يَا رَبِّ اجْعَلْ عِيدَنَا مَقْبُولا 1/10/1446هـ

خالد محمد القرعاوي
1446/09/28 - 2025/03/28 04:35AM
يَا رَبِّ اجْعَلْ عِيدَنَا مَقْبُولا 1/10/1446هـ
اللهُ أكبرُ! اللهُ أكبرُ! اللهُ أكبرُ! اللهُ أكبرُ! اللهُ أكبرُ! اللهُ أكبرُ! اللهُ أكبرُ! اللهُ أكبرُ! الله أكبرُ. اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ وللهِ الحَمْدُ؛ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْأَعْلَى، نَشْكُرُهُ عَلَى مَا أَسْبَغَ مِنَ النِّعَمِ وَأَسْدَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى، وَالصِّفَاتُ الْعُلَى، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُاللهِ وَرَسُولُهُ، النَبِيُّ الْمُصْطَفَى، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اهْتَدَى. أَمَّا بَعدُ: فَاتَّقَوُا اللَّهَ يا مُؤْمِنُونَ، وَجَمِّلُوا بَوَاطِنَكُمْ بِالتَّقْوَى: (وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ). طَرِيقٌ مَن سَلَكَهُ رَشَدَ، وَمَن جَانَبَهُ ضَلَّ وابتعد. وَاعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثُاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ. مَا أَجْمَلَ صَبَاحَكَ يَا عِيدُ، وَمَا أَسْعَدَ أَهْلَكَ الَّذِينَ أَتَمُّوا الْعِدَّةَ، وَأَخْرَجُوا الْفِطْرَةَ، فَبُشْرَاكُمُ الْفَوْزُ مِنَ اللَّهِ القَائِلِ: (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا).
 أيُّها الْمُسلِمُونَ: عِيدُنا عَقِيدَةٌ، فَأَعيادُنا رَبَّانِيَّةٌ، لَيسَت لِمَولِدِ عَظِيمٍ، وَلا هِيَ تَحَلُّلٌ مِن قُيُودِ الشَّرعِ، أَعْيَادُنَا فَرَحٌ بِإِكمَالِ العِبَادَاتِ، ودُعَاءٌ بقَبُولِها :(قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ). (ولِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: إذا أَفطرَ فَرِحَ بِفِطرِه، وإذا لَقِيَ ربَّه فَرِحَ بصومِهِ(. فالحمدُ اللهِ على التَّمَامِ والصِّيامِ، فقد أمَّدَ اللهُ في أَعْمَارِنا وَوَسَّعَ فِي أرزَاقِنا، وأمَّنَنَا في أوطَانِنِا، وَعَافَانَا فِي أَبْدَانِنا؛ صُمْنَا شَهْرَنَا بِأمْطَارٍ غَزِيرَةٍ, وَخُضْرَةٍ بَهِيجَةٍ, وَأَجَواءٍ بَارِدَةٍ فَلا نُحْصِي ثَنَاءً عَليكَ يَا رَبَّنَا. اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَاللهُ أَكبرُ، اللهَ أَكبرُ وَللهِ الحَمْدُ.
