يوم الجمعة (وتنبيه باستغلال الوقت في الإجازة)

بندر المقاطي
1435/05/19 - 2014/03/20 22:05PM
يَومُ الجُمُعَة


الخطبة الأولى

خطبة الحاجة..
)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (آل عمران102.
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ النساء: ١

أمَّا بَعْدُ عباد الله:
فأوصيكم ونفسي بتقوى الله جلّ وعزّ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى واعلموا أن الله اختصكم بمزيد فضل، فمنَّ علينا أمة الإسلام، أمة محمد e، أنْ شرع لنا شرائعاً، وجعل لنا منهجاً، وهدانا طُرقاً، ورتب على ذلك أُجوراً، وضاعف عليه ثواباً وجزاءً.
ومن ذلك يا عباد الله أن الله اختصنا بيومٍ، أَضَلَّ اللَّهُ عَنْه مَنْ كَانَ قَبْلَنَا، فَكَانَ لِلْيَهُودِ يَوْمُ السَّبْتِ، وَكَانَ لِلنَّصَارَى يَوْمُ الأَحَدِ، فَجَاءَ اللَّهُ بِنَا فَهَدَانَا اللَّهُ لهذا الِيَوْمِ، (رواه مسلم). هو مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِنا، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَام، وَفِيهِ قُبِضَ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، (رواه أبو داود وحسنه الألباني).


هو سَيِّدُ الأَيَّامِ ، وَأَعْظَمُهَا عِنْدَ اللَّهِ ، وَهُوَ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ يَوْمِ الأَضْحَى وَيَوْمِ الْفِطْرِ، فِيهِ خَمْسُ خِلالٍ: خَلَقَ اللَّهُ فِيهِ آدَمَ، وَأَهْبَطَ اللَّهُ فِيهِ آدَمَ إِلَى الأَرْضِ، وَفِيهِ تَوَفَّى اللَّهُ آدَمَ، وَفِيهِ سَاعَةٌ لا يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا الْعَبْدُ شَيْئًا إِلا أَعْطَاهُ، مَا لَمْ يَسْأَلْ حَرَامًا، وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ، مَا مِنْ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ وَلا سَمَاءٍ وَلا أَرْضٍ وَلا رِيَاحٍ وَلا جِبَالٍ وَلا بَحْرٍ إِلا وَهُنَّ يُشْفِقْنَ مِنْ هذا اليوم.! (رواه ابن ماجه وحسنه الألباني). ما من مسلمٍ يموتُ في يومه أو ليلته إلا وقاهُ الله فتنة القبر (رواه الترمذي وصححه الألباني).
قال عنه رسول الله e: ( خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا). (رواه مسلم).
نعم يا عباد الله: إنه يوم الجمعة، يوم عظيم، ويوم فضيل، جعله الله سبحانه يوم عيدللمسلمين يتكرر كل أسبوع،ولذا يحرم صومه منفرداًمخالفة لليهود، وليتقوى على الطاعات الخاصة به من صلاة ودعاء ونحوه. قال e: (إن يوم الجمعة يوم عيد، فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم، إلا أنتصوموا قبله أو بعده).رواه الإمام أحمد بسند صحيح.
وقد خصه الله سبحانه وتعالى بمزيد فضل على سائر الأيام، وجعل فيه قربات وعبادات اختصنا بها عباده المؤمنين، وأوجبها علينا وأجزل لنا عليها الثواب والأجور المضاعفة، منها أيها الأحبة:

حضور خطبتيّ وصلاة الجمعة، هذه الصلاة العظيمة، هي أفضل الصلوات، وأفضل الأعمال التي تُؤدى في هذا اليوم، قال الله تعالى: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ( الجمعة/9.
إن فضل صلاة الجمعة لعظيم، وإن أدائها يُكفر السيئات ويمحو الله به الذنوب والخطيئات،فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ e قَالَ: (الصَّلاةُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ ، كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ) (رواه مسلم).
ثم اعلموا يا عباد الله:
أن الله تعالى جعل لهذا اليوم العظيم ولصلاته سنناً وآداباً ينبغي أن يحرص عليها المسلم حتى يتعرض لنفحات الله سبحانه ورحمته ومغفرته ورضوانه، ومن ذلك أن يغتسل ويتنظف ويتطيب، يقول عليه الصلاة والسلام: (لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهر، ويدهن أو يمس من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين إلا بإذنهما، ثم يصلي ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام).
ومن السنن والآداب: التسوك ولبس أحسن الثياب، والتبكير في الذهاب إلى المسجد، فعن أبي هريرة t أن رسول الله e قال: )من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة. فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر). (صحيح البخاري(.
وليس للجمعة سنةٌ قبلية، وإنما سنتها بعدية، فإن صلاها بالمسجد صلى أربعاً، وإن صلاها بالبيت صلاها ركعتين، في أشهر أقوال العلماء.
ومن السنن أيضاً: قراءة سورة الكهف في يوم الجمعة، لأن النبي e قال: )من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين)(صححه الألباني)، (ومن قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له النور ما بينه وبين البيت العتيق).
وينبغي الإكثار من الدعاء وتحري ساعة الإجابة: لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي eقال: (إن في الجمعة لساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسال الله شيئا إلا أعطاه إياه).(صحيح البخاري، 935وهي آخر ساعة من عصر يوم الجمعة، في أرجح أقوال أهل العلم.
عباد الله:
ويحرم السفر بعد النداء الثاني عند دخول الإمام للخطبة إلا لضرورة، ويحرم البيع وتخطي رقاب الناس يوم الجمعة بعد جلوس الخطيب على المنبر، ويحرم السلام وتشميت العاطس والرد عليهما، ويحرم الكلام أثناء الخطبتين ومنه ما نراه أحياناً من بعض الآباء أنهم يتكلمون مع أبناءهم ويردون عليهم، جهلاً منهم أن ذلك مما لا ينبغي ومما يحرم فعله أثناء الخطبة.
ولا شك أن المسلم مأمور حالة خطبة الجمعة بالاستماع، والإنصات، وقطع الحركة، فهو مأمور بالسكون، والهدوء، وعدم العبث، ومأمور بالسكوت عن الكلام، فيحرم عليه أن يتكلم، والإمام يخطب، ويحرم عليه كذلك أن يمس الحصى، ويخطط في الأرض، أو أن يعبث بجواله أو بغترته، وما أشبه ذلك.

واعلموا عباد الله:
أن من ترك الجمعة ممن تجب عليه من غير عذر فقد ارتكب كبيرةً من كبائر الذنوب. ومن تركَ ثلاثَ جُمعٍ تهاوناً طُبع على قلبه وكان من الغافلين، كما رواه مسلم عن أبي هريرة ، وابن عمر رضي الله عنهما، أنهما سمعا النبي e يقول على أعواد منبره: (لينتهينَّ أقوامٌ عن وَدْعِهم الجُمعات أو ليَختمنَّ الله على قلوبهم، ثم ليكوننَّ من الغافلين)، وفي حديثٍ آخر (من تركَ ثلاثَ جُمع تهاوناً طُبع على قلبه)، ألا فليتق الله كل مسلم بأن لا يضيع فريضة من فرائض الله، فيعرض نفسه لعقاب الله، وليحافظ على ما أو جب الله عليه ليفوز بثواب الله، والله يؤتي فضله من يشاء.


خَـيْـرُ يَـوْمٍ فِـيـهِ شَمْسٌ بَـزغَـتْ

إنـَّـهُالـجُـمْـعَـةَ عِـيْدُ المُـسْلِميـنْ
ذاكَ يَـــــوْمٌ بَـــارَكَ اللهُبِـــــــهِ
خُطْبَة الجُمْعَةِ عَهْدُ الواعِـظـينْ
ابْـــدَأ الـغُــسْـلَبِــهِ سُـنـَّـتَــنـا
اسْـتِـلالاً لِـخَـطـايــا الآثِــمِـيــنْ
سـاعَـةٌفِـيـها دُعـاءٌ مُـسْـتَجابْ
فَاغْتَنِمْ مِنْ عُمْرِكَ الوَقْتَالثَمينْ
وَذَروا الــبَــيْـعَ إذا حَـانَ الـنـِّـدا
ذاك ذِكْـرُ اللهِفَـاسْـعَـوا غـانِمينْ
افْـضَـلُ الأيْــامَ نَـجْـنيفَـضْـلَـهُ
بِـالـتُـقى وِالـبِـرِّ وَالذِّكْـرِ المُبينْ
نَـقْـتَديبِالمُصْطَفى خَيْر الوَرى
مـاحِـقُ الظـُّـلْـمَةِ هـادِيناالأمِينْ
رَبَّــنـا بــارِكْ لَـنـا فـي يَـومِـنـا
اجْعَـلِ الجُمْعَةَخَيْرَ الشـَّاهِدينْ




بارك الله لي ولكم في القرآن والسُنّة.. ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة..

أقول ما تسمعون.. وأستغفر الله لي ولكم..

فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم..



