{وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ}
د عبدالعزيز التويجري
1444/05/21 - 2022/12/15 12:50PM
الخطبة الأولى: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ} 15/5/1444هـ
الحمد لله على فضله وإنعامه، وله الشكر على جزيل كرمه وامنتنانه، يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له ، إنه بعباده خبير بصير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لا رب غيره ولا إله سواه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه ومن اتبع سنته إلى يوم الدينِ أما بعد ..
ألم ترى هذا اليومَ ما أحلا شمائلَهُ ** غيثٌ وغيمٌ وإبراقٌ وإرعادُ
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ)
لله تعالى في عباده أسرار، لا تدركها الأفكار، وأحكامُ لا تنالها الأوهام. تختلف والعدل متّفق، وتفترق والفضل مجتمع متّسق.
ولما ساءت بتثبط الغيث الظّنون، وأمسكت السماء دَرّها؛ واكتست الأرضُ غُبْرةً بعد خُضْرة، ولبست شحوبا بعد نَضْرة؛ وكادت برودُ الرياضِ تُطوى، ومُدودُ نعمِ اللهِ تُزوى؛ نشرَ اللهُ تعالى رحمتَه، وبسطَ نعمتَه، وأتاحَ منّتَه، وأزاحَ محنتَه. فبعث الرياح لواقح، وأرسل الغمام سوافح؛ بماء يتدفّق، ورِواءً غدق، من سماء طبق. استهلّ جفنُها فدمع، وسمح دمعُها فهمع، واصابَ وبلُها فنقع. فاستوفت الأرض رِيّا، واستكملت من نباتها أَثَاثًا وَرِئْيًا؛
فالغيمُ كالثوب في الآفاق منتشرٌ ** من فوقه طَبَقٌ من تحته طبــــقُ
تظنّه مصمـتاً لا فَتْــقَ فيه فـــإنْ ** سالت عزاليه قلتَ الثوبُ منفتقُ
إنْ مَعْمَعَ الرعدُ فيه قلتَ ينخرقُ ** أو لألأ البرقُ فيه قلتَ يحترقُ
فالرعــدُ مرتجــسٌ والبرقُ مُخْتلـــــسٌ ** والغيث منبجسٌ والسيلُ مندفقُ
سقى ديارَ الذي لو متُّ من ظمأ ** ما كنتُ بالريّ من أحواضه أّثِقُ
{وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ}.
فالحمد لله على ذلك ما انسكب قطر، وانصدع فجر.. فربُنا كريمٌ معطاء ، عظيمٌ مفضال ، يجودٌ بالعطاءِ قبل السؤال، ويمن بالخيرِ على الإنسِ والجان . كلَ يومٍ هو في شأن ..
{وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إلا في كتاب مبين}
فسبحانَ من تعنو الوجوه لوجهِهِ ** ومــن كــلِ ذي عـزٍ له يتذلــــــلُ
تكفـلَ فضـلاً لا وجوبـًا برزقــــــــــهِ ** على الخلقِ فهو الرازقُ المتكفلُ
حليـــمٌ عظيـــمٌ راحـمٌ متكـــــــرمٌ ** رؤوفٌ رحيـــمٌ واهــبٌ متطـــــــولُ
جــوادٌ مجيــدٌ مشفــقٌ متعطــــــفٌ ** جليـلٌ جميـلٌ منعـمٌ متفضــــــــــــلُ
له الراسياتُ الشمُ تهبطُ خشيةً ** وتنشقُ عن ماءٍ يسيحُ ويخضلُ
وأنشأ من لاشيءِ سُحُبَاً هواطلاً ** يُسبـــــــحُ فيهـا رعـدهُ ويهلـــــــــــلُ
وأحيا نواحي الأرضَ من بعد موتِها ** بمنسم غيثِ من السُحُب يهملُ
يرسل الله تعالى الرياح بشرا بين يدي رحمته فيسوق بها السحاب ، ويجعلها لقاحا للثمرات وروحا للعباد {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ}
والغيثُ والخيرُ والعطاءُ يأتي بمر الله جل عز وجل، ولا يعلمُ وقت نزلولِه ومكانِه إلا اللهُ جل جلاله، في الصحيحن قال عليه الصلاة والسلام "خمسُ لا يعلمهن إلا الله، ثم تلا: {إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير}.
