﴿وَمَا قَدَرُوْا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ ﴾

محمد البدر
1439/03/13 - 2017/12/01 03:33AM
الخطبة الأولى:
أَمَّا بَعْدُ:عِبَادَ اللهِ :قَالَ تَعَالَى:﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾[الزمر: 67].
وَقَال تَعَالَى:﴿مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً ﴾[نوح: 13].
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ: لَا تَرَوْنَ لِلَّهِ عَظَمَةً. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: مَا لَكَمَ لَا تُعَظِّمُونَ اللَّهَ حَقَّ عَظَمَتِهِ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: لَا تَخَافُونَ اللَّهَ حَقَّ عَظَمَتِهِ.
وَعَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«يَقْبِضُ اللهُ الأَرْضَ، وَيَطْوِي السَّمَاءَ بَيَمِينِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، أَيْنَ مُلُوكُ الأَرْضِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: « جَاءَ حَبْرٌ مِنَ الأَحْبَارِ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! إِنَّا نَجِدُ أَنَّ اللهَ يَجْعَلُ السَّمَاوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالأَرَضِيْنَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالمَاءَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ وَسَائِرَ الخَلْقِ عَلَى إِصْبَعٍ، فَيَقُوْلُ:أَنَا المَلِكُ، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ - تَصْدِيْقًا لِقَوْلِ الحَبْرِ - ثُمَّ قَرَأَ ﴿وَمَا قَدَرُوْا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيْعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِيْنِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُوْنَ﴾ ». صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
وما في الآية يدل على أن عظمة الله تعالى  أعظم مما وصف ذلك الحبر، ففي الآية الكريمة تقرير لعظمة الله تعالى  نفسه، وما يستحقه من الصفات، وأن لله عز وجل قدراً عظيماً، فيجب على كل مؤمن أن يقدر الله حق قدره .انظر :فتاوى ابن تيمية، مجلد 13/160162.
وقال بشر الحافي :لو تفكر الناس في عظمة اللـه تعالى لما عصوه .
عِبَادَ اللهِ :انتشرت ظاهرة منذ أمد ولازالت في استمرار وازدياد الاوهي ظاهرة إلقاء أوراق فيها آيات وآحاديث وذكر الله ولفظ الجلالة منها أوراق الاعلانات في الطرقات وعلى ابواب المساجد وعلى السيارات كذلك المطويات الوعظية والصُّحف والمجلات والأوراق والكراتين بل وحتَّى أكياس المحلات يوجد عليها لفظ الجلالة فهذا امتهان لها وعدم تعظيم الله وتعظيم أسماءه وصفاته.
عَنِ مُحَمَّدَ بْنَ الصَّلْتِ، قَالَ: سَمِعْتُ بِشْرَ بْنَ الْحَارِثِ، وَسُئِلَ مَا كَانَ بَدْءُ أَمْرِكَ لِأَنَّ اسْمَكَ بَيْنَ النَّاسِ كَأَنَّهُ اسْمُ نَبِيٍّ , قَالَ: هَذَا مِنْ فَضْلِ اللهِ وَمَا أَقُولُ لَكُمْ كُنْتُ رَجُلًا عَيَّارًا صَاحِبَ عَصَبَةٍ , فَجُزْتُ يَوْمًا فَإِذَا أَنَا بِقِرْطَاسٍ فِي الطَّرِيقِ فَرَفَعْتُهُ فَإِذَا فِيهِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. فَمَسَحَتْهُ وَجَعَلْتُهُ فِي جَيْبِي وَكَانَ عِنْدِي دِرْهَمَانِ مَا كُنْتُ أَمْلِكُ غَيْرَهُمَا فَذَهَبْتُ إِلَى الْعَطَّارِينَ فَاشْتَرَيْتُ بِهِمَا غَالِيَةً وَمَسَحْتُهُ فِي الْقِرْطَاسِ فَنِمْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ فَرَأَيْتُ فِيَ الْمَنَامِ كَأَنَّ قَائِلًا يَقُولُ لِي: يَا بِشْرُ بْنَ الْحَارِثِ رَفَعْتَ اسْمَنَا عَنِ الطَّرِيقِ، وَطَيَّبْتَهُ، لَأُطَيِّبَنَّ اسْمَكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ , ثُمَّ كَانَ مَا كَانَ (رواه أبو نعيم في الحلية).
عِبَادَ اللهِ :لقد ضعفت وقلت عظمة الله في نفوس بعض المسلمين اليوم، وعظم في نفوسهم قدر قوى الأرض البشرية؛ حين رأوا وانبهروا بمُنجزات الحضارة المادية ونتاجها العلمي من هندسة الصفات الوراثية, إلى الاستنساخ, إلى الصواريخ العابرة للقارات, إلى المركبات الفضائية إلخ ،وهذا التطور السريع، والنمو الكبير في آليات التقدم المادي؛ جعل فئاماً من الناس يصابون بالانبهار، وتتسرب إلى دواخلهم الرهبة والهلع, وتضطرب نفوسهم, وتهزم عزائمهم .
أقول قولي هذا....
الخطبة الثانية:
أَمَّا بَعْدُ: عِبَادَ اللهِ: إن تعظيم الله - عز وجل - من أجلِّ العبادات القلبية, وأهم أعمال القلوب التي يتعين ترقيقها وتزكية النفوس بها، لاسيما وأنه ظهر في زماننا ما يخالف تعظيم الله تعالى -من الاستخفاف والاستهزاء بشعائر الله، والتطاول على الثوابت, والتسفيه والازدراء لدين الله، مع ما أصاب الأمة من وهنٍ وخورٍ وهزيمةٍ نفسية قَال تَعَالَى:﴿مَا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً﴾ .
فالواجب علينا عِبَادَ اللهِ أن نعظم الله سبحانه في قلوبنا وأقوالنا وأفعالنا ؛ فنعظمه في امتثال أوامره ؛ والقيام بفرائض دينه ، ونعظمه في اتقاء محارمه ؛ والبعد عن أسباب غضبه وسخطه ، ونعظم كتابه ؛ وسنة نبيه r  الا وصلوا..
المشاهدات 948 | التعليقات 0