ولا تبطلوا أعمالكم
إبراهيم بن صالح العجلان
1437/10/09 - 2016/07/14 23:10PM
(ولا تبطلوا أعمالكم) 10/10/ 1437هـ
إخوة الإيمان:
كَدَّ وَسَعَى، أَجْهَدَ نَفْسَهُ وَأَعْيَى، خَطَّطَ وَدَبَّرَ، وَرَسَمَ وَقَدَّرَ، يَرْصُدُ حِسَابَاتِه، وَيُدَقِّقُ في تِجَارَاتِه، قَدْ بَرَقَ في خَيَالِه أمانٍ وَأَحْلَاَمٍ، وَمَشْرُوْعَاتٍ وَأَرْقَامٍ، بَيْدَ أنَّ سِهَامَ المَصَائِبِ قَدْ طَرَقَتْهُ، فَذَهَبَ مَا جَمَعَهُ وَتَعَنَّاهُ، وَصَارَ سَرَاباً مَا أمَّلَهُ وَتَمَنَّاهُ، فَعَادَ مَعْدُوْمَاً لَا يَمْلِكُ مِن القُوْتِ إلَّا كَفَافَاً.
لَا تَسَلْ بعدَ ذلكَ عنْ تَكَدُّرِ حَالِهِ، وَضِيْقِ صَدْرِهِ، وَتَتَابُعِ مَوَاجِعِهِ النَّفْسِيَّةِ، وَتَغَيُّرِ حَالَتِهِ الصِّحِّيَّة.
وإِذا كانَ هذا كلُّه يَحْدُثُ مَعَ المتَاعِ العَابِرِ، والنَّعِيْمِ الزَّائِلِ، فَقُلْ لي بِرَبَّكَ كَيْفَ هَوَ الحالُ مَعَ الخسارةِ الحقيقةِ التي إنْ حَلَّتْ، حَلَّ مَعَها الشَّقَاءُ وَالعَنَاءُ.
فَنَعُوذُ باللهِ مِنْ ضَيَاعِ الأَعْمَالِ الصالحةِ، فَمَا أَحْوَجَنَا أنْ نَصُونَ أعمالَنا وَأُجُورَنا من الخَطَايا المُبْطِلَةِ أو المقلِّلَةِ.
يتأكدُ الحديثُ عن حفظِ الأَعْمالِ الصَّالحةِ بعدَ مواسمِ الخيراتِ التي كَسِبَ فيها العبادُ كلَّ هدىً ورَشَاد، فَحِفْظُ العملِ بعدَ العمل سَعْيٌ صالح مبرور، وهو مُؤشِّرٌ على لزومِ الاستقامةِ، وحُسْنِ الاستجابة ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم ).
إنَّ الاحتراسَ من الخطيئاتِ والشرورِ، التي تبدد السَّعْيَ والأُجور، سُنَّةٌ سَنَّها لنا الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان t حين قال: (كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ rعَنْ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي) خرَّجه البخاري.
إنْ سَألتُمْ عن أعظمِ السيئاتِ التي تَهْدِمُ العملَ، وتجعلُه هباءً منثوراً هي تلك الخطيئة التي سمَّاها الله تعالى ظلماً عظيماً، الشرك بالله، أعظم فسادٍ وإفسادٍ في الأرض، لا يُقْبَلُ لصاحبه طاعة، ولا تنفعه قربه (إن الله لا يغفر أن يشرك به...). ومن الشرك بالله أن يصرفَ العبدُ شيئاً من أنواعِ العبادةِ لغيرِ الله، فمنْ دَعَا غير الله، أو ذبحَ لغيرِ الله، أو نذرَ واستغاثَ بغيرِ الله فقد حَبِطَ عَمَلُهُ، وَضَلَّ سَعْيُهُ (وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
مُرَآةُ المخلوقِيْنَ، وتَسْمِيْعُ النَّاسِ بالأعمالِ والقُرَبِ عمل طالح غير مقبول، مِصْدَاقُ ذلك في قولِ الحقِّ تعالى في الحديث القدسي الصحيح: أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يقولُ للمُرَائِيْنَ يومَ القيامةِ: (اذْهَبوا إلى الذين كًنتم تراءونَ في الدنيا فانْظُروا هلْ تجدونَ عندهم جزاءً) رواه الامام أحمد وغيره.