إنه لا يعلمُ بحاجةِ العبادِ إلا اللهُ ، ولاينزل الغيثَ إلا الله .
(وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) .
وميكائيلُ ملَكٌ عظيمٌ موكلٌ بنزولِ المطرِ، يسوقٌ السحابَ حيث أمره الله. جاء ذلك في الحديث الذي اخرجه الإمام احمد .
وقد يسقي الملَكُ بأمر اللَّهِ بلاداً دون بلاد، أو قريةً دون أخرى، وقد يُؤمرُ بأن يُسقي زرعَ رجلٍ واحدٍ دون سواه .. روى الامام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي اللهُ عنه عن النبي rقال: «بَيْنَا رَجُلٌ بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ، فَسَمِعَ صَوْتًا فِي سَحَابَةٍ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ، فَتَنَحَّى ذَلِكَ السَّحَابُ، فَأَفْرَغَ مَاءَهُ فِي حَرَّةٍ ، فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي حَدِيقَتِهِ يُحَوِّلُ الْمَاءَ بِمِسْحَاتِهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: فُلَانٌ لِلِاسْمِ الَّذِي سَمِعَ فِي السَّحَابَةِ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ لِمَ تَسْأَلنِي عَنِ اسْمِي؟ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ صَوْتًا فِي السَّحَابِ الَّذِي هَذَا مَاؤُهُ يَقُولُ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ لِاسْمِكَ، فَمَا تَصْنَعُ فِيهَا؟ قَالَ: أَمَّا إِذْ قُلْتَ هَذَا، فَإِنِّي أَنْظُرُ إِلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ، وَآكُلُ أَنَا وَعِيَالِي ثُلُثًا، وَأَرُدُّ فِيهَا ثُلُثَهُ» ..
فاتقو الله الذي ما من نعمة إلا منه سبحانه {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا}.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبو بكرة وأصيلا )
أقول هذا القول واستغفر الله لي ولكم وللمسلمين فاستغفروه وتوبوا إليه إن ربنا لغفور شكور
الخطبة الثانية.. الحمدُ لله وكفى، والصلاة والسلام على عبده المصطَفى، وعلى آله وصحبه ومَن اجتبى... أما بعد:
إذا علمت الأمة أنه لاينزل الغيثَ إلا الله ولا يبسط الرزق إلا هو سبحانه ، وجب علينا تعظيُم اللهِ وذكرهُ وشكرهُ ودعائهُ والاعترافُ بنعمهِ والمحافظةُ على حدودهِ .. صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ r صَلَاةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلَةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ » قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ، فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا، فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي وَمُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ» .
وروى البخاري في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي r كان إذا رأى المطر قال: «اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا»
. وروى مسلم في صحيحه من حديث أنس رضي اللهُ عنه قال: أَصَابَنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r مَطَرٌ قَالَ: فَحَسَرَ رَسُولُ اللَّهِ r ثَوْبَهُ، حَتَّى أَصَابَهُ مِنَ الْمَطَرِ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لِمَ صَنَعْتَ هَذَا؟ قَالَ: «لِأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ تَعَالَى».
كما يشرع للمسلم الذكر عند سماع الرعد لما رواه مالك في الموطأ من حديث عامر بن عبداللَّه بن الزبير موقوفاً: أنه كان إذا سمع الرعد ترك الحديث وقال: سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته، ثم يقول: إن هذا لَوَعيد لأهل الأرض شديد .
روى الترمذي في سننه من حديث ابن عباس رضي اللهُ عنهما أن النبي r قال: «الرَّعدُ مَلَكٌ مِن مَلَائِكَةِ اللَّهِ، مُوَكَّلٌ بِالسَّحَابِ مَعَهُ مَخَارِيقُ مِن نَارٍ يَسُوقُ بِهَا السَّحَابَ حَيثُ شَاءَ اللَّهُ» .
اللهم زدنا من خيرك وبرك وأحسانك وجعلنا لنعمك شاكرين ولأواموامرك ونواهيك ممتثلين . اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد ..
