ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب(الحجرات6)
زراك زراك
1433/07/18 - 2012/06/08 19:19PM
[FONT="] ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب(الحجرات6)[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] محمد زراك إمام وخطيب المسجد الكبير بأولاد برحيل المغرب[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT][FONT="]17رجب 1433 / 8 يونيو 2012 [/FONT]
[FONT="]الحمد لله الملك العلام، أكرمنا بأخلاق سيد الأيام، فقدمها هدية خاصة بأمة الإسلام، نحمده تعالى حمدا كثيرا على نعمه العظام، وأشهد أن لا إله إلى الله ذو الجلال والإكرام، هو الملك القدوس السلام، سبحانه وتعالى لا تأخذه سنة ولا ينام. وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله أفضل الأنام، دعا إلى شريعة تطهر المجتمع من السخرية واللمز والتلقب وغير ذلك من أخلاق اللئام، فنال عند الله مراتب الإحسان والإكرام، اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وأصحابه الكرام، وعلى التابعين لهم بإحسان مادمت الأيام والأعوام،[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]اللهمّ أخرجنا من ظلمات الجهل وأكرمنا بأنوار العلم، وافتح علينا أبواب رحمتك، وانشر علينا خزائن علومك ومعرفتك، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.[/FONT]
[FONT="]أما بعد فيا أيها الإخوة المؤمنون![/FONT][FONT="] ما زلنا نطوف بحضراتكم في رحاب تفسير سورة الحجرات،ووصلنا في هذه السورة إلى قاعدة مهمة وهي: وجوب تعظيم حرمات المسلمين، لصيانة المجتمع الإسلامي من التشتت والعداوة والضغائن والأحقاد، ولا يمكن أن تعظم حرمات المسلمين في مجتمعنا، إلا إذا طهرنا أنفسنا من ستة أمراض أو من ستة أخلاق سيئة، هذه الأخلاق السيئة هي:السخرية واللمز والتنابز بالألقاب وسوء الظن والتجسس والغيبة. تأملوا جيدا في هذه الآيات التي جمع الله فيها هذه الأخلاق الذميمة[/FONT][FONT="][FONT="]}[/FONT][/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ..[/FONT][FONT="][FONT="]{[/FONT][/FONT][FONT="] ولقد تحدثنا في اللقاء الماضي بفضل الله تعالى عن الآفة الأولى بالتفصيل ألا وهي: السخرية، واليوم سنكشف الستار عن قوله تعالى[/FONT][FONT="][FONT="]}[/FONT][/FONT][FONT="] وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ [/FONT][FONT="][FONT="]{[/FONT][/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="]واللمز هو: أن تعيب أخاك المسلم[/FONT][FONT="] بحضرته، وقد يكون باللسان أو إشارة باليد أو غمزا بالعين، وهو ممارسة سيئة وخلق ذميم في التعامل مع الآخرين، ولا يغيب عن أذهانكم موقف رائع لرسول الله [/FONT][FONT="][FONT="]r[/FONT][/FONT][FONT="] ، وذلك: لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ ، أَمَّنَ رَسُولُ اللَّهِ [/FONT][FONT="][FONT="]r[/FONT][/FONT][FONT="] النَّاسَ إِلا أَرْبَعَةَ نَفَرٍ[/FONT] [FONT="]وَامْرَأَتَيْنِ ، وَقَالَ : اقْتُلُوهُمْ ، وَإِنْ وَجَدْتُمُوهُمْ[/FONT] [FONT="]مُتَعَلِّقِينَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ : عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ ،[/FONT] [FONT="]وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَطَلٍ ، وَمَقِيسُ بْنُ صُبَابَةَ ، وَعَبْدُ[/FONT] [FONT="]اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ ، فَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ[/FONT] [FONT="]خَطَلٍ فَأَتَى وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فقتله سَعْدٌ ،[/FONT] [FONT="]وَأَمَّا مَقِيسُ بْنُ صُبَابَةَ فَأَدْرَكَهُ النَّاسُ فِي السُّوقِ[/FONT] [FONT="]فَقَتَلُوهُ ، وَأَمَّا عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ فَأَسْلَمَ وحسن إسلامه،وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ[/FONT] [FONT="]أَبِي سَرْحٍ ، فَإِنَّهُ اختبأ عند عُثْمَان ابن عفان، فجاء به سيدنا عثمان حتى أوقفه على رسول الله [/FONT][FONT="][FONT="]r[/FONT][/FONT][FONT="] فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ،[/FONT] [FONT="]بَايع عَبْد اللَّهِ ،[/FONT] [FONT="]فَرَفَعَ رَأْسَهُ فنظر إِلَيْهِ فأبى أن يبايعه ،[/FONT][FONT="] فنظر إليه ثلاثا كل ذلك يأبى فبايعه بعد ثلاث[/FONT][FONT="] ، ثُمَّ أَقْبَلَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ،[/FONT] [FONT="]وَقَالَ لمن حوله: أَمَا كَانَ فِيكُمْ رَجُلٌ رشيدٌ يَنْظُرُ إِذْ رَآنِي قَدْ[/FONT] [FONT="]كَفَفْتُ يَدِي عَنْ بَيْعَتِهِ فيقوم إليه فَيَقْتُلهُ ؟ قَالُوا : يَا رَسُولَ[/FONT] [FONT="]اللَّهِ ، لَوْ أَوْمَأْتَ إِلَيْنَا بِعَيْنَيْكِ، وهذا هو وجه الشاهد: لَوْ أَوْمَأْتَ إِلَيْنَا بِعَيْنَيْكِ، يعني: لو غمزت إلينا بعينيك فقَالَ : فَإِنَّهُ[/FONT] [FONT="]لا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ تَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ الأَعْيُنِ[/FONT] "[FONT="]ونحن نقول:ما كان ينبغي لمسلم أن تكون له خائنة الأعين.[/FONT]
[FONT="]أيها المؤمنون! مرة ثانية اللمز هو :أن تعيب شخصاً في وجهه وبمحضر من الآخرين وتنتقده بكل قسوة وبلا مبالاة[/FONT] [FONT="]بمشاعره وأحاسيسه، وهي حالة تسقط شخصيته، وتجرح عواطفه[/FONT] [FONT="]ومشاعره وبالتالي تدفعه إلى التفكير في الانتقام، وتؤجج في نفسه غضباً[/FONT] [FONT="]وسخطاً على من وجه إليه هذه الإساءة، وهنا نجد دقة القرآن الكريم في ألفاظه وعباراته[/FONT] [FONT="]﴿[/FONT][FONT="]ولا تلمزوا أنفسكم[/FONT][FONT="]﴾[/FONT]! [FONT="]وهل يلمز الإنسان نفسه؟ الجواب:نعم، يلمز الإنسان نفسه بطريق غير مباشر، فإذا لمز الإنسان غيره فهو يشجع[/FONT] [FONT="]على أن يُعامل بنفس المعاملة، ويشجعُ على انتشار هذه العادة في المجتمع.[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="]ثم قال تعالى[/FONT][FONT="][FONT="]}[/FONT][/FONT][FONT="]ولا تنابزوا بالأَلقاب [/FONT][FONT="][FONT="]{[/FONT][/FONT][FONT="] والتنابز بالألقاب أن تقول لأخيك المسلم[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]مثلاً: يا أسود، يا طويل، يا أعرج، يا اعور ،يا قصير وغير ذلك من الأسماء التي يكره أن يدعى بها.[/FONT][FONT="] وسبب نزول هذه الآية الكريمة هو:[/FONT][FONT="] أن [/FONT][FONT="]كعب بن مالك وابن أبي حدرد [/FONT][FONT="][FONT="]t[/FONT][/FONT][FONT="] وقع بينهما خلاف، فقال له كعب يا أعرابي، يريد أن يبعده من الهجرة، فقال له الآخر يا يهودي، يريد لمخالطة الأنصار اليهود في يثرب ، فنزلت الآية.(تفسير ابن عطية)[/FONT]