بل إنَّ الرياءَ لا يُحبطُ العملَ فقطْ بل يجعلُه حسرةً على صاحبِه يوم القيامة، وهلْ هناك سعيٌ أعظم من عملِ المجاهدِ أو العالمِ أو المنفقِ، هؤلاء إذا فَسَدَتْ نياتُهم وأرادوا مرآةَ الخلقِ كانوا أولَّ زمرةٍ تُسَعَّرُ بهم النارُ، والعياذ بالله، كما صح بذلكم الخبر عن سيد البشر r.
عباد الله: ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهجران التناصح وكُرْهُ أهلِه أسباب لحلول سخط الله على المجتمعات، ولعائن الله تعالى وسخطه تنزلت على بني إسرائيل لأنهم كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون، وارتكاب ما يسخط الجبار سبب من أسباب حبوط العمل يقول تعالى: (ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم).
وحينما تفسد النفوس بالهوى، وتخالف فطرة الله، فتكره تشريعات الدين، وشعائر الإسلام أو تبغض شيئا مما جاء به الرسول r من السنن القولية أو العملية، فهذا من أخطر الأبواب المؤذنة ببطلان العمل، يقول سبحانه عن أولئك الكارهين للشرع وأحكام الملة : (ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فاحبط أعمالهم).
لا يجتمعان الايمان، وبغض شيء مما جاء به سيد ولد عدنان (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا)
أيها المؤمنون: الردة عن الدِّين تجبُّ كلَّ عمل صالح قبلها، ولخطرها وعظم جرمها على الفرد والمجتمع والدين حذر منها العلماء في كتب العقائد والفقه.
ومن الردة إنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة، كمن يبيح ترك الصلاة أو ترك الزكاة، وكمن يصحح عقائد الكفار، أو يدعي جواز التدين بغير دين الإسلام، وكذا من يزعم أن الشعارات الضالة كالعلمانية أو الليبرالية أو الرأسمالية أو الاشتراكية خير من تشريعات الاسلام في نهج الحياة .
ومن الردة أيضا: انتقاص شعائر الدين أو نهج الاسلام في التشريع أو الزعم بأن تطبيق الشريعة لا يتواكب مع تطور البشر فهذا في حقيقة الأمر ما هو إلا طعن في الاسلام واتهامه بأنه منهج ناقص قاصر.
ومن أخطر أبواب الردة وأسرعها: الاستهزاء بشعائر الإسلام والسخرية بأحكام الدين، يقول تعالى عن قطيع المستهترين: (قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون لا تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم).
فمن أتى باباً من أبواب الردة العملية أو القولية أو الاعتقادية فقد حبط عمله يقول سبحانه رابطاً بين الردة وخسران العمل (ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد حبط عمله)
أيها المؤمنون: وإذا سادَ العُجْبُ في نفس المرء فتزاهى بعمله، وطفق يرمي الاخرين المذنبين المقصرين بأنهم ليسوا أهلاً لرحمة الله أو مغفرته، فهذا رجم بالغيب وتدخُّلٌ في أفعال الله تعالى، وصاحب هذا الجرم قد أتى بابا من أبواب خسران العمل، روى مسلم في صحيح عن جندب t أن رسول الله r قال: إن رجلا قال: والله لا يغفر الله لفلان فقال الله عز وجل: (من ذا الذي يتألَّى علي ألا أغفر لفلان، فإني قد غفرت لفلان، وأحبطت عملك).
ومن الأعمال الموجبة لذهاب الأجر، ترك صلاة العصر، روى البخاري في صحيح عن بريدة t أن النبي r قال: (من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله).
