{وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ}
د عبدالعزيز التويجري
1443/05/26 - 2021/12/30 14:22PM
خطبة الأولى: {وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ} 27 – 5- 1443
الحمدلله الذي يطعم ولا يطعم ، من علينا فهدنا وأطعمنا وسقانا ..
لكَ الحمدُ كمْ قلدتنا منْ صنيعةٍ ** وأبدلتنا بالعسرِ ياسيدي يسرا
لكَ الحمدُ كمْ منْعثرةٍ قدْ أقلتنا ** ومنْ زلةٍ ألبستنا معها سترا
لكَ الحمدُ حمداً ينسخُ الفقرُ بالغنى ** إذا حزتُ يا مولاي بعدَ الغنى فقرا
وأشهد أن محمد أن محمدا عبدالله ورسوله أعظم من شكر ربه صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه وازواجه ومن تبعهم لإحسان إلى يوم الدين وسلم تسلميما مزيدا .. أما بعد ( يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبو بكرة وأصيلا )
ليس يبلغ بشر بكلامه درجة الثناء الكامل لله، أو المدح الكامل له تعالى, إلا ما اثنى الله تعالى على نفسه بنفسه.
هو الله الَّذي لا إله غيره، له ملكوت كلِّ شيء في السموات والأرض، يعطي بفضله وعطائه من شاء من عباده ، يده سحاء الليل والنهار ، ألم تروا إلى ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض فإنه لم يغض ما في يمينه .
لا مانع لما اعطى ولا معطي لما منع .. بسط الخير والعطاء لعباده حتى رؤا آلائه ظاهرة .
نشر رحمته، وبسط نعمته، وأتاح منّته،. فبعث الرياح لواقح، وأرسل الغمام سوافح؛ بماء رواء غدقا، من سماء طبقا. استهلّ جفنها فدمع، ، واصاب وبلها الأرض فنقع. فاستوفت الأرض ريّا، واستكملت من نباتها أثاثا وريّا؛
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجي سحاباً ثم يؤلِّفُ بينه ثم يجعله ركاماً فترى الوَدْقَ يخرجُ مِنْ خِلالِهِ)
غمائمٌ في نواحي الجوِّ عاليةٌ ** جُعْــدٌ تحدَّرَ منها وابلٌ سبـــــــــــــــط
والبرقُ يظهرُ في لألأءِ طَلْعَتِهِ ** قاضٍ من المزن في أحكامِهِ شطط
والأرضُ تبسطُ في خدّ الثرى ورقاً ** كما تُنَشَّرُ في حافاتـــه البســــط
هذا الغيث والخير والعطاء .. يأتي بمر الله عز وجل ، ولا يعلم وقت نزلولِه ومكانِه إلا اللهُ جل جلاله ، في الصحيحن قال عليه الصلاة والسلام خمس لا يعلمهن إلا الله، ثم تلا: {إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير}.
وميكائيل ملك عظيم موكل بنزول المطر، يسوق السحاب حيث أمره الله. كما جاء في الحديث الذي اخرجه الإمام احمد .
والله يبتلي عباده بالضراء لعلهم يلتجئون ويتضرعون ، وبالسراء لعلهم يشكرون .
أصاب المدينة قحط على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . فدخل رجل المسجد فقال يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتِ الْأَمْوَالُ وَانْقَطَعْتِ السُّبُلُ فَادْعُ اللَّهَ يُغِيثُنَا، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، ثلاثا . قَالَ أَنَسٌ: وَلَا وَاللَّهِ، مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ، وَلَا قَزَعَةً: فَطَلَعَتْ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ ، فَلَمَّا تَوَسَّطَتِ السَّمَاءَ انْتَشَرَتْ ثُمَّ أَمْطَرَتْ فَلَا وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا الشَّمْسَ سِبتًّا . اخرجه البخاري .
إنه لا يعلم بحاجة العباد إلا الله ، ولا ينزل الغيث إلا الله .(وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ)
في أوقات الازمات والشدائد ليس للمرء إلا الرجوع إلى الله والاستكانة إليه والتضرع إليه تضرع ودعاء وإخبات .
