وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلا تَخْوِيفًا - ومنها الزلازل

عايد القزلان التميمي
1444/07/18 - 2023/02/09 17:33PM
الحمد لله اللطيف بعباده فلا يكون أمر يقضيه عليهم إلا دائر بين عدله و حكمته. وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله القائل: ((لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ وَتَكْثُرَ الزَّلازِلُ وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ (وَهُوَ الْقَتْلُ))) صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، واخشوا يومًا ترجعون فيه إليه، ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون.
أيها المسلمون إن الله سبحانه وتعالى حكيم عليم فيما يقضيه ويقدره، كما أنه حكيم عليم فيما شرعه وأمر به، وهو سبحانه وتعالى يخلق ما يشاء من الآيات، ويقدرها تخويفا لعباده وتذكيرا لهم بما يجب عليهم من حقه، وتحذيرا لهم من الشرك به ومخالفة أمره وارتكاب نهيه كما قال الله سبحانه وتعالى: (( وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلا تَخْوِيفًا ))
عباد الله ولا شك أن ما حصل من الزلازل في هذه الأيام في تركيا وسوريا هو من جملة الآيات التي يخوف الله بها  سبحانه وتعالى عباده. وكل ما يحدث في الوجود من الزلازل وغيرها مما يضر العباد ويسبب لهم أنواعاً من الأذى، كله بأسباب الشرك والمعاصي، كما قال الله تعالى (( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ))
وقال تعالى عن الأمم الماضية: (( فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ))
عباد الله فالواجب على جميع المسلمين وغيرهم، التوبة إلى الله سبحانه وتعالى والاستقامة على دينه، والحذر من كل ما نهى عنه من الشرك والمعاصي، حتى تحصل لهم العافية والنجاة في الدنيا والآخرة من جميع الشرور، وحتى يدفع الله عنهم كل بلاء، ويمنحهم كل خير، كما قال سبحانه وتعالى (( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ))
وقال العلامة ابن القيم -رحمه الله- ما نصه: "وقد يأذن الله سبحانه وتعالى للأرض في بعض الأحيان بالتنفس فتحدث فيها الزلازل العظام، فيحدث من ذلك لعباده الخوف والخشية، والإنابة والإقلاع عن المعاصي والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى ،
وقال عمر بن الخطاب  عندما حدث زلزال في المدينة: (( لئن عادت لا أساكنكم فيها))  انتهى كلامه رحمه الله.
عباد الله إنَّ زلزالَ الدنيا آثارُه مدمِّرة، وموجعه ومفجعه وهو موقِظٌ لنا من غفلتنا عن الآخرةَ، قال تعالى:  أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ . وزلزال الدنيا إنذارٌ لنا لنعلمَ أنّ الحياةَ مؤقَّتة، وأنّ الأجلَ قريب مهما طالَ الأمل، وأنّ العبدَ مُعَرّضٌ  في كلِّ لحظةٍ  للموت والرحيل من الدنيا قال تعالى:  وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ
عباد الله قال تعالى: ((إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى )) وإن في الزلازل عبراً وعظات لأولي الألباب، ودلالة على قدرة الله الباهرة، حيث يأذن لهذه الأرض أن تتحرك بضع ثوان أو دقائق فينتج عن ذلك هذا الدمار وهذا الهلاك وهذا الرعب، لعل الناس يتوبون إلى ربهم ويستغفرون من ذنوبهم. لأن هذا ما حدث إلا بسبب كفرهم ومعاصيهم. ويكثر هذا في آخر الزمان، كما في الحديث الذي رواه الإمام أحمد والبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ وَتَكْثُرَ الزَّلازِلُ وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ (وَهُوَ الْقَتْلُ) )) .
عباد الله  وامتدادا للدور الإنساني للمملكة على مر التاريخ بالوقوف مع المتضررين والمحتاجين في جميع أنحاء العالم بمختلف الأزمات ، أمر ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده  بنَجدةِ المنكوبِين وإغاثةِ الملهوفِين في سوريا وتركيا وَذلك بتسْيِيرِ جِسْرٍ جَوِّيٍ لِتَقْدِيمِ مُسَاعَدَات صحية وغيرها لِتَخْفِيفِ آثَارِ الزِّلْزَالِ, وَتَنْظِيمِ حَمْلَةٍ شَعْبِيَّةٍ عَبْرَ مِنَصَّةِ (سَاهِمْ) لِمُسَاعَدَةِ الضَّحَايَا فِي البَلَدِينِ الشَّقِيقَينِ, فَجَزَاهُمُ اللهُ خَيرًا وَكَتَبَ أَجْرَهُمْ, وَبَارَكَ فِي جُهُودِهِمْ, وعلينا المسَاهَمَة عبر تلك المنصة كُلٌّ بِحَسَبِ قُدْرَتِهِ والحذر من المواقع الوهمية التي تدعو للتبرع  .
واعلموا أن مساعدة إخواننا المنكوبين والمحتاجين في تلك البلاد  من أفضلِ الأعمال وأزكاها عند الله تعالى؛ لأنها مِن صنائعِ المعروف حيث قال صلى الله عليه وسلم: ((صنائِعُ المعروف تقِي مصارعَ السّوء والآفاتِ والهلَكات، وأهلُ المعروف في الدنيا هم أهلُ المعروف في الآخرة)) صححه الألباني .
اللهم اجعل إخواننا المسلمين في تركيا وسوريا وما حولهما في ضمانِك وأمانِك وإحسانك يا أرحم الراحمين،
بارك الله لي ولكم ..
الخطبة الثانية
الحمد لله ينزل البلاء برحمته وعدله، ويرفعه إذا شاء بالتوبة والإنابة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فاتقوا الله تعالى، وتوبوا إليه من ذنوبكم، ولنعلم أن ما وقع من الزلازل إنما هو من كسب الناس، قال الله تعالى (( ظَهَرَ ٱلْفَسَادُ فِى ٱلْبَرّ وَٱلْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى ٱلنَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ ٱلَّذِى عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ))
وقال سبحانه (( وَمَا أَصَـٰبَكُمْ مّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ ))
وتعرّفوا على الله في الرخاء يعرفكم في الشدة، اصدقوا الله يصدقكم، واذكروه يذكركم،
واشكروه على نعمه يزدكم، وأدّوا إليه حقّه يوفّيكم حقكم، فإن الله أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين وأجود الأجودين.
عباد الله صلوا وسلموا على رسول الله ....
المرفقات

1675953177_وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلا تَخْوِيفًا (ومنها الزلازل).docx

المشاهدات 1458 | التعليقات 0