قال ابن القيم رحمه الله: (الترك نوعان: ترك كلي، لا يُصلِّيها أبداً، فهذا يُحبط العمل جميعه، وترك معين، في يوم معين، فهذا يُحبط عمل ذلك اليوم، فالحبوط العام في مقابلة الترك العام، والحبوط المعين في مقابلة الترك المعين).
أيها المسلمون :وحينما يختل ميزان الاعتقاد، وتختلط الحقائق بالخرافة فيضل العبد سواء السبيل، ويبحث عن الخلاص أو العلاج عند عتبات الكهان والمشعوذين، فقد أتى باباً عظيماً من أبواب ردِّ العمل يقول النبي t : (من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة) رواه مسلم في صحيحه.
هذا في مجرد السؤال أما تصديق خبره والأخذ بكلامه فهذا مروق من الدين بالكلية، يقول النبي r : (من أتى كاهناً أو عرَّافاً فصدَّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد)، رواه الامام أحمد وغيره وهو حديث حسن
المنُّ خلق سافل، وخصلة ذميمة تفسد الاحسان وتبطل الأعمال، وليست من أخلاق أهل المروءة والكرم(يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى).
العقل نعمة ربانية لا تقدر بثمن، وحينما يكفر المرء بهذه النعمة فيفسد عقله بيده فقد أتى خطيئة كبيرة وباباً من أبواب ردِّ العمل ففي الحديث: (من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين صباحا ) رواه الامام أحمد والنسائي وصححه ابن حبان.
ومن الخطايا المبددة للأعمال الصالحة أيضاً: عقوق الوالدين، والتكذيب بِقَدَرِ الله، يقول عليه الصلاة والسلام: (ثلاثةٌ لا يَقبلُ الله منهم عدلاً ولا صرفاً: عاقٌ، ومنَّانٌ، ومُكَذِّبٌ بالقَدَرِ) رواه ابن أبي عاصم والطبراني وحسنه المنذري والألباني.
ومن المنكرات المسبِّبه لضياع الحسنات ما ذكره النبي r في قوله:ثلاثة لا تجاوِز صلاتُهم آذانهم : العبد الآبق حتى يرجعَ ، وامرأة باتتْ وزوجُها عليها ساخِط، وإمامُ قومٍ وهمْ له كارهون)، خرجه الترمذي وهو حديث حسن.
بارك الله لي ولكم في الوحيين، وجعلنا من اتباع سيد الثقلين، واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب ووزر، فتوبوا إليه واستغفروه، إنه كان للأوابين غفوراً....
كَدَّ وَسَعَى، أَجْهَدَ نَفْسَهُ وَأَعْيَى، خَطَّطَ وَدَبَّرَ، وَرَسَمَ وَقَدَّرَ، يَرْصُدُ حِسَابَاتِه، وَيُدَقِّقُ في تِجَارَاتِه، قَدْ بَرَقَ في خَيَالِه أمانٍ وَأَحْلَاَمٍ، وَمَشْرُوْعَاتٍ وَأَرْقَامٍ، بَيْدَ أنَّ سِهَامَ المَصَائِبِ قَدْ طَرَقَتْهُ، فَذَهَبَ مَا جَمَعَهُ وَتَعَنَّاهُ، وَصَارَ سَرَاباً مَا أمَّلَهُ وَتَمَنَّاهُ، فَعَادَ مَعْدُوْمَاً لَا يَمْلِكُ مِن القُوْتِ إلَّا كَفَافَاً.
لَا تَسَلْ بعدَ ذلكَ عنْ تَكَدُّرِ حَالِهِ، وَضِيْقِ صَدْرِهِ، وَتَتَابُعِ مَوَاجِعِهِ النَّفْسِيَّةِ، وَتَغَيُّرِ حَالَتِهِ الصِّحِّيَّة.
وإِذا كانَ هذا كلُّه يَحْدُثُ مَعَ المتَاعِ العَابِرِ، والنَّعِيْمِ الزَّائِلِ، فَقُلْ لي بِرَبَّكَ كَيْفَ هَوَ الحالُ مَعَ الخسارةِ الحقيقةِ التي إنْ حَلَّتْ، حَلَّ مَعَها الشَّقَاءُ وَالعَنَاءُ.