عِيدُنَا يَا مُسْلِمُونَ: ثَبَاتٌ على الحَقِّ والْمَبْدَأِ فَكَمْ ابْتَهَلْنَا فِي سُجُودِنَا لِرَبِّنَا اقْتَدَاءً بِسُنَّةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِقَولِنَا»:يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ، يَا مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ صَرِّفْ قَلْبِي عَلَى طَاعَتِكَ«. فَمَا أَحْوَجَنَا لِلحَدِيثِ عَنِ الثَّبَاتِ فِي زَمَنِ جُنُونِ الْأَفْكَارِ، وَتَزْوِيرِ الْهُوِيَّاتِ, فَلَا يَسَعُكَ يا مُسْلِمُ وَأَنْتَ تَرَى مَا تَرَى إِلَّا أَنْ تَضَعَ كَفَّكَ عَلَى قَلْبِكَ، وَتُنَاجِيَ رَبَّكَ: »يَا مُقَلِّبَ الْقَلْبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ«. فَلَا نِعْمَةَ أَعْظَمُ مِنَ اسْتِشْعَارِكَ أَنَّكَ تَتَنَفَّسُ الْإِسْلَامَ، وَتَحْيَا عَلَى السُّنَّةِ، وَتَعِيشُ رَاضِيًا مُطْمَئِنًّا. فإيمَانُكَ وَمُعْتقَدُكَ وَأَخْلاقُكَ أَعْظَمُ مِنَّةٍ تَنْعَمُ بِهَا، فلَا أَمَانَ لَكَ إِلَّا بِتَثْبِيتِ اللَّهِ لَكَ، فَالثَّبَاتُ عَلى الحَقِّ لَا يَحُوزُهُ الْمَرْءُ بِمَالِهِ وَذَكَائِهِ، بَلْ مِنْحَةُ الْكَرِيمِ الرَّحْمَنِ.( وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ). وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ دَائِمَا يُرَدِّدُونَ: (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا). يَا مُسْلِمُونَ: نَتَحَدَّثُ عَنِ الثَّبَاتِ عَلى الحَقِّ؛ لِأَنَّنَا نَعِيشُ فِي وَاقِعٍ مُنْفَتِحٍ وَمَفْتُوحٍ، أَصْبَحَتِ فِيهِ الِانْحِرَافَاتُ الْبِدْعِيَّةُ، وَالْأَفْكَارُ الْإِلْحَادِيَّةُ تَعْبُرُ الْحُدُودَ، وَتَغْزُو الْبُيُوتَ!
يَا مُسْلِمُونَ: نَتَواصَى بالثَّبَاتِ عَلى الحَقِّ؛ لِأَنَّ طَائِفَةً مِنْ أَبْنَائِنَا يَبْحَثُونَ عَنِ التَّغْيِيرِ أَيًّا كَانَ نَوعُهُ، وَاللَّهُ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ.
يَا مُؤمِنُونَ: الثَّابِتُونَ عَلى الحَقِّ؛ لَا تُغَيِّرُهُمُ الْأَحْدَاثُ، وَلَا يَسْتَخِفَّنَّهُمُ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ؛ حَقَّاً: (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا). ألا تَرَونَ بأَعْيُنِكُمْ تَغَيُّرَاً بَيِّنَاً عِنْدَ بَعْضِ شَبَابِنَا! تَغَيُّرٌ فِي الْمَلْبَسِ والْقَوَامَةِ والرُّجُولَةِ! وَعِنْدَ بَعْضِ نِسَائِنَا تَغَيُّرٌ فِي العَبَاءَاتِ! وَجُرْأَةٌ عَلى الْمَبَادِئِ والْقِيَمِ أَثْنَاءَ الْقِيَادَةِ والرُّكُوبِ, وَبَعْضُهُنَّ مَائِلاتٌ فِي الْمَشْيِ، وَتَجَمُّعٌ فِي الْمَقَاهِي أَمَامَ الشّبَابِ وَالْمَارَّةِ! في كُلِّ الأوقَاتِ! فَعِيدُنا بِحَمْدِ اللهِ: عِيدُ حِشْمَةٍ وَحَيَاءٍ. كَيفَ لا يَكُونُ كَذَلِكَ وَنَحْنُ نَأْرِزُ إلى دِينٍ خُلُقُهُ الأَعْظَمُ هُوَ الْحَيَاءُ! بَلْ إنَّ مِن صِفَاتِ رَبِّنَا كَمَا قَالَ نَبِيُّنا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَييِىٌّ سِتِّيرٌ يُحِبُّ الْحَيَاءَ وَالسَّتْرَ». حَدِيثٌ صَحِيحٌ. دِينُنَا قَائِمٌ على خُلُقِ الْحَيَاءِ كَمَا قَالَ نَبِيُّنا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «إنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا, وَإنَّ خُلُقَ الإسْلامِ الحَيَاءُ». وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «الحَيَاءُ خَيرٌ كُلُّهُ». وَقَالَ: «الحَيَاءُ لا يَأْتي إلَّا بِخَيرٍ». رَوَاهَا الإمَامُ مُسْلِمٌ. فلا تَبْأَسُوا وَلا تَيأَسُوا فَدِينُ غَالِبٌ وَمَنْصُورٌ بِرِجَالٍ وَنِسَاءٍ يَقُومُونَ بِحَقِّ الْوِلايَةٍ والتَّرْبِيَةِ وَحُسْنِ الرِّعَايَةِ, فَعَلينَا فِعْلُ الأسَبابِ, ومنَ اللهِ الهِدَايَةُ. وَأَنْتُمْ تَرَونَ بِحَمْدِ اللهِ أَنَّ السَّوَادَ الأَعْظَمَ مِنْ نِسَائِنَا أَنَّهُنَّ مُحْتَشِمَاتٍ عَفِيفَاتٍ. سَتَرَ اللهُ عَليهِنَّ وَزَادَهُنَّ ثَبَاتًا وَتَوفِيقًا. اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَاللهُ أَكبرُ، اللهَ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ.
