يا ترى ماالذي أضعف ايماننا ؟

محسن الشامي
1435/02/08 - 2013/12/11 22:05PM
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ادى الأمانة وبلغ الرسالة وجاهد في الله حق جهاده حتى اتاه اليقين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه اجمعين أما بعد عباد الله اتقوا الله تعالى حق التقوى وأعلموا أن اجسادكم على النار لا تقوى {يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله }
أيها المؤمنون:إِنَّ نِعَمَ اللهِ تَعَالَى عَلَيْنَا كَثِيرَةٌ وَمُتَنَوِّعَةٌ وَأَعْظَمُهَا نِعْمَةُ الإِيمَانِ فهي والله افضل نعمة وأعظم منة امتن بها الله على عباده قال تعالى{يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} وقال صلى الله عليه وسلم (إن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الإيمان إلا من أحب) صححه الألباني وَمِمَّا لاَ شَكَّ فِيهِ أَنَّ الإِيمَانَ يَزِيدُ وَيَقْوَى بِالطَّاعَةِ وَيَنْقُصُ وَيَضْعُفُ بِالْمَعْصِيَةِ يزيد بالطاعة حتى يصبح الإنسانُ من المقربين إلى ربه جل جلاله، وينقص بالمعصية حتى لا يبقى منه إلا ذرة أو ينعدم فيخرج المرء من ملة الإسلام والعياذ بالله وضعف الإيمان له أسباب وهذا هو موضوع خطبتنا لهذه الجمعة:

فمِنْ أسباب ضعف الإيمان الابتعادُ عن الأجواء الإيمانية فترة طويلة وهذا مدعاة لضعف الإيمان في النفس يقول الله عز وجل {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون} والابتعاد عن مساجد الجماعة فلا يصلي إلا في بيته الابتعاد عن مجالس الذكر والوعظ بل وحتى الاعراض عن سماع الأشرطة الدينية كل هذا يضعف الإيمان قال صلى الله عليه وسلم:(إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية) صححه الألباني
ومن أسباب ضعف الإيمان: الابتعاد عن القدوات الصالحة وإن شئت فقل الابتعاد عن مجالسة الأخيار الصالحين الذين يذكرونك بالله تعال قال تعالى{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}قال صلى الله عليه وسلم «الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ»رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ r يَقُولُ:«لاَ تُصَاحِبْ إِلاَّ مُؤْمِناً وَلاَ يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلاَّ تَقِيٌّ»أَخْرَجَهُ أَبُودَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ قَتَادَةُ (إِنَّا وَاللهِ مَا رَأَيْنَا الرَّجُلَ يُصَاحِبُ مِنَ النَّاسِ إِلاَّ مِثْلَهُ وَشَكْلَهُ فَصَاحِبُوا الصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِ اللهِ لَعَلَّكُمْ أَنْ تَكُونُوا مَعَهُمْ أَوْ مِثْلَهُمْ» وفي الصحيحين عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِفَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً» عَنِ الْمَرْءِ لاَ تَسْأَلْ وَسَلْ عَنْ قَرِينِهِ فَكُلُّ قَرِينٍ بِالْمُقَارِنِ يَقْتَدِي.