[FONT="]أيها لأحباب! الألقاب على ثلاثة أنواع: -قسم يكرهه الإنسان ويبغضه، وهو ما يعير به، كالأعرج والأعور وغير ذلك، فهذا يحرم التسمية به أو النداء.[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="]-[/FONT][FONT="]قسم يحبه صاحبه كأبي تراب لعلي، والصديق لأبي بكر وذي النورين لعثمان والفاروق لعمر وسيف الله لخالد وأسد الله لحمزة رضي الله عنهم أجمعين[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]،[/FONT][FONT="]وهذا النوع يجوز التسمية به[/FONT][FONT="].[/FONT]
[FONT="]- [/FONT][FONT="]قسم غلب عليه الاستعمال، كالأعمش والطويل، مما اشتهر من أسماء الأشخاص ، فهذا جائز بشرط ألا يقصد قائله التعيير واللمز، وعلى[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]هذا المعنى ترجم البخاري - رحمه الله - في كتاب الأدب- باب ما يجوز من ذكر الناس نحو قولهم: الطويل والقصير لا يراد به تعيير[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]الرجل) قال: وقال النبي - [/FONT][FONT="][FONT="]r[/FONT][/FONT][FONT="]: "ما يقول ذو اليدين[/FONT][FONT="]". [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="]أيها المؤمنون! ينبغي على المسلم إذا سخر منه شخص آخر أو لمزه او ناداه بلقب يكرهه، أن لا يقابل سيئة بسيئة مثلها، بل عليه أن يقابل الإساءة بالإحسان،[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]لأن المؤمن كالنخلة كلما رجمت حجرا، أسقطت تمرا؛ مر إبراهيم بن أدهم على يهودي فقال له: ألحيتك -يا إبراهيم - أطهر من ذنب هذا الكلب، أم ذنب الكلب أطهر من لحيتك؟ فأجابه قائلا: إن كانت لحيتي في الجنة فهي أطهر من ذنب كلبك، وإن كانت في النار لذنب كلبك أطهر منها.[/FONT]
[FONT="]فما ملك هذا اليهودي إلا إن قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله: { وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * }[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="]ومر المسيح ابن مريم على نبينا وعليه الصلاة والسلام[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]بقوم فقالوا له شراً فقال لهم خيراً فقيل له: إنهم يقولون شراً وأنت تقول خيراً فقال: كل ينفق مما عنده.[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="]ورحم الله من قال[/FONT][FONT="] :[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="]يخاطبني السفيه بكل قبحٍ و آبى أن أكون له مجيباً[/FONT][FONT="]
[/FONT][FONT="]يزيد سفاهةً و أزيد حلماً[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]كعودٍ زاده الإحراق طيباً[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="]نفعني الله.. أقول قولي هذا[/FONT][FONT="]....[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] الخطبة الثانية[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="]وبعد أيها الأحباب: سبق وأخبرتكم في بداية هذه السلسلة، أنني لا أدخل إلى تفاصيل هذه الآيات، وإنما أقتصر على مضمونها قال تعالى{ [/FONT][FONT="]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [/FONT][FONT="]} تأملوا وتدبروا جيدا، في بداية الآية نهانا الله عز وجل عن السخرية واللمز والتنابز بالألقاب وهنا في آخر الآية [/FONT][FONT="]شدد تعالى علينا النهي بأن حكم بظلم من لم يتب ويقلع عن هذه الأشياء التي نهى عنها[/FONT][FONT="]{ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]بمعنى: ظلموا أنفسهم ، فأكسبوها عقاب الله بعدم تركهم لهذه المنهيات.[/FONT][FONT="]"[/FONT][FONT="] مُسِيءُ اللَّيْلِ حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِن مغْرِبِها» [/FONT]
