وقفة محاسبة
صالح العويد
1434/12/26 - 2013/10/31 15:30PM
أيها الناس، حاسبوا أنفسكم اليوم فأنتم أقدر على العلاج منكم غدًا، فإنكم لا تدرون ما يأتي به الغد، حاسبوها في ختام عامكم وفي جميع أيامكم، فإنها خزائنكم التي تحفظ لكم أعمالكم، وعما قريب تفتح لكم فترون ما أودعتم فيها. خطب أبو بكر الصديق رضي الله عنه فقال: (إنكم تغدون وتروحون إلى أجل قد غيِّب عنكم عِلمه، فإن استطعتم أن لا يمضي هذا الأجل إلا وأنتم في عمل صالح فافعلوا)، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (أيها الناس، حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، وتأهبوا للعرض الأكبر على الله، يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (ارتحلت الدنيا مدبرة، وارتحلت الآخرة مقبلة، ولكل منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولاتكونوا من أبناء الدنيا. فإن اليوم عمل و لاحساب، وغداً حساب ولا عمل
هل نظر الإنسان وفكر كما فكر ابن الصمّة وهو أحد الصالحين؟! فذات مرة جلس مع نفسه يحاسبها فقال: كم عمري الآن؟! فتذكر أنه ابن ستين سنة، فأخذ يحسب أيامها فإذا هي واحد وعشرون ألفًا وخمسمائة يوم، فقال يحاسب نفسه: ويلتا أألقى الله بواحد وعشرين ألفًا وخمسمائة ذنب؟! هذا على فرض أن يذنب ذنبًا واحدًا كل يوم فقط، كيف وفي كل يوم عشرات الذنوب؟! فجعل يبكي ويبكي حتى سقط مغشيًا عليه ثم مات رحمه الله، فلما مات سمعوا من يقول: يا لها من ركضة إلى الفردوس الأعلى!
فعلى صاحب البصر النافذ أن يتزود من نفسه لنفسه، ومن حياته لموته، ومن شبابه لهرمه، ومن صحته لمرضه،. ومن أصلح ما بينه وبين ربه كفاه ما بينه وبين الناس، من صدق في سريرته حسنت علانيته، ومن عمل لآخرته كفاه الله أمر دنياه.
والمحاسبة الصادقة ما أورثت عملاً، فعليك ـ يا عبد الله ـ أن تستدرك ما فات بما بقي، فتعيش ساعتك ويومك، ولا تشتغل بالندم والتحسر من غير عمل. واعلم أن من أصلح ما بقي غفر له ما مضى، ومن أساء فيما بقي أخذ بما مضى وبما بقي. والموت يأتيك بغتة، فأعط كل لحظة حقها، وكل نفَس قيمته، فالأيام مطايا، والأنفاس خطوات، والصالحات هي رؤوس الأموال، والربح جنات عدن، والخسارة نار تلظى، لا يصلاها إلا الأشقى، وأنت حسيب نفسك.
عباد الله، لنتذكر بانقضاء العام انقضاء العمر، وبسرعة مرور الأيام قرب الموت، وبتغير الأحوال زوال الدنيا وحلول الآخرة، فكم ولِد في هذا العام من مولود! وكم مات من حي! وكم استغنى فيه من فقير وافتقر من غني! وكم عز فيه من ذليل وذل فيه من عزيز! كم من قريب لنا وخليل وصاحب افتقدناه هذا العام وأفضى إلى ما قدم وعمل! الأيام تُطوى، والأعمار تَفنى، والأبدان تَبلى، والسعيد من طال عمره وحسن عمله، والشقي من طال عمره وساء عمله كماصح بذلك الخبروالأعمال بالخواتيم فمن أصلح فيما بقي غفر له ما مضى، ومن أساء فيما بقي أخذ بما مضى وما بقي، الموتى يتحسّرون على فوات الحسنات الباقية، والأحياء يتحسرون على فوات أطماع الدنيا الفانية، ما مضى من الدنيا وإن طالت أوقاته فقد ذهبت لذاته وبقيت تبِعاته، وكأن لم يكن إذا جاء الموت وميقاته
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: )اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنْ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِير(ٍ الشورى:47.اللهم اجعل يومنا خيراً من أمسنا، وغدنا خيراً من حاضرنا ، بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم
الحمد لله هدم بالموت مشيد الأعمار، أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، حكم بالفناء على أهل هذه الدار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة أرجو بها النجاة من عذاب النار، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله المصطفى المختار، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه المهاجرين والأنصار، والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما تعاقب الليل والنهار.