الحمد لله على فضله وإنعامه، وله الشكر على جزيل كرمه وامنتنانه، يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له ، إنه بعباده خبير بصير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لا رب غيره ولا إله سواه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه ومن اتبع سنته إلى يوم الدينِ أما بعد ..
ألم ترى هذا اليومَ ما أحلا شمائلَهُ ** غيثٌ وغيمٌ وإبراقٌ وإرعادُ
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ)
لله تعالى في عباده أسرار، لا تدركها الأفكار، وأحكامُ لا تنالها الأوهام. تختلف والعدل متّفق، وتفترق والفضل مجتمع متّسق.
ولما ساءت بتثبط الغيث الظّنون، وأمسكت السماء دَرّها؛ واكتست الأرضُ غُبْرةً بعد خُضْرة، ولبست شحوبا بعد نَضْرة؛ وكادت برودُ الرياضِ تُطوى، ومُدودُ نعمِ اللهِ تُزوى؛ نشرَ اللهُ تعالى رحمتَه، وبسطَ نعمتَه، وأتاحَ منّتَه، وأزاحَ محنتَه. فبعث الرياح لواقح، وأرسل الغمام سوافح؛ بماء يتدفّق، ورِواءً غدق، من سماء طبق. استهلّ جفنُها فدمع، وسمح دمعُها فهمع، واصابَ وبلُها فنقع. فاستوفت الأرض رِيّا، واستكملت من نباتها أَثَاثًا وَرِئْيًا؛
فالغيمُ كالثوب في الآفاق منتشرٌ ** من فوقه طَبَقٌ من تحته طبــــقُ
تظنّه مصمـتاً لا فَتْــقَ فيه فـــإنْ ** سالت عزاليه قلتَ الثوبُ منفتقُ
إنْ مَعْمَعَ الرعدُ فيه قلتَ ينخرقُ ** أو لألأ البرقُ فيه قلتَ يحترقُ
فالرعــدُ مرتجــسٌ والبرقُ مُخْتلـــــسٌ ** والغيث منبجسٌ والسيلُ مندفقُ
سقى ديارَ الذي لو متُّ من ظمأ ** ما كنتُ بالريّ من أحواضه أّثِقُ
{وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ}.
فالحمد لله على ذلك ما انسكب قطر، وانصدع فجر.. فربُنا كريمٌ معطاء ، عظيمٌ مفضال ، يجودٌ بالعطاءِ قبل السؤال، ويمن بالخيرِ على الإنسِ والجان . كلَ يومٍ هو في شأن ..
{وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إلا في كتاب مبين}
فسبحانَ من تعنو الوجوه لوجهِهِ ** ومــن كــلِ ذي عـزٍ له يتذلــــــلُ
تكفـلَ فضـلاً لا وجوبـًا برزقــــــــــهِ ** على الخلقِ فهو الرازقُ المتكفلُ
حليـــمٌ عظيـــمٌ راحـمٌ متكـــــــرمٌ ** رؤوفٌ رحيـــمٌ واهــبٌ متطـــــــولُ
جــوادٌ مجيــدٌ مشفــقٌ متعطــــــفٌ ** جليـلٌ جميـلٌ منعـمٌ متفضــــــــــــلُ
له الراسياتُ الشمُ تهبطُ خشيةً ** وتنشقُ عن ماءٍ يسيحُ ويخضلُ
وأنشأ من لاشيءِ سُحُبَاً هواطلاً ** يُسبـــــــحُ فيهـا رعـدهُ ويهلـــــــــــلُ
وأحيا نواحي الأرضَ من بعد موتِها ** بمنسم غيثِ من السُحُب يهملُ
يرسل الله تعالى الرياح بشرا بين يدي رحمته فيسوق بها السحاب ، ويجعلها لقاحا للثمرات وروحا للعباد {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ}
والغيثُ والخيرُ والعطاءُ يأتي بمر الله جل عز وجل، ولا يعلمُ وقت نزلولِه ومكانِه إلا اللهُ جل جلاله، في الصحيحن قال عليه الصلاة والسلام "خمسُ لا يعلمهن إلا الله، ثم تلا: {إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير}.
