وقولوا للناس حُسْنًا.مُوافقة لتعميم الوزارة. خُطبَةٌ مُختصرة 21 / 1 / 1444هـ

نجم الدين
1444/01/20 - 2022/08/18 20:21PM

وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا.موافقة لتعميم الوزارة. خُطبَةٌ مُخْتَصَرَةٌ   21 /1 / 1444هـ

الخُطْبَةُ الأُولَى

إن الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آله وَصَحْبِهِ أجمعين وسَلَّمَ تَسْـلِيمًا كَــثِيْــرا، أمَّا بَعْدُ :

 فاتقوا الله عباد الله، فتقوى اللهِ وصيةُ اللهِ للأوَّلِينَ والآخِرِينَ،﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [ آل عمران :102].
عباد الله:  نِعْمَةٌ وَمِنَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ، تَسْتَحِقُّ الشُّكْرَ، وتَوْفِيقٌ، وَفُضْلٌ مِنَهُ سُبْحَانَهُ، يَسْتَحِقُّ الْحَمْدَ؛ أَنْ يُــوَفَقَ العبدُ للكلامِ الطَّيِّبِ والـمَنْطِـقِ الـحَسَنِ،قال تَعَالَى ﴿ وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ ﴾  [الحج: 24]

هداهمُ اللهُ لشهادةِ ألّا إلهَ إلّا الله، وهداهم لذكرِهِ، وشُكرهِ، ودُعَائِهِ، وتلاوةِ كتَابهِ، وفي الآخرةِ لايَسمَعُونَ إلا البُشرى تَتْلُوهَا البُشرى : ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ) [الْحِجْرِ، 46] ،  وَقَالَ تعالى: ﴿ لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا﴾ [الْوَاقِعَةِ، 26]  و أمَرَ –سبحانهُ- عِبادَهُ فقال ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْـزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِيناً ﴾   [الإسراء: 53].   قال السعدي رحمه الله في تفسير هذه الآية : (.. وهذا أمرٌ بكلِ كلامٍ يُــقــرّبُ إلى اللهِ مِنْ قِراءةٍ، وذكرٍ وعلمٍ، وأمرٍ بـمعروفٍ، ونهيٍ عن منكرٍ، وَكَلامٍ حَسَنٍ لَطِـيفٍ مَعَ الـخَلْقِ على اختلاف مراتِــبِهِم ومنازلـِهم، وأنَّـــهُ إذا دَارَ الأمرُ بيــْنَ أمرينِ حَسَنَيْنِ فإنّهُ يأمُرُ بإيثارِ أَحْسَنِهِمَا إنْ لم يُـمكن الجمعُ بَيْنَهُمَا. والقولُ الـحَسَنُ داعٍ لكل خُلُقٍ جميلٍ وعَمَلٍ صالحٍ فإنّ مَنْ مَلَكَ لسانَهُ مَلَكَ جميعَ أمرِهِ. ..)
عبادالله : رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هو الـمَـثَلُ الأعلى لأُمَتِهِ - عَلّمَنَا،  أدَبَ التخاطبِ وعِفّةَ اللسانِ، فقال عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ " لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلَا بِاللَّعَّانِ وَلَا الْفَاحِشِ وَلَا الْبَذِيءِ "   رواه الترمذي، وأحمد، وصححه الألباني

وأخْـبَرنا بأنّ الكلمةَ الطيبةَ صدقةٌ، فعَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اتَّقُوا النَّارَ» ثُمَّ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ، ثُمَّ قَالَ: «اتَّقُوا النَّارَ» ثُمَّ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ ثَلاَثًا، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ »رواه البخاري ومسلم  .

الكلامُ الطـــيّبُ، لَهُ أَثَرٌ مباركٌ في الدنيا،وأجرٌ وَرِفْعَةٌ في الآخرة،  قال عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ "إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا، أَعَدَّهَا اللَّهُ لِمَنْ أَلَانَ الْكَلَامَ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَتَابَعَ الصِّيَامَ، وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ" رواه أحمد.وصححه الألباني.

 أيها المسلمون: كَلِمَةٌ، قد تكون سببًا في سعادة إنسانٍ، وكَلِمَةٌ قد تكون سببًا في هلاك آخَرٍ،       قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ»           رواه البخاري ومسلم

 فكم من كلمةٍ طيبةٍ كَــتَبَ اللهُ بها الرضوان،كم من كلمةٍ خبيثةٍ ،كانت سببًا في شقاء صاحبها وهلاكه.  عبادالله: الوالدان هُـما أحَقُّ الناسِ بحُسْنِ المَنطِقِ،وجميل العِبارةِ،﴿وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾ [الإسراء: 23]  أَيْ: وقُل لهما قولًا جميلًا حَسَنًا ليِّنًا سَهَلًا مِنْ أحْسَنِ ما تجد من القولِ، وبعدَهُما في المنزلةِ؛ الأرحامُ؛ الأقربُونَ، فَحُسْنُ الكلام معهم، والتَّلَطُّفُ إليهم، مِنْ صِلَةِ الرحم.إخوة وأخوات وأبناء وبنات، وأعمام وعمات وأخوال وخالات وغيرهم من الأرحام.، الكلامُ معهم ينبغي أَنْ يُشْعِرُهُم بالمودةِ، والمحبةِ، والأُلفَةِ، ولاتُــقَابَلُ الْإِسَاءَةُ بالْإِسَاءَةِ: قال تعالى  ﴿  وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) ﴾ [فُصّلَت:34]    قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:    أَمَرَ بِالصَّبْرِ عِنْدَ الْغَضَبِ، وَبِالْحِلْمِ عِنْدَ الْجَهْلِ، وَبِالْعَفْوِ عِنْدَ الْإِسَاءَةِ.