[FONT="]وهنا أنبه إلى أن التوبة [/FONT][FONT="]ليست مجرد أن يقول الإنسان بلسانه أتوب إلى الله. [/FONT][FONT="]فالتوبة لها شروط ُلا تصح إلى بها: أولا, الندم على ارتكاب المعاصي. ثانيا: الإقلاع عن ذنوب تمارس في الحال، وعدم الإصرار عليها. ثالثا: أن يكون التائب ذا نية صادقة، في عدم العودة إلى هذا الذنب مرة أخرى.[/FONT]
[FONT="]وإذا كانت الذنوب تتعلق بحقوق العباد فعليه أن يردها إلى أصحابها إذا كان ممكنا، وإلا طلب منهم العفو والسماح. هذا وأكثروا من الصلاة والسلام على سيد المرسلين[/FONT]...[FONT="]اللهم وفق أمير المؤمنين محمدا السادس لكل خير، ونسألك اللهم أن تجري الخير على يديه، وأعنه على أداء رسالته، وتحقيق كل خير لشعبه وبلده. واحفظه في كافة أسرته الشريفة يارب العالمين، اللهم [/FONT] [FONT="]لا تدع لنا فى هذا اليوم العظيم ذنبا الا غفرته ولا كربا الا فرجته ولا عيبا الا سترته ولا دينا الا اديته ولا مريضا الا شفيته ولا حاجة لك فيها رضا ولنا فيها صلا الا قضيتها ويسرتها لنا يا رب العالمين[/FONT]
[FONT="]......اللهمّ أعطنا ولا تحرمنا...اللهمّ اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمَّن سواك ، اللهمّ لا تؤمنَّا مكرك ، ولا تهتِك عنَّا سترَك ، ولا تنسنا ذكرك ، يا رب العالمين.[/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] محمد زراك إمام وخطيب المسجد الكبير بأولاد برحيل المغرب[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT][FONT="]17رجب 1433 / 8 يونيو 2012 [/FONT]
[FONT="]الحمد لله الملك العلام، أكرمنا بأخلاق سيد الأيام، فقدمها هدية خاصة بأمة الإسلام، نحمده تعالى حمدا كثيرا على نعمه العظام، وأشهد أن لا إله إلى الله ذو الجلال والإكرام، هو الملك القدوس السلام، سبحانه وتعالى لا تأخذه سنة ولا ينام. وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله أفضل الأنام، دعا إلى شريعة تطهر المجتمع من السخرية واللمز والتلقب وغير ذلك من أخلاق اللئام، فنال عند الله مراتب الإحسان والإكرام، اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وأصحابه الكرام، وعلى التابعين لهم بإحسان مادمت الأيام والأعوام،[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]اللهمّ أخرجنا من ظلمات الجهل وأكرمنا بأنوار العلم، وافتح علينا أبواب رحمتك، وانشر علينا خزائن علومك ومعرفتك، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.[/FONT]
