وقفة مع حديث إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا

عايد القزلان التميمي
1441/01/28 - 2019/09/27 08:25AM

الحمد لله رب الأرض والسماء، سميع الدعاء، كاشف الضر والبلاء، أحمد ربي وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الأسماء الحسنى، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله إمام الحنفاء، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه الأتقياء

أما بعد فيا عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله في السر والعلن

أيها المؤمنون فقد ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه قال  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله طيِّبٌ لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا [المؤمنون: 51]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ [البقرة: 172]، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعثَ أغبرَ يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب، ومطعمه حرامٌ، ومشربه حرامٌ، وغُذِيَ بالحرام، فأنى يستجاب له؟!))؛ رواه مسلمٌ.هذا الحديث العظيم يدل على أن ربنا - جلَّ وعلا - طيب لا يقبل إلا طيبًا، لا يقبل من أعمالنا إلا الطيب، فالخبيث ما يقبله، والخبيث ما كان لغيره، قد وقع فيه الشرك، أو كان على غير السنةأو على غير الشريعة، يكون رديئًا، ما يُقبل، فلا يقبل إلا إذا توافر فيه شرطان: أحدهما: أن يكون لله خالصًا، والثاني: أن يكون للشريعة مُوافقًا، لا بدَّ من الشرطين؛ لأنَّ العمل الصالح يشتمل على هذاإِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ [البقرة:277

فلا بدَّ أن يكون العمل طيبًا: من صلاةٍ وصومٍ وحجٍّ وصدقات، وغير ذلك، لا بدَّ أن يكون طيبًا، ولا يكون طيبًا إلا بشرطين: أحدهما: أن يكون لله، ليس فيه رياء ولا سمعة، الثاني: أن يكون مُوافقًا للشريعة.

عباد الله : وإنَّ الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال - جلَّ وعلا -:(( يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا [المؤمنون)):51]، وقال:(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ ))[البقرة:172]، فأمر بالشكر لله والعمل الصالح، مع الأكل من الطيبات المباحة.

فالواجب على المؤمن أن يتقيد بالطيبات، وهي الحلال المباحة: من أكلٍ وشربٍ وغير ذلك، وأن يُطيع الله ويُشكره على ما أعطاه من النعم، وهذا الشكر يكون بالإخلاص له، وبمتابعة رسوله، هذا هو الشكر؛ بأن يُؤدي ما أوجب الله عليه، ويدع ما حرَّم الله عليه عن نيةٍ خالصةٍ لله، هذا هو الشكر على ما رزقه من الطيبات، ومَن استعان بنعمه على معاصيه فقد أخطأ، ومَن عمل لغير وجه الله فقد أخطأ، ومَن ابتدع في الدين فقد أخطأ، لا بدَّ أن يستعين بنعمه على طاعته، الموافق لشريعته التي هي خالصة له :(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ)).

الشكر لله: أداء حقِّه، وترك معصيته عن إيمانٍ به ومحبَّةٍ وإخلاصٍ، وهذا هو العمل الصالح، يُسمَّى: شكرًا، فالذي يعمل الصَّالحات لله وحده يُسمَّى: شاكرًا، إذا اتَّقى ربَّه وأدَّى ما أوجب الله عليه وترك ما حرَّم الله عليه يُسمَّى: شاكرًا، قال تعالى: ((اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ  شُكْرًا ))، وقال: ((فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ)) [البقرة:152]، فشكر الله هو أداء حقِّه على الوجه الذي شرعه سبحانه وتعالى، لا شركَ فيه ولا بدعةَ.

عباد الله : ثم ذكر الرسولُ الرجلَ – يعني: الرجل من الرجال، الإنسان من بني آدم - يُطيل السفر، أشعث، أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، أتى بأسباب إجابة الدعاء ومنها دعوة المسافر، تُرجى إجابتها، والأشعث الأغبر الفقير المضطر تُرجى إجابته، ويمد يديه من أسباب الإجابة: يا رب، يا رب، والإلحاح من أسباب الإجابة، كونه يُلحُّ في الدعاء، ومع هذه الأسباب لا تُقبل دعوته، لماذا؟ لأنه يأكل الحرامَ، ويلبس الحرام، ويتغذَّى بالحرام، فدلَّ ذلك على أن التمتع بالحرام من أسباب حرمان الإجابة، يعني: التَّغذي بالحرام في أكلٍ وشربٍ ولبسٍ وغير ذلك يكون من أسباب حرمان الإجابة.

فالواجب على المؤمن أن يتَّقي الله، وأن يُراقب الله، وأن يتحرى الحلالَ في أكله وشربه وسكنه ولبسه وغير ذلك، ولو تعاطى الأسباب الأخرى ما تنفعه إذا لم يستقم على ما أحلَّ الله، وعلى ترك ما حرَّم الله عليه، فقد يُحْرم الإجابة بهذا، وقد يضطر ويُجاب وإن كان كافرًا، لكن كونه يتعاطى هذه الأمور من أسباب الإجابة: كونه يتحرى الحلال، يُلح في الدعاء، يجتهد في الدعاء، يُخلص لله، هذا من أسباب الإجابة، وكونه يتعاطى الحرام من أسباب حرمان الإجابة، ولا حول ولا قوة إلا بالله، نسأل الله العافية.

بارك الله لي ولكم ....

الخطبة الثانية :

الحمد لله رب العالمين أمر بالدعاء ووعد بالإجابة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، توعد المجرمين بالعقاب، ووعد المتقين بالإثابة، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.

عباد الله: إن أمة الإسلام اليوم في كرب شديد وضائقة عظيمة وشدة كبيرة تمر بأصعب مراحلها وأشق أيامها تكالبت عليها الأمم وتداعت عليها الدول وتآمر عليها الأعداء، تزرع لأبنائها الشهوات وتصدر لهم الشبهات وتقدم لهم المغريات، وإن من أهم الأسلحة وأقوى الأسباب الدفاع وأحدّ السيوف الفتك هو الدعاء، فليس لنا ملجأ ولا منجا منه إلا إليه، فيجب علينا كثرة الدعاء واللجوء إلى الله تعالى مع البعد عن موانع الإجابة.

ولنعلم أن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، واقرؤوا تاريخ الأمة المجيد لتروا العجب العجاب من أثر الدعاء وأنه سبب رئيس للنصر والتمكين .

 عباد الله صلوا وسلموا على رسول الله ...............

المرفقات

وقفة-مع-حديث-إن-الله-طيب-لا-يقبل-إلا-طيب

وقفة-مع-حديث-إن-الله-طيب-لا-يقبل-إلا-طيب

وقفة-مع-حديث-إن-الله-طيب-لا-يقبل-إلا-طيب

المشاهدات 2352 | التعليقات 0