 اللهمَّ إِنَّا نَسألُكَ خشْيَتَكَ في الغيبِ والشهادَةِ، و نَسأَلُكَ كَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الرِّضَا والغضَبِ

باركَ اللّهُ لِي ولَكُم في الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بـما فِــيهِ مِنَ الآيَاتِ والذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُوُلُ قَوْلِي هَذَا، وأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ ا الْجَلِيلَ لي وَلَكم ولِسَائرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. 

الخُطْبَةُ الثَانِيَةُ :  الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وحدهُ لاشريك لهُ، تَعْظِيمًا لِشَأنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ، وَأَصْحَابِهِ، وَأَتْبَاعِهِ، إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرا ، أمَّا بَعْدُ:

فيا عبادالله :إِنَّ المسلمَ قد يُواجهُ ويَتعاملُ مع غيرِ المسلمينَ من الكفّار، ففي تعاملِهِ مَعهُم ينبغي عليه ألّا يظلِمَـهُم، ويَحرُم عليهِ أَنْ يعتدي عليهِم،بغير وجه حَقٍ، وَهُمْ دَاخلونَ في عموم قوله تعالى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ﴾

وَقدْ أَمَرَ اللَّهُ –تَعَاْلَى- مُوسَى وَهَارُونَ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، حِينَ بَعَثَهُمَا إِلَى فِرْعَوْنَ فَقَالَ سبحانه:          ﴿ فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾ [طه: 44] .

أيها المسلمون: والـمُعَاهَدُونَ والــمُسْتَأمَـنُونَ مِنْ الـكُفّار الذين يعيشون بين الـمسلمينَ، يَـحرُمُ نقْضُ عُهودِهم وَمَوَاثِـيـــــقِهم، كما يَـحرُمُ إيذَائُهم، والاعتداءُ على أموالِـهم أو أنفُسِهم، ،قَاْلَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، : «مَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا»رواه البخاري

وسِـمَـــــةُ الـمجتمعِ الــمسلمِ التعاملُ بالــحُسنى مع غير المسلمين من المستأمنين والمعاهدين ، وهذه المعاملةُ من شأنــها أَنْ تُرَغّبَهم في الدخول في الإسلام، كَمَا أَنّهَاْ لا تَعنِي مَودَتَـهُم، ومَـحبَتَهُم، أَوْ مَـحبَـةَ مَاْهُم عليهِ مِنْ عقائدَ فاسدةٍ أو الرِّضَى بِـهَا. وحِينَ يأَتي غير الــمُسلِم لبِلادِنَـا بـمُوجِبِ عَهٍد وميثاٍق، وَعقْدٍ، ،فإنّ لَهُ حَقُّ الأَمانِ ما وَفَّى بعهدِهِ.

معاشر المسلمين: وإنَهُ لَــمِنَ الـــمُحزنِ أَنْ يـَأتِـيَ مِثلُ هؤلاء لبلاد الــمسلمين ويعيشون بالسنين ويرجعون لبلادهم، ولــم يُبْذَل جُهدٌ وَتَعَبٌ في دعوتهم للإسلام مع تَيَسّرِ وسائِل الدعوةِ بكل اللغات، فليــبْذُل كلٌ منا قُصارى جُهدِه في الدعوة إلى الله تعالى، قال عليه الصلاة والسلام لعلي بنِ أبي طالب رضي الله عنه     (..  فَوَاللَّهِ لَأَنْ يُهْدَى بِكَ رَجُلٌ وَاحِدٌ خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ..) رواه البخاري

اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الْإِيمَانِ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:: صَلُّوا وَسَلِّمُوا -رحمكم الله- على مَنْ أمركم الله بالصلاة عليه، فقال عَـــزّ مِنْ قائل:

 ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [ الأحزاب:56]

 اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ، وَأَصْحَاْبِهِ الطَّاهِرِينَ، وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ وَ اقْتَفَى أَثَرَهُ إلى يَوْمِ الدِّينِ، وَعَنَّا مَعَهُم بكرمكَ وَمَنّكَ، يَاْ أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا.اَللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُوْرِنَا، وَاجْعَلْ وِلَايَتَنَا فِيْمَنْ خَافَكَ، وَاتَّقَاكَ، وَاتَّبَعَ رِضَاكَ.

عبادالله :﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾     [ النحل:90] فَاذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ الْجَلِيلَ يَذْكُرَكُمْ ، وَاشْكُرُوهُ على نِعَمهِ يَزِدْكُمْ، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.  

 

المرفقات

1660843262_وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا.موافقة لتعميم الوزارة. خُطبَةٌ مُخْتَصَرَةٌ 21محرم1444.docx

1660843271_وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا.موافقة لتعميم الوزارة. خُطبَةٌ مُخْتَصَرَةٌ 21محرم1444.pdf

المشاهدات 3429 | التعليقات 0