ويعرف حق كبيرنا

الشيخ فهد بن حمد الحوشان
1446/04/07 - 2024/10/10 21:46PM
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وسَلَّمَ تسليمًا كثيرًا أَمَّا بَعْد فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللهِ (( وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )) واعلموا أنَّ من الآداب العظيمة والخصال الكريمة التي دعا إليها الشرع ورغب فيها مُراعَاةُ قَدْرِ كِبارِ السِّنِّ ومَعرفةُ حَقِّهِمْ وحِفظُ وَاجِبِهِمْ والتَّأدُّبُ مَعهُم ومَعرفَةُ مَا لَهم مِن حُقُوقٍ ووَاجِبَاتٍ روى أبو داود في سننه من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبيﷺ قال ( إنَّ من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن غير الغالي فيه ولا الجافي عنه وإكرام ذي السلطان المقسط ) وحث النبي  على احترام الكبير وتوقيره عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي ﷺ قال ( ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا ) حديث حسن صحيح رواه الترمذي وإذَا احتَرَمْنَا الكَبيرَ ورَعَينَا حَقَّهُ يَسَّرَ اللهُ تعَالى لنَا في كِبَرِنَا مَن يَرعَى حُقُوقَنَا فعن أنس رضي الله عنه قال قال ﷺ ( ما أكرم شابٌّ شيخًا لسِنِّه إلا قيَّض الله له مَن يُكرمه عند سِنِّه ) وَفِي بَذْلِ الْإِحْسَانِ لِلشَيخِ الكَبِيرِ ثَوَابٌ مُعَجَّلٌ للِعَبْدِ فِي الدُّنْيَا إِحْسَانًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِلْعَبْدِ غَيْرَ الثَّوَابِ الْمُدَّخَرِ لَهُ فِي الْآخِرَةِ وَهَذِهِ سُنَّةِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ يَجْزِي بِالْإِحْسَانِ إِحْسَاناً كَمَا قَالَ عَزَّ وجَلَّ (( هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ))
أَيُّهَا الإِخْوَةُ إنَّ مَراحِلَ حَياةِ الإِنسانِ إنَّمَا هِيَ قُوةٌ بَينَ ضَعْفَيْنِ وقَد عَبَّرَ القُرآنُ الكَريمُ عَن ذَلكَ في قَولِه تَعالَى (( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ )) ومما لا شك فيه أنَّ الكبير بحاجة إلى عناية وخدمة في كِبَرِهِ وتأملوا رعاكم الله قول رسول الله ﷺ ( ويعرف حق كبيرنا ) فإن هذا أساس عظيم لا بد منه في القيام بحقوق كبار السن وتأدية واجباتهم و معرفة مكانتهم وقدرهم وعظيم حقهم ومن حق الكبير بَدْؤُهُ بِالْسَّلَامِ وَتَقْدِيْمُهُ فِي الْمَجْلِسِ وَفِي الْكَلَاَمِ وَالدُّعَاءُ لَهُ بِطُوْلِ الْعُمُرِ عَلَى الطَاعَةِ وَالتَّمَتُّعِ بِالصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ وَمِنْ حَقِّ كبير السن تَوْعِيَتُهُ بِمَا يَحْفَظُ عليه صِحَّتَهُ وَتَعْرِيفُهُ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي يَحْتَاجُ إِلَيهَا فِي عِبَادَتِهِ وَشُؤونِ حَيَاتِهِ وَمِنْ حَقِّ كبير السن أن يعيش مع أسرته كي يبره أبناؤه وأحفاده وتَوْفِيرُ حَاجَاتِهِ الضرورية مِنْ مَلْبَسٍ وَدَوَاءٍ وَطَعَامٍ وفراش أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ )) بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكمْ فِي الكِتَابِ وَالسُّنَةِ وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِمَا مِنَ الآيَاتِ وَالحِكْمَةِ أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ فَاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إِلَيهِ إنَّه هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ
الحَمْدُ لله عَلَى إِحْسَانِهِ وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا أَمَّاْ بَعْدُ فاتَّقوا اللهَ عِبَادَ اللهِ واعْلَمُوا أَنَّ من أعظم من يجب علينا إكرامهم والإحسان إليهم هم الوالدان لاسيما عند الكِبَر قال تعالى (( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ))
قال الشيخ العلامة محمد ابن عثيمين رحمه الله تعالى : وبر الوالدين يكون ببذل المعروف والإحسان إليهما بالقول والفعل والمال أما الإحسان إليهما بالقول بأن يخاطبا باللين واللطف مستصحباً كل لفظ يدل على اللين والتكريم وأما الإحسان بالفعل بأن تخدمهما ببدنك ما استطعت من قضاء الحوائج والمساعدة على شؤونهما وتيسير أمورهما وطاعتهما في غير ما يضرك في دينك أو دنياك ثم الإحسان بالمال بأن تبذل لهما من مالك كل ما يحتاجان إليه طيبة به نفسك منشرحاً به صدرك غير متبع له بمنة بل تبذله وأنت ترى أن المنة لهما في قبوله والانتفاع به . ا.هـ هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيّكُمْ فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ فقالَ (( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )) وَقَالَ ﷺ ( مَنْ صَلَى عَلَيّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَى اللهُ عَلَيهِ بِهَا عَشْرًا ) اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى عبدك ورسولك نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ وَآلِ بَيْتِهِ الطَّيبِين الطَّاهِرِين وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِين الْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَنِ بَقِيَةِ الصحابة أَجْمَعِينَ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَعَنَّا مَعَهُمْ بِمَنِّكَ وَفَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَاْمَ وَانْصُرِ الْمُسْلِمِينَ وَاحْمِ حَوْزَةَ الدِّينَ وَاجْعَلْ بِلَادَنَا آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً رَخَاءٍ سَخَاءٍ وَسَاْئِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ اللَّهُمَّ احْفَظْ وليَّ أَمْرَنَا خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وأَلْبِسْه لباسَ الصِّحَةِ والعافِيَةِ ووفِّقْهُ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِكُلِّ خَيرٍ للِبِلَادِ والعِبَادِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الْفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَنَا وَأَرَادَ بِلَادَنَا بِسُوءٍ فَاشْغَلْهُ بِنَفْسِهِ وَرُدَّ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ اللَّهُمَّ إِنَّا نَدْرَأُ بِكَ فِي نُحُورِ أَعْدَائِنَا وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِم اللَّهُمَّ أَغِثْنَا غَيِّثًا مُبَارَكا تُغِيثُ بِهِ البِلَادَ والعِبَادَ وتَجْعَلُهُ بَلَاغًا للِحَاضِرِ والبَادِ اللهم سقيا رحمة بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ عِبَادَ اللهِ (( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ(( فَاذْكُرُوا اللهَ الْعَظِيمَ الجَلِيلَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى سَوابِغِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (( وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون ))
المرفقات

1728585891_خطبة الجمعة الموافق 8 من ربيع الآخر 1446هـ.pdf

1728585933_خطبة الجمعة الموافق 8 من ربيع الآخر 1446هـ.docx

المشاهدات 1187 | التعليقات 0