إنه لا يعلمُ بحاجةِ العبادِ إلا اللهُ ، ولاينزل الغيثَ إلا الله .
(وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) .
وميكائيلُ ملَكٌ عظيمٌ موكلٌ بنزولِ المطرِ، يسوقٌ السحابَ حيث أمره الله. جاء ذلك في الحديث الذي اخرجه الإمام احمد .
وقد يسقي الملَكُ بأمر اللَّهِ بلاداً دون بلاد، أو قريةً دون أخرى، وقد يُؤمرُ بأن يُسقي زرعَ رجلٍ واحدٍ دون سواه .. روى الامام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي اللهُ عنه عن النبي rقال: «بَيْنَا رَجُلٌ بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ، فَسَمِعَ صَوْتًا فِي سَحَابَةٍ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ، فَتَنَحَّى ذَلِكَ السَّحَابُ، فَأَفْرَغَ مَاءَهُ فِي حَرَّةٍ ، فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي حَدِيقَتِهِ يُحَوِّلُ الْمَاءَ بِمِسْحَاتِهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: فُلَانٌ لِلِاسْمِ الَّذِي سَمِعَ فِي السَّحَابَةِ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ لِمَ تَسْأَلنِي عَنِ اسْمِي؟ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ صَوْتًا فِي السَّحَابِ الَّذِي هَذَا مَاؤُهُ يَقُولُ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ لِاسْمِكَ، فَمَا تَصْنَعُ فِيهَا؟ قَالَ: أَمَّا إِذْ قُلْتَ هَذَا، فَإِنِّي أَنْظُرُ إِلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ، وَآكُلُ أَنَا وَعِيَالِي ثُلُثًا، وَأَرُدُّ فِيهَا ثُلُثَهُ» ..
فاتقو الله الذي ما من نعمة إلا منه سبحانه {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا}.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبو بكرة وأصيلا )
أقول هذا القول واستغفر الله لي ولكم وللمسلمين فاستغفروه وتوبوا إليه إن ربنا لغفور شكور
الخطبة الثانية.. الحمدُ لله وكفى، والصلاة والسلام على عبده المصطَفى، وعلى آله وصحبه ومَن اجتبى... أما بعد:
إذا علمت الأمة أنه لاينزل الغيثَ إلا الله ولا يبسط الرزق إلا هو سبحانه ، وجب علينا تعظيُم اللهِ وذكرهُ وشكرهُ ودعائهُ والاعترافُ بنعمهِ والمحافظةُ على حدودهِ .. صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ r صَلَاةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلَةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ » قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ، فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا، فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي وَمُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ» .
وروى البخاري في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي r كان إذا رأى المطر قال: «اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا»
. وروى مسلم في صحيحه من حديث أنس رضي اللهُ عنه قال: أَصَابَنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r مَطَرٌ قَالَ: فَحَسَرَ رَسُولُ اللَّهِ r ثَوْبَهُ، حَتَّى أَصَابَهُ مِنَ الْمَطَرِ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لِمَ صَنَعْتَ هَذَا؟ قَالَ: «لِأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ تَعَالَى».
كما يشرع للمسلم الذكر عند سماع الرعد لما رواه مالك في الموطأ من حديث عامر بن عبداللَّه بن الزبير موقوفاً: أنه كان إذا سمع الرعد ترك الحديث وقال: سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته، ثم يقول: إن هذا لَوَعيد لأهل الأرض شديد .
روى الترمذي في سننه من حديث ابن عباس رضي اللهُ عنهما أن النبي r قال: «الرَّعدُ مَلَكٌ مِن مَلَائِكَةِ اللَّهِ، مُوَكَّلٌ بِالسَّحَابِ مَعَهُ مَخَارِيقُ مِن نَارٍ يَسُوقُ بِهَا السَّحَابَ حَيثُ شَاءَ اللَّهُ» .
اللهم زدنا من خيرك وبرك وأحسانك وجعلنا لنعمك شاكرين ولأواموامرك ونواهيك ممتثلين . اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد ..
المرفقات
1671097807_{وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ}.pdf
1671097812_{وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا}.docx