وَمِنْ أَسْبَابِ ضَعْفِ الإِيمَانِ وُجُودُ الإِنْسَانِ الْمُسْلِمِ فِي وَسَطٍ يَعِجُّ بِالْمَعَاصِي فَهَذَا يَتَبَاهَى بِمَعْصِيَةٍ ارْتَكَبَهَا، وَآخَرُ يَتَرَنَّمُ بِأَلْحَانِ أُغْنِيَةٍ وَكَلِمَاتِهَا، وَثَالِثٌ يُدَخِّنُ، وَرَابِعٌ يَتَلَهَّى بِمَجَلَّةٍ مَاجِنَةٍ وَخَامِسٌ لِسَانُهُ مُنْطَلِقٌ بِاللَّعْنِ وَالسِّبَابِ وَالشَّتَائِمِ وَأَمَّا الْقِيلُ وَالْقَالُ وَالْغِيبَةُ وَالنَّمِيمَةُ فَمِمَّا لاَ يُحْصَى كَثْرَةً وَالْعِيَاذُ بِاللهِ
ومن أسباب ضعف الإيمان:التساهل في النظر إلى القنوات ووالله إن هذا السبب من أعظم أسباب ضعف الإيمانلمن عرف واقع الناس ماذا تبث القنوات ؟ صور عارية ، وملابس فاضحة رقص وغناءوتعري أفلام ماجنة إلى غير تلك المدمِّرات للإيمان.يا صاحب الإيمانأتظن أنك ستحصّل خيراً عندما تنظرإلى تلك القنوات يا ترى هل سيخشع قلبك ؟وهل ستدمع عينك ؟ وهل ستحافظ على الصلاة.؟ يا أهل الإيمان كم من قناةٍ دمّرت حصون الإيمان وكم من مشهد في فلمكان سبباً لدخول النيران ، وكم من برنامج كان هو بداية الهلاك والانحلال من الدينإنها القنوات صانعة الشهوات بسببها انتشرت الفواحش والمنكرات لأجل القنوات فقد كثير من الشباب العفة وتلطخ بالزنا واللواط فهذا نداء إلى كل أب أخرج تلك القنوات التي دمَّرت إيمانكودمرت أبنائك وبناتك وتذكر أنك ميت وأن القبر مسكنك وبين يدي الله موقفك وأعمالك سوف تفضحك أخرج القنوات قبل أن تخرج روحك إلى فاطر الأرضوالسماوات فيا ترى ماذا سيكون حالك ؟ وماذا سيكون ردك عند السؤال { فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ} .
وَمِنْ أَسْبَابِ ضَعْفِ الإِيمَانِ الإِغْرَاقُ فِي الاِشْتِغَالِ بِالدُّنْيَا حَتَّى يُصْبِحَ الْقَلْبُ عَبْدًا لَهَا؛ يَقُولُ سُبْحَانَهُ مُبَيِّناً قِيمَةَ الدُّنْيَا: )اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ(وَيَقُولُ النَّبِيُّ r «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَالْقَطِيفَةِ وَالْخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَهَذِهِ الظَّاهِرَةُ وَاضِحَةٌ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ الَّتِي عَمَّ فِيهَا الطَّمَعُ الْمَادِيُّ وَالْجَشَعُ فِي حُطَامِ الدُّنْيَا، وَصَارَ النَّاسُ يَرْكُضُونَ وَرَاءَ التِّجَارَاتِ وَانْشَغَلُوا بِهَا عَنِ الْعِبَادَاتِ وَالطَّاعَاتِ وَهَذَا مِصْدَاقُ مَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ r،حَيْثُ قَالَ r:«لَوْ أَنَّ ابْنَ آدَمَ أُعْطِيَ وَادِيًا مَلآناً مِنْ ذَهَبٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ ثَانِيًا، وَلَوْ أُعْطِيَ ثَانِيًا أَحَبَّ إِلَيْهِ ثَالِثًا وَلاَ يَسُدُّ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلاَّ التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ»رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عن ابن عباس رضي الله عنهما أن عمر دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو على حصير قد أثر في جنبه فقال يا رسول الله لو اتخذت فراشا أوثر من هذا فقال (مَا لِي وَلِلدُّنْيَا مَا مَثَلِي وَمَثَلُ الدُّنْيَا إِلَّا كَرَاكِبٍ سَارَ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ فَاسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا) صححه الألباني اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الإِيمَانَ وَزَيِّنْهُ فِي قُلُوبِنَا وَكَرِّهْ إِلَيْنَا الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ وَاجْعَلْنَا مِنَ الرَّاشِدِينَ بارك الله لي ولكم