أصاب المدينة وما حولها من البوادي في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه مجاعة وقحط لم تعرفها العرب في تاريخها،
قال ابن كثير فلما طال الامد على عمر كتب إلى أمراء الأمصار يستغيثهم الغوث الغوث فكتب إليه أبو موسى بالبصرة إنه لا يغيث العباد إلا الله، ولا يسع رزقهم إلا ربهم ، فنادى عمر في الناس للاستسقاء وَخَرَجَ مَعَهُ الْعَبَّاسُ مَاشِيًا، فَصلى عمر ثم خطب وَأَوْجَزَ ، فأَخَذَ بِيَدِ الْعَبَّاسِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ ، فقال أدع الله لنا ، فرفع العبَّاس يديه ، وكان قد طال عمرُه ورقَّ عظمُه، فجعلت عيناه تذرفان، وهو يقول: "اللهمَّ أنت الراعي فلا تُهملِ الضالَّة، ولا تَدعِ الكسير بدار مضيعة، فقد صرَخ الصغير، ورقَّ الكبير، وارتفعتِ الشَّكْوى، وأنت تعلم السِّرَّ وأخفى، فأغثنا وأغْنِنا بغناك". قال فما برحوا مكانهم حتى مطروا، فقدم أعراب، فقالوا: يا أمير المؤمنين، بينا نحن في وادينا إذ أظلتنا غمامة، فسمعنا منها صوتاً: أتاك الغوث أبا حفص، أتاك الغوث أبا حفص". .
قَالَ الإمام الشَّافِعِيُّ رحمه الله: أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أن عمر بن الخطاب أَنْفَقَ عَلَى أَهْلِ البوادي حَتَّى وَقَعَ المَطَرٌ، فَتَرَحَّلُوا، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ عُمَرُ ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ يَتَرَحَّلُونَ بِظَعَائِنِهِمْ، فَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ، فَقَالَ رَجُلٌ: أَشْهَدُ أَنَّهَا انْحَسَرَتْ عَنْكَ، وَلَسْتَ بِابْنِ أَمَةٍ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: وَيْلَكَ ذَلِكَ لَوْ كُنْتُ أَنْفَقْتُ عَلَيْهِمْ مِنْ مَالِي أَوْ مِنْ مَالِ الْخَطَّابِ، إِنَّمَا أَنْفَقْتُ عَلَيْهِمْ مِنْ مَالِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ .
{وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ}
أقول هذا القول واستغفر الله لي ولكم وللمسلمين فاستغفروه إن ربي رحيم ودود
الحمدُ لله وكفى، والصلاة والسلام على عبده المصطَفى، وعلى آله وصحبه ومَن اجتبى... أما بعد:
إذا علمنا أنه لا يرفع الكرب إلا الله ، ولا ينزل الغيث إلا الله ، وجب علينا تعظيم الله وذكره وشكره ودعائه ، والاعتراف بنعمه، والمحافظة على حدوده، إقامة الصلاة لوقتها حيث ينادا لها.
مُطر المسلمون يوم الحديبية ، فلما صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَاةَ الصُّبْحِ انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ » قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ، فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا، فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي وَمُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ» .
وروى البخاري في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي r كان إذا رأى المطر قال: «اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا»
وروى مسلم في صحيحه من حديث أنس رضي اللهُ عنه قال: أَصَابَنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r مَطَرٌ قَالَ: فَحَسَرَ رَسُولُ اللَّهِ r ثَوْبَهُ، حَتَّى أَصَابَهُ مِنَ الْمَطَرِ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لِمَ صَنَعْتَ هَذَا؟ قَالَ: «لِأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ تَعَالَى».
كما يشرع للمسلم الذكر عند سماع الرعد لما رواه مالك في الموطأ من حديث عبد اللَّه بن الزبير: أنه كان إذا سمع الرعد ترك الحديث وقال: سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته، ثم يقول: إن هذا لَوَعيد لأهل الأرض شديد .
روى الترمذي في سننه من حديث ابن عباس رضي اللهُ عنهما أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «الرَّعدُ مَلَكٌ مِن مَلَائِكَةِ اللَّهِ، مُوَكَّلٌ بِالسَّحَابِ مَعَهُ مَخَارِيقُ مِن نَارٍ يَسُوقُ بِهَا السَّحَابَ حَيثُ شَاءَ اللَّهُ» .
وقد يسقي هذا الملك بأمر اللَّه بلاداً دون بلاد، أو قريةً دون أخرى، وقد يؤمر بأن يسقي زرع رجلِ واحد دون سواه، كما جاء ذلك في صحيح مسلم
اللهم زدنا من خيرك وبرك وأحسانك وجعلنا لنعمك شاكرين ولأوامرك ممتثلين ، ولنواهيك منتهين .
