يا طيب إنه خبيث – لا تجعل مقودك بيد اشيطانك (نصية+وورد+بي دي إف)

18محرم1440هـ الحمد لله الذي افتتح كتابه بالحمد فقال:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، وافتتح خَلْقه بالحمد،فقال:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ}واختتمه بالحمد، فقال بعد مآل أهل الجنة وأهل النار: {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} فله الحمد في الأولى والآخرة، أما بعد: فاتقوا الله واشكروه.

آفتان اثنتان أهلكتا هلاكًا أكثر من المجاعات والحروب والكوارث. وأضرتا على اقتصاد الدول والأفراد ضررًا بالغًا!! فهل تدررون أن 400 مليون دولار سنوياً، تصرف في دول الخليج فقط بسبب إحدى هاتين الآفتين المهلكتين.

أما الأولى فإنها ذلكم الخبيث الذي لا يُذكر اسم الله عليه من تناوله ولا يحمده عليه إذا أنهاه؛ إنه العدو الجائر: التدخين بالسجائر.

ويكفي في تقبيحه وتقديحه نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم مَن أكل ثومًا أو بصلاً أو كراثًا أن يدخل المسجد للصلاة، وسمى آكلها آكلاً للخبيث، مع أنها في أصلها مباحة، والدخان أشد نهيًا وزجرًا؛ لأنه محرم، ويظهر التقبيح من نواحٍ ثلاث:  1. منعه من دخول المسجد.

2. تفويت صلاة الجماعة، والأصل أن تركها هلاك.
3. تفويت أجر سبع وعشرين درجة عن صلاة الفرد.

ألا وإن من التحدث بنعمة الله علينا في هذه المحافظة المحافِظة: أن نذكر نعمة الله علينا بندرة محلات بيع الدخان، وقلة المدخنين، ومن فضل الله أن كثيراً من هؤلاء المدخنين يملكون قلوباً حيَّة، وعواطف للإسلام قوية.

أخي المبتلى بذلكم البلاء: أعرني سمعك، وافتح لي قلبك، وتأمل كيف أن رائحة الدخان تبعث على النفور من مجالستك، بل قد يَصْرِفُك عن برِّ والديك؛ لأنك تخشى يشُمُّوا رائحتك؛ فأي خير يرجى من عمل يتسبب في عقوق؟!

بل أعظم من هذا يا أخيَّ: أنك تستحي جدًا أن تعانق شخصًا تُجِلُّه وتستحيي منه. إذاً فأين إجلال الله في الصلاة ، وأين وقاره في قلبك؟

إن الناس تدفع غالي الأموال لشراء الأطياب ذواتِ الروائح الزكية الفوّاحة، وأنت - هداك الله- تألف الروائح المنتنة، وينبعث منك ما يسؤوك وينوؤك!

ويتطور الأمر بأن وقع آخرون بما يسمى بالشيشة، والشيشة أدهى وأمر، فقد أجرت جامعة الملك عبد العزيز دراسة عن إيدز جديد اسمه الفيروس الكبدي، وقالوا أكثر من (40%) سبب إصابتهم به هو تعاطي الشيشة، ولا تغتروا بما يرى من بعض الذين يشربونه بأن أجسامهم سليمة بحسب مظهرهم، ولكن اسألهم: ماذا يحدث لهم من قلة الشهية، وكثرة السعال، والنزلات الصدرية، والتعب الشديد عند أقل عمل وكلفة!!

أيها الإخوة: ألا وإن من المخاوف انتشار هذا الدخان الخبيث الذي فشا شربه في الصغار فضلاً عن الكبار، وأهم أسباب انتشاره: وسوسة الشيطان، ورفقاء السوء، والمقاهي والاستراحات العامة. وقد أحسنت الدولة أيَّما إحسان حينما قررت مؤخرًا معاقبة المدخن في الأسواق والحدائق بغرامة مالية، وبتغريم المحل الذي يبيع الدخان لمن هم دون الثامنة عشرة.

