن لا إله إلا الله،وحده لا شريك له لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آَبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ وأشهد أن محمدا عبده ورسوله،وصفيه وخليله،وخيرته من خلقه،خاتم الأنبياء وإمام المرسلين،صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه،الطيبين الطاهرين،وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.أما بعد،عباد الله:تقوى اللهUوصيته لعباده الأولين والآخرين،يقول سبحانه في كتابه وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ فلنتق الله أحبتي في الله جعلني الله وإياكم من عباده المتقين.أيها الأخوة المؤمنون:غدا يوافق العاشر من شهر محرم،وهو عاشوراء الذي كان النبيrيهتم به لمكانته،ويعتني به لعظم شأنه،ففي الحديث الذي رواه البخاري،عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:قَدِمَ النَّبِيُّrالْمَدِينَةَ فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ"مَا هَذَا؟"قَالُوا:هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ،هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَصَامَهُ مُوسَى،قَالَ"فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ"فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ.ويقول ابن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا:مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّrيَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلا هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ.فيوم عاشوراء أيها الأخوة له مكانة عظيمة،ومنزلة سامية،ويكون ذلك بصيامه،كما فعل النبيrوصيام يوم بعده أو قبله،وذلك لمخالفة اليهود،بأمر النبيrوليس من الدين،ولا من شرع رب العالمين،فعل شيء غير الصيام،كما يفعل الرافضة في ذلك اليوم،وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن ما يفعله الناس في يوم عاشوراء من الكحل،والاغتسال،والحناء والمصافحة،وطبخ الحبوب وإظهار السرور،وغير ذلك،فقال:لَمْ يَرِدْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَنْ النَّبِيِّrوَلا عَنْ أَصْحَابِهِ,وَلا اسْتَحَبَّ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ لا الأَئِمَّةِ الأَرْبَعَةِ,وَلا غَيْرِهِمْ.وَلا رَوَى أَهْلُ الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ فِي ذَلِكَ شَيْئًا,لا عَنْ النَّبِيِّrوَلا الصَّحَابَةِ,وَلا التَّابِعِينَ,لا صَحِيحًا وَلا ضَعِيفًا,لا فِي كُتُبِ الصَّحِيحِ,وَلا فِي السُّنَنِ,وَلا الْمَسَانِيدِ,وَلا يُعْرَفُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الأَحَادِيثِ عَلَى عَهْدِ الْقُرُونِ الْفَاضِلَةِ.أيها الأخوة المؤمنون:ومناسبة عاشوراء،مناسبة ينبغي للمسلمين أن يراجعوا فيها حساباتهم،ويحاسبوا فيها أنفسهم،فنجاة موسى،وغرق فرعون،وانتصار الحق على الباطل،هو ما ينبغي أن يتأمله المسلمون في مناسبة عاشوراء،وهو ما يجب أن يحاسبوا أنفسهم من خلاله،وإن كان أيها الأخوة اليهود تقوى شوكتهم،كلما جاءت مناسبة عاشوراء،بالاعتداء على المسلمين في فلسطين،والرافضة تتحد كلمتهم من أجل نياحهم،وتمزيق أجسادهم،فإنه يجدر بنا،أن نقف مع أنفسنا،ونتأمل في مقدار بعدنا،عن طاعة ربنا،التي ما حل بنا ما حل،إلا بسبب فقدها،وعدم اهتمامنا بها،وكما قال تبارك وتعالى وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ أيها الأخوة:اللهUنجى موسى،بغرق فرعون،ليس من أجل اسم موسى،ولا من أجل نسب فرعون،إنما من أجل الإيمان والكفر،ومن أجل الطاعة والمعصية،وصدق الله يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم،ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم،أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب،فإنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:الحَمْدُ للهِ عَلى إحسَانِهِ،والشُّكرُ لَهُ عَلَى تَوفِيقِهِ وامتِنَانِهِ،وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ تعظِيماً لِشَأنِهِ،وأشهدُ أنَّ مُحمَداً عبدُهُ ورسولُهُ الدَّاعِي إلى رضوانِهِ صَلى اللهُ عَليهِ وَعَلى آلهِ وأصحابِهِ وسلّمَ تَسليماً كثيرا.