الحمدلله الذي يطعم ولا يطعم ، من علينا فهدنا وأطعمنا وسقانا ..
لكَ الحمدُ كمْ قلدتنا منْ صنيعةٍ ** وأبدلتنا بالعسرِ ياسيدي يسرا
لكَ الحمدُ كمْ منْعثرةٍ قدْ أقلتنا ** ومنْ زلةٍ ألبستنا معها سترا
لكَ الحمدُ حمداً ينسخُ الفقرُ بالغنى ** إذا حزتُ يا مولاي بعدَ الغنى فقرا
وأشهد أن محمد أن محمدا عبدالله ورسوله أعظم من شكر ربه صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه وازواجه ومن تبعهم لإحسان إلى يوم الدين وسلم تسلميما مزيدا .. أما بعد ( يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبو بكرة وأصيلا )
ليس يبلغ بشر بكلامه درجة الثناء الكامل لله، أو المدح الكامل له تعالى, إلا ما اثنى الله تعالى على نفسه بنفسه.
هو الله الَّذي لا إله غيره، له ملكوت كلِّ شيء في السموات والأرض، يعطي بفضله وعطائه من شاء من عباده ، يده سحاء الليل والنهار ، ألم تروا إلى ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض فإنه لم يغض ما في يمينه .
لا مانع لما اعطى ولا معطي لما منع .. بسط الخير والعطاء لعباده حتى رؤا آلائه ظاهرة .
نشر رحمته، وبسط نعمته، وأتاح منّته،. فبعث الرياح لواقح، وأرسل الغمام سوافح؛ بماء رواء غدقا، من سماء طبقا. استهلّ جفنها فدمع، ، واصاب وبلها الأرض فنقع. فاستوفت الأرض ريّا، واستكملت من نباتها أثاثا وريّا؛
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجي سحاباً ثم يؤلِّفُ بينه ثم يجعله ركاماً فترى الوَدْقَ يخرجُ مِنْ خِلالِهِ)
غمائمٌ في نواحي الجوِّ عاليةٌ ** جُعْــدٌ تحدَّرَ منها وابلٌ سبـــــــــــــــط
والبرقُ يظهرُ في لألأءِ طَلْعَتِهِ ** قاضٍ من المزن في أحكامِهِ شطط
والأرضُ تبسطُ في خدّ الثرى ورقاً ** كما تُنَشَّرُ في حافاتـــه البســــط
هذا الغيث والخير والعطاء .. يأتي بمر الله عز وجل ، ولا يعلم وقت نزلولِه ومكانِه إلا اللهُ جل جلاله ، في الصحيحن قال عليه الصلاة والسلام خمس لا يعلمهن إلا الله، ثم تلا: {إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير}.
وميكائيل ملك عظيم موكل بنزول المطر، يسوق السحاب حيث أمره الله. كما جاء في الحديث الذي اخرجه الإمام احمد .
والله يبتلي عباده بالضراء لعلهم يلتجئون ويتضرعون ، وبالسراء لعلهم يشكرون .
أصاب المدينة قحط على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . فدخل رجل المسجد فقال يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتِ الْأَمْوَالُ وَانْقَطَعْتِ السُّبُلُ فَادْعُ اللَّهَ يُغِيثُنَا، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، ثلاثا . قَالَ أَنَسٌ: وَلَا وَاللَّهِ، مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ، وَلَا قَزَعَةً: فَطَلَعَتْ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ ، فَلَمَّا تَوَسَّطَتِ السَّمَاءَ انْتَشَرَتْ ثُمَّ أَمْطَرَتْ فَلَا وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا الشَّمْسَ سِبتًّا . اخرجه البخاري .
إنه لا يعلم بحاجة العباد إلا الله ، ولا ينزل الغيث إلا الله .(وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ)
في أوقات الازمات والشدائد ليس للمرء إلا الرجوع إلى الله والاستكانة إليه والتضرع إليه تضرع ودعاء وإخبات .
