يا معاذُ إنِّي واللَّهِ لأحبُّك

الخطبة الأولى

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وصفيه وخليله، وخيرته من خلقه، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.

{ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفۡس وَٰحِدَة وَخَلَقَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا وَبَثَّ مِنۡهُمَا رِجَالا كَثِيرا وَنِسَآء وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلۡأَرۡحَامَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيۡكُمۡ رَقِيبا}.

أما بعد...

اتقوا الله تعالى أيها المسلمون، واذكروه واشكروه، وسلوه حسن عبادته.

أيها المسلمون:

لا شيء أحب إلى الله مما افترضه على عباده، ولا عبادة أعظم من هذه الصلاة، التي يحبها الله جل في علاه، بل وجعلها فيصلا بين الإسلام والكفر.

هذه العبادة هي أعظم ما يفعله العبد من العبادات، وأول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، فإن صلحت صلح ما بعدها، وإن ساءت ساء ما بعدها.

ولما كانت هذه الصلاة بهذه المنزلة عند الله تعالى، كانت مكانا لقبول الدعاء وإصلاح الحال، وكان الموفق من عباد الله من جمع في هذه الصلاة بين يدي الله سؤله، ولذلك أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – كنزا من كنوزها لمن أحبه، دلالة على عظم هذا الكنز وقيمته، وأنه لا يستحقه إلا محبوب من النبي – صلى الله عليه وسلم-.

عن مُعاذِ بنِ جَبَلٍ –رَضِيَ اللهُ عَنه- أنَّ رسولَ اللَّه صلَّى اللَّه علَيهِ وسلَّمَ أخذَ بيدِهِ، وقالَ: (يا مُعاذُ، واللَّهِ إنِّي لأحبُّكَ، واللَّهِ إنِّي لأحبُّك، فقالَ: أوصيكَ يا معاذُ لا تدَعنَّ في دُبُرَ كلِّ صلاةٍ تقولُ: اللَّهمَّ أعنِّي على ذِكْرِكَ، وشُكْرِكَ، وحُسنِ عبادتِكَ). رواه أبو داوود

أيها المسلمون: هذه هدية نبوية قدمها رسول الله –صلى الله عليه وسلم- لمعاذ بن جبل –رضي الله عنه- بعد تأكيده عليه أنه يحبه حالفا بالله العظيم وهو أصدق الخلق، تأكيدا على هذه المحبة، والأنبياء – عليهم السلام- قد جمعوا الأوصاف الأربع التي يحصل بها الكمال في النصح، فهم أعظم الناس بيانا، وأعظم حرصًا على مصلحة المنصوح، وشفقة عليه، وهم أعظم صدقا، وهم أكمل الخلق علما ومعرفة، فإذا وجدت هذه الأوصاف الأربع كان الناصح غاية في الكمال.

هي وصية رسول الله –صلى الله عليه وسلم- لمن أحب أن لا يترك هذا الدعاء، لما اشتمل عليه من أبواب الخير، أما الذكر والشكر فعليهما تدور قاعدة الدين، ومطالب الخلق ترجع إلى هذين الأمرين، فمن أعين عليهما فقد بلغ المراتب العالية.

فالإنسان في عبوديته لربه بين ذكر وشكر، فإذا ارتقى مرتبة في هذه العبودية بإحسانها فقد بلغ أعلى المراتب، وهي مرتبة الإحسان فصار في أعماله مراقبا لله، في خلوته وأمام الناس، يعبد الله كأنه يراه.

فإذا أعين الإنسان على هذه الثلاث فقد بلغ أعلى مراتب العبودية لله –جل وعلا-، ولذلك ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله- أن هذا الدعاء هو أجمع الدعاء وأنفعه.

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولك من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم


 

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد ألا إله إلا وحده لا شريك تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين. أما بعد ...

فاتقوا الله تعالى أيها المسلمون، واحرصوا على هذا الدعاء في دبر كل صلاة، في الصلوات المكتوبة وفي النوافل، فإن الدعاء في أدبار الصلوات ميدان من ميادين الفضل، ومواطن للرحمات يستجيب الله بها الدعاء، ولا أعظم للعبد أن يوفقه الله ويعينه على ذكره وشكره وحسن عبادته.

 

اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك

اللهم صل وسلم وزد وبارك، على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين، والأئمة المهديين، ومن سار على نهجهم وسلك طريقتهم إلى يوم الدين.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين

المرفقات

1689326386_يا معاذ والله إني لأحبك.docx

1689326392_يا معاذ والله إني لأحبك.pdf

المشاهدات 346 | التعليقات 0