يوم الفصل // محمد علي يوسف
احمد ابوبكر
1435/12/15 - 2014/10/09 06:59AM
[align=justify]كنت ولا زلت من أشد الرافضين لفكرة قطع الطمع عن هداية الخلق، والتيئيس من تغيير قناعة أو خلق بذيء، وكنت أرى أن هذا التيئيس يُعد نوعًا من الاستسهال والخيار اليسير الذي يوفر على صاحبه حوارات وجدالات تنهيها كلها جملة: (ما فيش فايدة).
لكن في الحقيقة هناك نوع من البشر مهما حاولت حواره أو اخترت نقاشه وطرقت شتى أبواب الإقناع معه فالفكرة المسبقة عنك مستقرة عنده، وهو لا ينوي ولا يريد تغييرها أبدًا مهما حاولت وهي فكرة مهينة للغاية ساعدت على ترسيخها عوامل كثيرة.
من خلال تلك الفكرة المسبقة والمهينة تجده يرفض بل ويزدري ويحتقر كل ما ستقوله أو تفعله؛ فإن رددت الإساءة بمثلها واستعملت حقك الشرعي في ردها من باب (ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل) وباب (وجزاء سيئة سيئة مثلها) أو أنك احتددت شيئًا ما نظرًا لطبعك البشري غير المعصوم والذي له درجة احتمال معينة قد تنفلت بعدها أعصابه.. فيا ويلك ويا سواد ليلك..
سيملأ الدنيا[ ] صياحًا وعويلا وندبًا على الأخلاق[ ] المنهارة للمتأسلمين -على حد وصفه- وسيتحسر على أدبهم الضائع وعصبيتهم الزائدة التي تشوه الدين وتنفر نفسه المرهفة من الإسلام والمتمسكين به، ويتناسى تمامًا أنه ما انفك عن سبابك وإخراجك عن شعورك منذ قليل..
أما إن امتنعت عن الرد بمثل الإساءات والإهانات التي اختار توجيهها لك، واخترت عزم الأمور من عفو وصبر وصفح جميل ودفع السيئة بالحسنة.. ترجم هذا إلى أنه مجرد ضعف منك وقلة حيلة أو كان في نظره محض تصنع لأدب مفتعل وغير حقيقي..
لو نصحت فأنت متعالي عايش في الدور، ولو حسبنت وسكت فأنت سلبي هروبي ولا تقوم بدورك، ولو انتقدت أي نقد حتى لو كان بنّاء فأنت (حشري) متدخل تدس أنفك فيما ليس من شأنك، ولو عارضت ورفضت وأبديت رأيًا مخالفًا لفاشيتهم الشعبوية المتضخمة فأنت طبعًا خائن متآمر وربما إرهابي مخرب تريد هدم الدولة.. وهكذا..
في جميع الأحوال ستجد نفسك متهمًا عند هذا الصنف وبالتالي لا مجال لقبول كلمة منك أو نصيحة لأنه ببساطة يحمل لك كرهًا عميقًا رسخته كما قلت آنفًا أشياء كثيرة أدت إلى شبه انعدام المساحة المشتركة وحولت الحوار إلى حوار طرشان..
فما الحل إذن؟!
هل نيأس ونهجر الخلق أو نقطع الطمع عن جهد الإصلاح والتغيير للأفضل؟!
بالطبع لا، ومن قال هلك الناس فهو أهلكهم..
ورغم الإقرار بوجود هذا الصنف الكاره الرافض الذي قرر أنك غير موجود أو غير مسموح لك بالوجود وأن الحق يستحيل أن يخرج من فمك أبدًا، فإن إقرار الوجود لا ينبغي أن يتحول إلى استسهال وصم كل مخالف به؛ لا بد من المحاولة والبذل والبحث عن نقاط مشتركة يمكن أن ينبثق من خلالها حوارًا نافعًا وناجحًا ومغيرًا، لكن فقط عليك أن تعلم أن ليس عليك هداهم فلا تحزن ولا تذهب نفسك عليهم حسرات ولا تبخع نفسك على آثارهم إن لم تحدث النتيجة المرجوة..