عِبَادَ اللهِ: لَقَدْ أَظهَرَ نَبِيُّنا مُحمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ الفَرَحَ بِالأعيَادِ فَلَبِسَ أحسنَ ثِيابهِ، وأَذِنَ لِلمُسلِمِينَ بَأَنْ يَفرَحُوا، وخيرُ الهَديُ هديُ مُحمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ. أمَّا مَا فِينا من مُشكِلاتٍ وَأَزَمَاتٍ, وَأَحْزَانٍ، وخَطَايَا، فَلا يَنْبَغِي أنْ تَمْنَعَنا من الفَرَحِ الْمَشرُوعِ، فالابتِلاءَاتُ والهُمُومُ مِن سُنَنِ اللهِ فِي خَلِيقَتِهِ! (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ).
عِبَادَ اللهِ: حَقٌّ عَلَى أَهْلِ الْإِيمَانِ أَنْ يَعِرُفوا فَضْلَ رَمَضَانَ عَلَيْهِمْ, فَشُكْرًا لَكَ يَارَبُّ على رَمَضَانَ. فَقَدْ عِشْنَا فِيهِ أَعْظَمَ مَعَانِي النَّصْرِ عَلى النَّفْسِ والشَّيطَانِ، وَأَدْرَكْنَا مَعْنَى قَولَ اللهِ تَعَالَى: (إنَّ كَيدَ الشَّيطَانِ كَانَ ضَعِيفًا). فَهَجَرْنَا الْمُلْهِيَاتِ وَأَقْبَلَنا عَلَى الصَّالِحَاتِ. وَلَقَد كَتَبَ اللهُ لنا الخيريةَ بِأَمْرِنا بالْمَعْرُوف ونَهيِنَا عن الْمُنكَرِ! وإنَّ التَّلاومَ لِوجودِ مُنكراتٍ لن يُجديَ شَيئًا، وإنَّ السُّكوتَ سَيَزِيدُ الأَمْرَ سُوءاً فَهُو مَسؤولِيَّةُ الجَمِيعِ، وَنَفْعُهُ وَخَيرُهُ لِصَالِحِ الجَمِيعِ، ألم يَقُلْ مَولانَا :(وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ). وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: مُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَدْعُونِي فَلَا أُجِيبَكُمْ وَتَسْأَلُونِي فَلَا أُعْطِيَكُمْ وَتَسْتَنْصِرُونِي فَلَا أَنْصُرَكُمْ).اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ وللهِ الحَمْدُ.