الخُطْبَةُ الثَّانِيةُ


اتقوا الله عباد الله .. ]وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ (البقرة281.
اتقوا الله تعالى وعظموا أمره واجتنبوا نهيه، وعليكم بسنة نبيكم e و سنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده، عضوا عليها بالنواجذ.
عباد الله:
إن أعظم ما وهبه الله سبحانه للإنسان، بعد نعمة الإيمان في هذه الحياة، هي نعمة الوقت، الذي هو حقيقة الحياة ورأس مال الإنسان، فينبغي على كل مسلم أن يحرص على جميع أوقاته واستغلالها فيما يعود عليه بالنفع والفائدة في أمور دينه ودنياه، ونحن أيها الكرام على مشارف هذه الإجازة القصيرة، أنبه على بعض الأمور التي ينبغي أن نحرص عليها.. كالمحافظة على أوقات الصلاة وفي الجماعة، وصيام النفل، والسنن الرواتب، وصلة الأرحام، وحضور المناسبات الطيبة، والقيام بالتنزه وزيارة مكة لأداء العمرة أو زيارة المسجد النبوي.
وأن ننتبه إلى عدم إضاعة الطاعات والخيرات، وعدم الجلوس الطويل أمام الشاشات والقنوات الفضائية لاسيما ما تحتوي على ما لا يُرضي الله تعالى، والابتعاد عن إضاعة الأموال فيما لا فائدة فيه، والحذر من السهر، وقلب الليل نهاراً والنهار ليلاً.
وعلى المؤمن أن يتحرى الخير لمن يعول، وأن يراقب الله سراً وعلانية، وأن يجتهد كل الاجتهاد في ذلك، بالاستعانة بالله عز وجل، ثم البُعد عما يُغضب الله، وسيجد الخير كله في دنياه وأُخراه.

عباد الله:اعلموا أن أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد e، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة في الدين بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وعليكم بجماعة المسلمين، فإن يد الله على الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار.
ثم اعلَموا رحمكم الله، أنه يُسن الإكثار من الصلاة والسلام على نبينا وحبيبنا محمد e في ليلة يوم الجمعة وفي نهاره، قال e: (إن من خير أيامكم يوم الجمعة؛ فأكثروا من الصلاة عليّ فيه، فإن صلاتكم معروضةٌ عليّ).
وقد بدأ الله عز وجل بنفسه، وثنى بملائكته، وثلث بكم عباده المؤمنين، فقال سبحانه: ]إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا( الأحزاب:56.
فاللهم صلّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن أصحابه الخلفاء الأئمة الحنفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وكرمك يا رب العالمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين، وانصر عبادك الموحدين، واحم حوزة الدين.
اللهم آمنا في دورنا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعلهم هداة مهتدين يقولون بالحق وبه يعدلون.
اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين.
اللهم انصر إخواننا المستضعفين في كل مكان، اللهم انصرهم في سوريا، اللهم انصر عبادك الموحدين فوق كل أرض وتحت كل سماء، يا قوي يا متين..
اللهم أصلح حال أمتنا الإسلامية.. اللهم لمَّ فرقتهم.. اللهم وألف بين قلوبهم.. اللهم واجمعهم كلمتهم على الحق والهدى.. اللهم أعزنا وانصرنا بدينك.. اللهم ولا تشمت بنا عدواً ولا متربصاً.. برحمتك يا أرحم الراحمين..
اللهم أبرم لهذه الأمة أمراً رشداً، يُعز فيه أهل طاعتك، ويُهدى فيه أهل معصيتك، ويُؤمر فيه بالمعروف ويُنهى فيه عن المنكر، يا حيّ يا قيوم.

اللهم إنك أنت الغني، اللهم أغثنا، اللهم اسقنا، يا ذا الجلال والإكرام.



اللهم فرج هم المهمومين، ونفس كرب المكروبين، واقضِ الدين عن المدينين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين، وارحم موتانا وموتى المسلمين.

ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين،
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

عباد الله:

)..اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا (

الأحزاب 41-42.
المشاهدات 2310 | التعليقات 2

جزيت خيرا ونفع الله بك أخي بندر خطبة جامعة وتذكير في وقته فاليوم حضور الناس للجمعة لم يعد استغلالا بل إجزاء وإسقاط للواجب.

وما تلمسه من واقع الناس يتبين لك أن الناس جعلوا من الجمعة متنزها بحيث لا يدركون الجمعة ولا فضلها

فهو يوم للتنزه ويوم للنوم ويوم للخروج والسفريات وغيرها...


وإياك أخي الحبيب زياد

وكلامك فعلاً واقع ونلمسه ونشاهده

فنسأل الله عز وجل أن يصلح أحوالنا