فَنَعُوذُ باللهِ مِنْ ضَيَاعِ الأَعْمَالِ الصالحةِ، فَمَا أَحْوَجَنَا أنْ نَصُونَ أعمالَنا وَأُجُورَنا من الخَطَايا المُبْطِلَةِ أو المقلِّلَةِ.
يتأكدُ الحديثُ عن حفظِ الأَعْمالِ الصَّالحةِ بعدَ مواسمِ الخيراتِ التي كَسِبَ فيها العبادُ كلَّ هدىً ورَشَاد، فَحِفْظُ العملِ بعدَ العمل سَعْيٌ صالح مبرور، وهو مُؤشِّرٌ على لزومِ الاستقامةِ، وحُسْنِ الاستجابة ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم ).
إنَّ الاحتراسَ من الخطيئاتِ والشرورِ، التي تبدد السَّعْيَ والأُجور، سُنَّةٌ سَنَّها لنا الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان t حين قال: (كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ rعَنْ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي) خرَّجه البخاري.
إنْ سَألتُمْ عن أعظمِ السيئاتِ التي تَهْدِمُ العملَ، وتجعلُه هباءً منثوراً هي تلك الخطيئة التي سمَّاها الله تعالى ظلماً عظيماً، الشرك بالله، أعظم فسادٍ وإفسادٍ في الأرض، لا يُقْبَلُ لصاحبه طاعة، ولا تنفعه قربه (إن الله لا يغفر أن يشرك به...). ومن الشرك بالله أن يصرفَ العبدُ شيئاً من أنواعِ العبادةِ لغيرِ الله، فمنْ دَعَا غير الله، أو ذبحَ لغيرِ الله، أو نذرَ واستغاثَ بغيرِ الله فقد حَبِطَ عَمَلُهُ، وَضَلَّ سَعْيُهُ (وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
مُرَآةُ المخلوقِيْنَ، وتَسْمِيْعُ النَّاسِ بالأعمالِ والقُرَبِ عمل طالح غير مقبول، مِصْدَاقُ ذلك في قولِ الحقِّ تعالى في الحديث القدسي الصحيح: أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يقولُ للمُرَائِيْنَ يومَ القيامةِ: (اذْهَبوا إلى الذين كًنتم تراءونَ في الدنيا فانْظُروا هلْ تجدونَ عندهم جزاءً) رواه الامام أحمد وغيره.
بل إنَّ الرياءَ لا يُحبطُ العملَ فقطْ بل يجعلُه حسرةً على صاحبِه يوم القيامة، وهلْ هناك سعيٌ أعظم من عملِ المجاهدِ أو العالمِ أو المنفقِ، هؤلاء إذا فَسَدَتْ نياتُهم وأرادوا مرآةَ الخلقِ كانوا أولَّ زمرةٍ تُسَعَّرُ بهم النارُ، والعياذ بالله، كما صح بذلكم الخبر عن سيد البشر r.
عباد الله: ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهجران التناصح وكُرْهُ أهلِه أسباب لحلول سخط الله على المجتمعات، ولعائن الله تعالى وسخطه تنزلت على بني إسرائيل لأنهم كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون، وارتكاب ما يسخط الجبار سبب من أسباب حبوط العمل يقول تعالى: (ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم).
وحينما تفسد النفوس بالهوى، وتخالف فطرة الله، فتكره تشريعات الدين، وشعائر الإسلام أو تبغض شيئا مما جاء به الرسول r من السنن القولية أو العملية، فهذا من أخطر الأبواب المؤذنة ببطلان العمل، يقول سبحانه عن أولئك الكارهين للشرع وأحكام الملة : (ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فاحبط أعمالهم).
لا يجتمعان الايمان، وبغض شيء مما جاء به سيد ولد عدنان (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا)
أيها المؤمنون: الردة عن الدِّين تجبُّ كلَّ عمل صالح قبلها، ولخطرها وعظم جرمها على الفرد والمجتمع والدين حذر منها العلماء في كتب العقائد والفقه.