شُكْرًا لَكَ يَارَبُّ على رَمَضَانَ. فَقَدْ عَلَّمْنَا أَنْ نَعْبُدَكَ كَأَنَّنَا نَرَاكَ، فَأَعْطَانَا دُرُوسَاً عَمَلِيَّةً فِي مُرَاقَبَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، كَأنَّ وَاعِظَاً يُخَاطِبُنا بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى! فَمَا أَجْمَلَ أَنَّ تَكُونَ تِلْكَ الْمُرَاقَبَةُ مَنْهَجَ حَيَاةٍ لَنا. حُقَّ لنَا أنْ نَفرحَ بعيدِنا، فَنَحنُ في يوم الجَوائِزِ، فَيَا مَنْ أَدَّيتُمْ فَرْضَكُم وَأَطَعْتُمْ ربَّكم، وصُمتُم شَهْركُمْ، أَحْسِنُوا الظَّنَّ بِرَبِّكِمْ، وثِقُوا بِحُسْنِ جَزَائِهِ وَثوَابِهِ، وَانْشُرُوا الْمَحبَّةَ بَينَكُم، وَتَزَاورُوا وتَبَادَلُوا التَّهَانِيَ والدَّعواتِ. لا نُرِيدُ أَحَداً حَزِينًا! عِشْ مُبْتَهِجًا مُتَفَائِلاً، بإنجَازاتٍ حَقَّقتَها في رَمضَانِكَ! فَقْدْ اكْتَشَفْنَا أنَّ في نُفُوسِنَا خَيراً كَثِيراً، وأنَّنا قادِرُون بإذنِ اللهِ على فِعْلِ الكَثِيرِ لِأنْفُسِنا وَأُمَّتِنَا، فَقَدْ عِشْنَا مع القرآنِ الكريمِ تلاوةً وتدبُّرا، فأدركنا أنَّ القرآنَ الكريمَ هو النَّجاةُ والنُّورُ، وصَدَقَ اللهُ:(قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ*يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ). فلا يسوغُ لنا أنْ نتخذَهُ وَرَاءَنَا ظِهْرِيَّا. لقد علَّمنا رَمَضَانُ مَعنى البِرِّ والإحسان، فلا تَغفُلُوا عن ذَلِكَ طِيلةَ العَامِ:(وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ). شُكْرًا لَكَ يَارَبُّ على رَمَضَانَ, فَقد كَشَفَ لَنَا قُوَّةَ صَبْرِنا وعَزِيمَتَنَا على شَهَواتِنا! فَهَجَرنا القَنَواتِ الْمَاجِنَةِ, وَالْمُسَلسَلاتِ السَّخِيفَةِ الهَابِطَةِ الكَاذِبَةِ, وانْقَطَعْنا عن استِرَاحَاتٍ تضرُّ ولا تنفع! لَقَد ابْتَعَدَ كَثِيرٌ مِنْ شَبَابِنَا بحمدِ اللهِ عن الدُّخانِ والشِّيشَةِ بِأنواعِها! لأنَّهُمْ أَدْرَكُوا أنَّهُمْ أَهْلُ عَزِيمَةٍ وَقُوَّةِ إرَادَةٍ! فَمَا أَكْرَمَكَ يَا رَمَضَانُ ومَا أَعْظَمَكَ! وصدقَ اللهُ:(إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا).
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ وللهِ الحَمْدُ.
يا مُؤمِنُونَ: عِيدُنا كَريمٌ، فَاقدُرُوهُ حَقَّ قَدْرِهِ، أُعفُوا وَاصفَحُوا (أَلا تُحِبُّونَ أَن يَغفِرَ اللهُ لَكُم).استقبلوا عيدَكم بِصَفَاءِ القُلُوبِ ونَقَائِها من الشَّحناءِ والبَغضَاءِ, فَقَبْلَ حُسْنِ مَلْبَسِنا دَعوةٌ أنْ نُنَظِّفَ قُلوبَنا، اترُكُوا مَا مَضَى فَقَدْ قالَ رَسُولُنَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ، فَيُعْرِضُ هَذَا، وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمُ الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلامِ» .وَقَالَ: «لاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا، وَلاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ». فرَحِمَ اللهُ عبدًا يصِلُ رَحِمَهُ وإنْ قَطَعُوه، وَيَتَعهَّدُهم بالزِّيارةِ وإنْ جَفَوه، وهَنِيئًا لِمَن أَعَانَ على الصِّلةِ بِقَبُولِ العُذرِ وَالصَّفحِ عَنِ الزَّلاَّتِ وَالتَّغَاضِي عَنِ الهَفَوَاتِ، لا يَعرِفُ السِّبَابَ وَلا يُكثِرُ العِتَابَ.