ورابعاً: مما زاد انتشاره ضعف النصح منا برفق على المدخن؛ وعلى من باعه. ولنناصح برفق محلات بيعه، وهي قليلة محصورة، وأن نتجنب الشراء منها حتى تدع بيعه. وإن الفقر لخير من مال يكسبه الإنسان بمعصية الله.

ومن جميل ما تفعله جمعية مكافحة التدخين مشكورة تلك الحملات التوعوية، ويسنادهم قائدو المدارس ومرشدوها الطلابيون، فشكر الله لهم بذلهم وسعيهم. وعلى من منّ الله عليه بالعصمة منه أن يحمد الله على أن عافاه، ولا يشمَت ولا يحتقر المدخنين، وليدعُ الله لهم بالعصمة منه.

فاللهم في هذا المكان المبارك، وفي هذا الساعة المباركة نسألك من فضلك وجودك أن تهب من لدنك لإخواننا المدخنين هداية وتوبة صادقة من هذا البلاء.

اللهم أقرَّ أعين والديهم وأزواجهم بالخلاص من هذا الوباء.

اللهم إنك تعلم أن كثيراً من إخواننا المدخنين مصلون ومتصدقون.

اللهم مُنَّ علينا وعليهم بتوبة تمحو ما سلف وكان من الذنوب والعصيان.

فأما الآفة الثانية القاتلة والتي تزداد ولا تنقص: كثرة الموتى من حوادث السيارات، والمتهم الأول هذا (ارفع الجوال) نعم الجوال، ثم ضعف تفقّد المركبة، وقلة الأخذ بوسائل السلامة والأمان، وتجاوز السرعة النظامية

ألا إن في حوادث السيارات لعبراً مروِّعة، ولقد دفنَّا في الزلفي خلال شهر واحد أحدَ عشر نفسًا، تسعةٌ منهم ماتوا بحوادث سيارات. رقم مخيف!! رحم الله أمواتنا وأموات المسلمين.

ومن المؤسف أن بلادنا تُعَدُّ من أكثر دول العالم في الوفيات بسبب حوادث السيارات، ويكفي أن نعلم أنه في إحدى السنوات كانت نسبة الوفيات، فكيف يتخيل مسلم أن يموت في عام واحد ما يُقارب خمسة آلاف إنسان في بلادنا كلها بسبب حوادث السيارات؟! يا للهول!! هل نحن في ميادين القتال؟!

وتقول الإحصاءات المرورية في السعودية: إن كل ساعتين يموت إنسان نتيجةً لحادث مروريّ، وحوالي 8 مصابين خلال هاتين الساعتين. قال@: (الأَنَاةُ مِنَ اللَّهِ وَالْعَجَلَةُ مِنَ الشَّيْطَان). فلا تجعل مقود سيارتك في يد الشيطان.

هذا واعلموا -رحمكم الله- أن من أفضل الطاعات، وأشرف القربات، كثرة صلاتكم وسلامكم على خير البريات، صاحب المعجزات الباهرات، والآيات البينات، فقد أمركم بذلك ربكم جلَّ وعلا فقال تعالى قولاً كريماً: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ...

اللَّهُمَّ ابْسُطْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِكَ وَرَحْمَتِكَ وَفَضْلِكَ وَرِزْقِكَ.

اللَّهُمَّ إِنّا نَسْأَلُكَ النَّعِيمَ الْمُقِيمَ الَّذِي لَا يَحُولُ وَلَا يَزُولُ.

اللَّهُمَّ إِنّا نَسْأَلُكَ النَّعِيمَ يَوْمَ الْعَيْلَةِ وَالْأَمْنَ يَوْمَ الْخَوْفِ.

اللَّهُمَّ إِنّا عَائِذون بِكَ مِنْ شَرِّ مَا أَعْطَيْتَنَا وَشَرِّ مَا مَنَعْتَنا.

اللَّهُمَّ قَاتِلْ الْكَفَرَةَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ وَاجْعَلْ عَلَيْهِمْ رِجْزَكَ وَعَذَابَكَ. اللَّهُمَّ قَاتِلْ الْكَفَرَةَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَهَ الْحَقِّ ([1]).

 ([1])      مسند أحمد -برقم 15492.