وما بكم من نعمة فمن الله

وما بكم من نعمة فمن الله

هل آمنت بهذه الحقيقة وعشتها يقينا في حياتك؟ وهل هذا الشعور يرافقك دائما في كل نجاحك وامتيازاتك وما خصك ربي به من الفضل والخير؟ أم أنه يداخلك الغرور ويغازلك الإعجاب بالنفس؛ وبالتالي تكون قد سلكت بنفسك طريق الهلاك ووقفت بنفسك على شفير الضلال.

إن إبليس لما داخله الغرور ولابسه العجب في الوقت الذي كانت ملائكة الرحمن التي تعايشه لا يعلمون ما يضمر؛ إنما كانوا يحكمون على ما ظهر منه من عبادة وتقوى وصلاح وقربى، فأجرى الله - تبارك وتعالى - عليه امتحانا فعليا وتجربة واقعية تجلى فيها فساد الباطن وانكشف فيها ما أخفته السرائر وطفا عليها ما سترته الضمائر من العجب والغرور، وقد علمت في القرآن بعد هذا المرض أين كان مصيره ؟ لقد كانت لعائن الله تتابعه فوق كل أرض وتحت كل سماء وعلى لسان كل عبد وإضافة إلى الطرد من نعيم الله الأبدي إلى دار عقابه السرمدي.

فأيها الكرماء: علينا أن نعلم أن صاحب كل نعمة هو الله فلننسب الفضل له ونرد الخير إليه،كما ينبغي ألا نتشمت بالآخرين الذين لم يحالفهم فضل الله بخصوصية أو ميزة أو غيرها، وألا يكونوا في أعيننا محل استهتار أو موضع ازدراء أو تنقص؛ بل ندرك أن الذي أعطانا هو الذي منعهم فعطاؤه لنا هو محض فضله ومنعه لهم هو عين عدله.
المشاهدات 3743 | التعليقات 3

جزاك الله خيرا ذكرتني بكلام لابن القيم رحمه الله في الفوائد يقول فيه:
قاعدة جليلة قد فكرت في هذا الأمر؛ فإذا أصله أن تعلم أن النعم كلها من الله وحده، نعم الطاعات ونعم اللذات، فترغب إليه أن يلهمك ويوزعك شكرها،
قال تعالى: (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ)
وقال:
(فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)
وقال: (وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ)
وكما أن تلك النعم منه ومن ومجرد فضله، فذكرها وشكرها لا ينال إلا بتوفيقه.
والذنوب من خذلانه، وتخليه عن عبده، وتخليته بينه وبين نفسه، وإن لم يكشف ذلك عن عبده فلا سبيل له إلى كشفه عن نفسه؛ فإذا هو مضطر إلى التضرع والابتهال إليه أن تدفع عنه أسبابها حتى لا تصدر منه. وإذا وقعت بحكم المقادير ومقتضى البشرية، فهو مضطر إلى التضرع والدعاء أن يدفع عنه موجباتها وعقوباتها.
فلا ينفك العبد عن ضرورته إلى هذه الأصول الثلاثة، ولا فلاح له إلا بها: الشكر، وطلب العافية، والتوبة النصوح.
ثم فكرت فإذا مدار ذلك على الرغبة والرهبة، وليسا بيد العبد بل بيد مقلب القلوب ومصرفها كيف يشاء؛ فإن وفق عبده أقبل بقلبه إليه وملأه رغبة ورهبة، وإن خذله تركه ونفسه، ولم يأخذ بقلبه إليه، ولم يسأله ذلك، وما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.اهـ


شكرا أخي مبارك جعلك ربي مباركا أينما كنت لقد أضفيت على المقالة حلة زادتها خضرة وبهاءا وأكسبتها نضارة وقبولا نفع الله بك.



آمين وإياكم ، الفضل لله سبحانه وتعالى ثم لابن القيم رحمه الله
.