الخطبة الثانية:

الْحَمْدُ للهِ بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ والصلاة والسلام على أَفْضَلُ الْبَرِيَّاتِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اقْتَفَى أَثَرَهُمْ مَا دَامَتِ الأَرْضُ وَالسَّمَاوَاتُ اما بعد عباد الله اتقوا الله واعلموا أن مِنْ أَسْبَابِ ضَعْفِ الإِيمَانِ وَقَسْوَةِ الْقَلْبِ الإِفْرَاطُ فِي الأَكْلِ وَالنَّوْمِ وَالسَّهَرِ وَالْكَلاَمِ وَالْخُلْطَةِ وَكَثْرَةِ الضَّحِكِ فَكَثْرَةُ الأَكْلِ تُبَلِّدُ الذِّهْنَ وَتُثْقِلُ الْبَدَنَ عَنْ طَاعَةِ الرَّحْمَنِ وَتُغَذِّي مَجَارِيَ الشَّيْطَانِ فِي الإِنْسَانِ أَمَّا الإِفْرَاطُ فِي الْكَلاَمِ فَيُقَسِّي الْقَلْبَ وَالإِفْرَاطُ فِي مُخَالَطَةِ النَّاسِ تَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَمُحَاسَبَةِ نَفْسِهِ وَالْخَلْوَةِ بِهَا وَالنَّظَرِ فِي تَدْبِيرِ أَمْرِهَا وَكَثْرَةُ الضَّحِكِ تَقْضِي عَلَى مَادَّةِ الْحَيَاةِ فِي الْقَلْبِ فَيَمُوتُ يَقُولُ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ وَلاَ تُكْثِرِ الضَّحِكَ فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ»
وَمِنْ أَسْبَابِ ضَعْفِ الإِيمَانِ طُولُ الأَمَلِ قَالَ اللهُ تَعَالَى)ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ( وَقَالَ عَلِيٌّ t: «إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيكُمُ اتِّبَاعُ الْهَوَى وَطُولُ الأَمَلِ فَأَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوَى فَيَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ وَأَمَّا طُولُ الأَمَلِ فَيُنْسِي الآخِرَةَ»وَيَتَوَلَّدُ مِنْ طُولِ الأَمَلِ الْكَسَلُ عَنِ الطَّاعَةِ وَالتَّسْوِيفُ وَالرَّغْبَةُ فِي الدُّنْيَا وَالنِّسْيَانُ لِلآخِرَةِ وَالْقَسْوَةُ فِي الْقَلْبِ؛ لأَنَّ رِقَّتَهُ وَصَفَاءَهُ إِنَّمَا يَقَعُ بِتَذَكُّرِ الْمَوْتِ وَالْقَبْرِ وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ وَأَهْوَالِ الْقِيَامَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى)فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ( وَقِيلَ مَن قَصُرَ أَمَلُهُ قَلَّ هَمُّهُ وَتَنَوَّرَ قَلْبُهُ لأِنَّهُ إِذَا اسْتَحْضَرَ الْمَوْتَ اجْتَهَدَ فِي الطَّاعَةِ.
الا فاتقوا الله عباد الله واسألوا الله أن يجدد الايمان في قلوبكم فقد أمركم نبيكم r:بذلك فقال «إِنَّ الإِيمَانَ لَيَخْلَقُ فِي جَوْفِ أَحَدِكُمْ كَمَا يَخْلَقُ الثَّوْبُ، فَاسْأَلُوا اللهَ أَنْ يُجَدِّدَ الإِيمَانَ فِي قُلُوبِكُمْ»
عباد الله أَسْبَابَ ضَعْفِ الإِيمَانِ كَثِيرَةٌ يَصْعُبُ حَصْرُهَا، وحسبنا ما ذكرنا وقد يسأل أحدنا هل لنقص الايمان علامات ؟ نقول نعم لنقص الإيمان علامات يعرف الانسان من خلالها ضعف ايمانه وهذا ما سيأتي معنا في الجمعة القادمة إن شاء الله
المشاهدات 1991 | التعليقات 0