أما بعد: أيها المسلمون، وإن على الأمة جمعاء أن تحاسب نفسها وتقف وقفات صادقة مع حالها وهي تودع عامًا هجريًا: ما حال مقدساتها؟ وأراضي القدس السليبة لا تزال تئنّ تحت وطأة اليهود الغاصبين أبناء القردة والخنازير، عثا فيه اليهود وعثوا في الأرض المباركة من حوله هدمًا وتخريبًا وتقتيلاً وحصاراوتشريدًا. إنها لحسرة وندامة وذلة أن ينصرم هذا العام ولا زالت أولى القبلتين وثالث المسجدين تحت وطأة اليهود المعتدين، ناهيك عن شلالات الدماء وقطع الأشلاء الكثيرة في أقطار شتى من المعمورة من أرض الإسلام في أرض الشام والعراق ومالي وبورماوكشميروأفغانستان فإلى متى ويدخل عليهم العام تلوالعام والحكومات لاحراك وهم نيام قيض الله لهم جندامن جنده ونصرامن نصره
فاتقواالله عبادالله وتمسكوابكتاب ربكم وسنة نبيكم وانصرواالله ينصركم واحذروامجاراةالكفاروتهنئتهم ومشاركتهم في أعيادهم وعامهم فهومنكرومحرم واعلموا أنكم تستقبلون فاتحة شهورِ العام شهرُ الله المحرَّم، من أعظم الشهور عند الله، عظيمُ المكانةقديم الحرمة ، فيه نصر الله موسى وقومَه على فرعونَوملئه، ومن فضائلِه كثرةُ صيامِ أيّامه، يقول - عليه الصلاة والسلام -: ((أفضلالصيام بعد رمضان شهرُ الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل)) رواهمسلم واعلموابأنكم في خير موسم للمؤمن فصل الشتاء الغنيمة الباردة طال ليله فعمره بالقيام وقصرنهاره فأكثرفيه الصيام وفقني الله وإياكم لصالح العمل، ووقانا جميعا من الإثم والزلل هذا واعلموا رحمكم الله أن من أفضل الطاعات وأشرف القربات كثرة صلاتكم وسلامكم على خير البريَّات صاحب المعجزات الباهرات والآيات البينات، فقد أمركم بذلك ربكم جل وعلا، فقال تعالى قولا كريما: ] إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما [، اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا وقدوتنا محمد بن عبدالله
هل نظر الإنسان وفكر كما فكر ابن الصمّة وهو أحد الصالحين؟! فذات مرة جلس مع نفسه يحاسبها فقال: كم عمري الآن؟! فتذكر أنه ابن ستين سنة، فأخذ يحسب أيامها فإذا هي واحد وعشرون ألفًا وخمسمائة يوم، فقال يحاسب نفسه: ويلتا أألقى الله بواحد وعشرين ألفًا وخمسمائة ذنب؟! هذا على فرض أن يذنب ذنبًا واحدًا كل يوم فقط، كيف وفي كل يوم عشرات الذنوب؟! فجعل يبكي ويبكي حتى سقط مغشيًا عليه ثم مات رحمه الله، فلما مات سمعوا من يقول: يا لها من ركضة إلى الفردوس الأعلى!
فعلى صاحب البصر النافذ أن يتزود من نفسه لنفسه، ومن حياته لموته، ومن شبابه لهرمه، ومن صحته لمرضه،. ومن أصلح ما بينه وبين ربه كفاه ما بينه وبين الناس، من صدق في سريرته حسنت علانيته، ومن عمل لآخرته كفاه الله أمر دنياه.
والمحاسبة الصادقة ما أورثت عملاً، فعليك ـ يا عبد الله ـ أن تستدرك ما فات بما بقي، فتعيش ساعتك ويومك، ولا تشتغل بالندم والتحسر من غير عمل. واعلم أن من أصلح ما بقي غفر له ما مضى، ومن أساء فيما بقي أخذ بما مضى وبما بقي. والموت يأتيك بغتة، فأعط كل لحظة حقها، وكل نفَس قيمته، فالأيام مطايا، والأنفاس خطوات، والصالحات هي رؤوس الأموال، والربح جنات عدن، والخسارة نار تلظى، لا يصلاها إلا الأشقى، وأنت حسيب نفسك.
