يَوْمُ عَاشُورَاء خُطبَةٌ مُـــخْـتَصَرَةٌ 7 / 1 / 1444 هـ

نجم الدين
1444/01/07 - 2022/08/05 00:25AM

يوم عاشوراء       خطبة مختصرة  7 / 1 / 1444 هـ    

الخُطْبَةُ الأُولَى

إن الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آله وَصَحْبِهِ أجمعين وسَلَّمَ تَسْـلِيمًا كَــثِيْــرا، أمابعد:

فأوصيكم ونفسي- أيها المسلمون- بوصية الله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون َ﴾[ الحشر :18].

عبادالله: إِنَّنَا نستقبلُ في هذا الأسبوعِ يومًا عظيمًا مِنْ أيامِ الله، يومٌ انتصرَ فيهِ الْحَقُّ على الْبَاطِلِ، يومٌ انتصرَ فيهِ كَلِيمُ اللَّهِ، ونبيُّهُ مُوسَى عليه الصلاة والسلام، على الطاغيةِ، الـمُتَجَبّـــرِ، الْمُتَكَبِّرِ، فِرْعَوْن.

 

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ، وَجَدَهُمْ يَصُومُونَ يَوْمًا، يَعْنِي عَاشُورَاءَ، فَقَالُوا: هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ، وَهُوَ يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ فِيهِ مُوسَى، وَأَغْرَقَ آلَ فِرْعَوْنَ، فَصَامَ مُوسَى شُكْرًا لِلَّهِ، فَقَالَ عليه الصلاة والسلام:«أَنَا أَوْلَى بِـمُوسَى مِنْهُمْ» فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ "   رواه البخاري ومسلم

أيها المسلمون:  صَامَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ذلك اليوم شُكرًا لله تعالى، فَصَامَهُ نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،

وأخبرنا أنّ صِيامَ هذا اليوم، فِيهِ أجرٌ عظيمٌ، فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ ) رواه مسلم (1163).

وصِيَامُ هذا اليوم سُـــنّةٌ مؤكدة؛ والسُـــنَّــــةُ في صومهِ أَنْ يُـــــصَامَ معهُ اليومُ الذي قبلَهُ وهو اليومُ التاسع ، لقول رسولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ الْيَوْمَ التَّاسِعَ ". رواه مسلم.

 وَمَنْ صَامَ يومَ عاشوراء، ويومًا بعدَهُ فقد تـحققَ لهُ مخالفةُ اليهود، وإنْ صَامَ يومَ عاشوراء ويومًا قبلَـهُ ويومًا بعدَهُ، فقد أدركَ فَضلَ صيامِ يومِ عاشوراء، وأدركَ سنةَ صيامِ ثلاثةِ أيامٍ من كلِ شهر ، وأدركَ سنةَ صيامِ أيامٍ مِنْ شَهرِ اللهِ الـمُـحرّم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَفْضَلُ الصِّيَامِ، بَعْدَ رَمَضَانَ، شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ..." رواه مسلم.

 وقد أَدركَ مَنْ صامَ يومَ عاشوراء سُـــــــنـــّةَ صيامِ يومِ الاثنينِ ، قال رسول الله  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم:

 " تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عملي وأنا صائم "

رواه الترمذي وصححه الألباني

قال ابن القيم – رحمه الله تعالى- في كِــتَابِهِ زاد المعاد: ( فَمَرَاتِبُ صَوْمِهِ، ثَلَاثَةٌ،  أَكْمَلُهَا: أَنْ يُصَامَ قَبْلَهُ يَوْمٌ، وَبَعْدَهُ يَوْمٌ، وَيَلِي ذَلِكَ، أَنْ يُصَامَ التَّاسِعُ وَالْعَاشِرُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَحَادِيثِ، وَيَلِي ذَلِكَ إِفْرَادُ الْعَاشِرِ وَحْدَهُ بِالصَّوْمِ). (زاد المعاد : 2/75 )        

عبادالله: يجوز إفرادُ اليومِ العاشرِ بالصومِ كما قال ابن تيميةَ -رحمه الله- . وقالَ بذلكَ جَــمــعٌ مِن العلماءِ، لكنّ الأفضلَ صِيامُ يومٍ قبلَهُ أو يومٍ بَعدَهُ ، وهي السُـــنـَّــــةُ الثابتةُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم.

 اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الْإِيمَانِ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ. اللَّهُمَّ واهْدِنَا صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ.

باركَ اللهُ لي ولكم في الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بـما فِــيهِ مِنَ الآيَاتِ والذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُوُلُ قَوْلِي هَذَا، وأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ ا الْجَلِيلَ لي ولكم ولِسَائرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. 

الخُطْبَةُ الثَانِيَةُ :

 الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وحدهُ لاشريك لهُ، تَعْظِيمًا لِشَأنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ، وَأَصْحَابِهِ، وَأَتْبَاعِهِ، إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرا ، أمّا بعدُ:

فيا عبادالله : لقد تكررت قِصةُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ في القرآن الكريم.وذلِكَ لأخذِ العِبرةِ والعِـــظَـــــةِ.

 وقِصةُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فيها من الْمَوَاعِظِ وَالعِبَـرُ مالايُـمكن حصرهُ في هذه الــخُطْبـَــةِ، لذا حريٌّ بنا أن نبحثَ ونتدبرَ ونقرأَ في التفاسير الموثوقةِ، ونَسمعَ مِنَ العلماءِ الراسخينَ في العلمِ عن قصة مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ،  إنها قصةُ انتصار الحق على الباطل بعد الصبر ، وقصةُ مَنْ ظنّ أنهُ سيقضي على الْـحَــقِّ فَقَضَى اللَّهُ عليه، وقصةُ التوكلِ واليقينِ والإيمان، وقِصةُ مَنْ لَمْ يُغْنِ عنهُ مَكْرَهُ وكيدُهُ وفتكُهُ وقُوَتُهُ شيئًا، وَتُبَــيّنُ وتُظهِرُ قِصةُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ نِهَايَةَ الإسرافِ في الذنوبِ والمعاصي، قال تعالى:﴿كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (11) ﴾ [ آل عمران:11]

أيها المسلمون : لـمّا دعا مُوسى وهارونُ عَلَيْهِم السَّلَامُ على فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ،قَالَ تعالى  ﴿.. قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (89) ﴾  [ يونس:89]

قال المفسرون: مابَــيْـــنَ دعاءِ موسى وهارون وتَـحقُقِ الإجابةِ، أربعون عاما

مَعاشِرَ المُسلمينَ: لِنَصُم  هذا اليومَ الذي أنـجّى اللهُ موسى وقومَهُ؛ كما صَامَهُ رسولنا عليه الصلاة والسلام،  ولنَصُم يومًا قبلَهُ أو يومًا بعدَهُ، لِمَنْ أَرَادَ زِيَادًة في الأجرِ والثوابِ، ومخالفًة لليهود، ومَنْ صَامَ الثلاثةَ أيام، فَالأجرُ أكثرُ، وأعظم، ونسأل اللهَ القَبُولَ، والإخلاصَ في القولِ والعمل.

عبادالله: صَلُّوا وَسَلِّمُوا -رحمكم الله- على مَنْ أمركم الله بالصلاة عليه، فقال عَـــزّ مِنْ قائل:

 ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [ الأحزاب:56]

 اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ، وَأَصْحَاْبِهِ الطَّاهِرِينَ، وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ وَ اقْتَفَى أَثَرَهُ إلى يَوْمِ الدِّينِ، وَعَنَّا مَعَهُم بكرمكَ وَمَنّكَ، يَاْ أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا.

اَللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُوْرِنَا، وَاجْعَلْ وِلَايَتَنَا فِيْمَنْ خَافَكَ، وَاتَّقَاكَ، وَاتَّبَعَ رِضَاكَ.

عبادالله : ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [ النحل:90] فَاذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ الْجَلِيلَ يَذْكُرَكُمْ ، وَاشْكُرُوهُ على نِعَمهِ يَزِدْكُمْ، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.

المرفقات

1659648085_يوم عاشوراء خطبة مختصرة 7 محرم 1444هـ.pdf

1659648094_يوم عاشوراء خطبة مختصرة 7 محرم 1444هـ.docx

المشاهدات 1741 | التعليقات 0