أصاب المدينة وما حولها من البوادي في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه مجاعة وقحط لم تعرفها العرب في تاريخها،
قال ابن كثير فلما طال الامد على عمر كتب إلى أمراء الأمصار يستغيثهم الغوث الغوث فكتب إليه أبو موسى بالبصرة إنه لا يغيث العباد إلا الله، ولا يسع رزقهم إلا ربهم ، فنادى عمر في الناس للاستسقاء وَخَرَجَ مَعَهُ الْعَبَّاسُ مَاشِيًا، فَصلى عمر ثم خطب وَأَوْجَزَ ، فأَخَذَ بِيَدِ الْعَبَّاسِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ ، فقال أدع الله لنا ، فرفع العبَّاس يديه ، وكان قد طال عمرُه ورقَّ عظمُه، فجعلت عيناه تذرفان، وهو يقول: "اللهمَّ أنت الراعي فلا تُهملِ الضالَّة، ولا تَدعِ الكسير بدار مضيعة، فقد صرَخ الصغير، ورقَّ الكبير، وارتفعتِ الشَّكْوى، وأنت تعلم السِّرَّ وأخفى، فأغثنا وأغْنِنا بغناك". قال فما برحوا مكانهم حتى مطروا، فقدم أعراب، فقالوا: يا أمير المؤمنين، بينا نحن في وادينا إذ أظلتنا غمامة، فسمعنا منها صوتاً: أتاك الغوث أبا حفص، أتاك الغوث أبا حفص". .
قَالَ الإمام الشَّافِعِيُّ رحمه الله: أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أن عمر بن الخطاب أَنْفَقَ عَلَى أَهْلِ البوادي حَتَّى وَقَعَ المَطَرٌ، فَتَرَحَّلُوا، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ عُمَرُ ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ يَتَرَحَّلُونَ بِظَعَائِنِهِمْ، فَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ، فَقَالَ رَجُلٌ: أَشْهَدُ أَنَّهَا انْحَسَرَتْ عَنْكَ، وَلَسْتَ بِابْنِ أَمَةٍ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: وَيْلَكَ ذَلِكَ لَوْ كُنْتُ أَنْفَقْتُ عَلَيْهِمْ مِنْ مَالِي أَوْ مِنْ مَالِ الْخَطَّابِ، إِنَّمَا أَنْفَقْتُ عَلَيْهِمْ مِنْ مَالِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ .
{وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ}
أقول هذا القول واستغفر الله لي ولكم وللمسلمين فاستغفروه إن ربي رحيم ودود
الحمدُ لله وكفى، والصلاة والسلام على عبده المصطَفى، وعلى آله وصحبه ومَن اجتبى... أما بعد:
إذا علمنا أنه لا يرفع الكرب إلا الله ، ولا ينزل الغيث إلا الله ، وجب علينا تعظيم الله وذكره وشكره ودعائه ، والاعتراف بنعمه، والمحافظة على حدوده، إقامة الصلاة لوقتها حيث ينادا لها.
مُطر المسلمون يوم الحديبية ، فلما صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَاةَ الصُّبْحِ انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ » قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ، فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا، فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي وَمُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ» .
وروى البخاري في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي r كان إذا رأى المطر قال: «اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا»
وروى مسلم في صحيحه من حديث أنس رضي اللهُ عنه قال: أَصَابَنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r مَطَرٌ قَالَ: فَحَسَرَ رَسُولُ اللَّهِ r ثَوْبَهُ، حَتَّى أَصَابَهُ مِنَ الْمَطَرِ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لِمَ صَنَعْتَ هَذَا؟ قَالَ: «لِأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ تَعَالَى».
كما يشرع للمسلم الذكر عند سماع الرعد لما رواه مالك في الموطأ من حديث عبد اللَّه بن الزبير: أنه كان إذا سمع الرعد ترك الحديث وقال: سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته، ثم يقول: إن هذا لَوَعيد لأهل الأرض شديد .
روى الترمذي في سننه من حديث ابن عباس رضي اللهُ عنهما أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «الرَّعدُ مَلَكٌ مِن مَلَائِكَةِ اللَّهِ، مُوَكَّلٌ بِالسَّحَابِ مَعَهُ مَخَارِيقُ مِن نَارٍ يَسُوقُ بِهَا السَّحَابَ حَيثُ شَاءَ اللَّهُ» .
وقد يسقي هذا الملك بأمر اللَّه بلاداً دون بلاد، أو قريةً دون أخرى، وقد يؤمر بأن يسقي زرع رجلِ واحد دون سواه، كما جاء ذلك في صحيح مسلم
اللهم زدنا من خيرك وبرك وأحسانك وجعلنا لنعمك شاكرين ولأوامرك ممتثلين ، ولنواهيك منتهين .
المرفقات
1640874111_وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ.docx
1640874118_وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ.pdf