أيها المسلمون:أَمَّا بَعدُ،فَاتَّقوا اللهَ تَعَالى حَقَّ التَّقوَى،وَتَمَسَّكُوا مِنَ الإِسلامِ بِالعُروَةِ الوُثقَى.أَيُّهَا المُسلِمُونَ،وَمِنَ المُفَارَقَاتِ الَّتي هِيَ نَوعٌ مِنَ الابتِلاءِ لِلأُمَّةِ وَاختِبَارِ قُوَّةِ إِيمَانِهَا وَاتِّبَاعِهَا،مَا حَصَلَ في هَذَا اليَومِ المُبَارَكِ مِن قَتلِ سَيِّدِ شَبَابِ أَهلِ الجَنَّةِ سِبطِ رَسُولِ اللهِ الحُسَينِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ حَيثُ قُتِلَ في فِتنَةٍ عَظِيمَةٍ بَينَ فِئتَينِ مِنَ المُسلِمِينَ،وَهِيَ فِتنَةٌ طَهَّرَ اللهُ مِنهَا أَيدِيَنَا فَلا نَخُوضُ فِيهَا بِأَلسِنَتِنَا،وَلَكِنَّ الَّذِي يَنبَغِي التَّنبِيهُ إِلَيهِ وَخَاصَّةً مَعَ انتِشَارِهِ في قَنَوَاتِ أَهلِ البِدَعِ،مَا يَفعَلُهُ الرَّافِضَةُ في هَذَا اليَومِ مِنَ البُكَاءِ وَالنُّوَاحِ وَلَطمِ الخُدُودِ وَنَتفِ الشُّعُورِ،وَتَعذِيبِ أَنفُسِهِم وَضَربِ وُجُوهِهِم وَصُدُورِهِم وَظُهُورِهِم بِالسَّلاسِلِ وَالسَّكَاكِينِ،وَإِسَالَةِ الدِّمَاءِ مِن أَجسَادِهِم وَالزَّحفِ عَلَى بُطُونِهِم،ظَانِّينَ أَنَّهُم بِذَلِكَ يَنصُرُونَ الحُسَينَ رُضوَانُ اللهِ عَلَيهِ وَهُم في الحَقِيقَةِ مُبتَدِعُونَ ضَالُّونَ،مُرتَكِبُونَ لِكَبَائِرَ تَبَرَّأَ رَسُولُ اللهِ مِن مُرتَكِبِيهَا حَيثُ قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ"لَيسَ مِنَّا مَن ضَرَبَ الخُدُودَ وَشَقَّ الجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعوَى الجَاهِلِيَّةِ"مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.أَلا فَليَتَّقِ اللهَ المُسلِمُونَ،وَلْيَلزَمُوا السُّنَّةَ وَالجَمَاعَةَ،فَإِنَّ يَدَ اللهِ مَعَ الجَمَاعَةِ،وَلْيُحَقِّقُوا التَّوحِيدَ وَلْيَنصُرُوا اللهَ بِطَاعَتِهِ يَنصُرْهُم وَيُؤَيِّدْهُم وَيُمَكِّنْ لَهُم،وَلْيَحذَرُوا الشِّركَ وَالبِدَعَ وَالمَعَاصِيَ،فَإِنَّهَا سَبَبُ كُلِّ بَلاءٍ وَهَزِيمَةٍ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُم وَيُثَبِّتْ أَقدَامَكُم وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعسًا لَهُم وَأَضَلَّ أَعمَالَهُم ذَلِكَ بِأَنَّهُم كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللهُ فَأَحبَطَ أَعمَالَهُم أَفَلَم يَسِيرُوا في الأَرضِ فَيَنظُرُوا كَيفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبلِهِم دَمَّرَ اللهُ عَلَيهِم وَلِلكَافِرِينَ أَمثَالُهَا ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَولى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الكَافِرِينَ لَا مَولى لَهُم نسأل اللهUأن يهدي ضال المسلمين،إنه سميع مجيب.اللهم إنا نسألك مغفرة ذنوبنا،وستر عيوبنا،وإصلاح أحوالنا برحمتك يا أرحم الراحمين.اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى،اللهم أحينا سعداء،وتوفنا شهداء،واحشرنا في زمرة الأتقياء،يارب العالمين.اللهم إنا نسألك رضاك والجنة،ونعوذ بك من سخطك والنار.اللهم إنا نسألك وأنت في عليائك،وأنت الغني ونحن الفقراء إليك،اللهم أسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين،اللهم أغثنا،اللهم أغثنا،اللهم أغثنا،اللهم اسقنا غيثا مغيثا،هنيئا مريئا،سحا غدقا،عاجلا غي آجل،نافعا غير ضار،غيثا تغيث به البلاد والعباد،اللهم اسق عبادك و بهائمك،وانشر رحمتك على بلدك الميت،اللهم أغثنا،اللهم أغثنا،اللهم أغثنا رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ عباد الله إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على وافر نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
المشاهدات 1899 | التعليقات 0