ومن الردة إنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة، كمن يبيح ترك الصلاة أو ترك الزكاة، وكمن يصحح عقائد الكفار، أو يدعي جواز التدين بغير دين الإسلام، وكذا من يزعم أن الشعارات الضالة كالعلمانية أو الليبرالية أو الرأسمالية أو الاشتراكية خير من تشريعات الاسلام في نهج الحياة .
ومن الردة أيضا: انتقاص شعائر الدين أو نهج الاسلام في التشريع أو الزعم بأن تطبيق الشريعة لا يتواكب مع تطور البشر فهذا في حقيقة الأمر ما هو إلا طعن في الاسلام واتهامه بأنه منهج ناقص قاصر.
ومن أخطر أبواب الردة وأسرعها: الاستهزاء بشعائر الإسلام والسخرية بأحكام الدين، يقول تعالى عن قطيع المستهترين: (قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون لا تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم).
فمن أتى باباً من أبواب الردة العملية أو القولية أو الاعتقادية فقد حبط عمله يقول سبحانه رابطاً بين الردة وخسران العمل (ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد حبط عمله)
أيها المؤمنون: وإذا سادَ العُجْبُ في نفس المرء فتزاهى بعمله، وطفق يرمي الاخرين المذنبين المقصرين بأنهم ليسوا أهلاً لرحمة الله أو مغفرته، فهذا رجم بالغيب وتدخُّلٌ في أفعال الله تعالى، وصاحب هذا الجرم قد أتى بابا من أبواب خسران العمل، روى مسلم في صحيح عن جندب t أن رسول الله r قال: إن رجلا قال: والله لا يغفر الله لفلان فقال الله عز وجل: (من ذا الذي يتألَّى علي ألا أغفر لفلان، فإني قد غفرت لفلان، وأحبطت عملك).
ومن الأعمال الموجبة لذهاب الأجر، ترك صلاة العصر، روى البخاري في صحيح عن بريدة t أن النبي r قال: (من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله).
قال ابن القيم رحمه الله: (الترك نوعان: ترك كلي، لا يُصلِّيها أبداً، فهذا يُحبط العمل جميعه، وترك معين، في يوم معين، فهذا يُحبط عمل ذلك اليوم، فالحبوط العام في مقابلة الترك العام، والحبوط المعين في مقابلة الترك المعين).
أيها المسلمون :وحينما يختل ميزان الاعتقاد، وتختلط الحقائق بالخرافة فيضل العبد سواء السبيل، ويبحث عن الخلاص أو العلاج عند عتبات الكهان والمشعوذين، فقد أتى باباً عظيماً من أبواب ردِّ العمل يقول النبي t : (من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة) رواه مسلم في صحيحه.
هذا في مجرد السؤال أما تصديق خبره والأخذ بكلامه فهذا مروق من الدين بالكلية، يقول النبي r : (من أتى كاهناً أو عرَّافاً فصدَّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد)، رواه الامام أحمد وغيره وهو حديث حسن
المنُّ خلق سافل، وخصلة ذميمة تفسد الاحسان وتبطل الأعمال، وليست من أخلاق أهل المروءة والكرم(يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى).
العقل نعمة ربانية لا تقدر بثمن، وحينما يكفر المرء بهذه النعمة فيفسد عقله بيده فقد أتى خطيئة كبيرة وباباً من أبواب ردِّ العمل ففي الحديث: (من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين صباحا ) رواه الامام أحمد والنسائي وصححه ابن حبان.
ومن الخطايا المبددة للأعمال الصالحة أيضاً: عقوق الوالدين، والتكذيب بِقَدَرِ الله، يقول عليه الصلاة والسلام: (ثلاثةٌ لا يَقبلُ الله منهم عدلاً ولا صرفاً: عاقٌ، ومنَّانٌ، ومُكَذِّبٌ بالقَدَرِ) رواه ابن أبي عاصم والطبراني وحسنه المنذري والألباني.