[FONT="]أما بعد فيا أيها الإخوة المؤمنون![/FONT][FONT="] ما زلنا نطوف بحضراتكم في رحاب تفسير سورة الحجرات،ووصلنا في هذه السورة إلى قاعدة مهمة وهي: وجوب تعظيم حرمات المسلمين، لصيانة المجتمع الإسلامي من التشتت والعداوة والضغائن والأحقاد، ولا يمكن أن تعظم حرمات المسلمين في مجتمعنا، إلا إذا طهرنا أنفسنا من ستة أمراض أو من ستة أخلاق سيئة، هذه الأخلاق السيئة هي:السخرية واللمز والتنابز بالألقاب وسوء الظن والتجسس والغيبة. تأملوا جيدا في هذه الآيات التي جمع الله فيها هذه الأخلاق الذميمة[/FONT][FONT="][FONT="]}[/FONT][/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ..[/FONT][FONT="][FONT="]{[/FONT][/FONT][FONT="] ولقد تحدثنا في اللقاء الماضي بفضل الله تعالى عن الآفة الأولى بالتفصيل ألا وهي: السخرية، واليوم سنكشف الستار عن قوله تعالى[/FONT][FONT="][FONT="]}[/FONT][/FONT][FONT="] وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ [/FONT][FONT="][FONT="]{[/FONT][/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="]واللمز هو: أن تعيب أخاك المسلم[/FONT][FONT="] بحضرته، وقد يكون باللسان أو إشارة باليد أو غمزا بالعين، وهو ممارسة سيئة وخلق ذميم في التعامل مع الآخرين، ولا يغيب عن أذهانكم موقف رائع لرسول الله [/FONT][FONT="][FONT="]r[/FONT][/FONT][FONT="] ، وذلك: لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ ، أَمَّنَ رَسُولُ اللَّهِ [/FONT][FONT="][FONT="]r[/FONT][/FONT][FONT="] النَّاسَ إِلا أَرْبَعَةَ نَفَرٍ[/FONT] [FONT="]وَامْرَأَتَيْنِ ، وَقَالَ : اقْتُلُوهُمْ ، وَإِنْ وَجَدْتُمُوهُمْ[/FONT] [FONT="]مُتَعَلِّقِينَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ : عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ ،[/FONT] [FONT="]وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَطَلٍ ، وَمَقِيسُ بْنُ صُبَابَةَ ، وَعَبْدُ[/FONT] [FONT="]اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ ، فَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ[/FONT] [FONT="]خَطَلٍ فَأَتَى وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فقتله سَعْدٌ ،[/FONT] [FONT="]وَأَمَّا مَقِيسُ بْنُ صُبَابَةَ فَأَدْرَكَهُ النَّاسُ فِي السُّوقِ[/FONT] [FONT="]فَقَتَلُوهُ ، وَأَمَّا عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ فَأَسْلَمَ وحسن إسلامه،وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ[/FONT] [FONT="]أَبِي سَرْحٍ ، فَإِنَّهُ اختبأ عند عُثْمَان ابن عفان، فجاء به سيدنا عثمان حتى أوقفه على رسول الله [/FONT][FONT="][FONT="]r[/FONT][/FONT][FONT="] فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ،[/FONT] [FONT="]بَايع عَبْد اللَّهِ ،[/FONT] [FONT="]فَرَفَعَ رَأْسَهُ فنظر إِلَيْهِ فأبى أن يبايعه ،[/FONT][FONT="] فنظر إليه ثلاثا كل ذلك يأبى فبايعه بعد ثلاث[/FONT][FONT="] ، ثُمَّ أَقْبَلَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ،[/FONT] [FONT="]وَقَالَ لمن حوله: أَمَا كَانَ فِيكُمْ رَجُلٌ رشيدٌ يَنْظُرُ إِذْ رَآنِي قَدْ[/FONT] [FONT="]كَفَفْتُ يَدِي عَنْ بَيْعَتِهِ فيقوم إليه فَيَقْتُلهُ ؟ قَالُوا : يَا رَسُولَ[/FONT] [FONT="]اللَّهِ ، لَوْ أَوْمَأْتَ إِلَيْنَا بِعَيْنَيْكِ، وهذا هو وجه الشاهد: لَوْ أَوْمَأْتَ إِلَيْنَا بِعَيْنَيْكِ، يعني: لو غمزت إلينا بعينيك فقَالَ : فَإِنَّهُ[/FONT] [FONT="]لا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ تَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ الأَعْيُنِ[/FONT] "[FONT="]ونحن نقول:ما كان ينبغي لمسلم أن تكون له خائنة الأعين.[/FONT]