أيُّها الأبْنَـاءُ الكِرَامُ: أُخَاطِبُكُمْ بِكُلِّ قَلْبي ، اتَّقوا اللهَ فِي وَالِدِيكُمْ، واقدُروا لهذه النِّعمَةِ قَدْرَها، واغتنموا خَيرَهُمَا وبِرَّهُمَا رَدِّدوا :(رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا).
أَيُّهَا الْوَلِيُّ: تَفَكَّرْ في مُسْتَقْبَلِ بِيتِكَ وَبَنَاتِكَ. فَأَمَامَهُنَّ مَشْرُوعُ زِوُاجٍ, وَمُسْتَقْبَلٌ بَهِيجٌ, فَتَفَطَّنْ لِذَلِكَ. وَأَنْتُمْ تُشَاهِدُونَ عُزُوفَ كَثِيرٍ مِنْ شَبَابِنَا عَن الزِّوَاجِ, وَرَفْضَ كَثِيرٍ مِنْ بَنَاتِنَا كَذَلِكَ بِحُجَجٍ وَاهِيَةٍ! وَرَسُولُنا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ". اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَاللهُ أَكبرُ، اللهَ أَكبرُ وَللهِ الحَمْدُ.
مَعَاشِرَ الأَبْنَاءِ وَالبَنَاتِ: صَلاتُكم عزِّكُم ونُورُكم، وصِلَتُكم بربِّكم وهي سَبَبٌ لانشِرَاحِ صُدورِكُم، وَتَيسيرِ أُمورِكم فَاللهَ اللهَ لا يَغلِبَنَّكُم عن الصَّلاةِ شُغلٌ ولا هَوَى، ولا شَيطَانٌ ولا قَرِينُ سُوءٍ!
يا أَمَةَ الرَّحمانِ تَيقَّظِي لِدينِكِ ومُستقبلِ حَيَاتَكِ وَعِرْضِكِ، فهُناكَ مُتَغَيِّرَاتٌ خَطِيرَةٌ تَحْدُثُ في مُجْتَمَعِنَا! فَكُونِي على خَوفٍ وَحَذَرٍ, فَكَثْرَةُ التِّجْوَالِ في الأسْواقِ وَمَوَاقِعِ الْمَشْرُوبَاتِ والجَلَسَاتِ رُبَّمَا صَارَتْ مَكَانَ فِتْنَةٍ لَكُنَّ وَبِكِنَّ, فَتَذَكَّرِي نِدَاءَ اللهِ لَكِ:( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ(.فَابْتَعِدِي عَنْ مُخَالَطَةِ الرِّجالِ وإبْدَاءِ الزِّينةِ أَمَامَهُمْ، وَتَجَمَّلي بِالحَيَاءِ وَتزَيَّنِي بِالسِّترِ، وَاحذَرِي الْمَلابِسَ الفَاتِنَةَ، وَالأمَاكِنَ الْمَوبُوءَةَ, وَمَوَاقِعَ التَّوَاصُلِ الْمَشْبُوهَةِ فَإِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ. اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ وللهِ الحَمْدُ.