ببساطة أكثر حين تلتقي بهذا الصنف المنيع الذي يقف خلف أسوار عالية من العداوة البغضاء ويقذفك من خلفها بشتى صنوف الإساءة ويقابل إحسانك بالجحود والكراهية فلا تأخذ الأمور على أعصابك جدًا ولا مانع أن تدعو الله لهم أن يسلل سخيمة صدورهم، وينزع أسوار الغل من حول قلوبهم لعلهم يومًا يسمعون ويتحاورون.. ولعلنا وإياهم نكون من المهتدين.. ولا تنس أن هناك يومًا من أسمائه (يوم الفصل).. و {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ} [الدخان:40].[/align]
لكن في الحقيقة هناك نوع من البشر مهما حاولت حواره أو اخترت نقاشه وطرقت شتى أبواب الإقناع معه فالفكرة المسبقة عنك مستقرة عنده، وهو لا ينوي ولا يريد تغييرها أبدًا مهما حاولت وهي فكرة مهينة للغاية ساعدت على ترسيخها عوامل كثيرة.
من خلال تلك الفكرة المسبقة والمهينة تجده يرفض بل ويزدري ويحتقر كل ما ستقوله أو تفعله؛ فإن رددت الإساءة بمثلها واستعملت حقك الشرعي في ردها من باب (ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل) وباب (وجزاء سيئة سيئة مثلها) أو أنك احتددت شيئًا ما نظرًا لطبعك البشري غير المعصوم والذي له درجة احتمال معينة قد تنفلت بعدها أعصابه.. فيا ويلك ويا سواد ليلك..
سيملأ الدنيا[ ] صياحًا وعويلا وندبًا على الأخلاق[ ] المنهارة للمتأسلمين -على حد وصفه- وسيتحسر على أدبهم الضائع وعصبيتهم الزائدة التي تشوه الدين وتنفر نفسه المرهفة من الإسلام والمتمسكين به، ويتناسى تمامًا أنه ما انفك عن سبابك وإخراجك عن شعورك منذ قليل..
أما إن امتنعت عن الرد بمثل الإساءات والإهانات التي اختار توجيهها لك، واخترت عزم الأمور من عفو وصبر وصفح جميل ودفع السيئة بالحسنة.. ترجم هذا إلى أنه مجرد ضعف منك وقلة حيلة أو كان في نظره محض تصنع لأدب مفتعل وغير حقيقي..
لو نصحت فأنت متعالي عايش في الدور، ولو حسبنت وسكت فأنت سلبي هروبي ولا تقوم بدورك، ولو انتقدت أي نقد حتى لو كان بنّاء فأنت (حشري) متدخل تدس أنفك فيما ليس من شأنك، ولو عارضت ورفضت وأبديت رأيًا مخالفًا لفاشيتهم الشعبوية المتضخمة فأنت طبعًا خائن متآمر وربما إرهابي مخرب تريد هدم الدولة.. وهكذا..
في جميع الأحوال ستجد نفسك متهمًا عند هذا الصنف وبالتالي لا مجال لقبول كلمة منك أو نصيحة لأنه ببساطة يحمل لك كرهًا عميقًا رسخته كما قلت آنفًا أشياء كثيرة أدت إلى شبه انعدام المساحة المشتركة وحولت الحوار إلى حوار طرشان..
فما الحل إذن؟!
هل نيأس ونهجر الخلق أو نقطع الطمع عن جهد الإصلاح والتغيير للأفضل؟!
بالطبع لا، ومن قال هلك الناس فهو أهلكهم..
ورغم الإقرار بوجود هذا الصنف الكاره الرافض الذي قرر أنك غير موجود أو غير مسموح لك بالوجود وأن الحق يستحيل أن يخرج من فمك أبدًا، فإن إقرار الوجود لا ينبغي أن يتحول إلى استسهال وصم كل مخالف به؛ لا بد من المحاولة والبذل والبحث عن نقاط مشتركة يمكن أن ينبثق من خلالها حوارًا نافعًا وناجحًا ومغيرًا، لكن فقط عليك أن تعلم أن ليس عليك هداهم فلا تحزن ولا تذهب نفسك عليهم حسرات ولا تبخع نفسك على آثارهم إن لم تحدث النتيجة المرجوة..
ببساطة أكثر حين تلتقي بهذا الصنف المنيع الذي يقف خلف أسوار عالية من العداوة البغضاء ويقذفك من خلفها بشتى صنوف الإساءة ويقابل إحسانك بالجحود والكراهية فلا تأخذ الأمور على أعصابك جدًا ولا مانع أن تدعو الله لهم أن يسلل سخيمة صدورهم، وينزع أسوار الغل من حول قلوبهم لعلهم يومًا يسمعون ويتحاورون.. ولعلنا وإياهم نكون من المهتدين.. ولا تنس أن هناك يومًا من أسمائه (يوم الفصل).. و {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ} [الدخان:40].[/align]