[FONT="]أيها المؤمنون! مرة ثانية اللمز هو :أن تعيب شخصاً في وجهه وبمحضر من الآخرين وتنتقده بكل قسوة وبلا مبالاة[/FONT] [FONT="]بمشاعره وأحاسيسه، وهي حالة تسقط شخصيته، وتجرح عواطفه[/FONT] [FONT="]ومشاعره وبالتالي تدفعه إلى التفكير في الانتقام، وتؤجج في نفسه غضباً[/FONT] [FONT="]وسخطاً على من وجه إليه هذه الإساءة، وهنا نجد دقة القرآن الكريم في ألفاظه وعباراته[/FONT] [FONT="]﴿[/FONT][FONT="]ولا تلمزوا أنفسكم[/FONT][FONT="]﴾[/FONT]! [FONT="]وهل يلمز الإنسان نفسه؟ الجواب:نعم، يلمز الإنسان نفسه بطريق غير مباشر، فإذا لمز الإنسان غيره فهو يشجع[/FONT] [FONT="]على أن يُعامل بنفس المعاملة، ويشجعُ على انتشار هذه العادة في المجتمع.[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="]ثم قال تعالى[/FONT][FONT="][FONT="]}[/FONT][/FONT][FONT="]ولا تنابزوا بالأَلقاب [/FONT][FONT="][FONT="]{[/FONT][/FONT][FONT="] والتنابز بالألقاب أن تقول لأخيك المسلم[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]مثلاً: يا أسود، يا طويل، يا أعرج، يا اعور ،يا قصير وغير ذلك من الأسماء التي يكره أن يدعى بها.[/FONT][FONT="] وسبب نزول هذه الآية الكريمة هو:[/FONT][FONT="] أن [/FONT][FONT="]كعب بن مالك وابن أبي حدرد [/FONT][FONT="][FONT="]t[/FONT][/FONT][FONT="] وقع بينهما خلاف، فقال له كعب يا أعرابي، يريد أن يبعده من الهجرة، فقال له الآخر يا يهودي، يريد لمخالطة الأنصار اليهود في يثرب ، فنزلت الآية.(تفسير ابن عطية)[/FONT]
[FONT="]أيها لأحباب! الألقاب على ثلاثة أنواع: -قسم يكرهه الإنسان ويبغضه، وهو ما يعير به، كالأعرج والأعور وغير ذلك، فهذا يحرم التسمية به أو النداء.[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="]-[/FONT][FONT="]قسم يحبه صاحبه كأبي تراب لعلي، والصديق لأبي بكر وذي النورين لعثمان والفاروق لعمر وسيف الله لخالد وأسد الله لحمزة رضي الله عنهم أجمعين[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]،[/FONT][FONT="]وهذا النوع يجوز التسمية به[/FONT][FONT="].[/FONT]
[FONT="]- [/FONT][FONT="]قسم غلب عليه الاستعمال، كالأعمش والطويل، مما اشتهر من أسماء الأشخاص ، فهذا جائز بشرط ألا يقصد قائله التعيير واللمز، وعلى[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]هذا المعنى ترجم البخاري - رحمه الله - في كتاب الأدب- باب ما يجوز من ذكر الناس نحو قولهم: الطويل والقصير لا يراد به تعيير[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]الرجل) قال: وقال النبي - [/FONT][FONT="][FONT="]r[/FONT][/FONT][FONT="]: "ما يقول ذو اليدين[/FONT][FONT="]". [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="]أيها المؤمنون! ينبغي على المسلم إذا سخر منه شخص آخر أو لمزه او ناداه بلقب يكرهه، أن لا يقابل سيئة بسيئة مثلها، بل عليه أن يقابل الإساءة بالإحسان،[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]لأن المؤمن كالنخلة كلما رجمت حجرا، أسقطت تمرا؛ مر إبراهيم بن أدهم على يهودي فقال له: ألحيتك -يا إبراهيم - أطهر من ذنب هذا الكلب، أم ذنب الكلب أطهر من لحيتك؟ فأجابه قائلا: إن كانت لحيتي في الجنة فهي أطهر من ذنب كلبك، وإن كانت في النار لذنب كلبك أطهر منها.[/FONT]