ومن المنكرات المسبِّبه لضياع الحسنات ما ذكره النبي r في قوله:ثلاثة لا تجاوِز صلاتُهم آذانهم : العبد الآبق حتى يرجعَ ، وامرأة باتتْ وزوجُها عليها ساخِط، وإمامُ قومٍ وهمْ له كارهون)، خرجه الترمذي وهو حديث حسن.
بارك الله لي ولكم في الوحيين، وجعلنا من اتباع سيد الثقلين، واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب ووزر، فتوبوا إليه واستغفروه، إنه كان للأوابين غفوراً....
الخطبة الثانية
أما بعد فيا إخوة الإيمان...
وتبلغ الحسرة غايتها، والألم نهايته حينما تذهب حسنات العبد وثواب عمله إلى موازين من لم يعملوها، فهذا هو الغبن والإفلاس الحقيقي الذي حذرنا منه النبي r، وهو حال الرجل الذي عمل ونصب وتعب، وأتى بصلاة وصيام وزكاة، ولكن أتى وفي عنقه ظلم وبغى، فأتى وقد شَتَمَ هذا ، وقذفَ هذا ، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا ، وضرب هذا ، فيُعطَى هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، فإن فَنيَتْ حَسَناتُهُ قبل أن يُقْضى ما عليه ، أُخِذَ من خطايهم فطُرِحَتْ عليه ، ثم يُطْرَحُ في النار» أخرجه مسلم.
وأخيراً يا أهل الإيمان فإن الحفاظ على صالح العمل مؤشر على تجذر التقوى، وصدق الإيمان، وجنة الرحمن، إنما تورث لمن عمل وحفظ عمله من البطلان، (ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون).
تلك عباد الله طرف من سيء الأفعال التي تذهب صالح الأعمال، فتحسسوها واحذروها، وافقَهُوهَا واتَّقوها، وقديماً قال الحمداني أبو فراس:
عرفت الشَّرَّ لا للشَّ *** رِ لكن لتوقِّيهِ
ومن لم يعرف الشَّـرَّ *** من النَّاس يقع فيهِ
اللهم صلِّ على محمد....
وتبلغ الحسرة غايتها، والألم نهايته حينما تذهب حسنات العبد وثواب عمله إلى موازين من لم يعملوها، فهذا هو الغبن والإفلاس الحقيقي الذي حذرنا منه النبي r، وهو حال الرجل الذي عمل ونصب وتعب، وأتى بصلاة وصيام وزكاة، ولكن أتى وفي عنقه ظلم وبغى، فأتى وقد شَتَمَ هذا ، وقذفَ هذا ، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا ، وضرب هذا ، فيُعطَى هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، فإن فَنيَتْ حَسَناتُهُ قبل أن يُقْضى ما عليه ، أُخِذَ من خطايهم فطُرِحَتْ عليه ، ثم يُطْرَحُ في النار» أخرجه مسلم.
وأخيراً يا أهل الإيمان فإن الحفاظ على صالح العمل مؤشر على تجذر التقوى، وصدق الإيمان، وجنة الرحمن، إنما تورث لمن عمل وحفظ عمله من البطلان، (ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون).
تلك عباد الله طرف من سيء الأفعال التي تذهب صالح الأعمال، فتحسسوها واحذروها، وافقَهُوهَا واتَّقوها، وقديماً قال الحمداني أبو فراس:
عرفت الشَّرَّ لا للشَّ *** رِ لكن لتوقِّيهِ
ومن لم يعرف الشَّـرَّ *** من النَّاس يقع فيهِ
اللهم صلِّ على محمد....
المرفقات
محبطات الأعمال.docx
محبطات الأعمال.docx
المشاهدات 2662 | التعليقات 3
آمل تصحيح الآية في أول الخطبة ..
ولا تبطلوا أعمالكم
شكر الله لك حسن ظنك وتشجيعك شيخ ناصر ...
وتم تعديل الآية أخي أبا العنود
دمتم موفقين مسددين
ناصر بن مبارك آل شملان
ماشاء الله دائما مبدع ومتألق ياشيخ إبراهيم .... خطب رائعة وشاملة.
تعديل التعليق