عباد الله، لنتذكر بانقضاء العام انقضاء العمر، وبسرعة مرور الأيام قرب الموت، وبتغير الأحوال زوال الدنيا وحلول الآخرة، فكم ولِد في هذا العام من مولود! وكم مات من حي! وكم استغنى فيه من فقير وافتقر من غني! وكم عز فيه من ذليل وذل فيه من عزيز! كم من قريب لنا وخليل وصاحب افتقدناه هذا العام وأفضى إلى ما قدم وعمل! الأيام تُطوى، والأعمار تَفنى، والأبدان تَبلى، والسعيد من طال عمره وحسن عمله، والشقي من طال عمره وساء عمله كماصح بذلك الخبروالأعمال بالخواتيم فمن أصلح فيما بقي غفر له ما مضى، ومن أساء فيما بقي أخذ بما مضى وما بقي، الموتى يتحسّرون على فوات الحسنات الباقية، والأحياء يتحسرون على فوات أطماع الدنيا الفانية، ما مضى من الدنيا وإن طالت أوقاته فقد ذهبت لذاته وبقيت تبِعاته، وكأن لم يكن إذا جاء الموت وميقاته
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: )اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنْ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِير(ٍ الشورى:47.اللهم اجعل يومنا خيراً من أمسنا، وغدنا خيراً من حاضرنا ، بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
الحمد لله هدم بالموت مشيد الأعمار، أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، حكم بالفناء على أهل هذه الدار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة أرجو بها النجاة من عذاب النار، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله المصطفى المختار، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه المهاجرين والأنصار، والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما تعاقب الليل والنهار.
أما بعد: أيها المسلمون، وإن على الأمة جمعاء أن تحاسب نفسها وتقف وقفات صادقة مع حالها وهي تودع عامًا هجريًا: ما حال مقدساتها؟ وأراضي القدس السليبة لا تزال تئنّ تحت وطأة اليهود الغاصبين أبناء القردة والخنازير، عثا فيه اليهود وعثوا في الأرض المباركة من حوله هدمًا وتخريبًا وتقتيلاً وحصاراوتشريدًا. إنها لحسرة وندامة وذلة أن ينصرم هذا العام ولا زالت أولى القبلتين وثالث المسجدين تحت وطأة اليهود المعتدين، ناهيك عن شلالات الدماء وقطع الأشلاء الكثيرة في أقطار شتى من المعمورة من أرض الإسلام في أرض الشام والعراق ومالي وبورماوكشميروأفغانستان فإلى متى ويدخل عليهم العام تلوالعام والحكومات لاحراك وهم نيام قيض الله لهم جندامن جنده ونصرامن نصره
فاتقواالله عبادالله وتمسكوابكتاب ربكم وسنة نبيكم وانصرواالله ينصركم واحذروامجاراةالكفاروتهنئتهم ومشاركتهم في أعيادهم وعامهم فهومنكرومحرم واعلموا أنكم تستقبلون فاتحة شهورِ العام شهرُ الله المحرَّم، من أعظم الشهور عند الله، عظيمُ المكانةقديم الحرمة ، فيه نصر الله موسى وقومَه على فرعونَوملئه، ومن فضائلِه كثرةُ صيامِ أيّامه، يقول - عليه الصلاة والسلام -: ((أفضلالصيام بعد رمضان شهرُ الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل)) رواهمسلم واعلموابأنكم في خير موسم للمؤمن فصل الشتاء الغنيمة الباردة طال ليله فعمره بالقيام وقصرنهاره فأكثرفيه الصيام وفقني الله وإياكم لصالح العمل، ووقانا جميعا من الإثم والزلل هذا واعلموا رحمكم الله أن من أفضل الطاعات وأشرف القربات كثرة صلاتكم وسلامكم على خير البريَّات صاحب المعجزات الباهرات والآيات البينات، فقد أمركم بذلك ربكم جل وعلا، فقال تعالى قولا كريما: ] إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما [، اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا وقدوتنا محمد بن عبدالله
صالح العويد
مايناسب لبداية الخطبة
من على هذاالرابط
https://khutabaa.com/forums/موضوع/137640
تعديل التعليق