[FONT="]فما ملك هذا اليهودي إلا إن قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله: { وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * }[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="]ومر المسيح ابن مريم على نبينا وعليه الصلاة والسلام[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]بقوم فقالوا له شراً فقال لهم خيراً فقيل له: إنهم يقولون شراً وأنت تقول خيراً فقال: كل ينفق مما عنده.[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="]ورحم الله من قال[/FONT][FONT="] :[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="]يخاطبني السفيه بكل قبحٍ و آبى أن أكون له مجيباً[/FONT][FONT="]
[/FONT][FONT="]يزيد سفاهةً و أزيد حلماً[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]كعودٍ زاده الإحراق طيباً[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="]نفعني الله.. أقول قولي هذا[/FONT][FONT="]....[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] الخطبة الثانية[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="]وبعد أيها الأحباب: سبق وأخبرتكم في بداية هذه السلسلة، أنني لا أدخل إلى تفاصيل هذه الآيات، وإنما أقتصر على مضمونها قال تعالى{ [/FONT][FONT="]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [/FONT][FONT="]} تأملوا وتدبروا جيدا، في بداية الآية نهانا الله عز وجل عن السخرية واللمز والتنابز بالألقاب وهنا في آخر الآية [/FONT][FONT="]شدد تعالى علينا النهي بأن حكم بظلم من لم يتب ويقلع عن هذه الأشياء التي نهى عنها[/FONT][FONT="]{ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]بمعنى: ظلموا أنفسهم ، فأكسبوها عقاب الله بعدم تركهم لهذه المنهيات.[/FONT][FONT="]"[/FONT][FONT="] مُسِيءُ اللَّيْلِ حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِن مغْرِبِها» [/FONT]
[FONT="]وهنا أنبه إلى أن التوبة [/FONT][FONT="]ليست مجرد أن يقول الإنسان بلسانه أتوب إلى الله. [/FONT][FONT="]فالتوبة لها شروط ُلا تصح إلى بها: أولا, الندم على ارتكاب المعاصي. ثانيا: الإقلاع عن ذنوب تمارس في الحال، وعدم الإصرار عليها. ثالثا: أن يكون التائب ذا نية صادقة، في عدم العودة إلى هذا الذنب مرة أخرى.[/FONT]
[FONT="]وإذا كانت الذنوب تتعلق بحقوق العباد فعليه أن يردها إلى أصحابها إذا كان ممكنا، وإلا طلب منهم العفو والسماح. هذا وأكثروا من الصلاة والسلام على سيد المرسلين[/FONT]...[FONT="]اللهم وفق أمير المؤمنين محمدا السادس لكل خير، ونسألك اللهم أن تجري الخير على يديه، وأعنه على أداء رسالته، وتحقيق كل خير لشعبه وبلده. واحفظه في كافة أسرته الشريفة يارب العالمين، اللهم [/FONT] [FONT="]لا تدع لنا فى هذا اليوم العظيم ذنبا الا غفرته ولا كربا الا فرجته ولا عيبا الا سترته ولا دينا الا اديته ولا مريضا الا شفيته ولا حاجة لك فيها رضا ولنا فيها صلا الا قضيتها ويسرتها لنا يا رب العالمين[/FONT]
[FONT="]......اللهمّ أعطنا ولا تحرمنا...اللهمّ اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمَّن سواك ، اللهمّ لا تؤمنَّا مكرك ، ولا تهتِك عنَّا سترَك ، ولا تنسنا ذكرك ، يا رب العالمين.[/FONT]
[FONT="] [/FONT]