عِبَادَ اللهِ: حَافِظُوا على صِيَامِ سِتٍّ من شَوَّالٍ، فَقَدْ قَالَ رَسُولُنَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ» واتْرُكُوا الْمُشَكِّكِينَ والْمُخَذِّلِينَ فَقَولُ الرَّسُولِ الكَرِيمِ أَتَمُّ وَأَحْكَمُ! ثُمَّ استَقِيموا على العَمَلِ الصَّالحِ وَاثْبُتُوا على الطَّاعَةِ، وانْطَلِقُوا بِعِيدِكُمْ مُبْتَهِجِينَ مُسْتَبشِرِينَ وَقَابِلوا أَهلِيكُم وأَصْحَابِكُمْ وَجِيرَانِكُم وَالعَمَالَةِ الوَافِدَةِ بِالبِشْرِ والتِّرْحَابِ، ولا يعكِّرْ عليكَ الشَّيطانُ عيدَك! وكانَ مِن هَدْي النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مُخَالَفةُ الطَّريقِ في العيدِ،
عِبَادَ اللهِ: مِنْ مِنْبِرِ الْعِيدِ نُوَجِّهُ بُشْرَى لِمَنْ كَانَ مُرَابِطًا بِخِدْمَةِ إخْوانِهِ مِن رِجَالِ الأَمْنِ, أَو بالْمُستَشفَيَاتِ بِأَنَّكُمْ عَلى خَيرٍ وَعِبَادَةٍ وَبِرٍّ وَإحْسَانٍ فَمَا حَبَسَكُمْ إلَّا الْعُذْرُ, فَأَنْتُمْ شُرَكَاءٌ لِلْمُتَعَبِّدِينَ! فَحِينَ سَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لِغَزْوَةِ تَبُوكَ تَخَلَّفَ أُنَاسٌ بِالْمَدِينَةِ مِنْ عُذْرٍ فَقَالَ عَنْهُمْ مُعْتَذِرًا لَهُمْ وَمُبَشِّرًا لَهُمْ: (إِنَّ بِالْمَدِينَةِ لَرِجَالاً مَا سِرْتُمْ مَسِيراً، وَلاَ قَطَعْتُمْ وَادِياً, إِلاَّ وَهُمْ مَعَنَا، إِلاَّ شَركُوكُمْ في الأَجْرِ, حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ, حَبَسَهُمْ الْمرَضُ). فَكَتَبَ اللهُ أَجْرَكُمْ وَأَدَامَ عَلَيكُمْ الصِّحَةَ والْهَنَاءَ والْعَطَاءَ. أيُّها الْمُسلِمونَ: مَن كانَ يَعبدُ رَمضانَ فإنَّهُ قد فَاتَ, ومَن كانَ يَعبُدُ ربَّ رَمضَانَ، فإنَّهُ حيٌّ لا يموتُ. فيا مَنْ عَهدناكَ في رمضانَ مُنيباً تَائِباً, مُحافِظاً على صَلواتِكَ, باذِلاً سَخِيَّاً! أَتُرَاكَ بَعْدَ مَا ذُقْتَ حَلاوةَ الإيمانِ تعودُ لِمَرارةِ العِصيانِ! فاستعذْ باللهِ مِن الحَورِ بعدَ الكَوْرِ, ومن الضلالةِ بعدَ الهدايةِ, ردِّدْ: (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوهَّابُ). فاللهم إنَّا نسألكَ بركاتِ هذا العيدِ وجوائزِهِ. اجعل عيدَنا فوزاً برضاكَ والجنَّةَ. اللهم اجعلنا ممن قبلت صيامَه وقيامَه وأعمالَه فأعتقت رقابَهم من النَّار. اللهم أدم علينا نعمة الأمن والإيمان, اللهم اغفر لنا ولِولِدِينا وجمع المسلمينَ, وفِّق وليَّ أمرِنَا لِما تُحبُّ وترضى. وَاجْزِهِمْ خَيرًا على خِدْمَةِ الإسْلامِ وَالْمُسْلِمِينَ. وأصلح أحوال المسلمين, وهيئ لهم قادَةً صالِحينَ مُصلِحينَ, اللهم احفظ حُدُودَنا وجُنودَنا. اللهُمَّ مَنْ أَرَدَ دِينَنَا وَبِلادَنَا وَأمْنَنَا وَأخْلاقَنَا بِسُوءٍ فَأشْغِلْهُ فِي نَفْسِهِ وَاجْعَلْ كَيدَهُ في نحْرِهِ يَارَبَّ الْعَالَمِينَ. اللهم انصر إخواننا الْمُستضعفينَ في كُلِّ مكانٍ ياربَّ العالَمينَ, اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمينَ والمسلماتِ الأحياء منهم والأمواتِ. اللهم واجعل مستقبلنا خيرا من ماضينا وتوفَّنا وأنت راضٍ عنا يا كريمُ: (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار (. (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ. وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).
 
المشاهدات 1046 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا