وَقَفَاتٌ مَعَ مَظَاهِرَ فِي الامْتِحَانَاتِ 4 شَعْبَانَ 1436 هـ

محمد بن مبارك الشرافي
1436/08/02 - 2015/05/20 19:36PM
وَقَفَاتٌ مَعَ مَظَاهِرَ فِي الامْتِحَانَاتِ 4 شَعْبَانَ 1436 هـ
الْحَمْدُ للهِ تَفَرَّدَ بِالْحَوْلِ وَالْقُدْرَة ، خَلَقَ الإِنْسَانَ وَأَحْصَى عُمْرَه , أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ فَكَمْ أَقَالَ مِنْ عَثْرَة ، وَأَنْزَلَ الْقُرْآنَ مَوْعِظَةً وَذِكْرَى فَكَمْ أَسَالَتْ آيَاتُهُ مِنْ عَبْرَة . وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه , وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، بَعَثَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ فَضَمِنَ لَهُ نَصْرَه , صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ الذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَة ، وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ وَتَرَسَّمَ خُطَاهُ فَلَمْ يَتَجَاوَزْ نَهْيَهُ وَاتَّبَعَ أَمْرَه .
أَمَّا بَعْدُ عِبَادَ اللهِ : فَأُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ جَلَّ وَعَلَا ، وَأَنْ نُقَدِّمَ لِأَنْفُسِنَا أَعْمَالاً تُبَيِّضُ وَجُوهَنَا يَوْمَ نَلْقَى اللهَ (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : نَحْنُ الآنَ فِي أَيَّامِ الامْتِحَانَاتِ التِي يَدْخُلُهَا طُلَّابُنَا وَالطَّالِبَاتِ , فَعَسَى اللهُ أَنْ يُوَفِّقَهُمْ لِلنَّجَاحِ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ .
وَيحْصُلُ فِي هَذِهِ الْفَتْرَةِ مَظَاهِرُ حَسَنَةٌ وَأُخْرَى سَيِّئَةٌ , فَيَحْسُنُ بِنَا تَشْجِيعُ الْحَسَنِ وَالْحَثُّ عَلَيْهِ , وَمُحَارَبَةُ السِّيِّئِ وَالتَّحْذِيرُ مِنْه .
فَمِنَ الْمَظَاهِرِ الْحَسَنَةِ : ذَلِكَ الإِقْبَالُ الْوَاضِحُ مِنْ أَوْلادِنَا عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَلَى طَاعَتِهِ , مِنَ الْحِفَاظِ عَلَى الصَّلَوَاتِ وَارْتِيَادِ الْمَسَاجِدِ وَالحِرْصِ عَلَى الجَمَاعَات , وَكَثْرَةِ التَّضَرُّعِ لِرِبِّ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ , وَالْوُضُوءِ قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنَ الْبَيْتِ كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ أَوْلادِنَا , وَهَذَا أَمْرٌ طَيِّبٌ , فَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ فَزِعَ إِلَى الصَّلاةِ , وَقَالَ (لَا يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إِلَّا مُؤْمِنٌ) رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ .
وَمِنَ الْمَظَاهِرِ الْحَسَنَةِ : بِرُّ الأَوْلادِ لِوَالِدِيهِمْ وَالتَّلَطُّفُ مَعَهُمْ , وَسُؤَالُهُم الدُّعَاءَ لَهُم بِالنَّجَاحِ فِي الامْتِحَان .
وَمِنْهَا : الْجِدُّ الْوَاضِحُ وَالاجْتِهَادُ فِي الْمُذَاكَرَةِ وَحِفْظُ الْوَقْتِ , فَلَيْتَ ذَلِكَ يَكُونُ طُوَالَ الْعَامِ لَكَانَ الْعِلْمُ مُحَصَّلاً وَالْمَعْرِفَةُ مُدَرَكَةً .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَأَمَّا الْمَظَاهِرُ السَّيِّئَةُ فَإِنَّهَا مَوْجُودَةٌ , وَمَعَ الأَسَفِ أَنَّهَا بِكَثْرَة .
فَمِنْهَا : ظَاهِرَةُ السَّهَرِ , فَقَدِ اعْتَادَ بَعْضُ الطُّلَّابِ عَلَى السَّهَرِ لَيَالِيَ الاخْتِبَارَاتِ ، بِحُجَّةِ إِنْهَاءِ الْمُقَرَّرِ وَحِفْظِهِ ، وَهَذَا فِي الْحَقِيقَةِ خَطَأٌ كَبِيرٌ ، لا يُسَاعِدُ عَلَى الْحِفْظِ وَلا التَّذَكُّرِ ،بَلْ قَدْ يَكُونُ سَبَبَاً فِي ضَيَاعِ الْمَعْلُومَاتِ وَقْتَ الاخْتِبَارِ ، فَكَمْ مِنْ طَالِبٍ حَفِظَ الْمُقَرَّرَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ ، وَلَمَّا جَاءَ الامْتِحَانُ نَسِيَ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً ، بِسَبَبِ السَّهَرِ وَالتَّعَبِ , بَلْ رُبَّمَا غَلَبَهُ النَّوْمُ فِي آخِرِ اللَّيْلِ فَفَاتَهُ الاخْتِبَارُ , وَلِذَلِكَ فَيَنْبَغِي نُصْحُ الأَبْنَاءِ وَالْبَنَاتِ مِنَ السَّهَرِ فَهُوَ مُرْهِقٌ لَهُمْ .
وَلَيْتَهُمْ يَنَامُونَ مُبَكِّرِينَ ثُمَّ يَسْتَيْقِظُونَ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ ثُمَّ يُوَاصِلُونَ الْمُذَاكَرَةَ إِلَى وَقْتِ الامْتِحَانِ , فَالصَّبَاحُ وَقْتٌ هَادِئٌ , بَلْ وَوَقْتٌ مُبَارَكٌ , فعَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (بُورِكَ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا) رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ .
وَمِنَ الْمَظَاهِرِ الْمُؤْلِمَةِ : تَعَاطِي الْمُخَدِّرَاتِ , فَفِي أَيَّامِ الامْتِحَانَاتِ يَنْشُطُ مُرَوِّجُو الْمُخَدِّرَاتِ فِي بَيْعِ الْحُبُوبِ الْمُسَمَّاةِ (بِالكِبْتَاجُون) وَهَذَا شَبَحٌ مُخِيفٌ يَتَسَلَّلُ بَيْنَ الطُّلَّابِ ، وَهُمْ غَيْرُ مُبَالِينَ بِالنَّتَائِجِ الْمُتَرَتِّبَةِ مِنْ جَرَّاءِ اسْتِخْدَامِهَا.
إِنَّ هَذِهِ الْحُبُوبَ تُؤَثِّرُ عَلَى خَلايَا الْمُخِّ مُبَاشَرَةً ، حَيْثُ تُسَبِّبُ زِيَادَةَ إِفْرَازَاتٍ تُشْعِرُ الإِنْسَانَ الْمُسْتَخْدِمَ بِنَوْعٍ مِنْ زِيَادَةِ الطَّاقَةِ ، وَمُقَاوَمَةِ الإِرْهَاقِ وَطَرْدِ النُّعَاسِ , وَلَكِنَّ آثَارَهَا السَّلْبِيَّةَ خَطِيرَةٌ ،حَيْثُ إِنَّ اسْتِخْدَامَهَا يُسَبِّبُ الإِدْمَانَ ، وَمُسْتَعْمِلُوهَا يُصَابُونَ بِالْعَدِيدِ مِنَ الأَمْرَاضِ وَالاضْطِرَابَاتِ النَّفْسِيَّةِ وَالْوِجْدَانِيَّةِ وَرُبَّمَا الْوَفَاة .
فَكَمْ مِنْ طَالِبٍ كَانَ مُتَفَوِّقاً عَلَى أَقْرَانِهِ ، تَعَاطَى الْمُنَشِّطَاتِ لِيُواصِلَ السَّهَرَ وَيُحَقِّقَ نَتَائِجَهُ الْمُبْهِرَةَ .. يَنْتَهِي بِهِ الأَمْرُ إِلَى ظُلُمَاتِ السُّجُونِ وَالْمَصَحَّاتِ النَّفْسِيَّةِ .
فَعَلَى الطُّلابِ أَنْ يَحْذَرُوا مِنْ هَذِهِ السُّمُومِ ، حَتَّى لا يَنْدَمُوا فِي وَقْتٍ لا يَنْفَعُ فِيهِ النَّدَمُ ، وَلْيُحَذِّرُوا زُمَلاءَهُمْ عَنْهَا وَيُبَيِّنُوا خَطَرَهَا .
وَعَلَى الآبَاءِ أَنْ يَنْتَبِهُوا لِأَوْلادِهِمْ بَعْدَ تَحْذِيرِهِمْ مِنْهَا ،وَمُلاحَظَةُ مَا قَدْ يَبْرُزُ عَلَيْهِمْ مِنْ أَعْرَاضِ اسْتِخْدَامِ تِلْكَ الْحُبُوبِ , مِثْلُ الإِكْثَارِ مِنْ شُرْبِ الشَّايْ ،وَالرَّغْبَةِ فِي التَّحَدُّثِ إِلَى الآخَرِينَ لِفَتَرَاتٍ طَوِيلَةٍ ، وَشُحُوبِ لَوْنِ الْوَجْهِ وَالشَّفَتَيْنِ ، إِضَافَةً إِلَى احْمِرَارِ الْعَيْنَيْنِ وَضَعْفِ الشَّهيَّةِ.
أَيُّهَا الآبَاءُ وَالإِخْوَانُ : وَمِنَ الْمَظَاهِرِ السَّيِّئَةِ : النَّوْمُ عَنِ الصَّلَوَاتِ , فَبَعْضُ الطُّلابِ - نَتِيجَةً لِلسَّهَرِ وَالإِجْهَادِ - يَأْتِي وَيَنَامُ قَبْلَ صَلاةِ الظُّهْرِ ، ثُمَّ يَسْتَمِرُّ فِي النَّوْمِ حَتَّى بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَبَعْضُهُمْ إِلَى بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ، فَيَفُوتُ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ صَلاةٍ ، كَانَ يَجِبُ أَنْ تُؤَدَّى فِي وَقْتِهَا , وَهَذَا خَطَأٌ وَتَضْيِيعٌ لِأَهَمِّ الأَعْمَالِ فِي الإِسْلامِ , وَكَانَ مِنَ الْمُفْتَرَضِ أَنْ يُحَافِظَ الشَّبَابُ وَالشَّابَّاتُ عَلَى الصَّلَوَاتِ عُمُومَاً وَأَيَّامِ الامْتِحَانَاتِ خُصُوصَاً , وَلَكِنَّ الْبَعْضَ عَكَسَ ذَلِكَ .
فَالْوَاجِبُ عَلَى الطُّلابِ وَأَوْلِيَاءِ الأُمُورِ التَّعَاوُنُ عَلَى إِقَامَةِ الصَّلَوَاتِ فِي وَقْتِهَا طَاعَةً للهِ تَعَالَى وَخَوْفَاً مِنْهُ , وَرَغْبَةً فِي عَوْنِهِ وَمَدَدِهِ وَتَسْدِيدِهِ .
وَمِنَ الْمَظَاهِرِ السَّيِّئَةِ : الْغِشُّ فِي الاخْتِبَارِ ، وَهَذَا أَمْرٌ مُحْزِن , فَالذِي يَغِشُّ قَدْ خَانَ رَبَّهُ وَخَانَ دِينَهُ وَخَانَ أُمَّتَهُ , بَلْ وَخَانَ نَفْسَهُ ، فَهُوَ قَدْ وَقَعَ فِي مَعْصِيَةٍ بَلْ فِي كَبِيرَةٍ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ , فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَالَ (مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي) رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
كَمَا أَنَّ فِيهِ خِيَانَةً لِلأُمَّةِ , لِأَنَّهُ سَوْفَ يَنْجَحُ بِالْغِشِّ وَسَيَتَقَلَّدُ مَنَاصِبَ فِي الْبَلَدِ بِشَهَادَةٍ بُنِيَتْ عَلَى غِشٍّ , ثُمَّ الْمُصِيبَةُ فِي رَاتِبِهِ الذِي يَتَقَاضَاهُ غَداً بِنَاءً عَلَى نَجَاحِهِ بِالْغِشِّ.
لِذَا فَعَلَى الطُّلَّابِ أَنْ يَتَّقُوا اللهَ وَيَحْذَرُوا مِنْ مُمَارَسَةِ هَذِهِ الْمَعْصِيَةِ ، كَمَا يَجِبُ عَلَى أَوْلِيَاءِ الأُمُورِ أَنْ يُنَبِّهُوا أَوْلادَهُمْ عَلَى هَذَا الْخَطَأِ الشَّنِيعِ ، وَكَذَلِكَ عَلَى الْجَمِيعِ أَنْ يَتَكَاتَفُوا لِلْحَدِّ مِنْ هَذِهِ الظَّاهِرَةِ السَّيِّئَةِ ، وَالتَّبْلِيغُ عَنِ الْمُعَلِّمِينَ أَوِ الطُّلَّابِ الذِينَ يُمَارِسُون أَوْ يُسَاعِدُون عَلَى تَسْهِيلِ مُهِمَّةِ الْغِشِّ , نَسْأَلُ اللهَ لَهُمُ الْهِدَايَةَ .
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : وَمِنَ الْمَظَاهِرِ السَّيِّئَةِ التِي يَجِبُ أَنْ نَتَعَاوَنَ فِي الابْتِعَادِ عَنْهَا : رَمْيُ الْكُتُبِ بَعْدَ انْتِهَاءِ الاخْتِبَارِ ، وَهَذَا التَّصَرُّفُ خَطَأٌ . فَالْكِتَابُ قَدْ كَلَّفَ الدَّوْلَةَ عَشَرَاتِ الرِّيَالاتِ ، وَهُوَ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ فَالْعَبَثُ بِهِ عَبَثٌ بِمَالِ الأُمَّةِ !!!
ثُمَّ إِنَّ غَالِبَ الْكُتُبِ الدِّرَاسِيَّةِ تَحْمِلُ فِي طَيَّاتِهَا آيَاتٍ قُرْآنِيَّةٍ وَأَحَادِيثَ نَبَوِيَّةً ، فَرَمْيُهَا فِي الشَّارِعِ لِتُدَاسَ بِالأَقْدَامِ أَوْ رَمْيُهَا فِي صَنَادِيقِ الْقِمَامَةِ إِهَانَةٌ لِدِينِ اللهِ تَعَالَى .
فَعَلَى جَمِيعِ الطُّلَّابِ أَنْ يَتَّقُوا اللهَ تَعَالَى فِي الْكُتُبِ الْمَدْرَسِيَّةِ وَلا يُهِينُوهَا ، حِفَاظَاً عَلَى أَمْوَالِ الأُمَّةِ ، وَتَكْرِيمَاً لِكَلامِ اللهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَفِي حَالَةِ الرَّغْبَةِ فِي التَّخَلُّصِ مِنْهَا ، فَإِنَّهَا تُسَلَّمُ إِلَى الْمَدْرَسَةِ ، أَوْ تُحْرَقُ أَوَ تُدْفَنُ إِنْ كَانَ يَصْعُبُ جَمْعُهَا وَالاسْتَفَادَةُ مِنْهَا .
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العالَمِيْنَ والصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وعلَى آلِهِ وصَحْبِهِ والتابعينَ .
أَمَّا بَعْدُ : فَإِنَّهُ يَكْثُرُ فِي هَذِهِ الأَزْمَانِ عُمُومَاً وَفِي أَيَّامِ الاخْتِبَارَاتِ خُصُوصَاً , ظَوَاهِرُ مُؤْسِفَةٌ وَمَنَاظُرُ مُحْزِنَةٌ , وَأَفْعَالٌ مُؤْذِيَةٌ وَأَعْمَالٌ مُقْلِقَةٌ , شَبَابٌ فَارِغُونَ قَلَّ عَلَيْهِمُ الرَّقِيبُ وَغَابَ عَنْهُمُ الحَسِيبُ , مَلَكُوا سَّيَّارَاتٍ جَدِيدَةً , وَظَهَرَتْ مِنْهُمُ مُخَالَفَاتٌ عَدِيدَةٌ , شَبَابٌ بِسَيَّارَاتِهِم فِي وَسَطِ الْبَلَدِ وَعَلَى الْخُطُوطِ العَامَّةِ , سُرْعَاتٌ مُهْلِكَةٌ وَتَجَاوُزٌ للأَنْظِمَةِ , وَإِيذَاءٌ للْمَارَّةِ , وَمُضَايَقَةٌ للْعَابِرَةِ , وَإِزْعَاجٌ للْمُوَاطِنِينَ , وَتَرْوِيعٌ للآمِنِينَ !
وُقُوفٌ فِي أَمَاكِنَ لا يَسْمَحُ بِهَا النِّظَامُ , وَتَحَرُّكَاتٌ فِي الشَّوارِعِ تُسَبِّبُ الزِّحَامَ : فَلَيْتَ شِعْرِي مَا الذِي جَنَاهُ هَؤُلاءِ مِن الإِشْغَالِ لِلْمُسْلِمِينَ وَمِنَ التَّعَدِّي عَلَى الْمَسَاكِين ؟
إِنِّي أُوَجِّهُ كَلِمَاتِي للشَّبَابِ العُقَلاءِ والطُّلابِ النُّبَلاءِ : فَأَيُّ مَصْلَحَةٍ تَجْنِيهَا عِنْدَمَا تَقِفُ بِسَيَّارَتِكَ فِي وَسَطِ الطَّرِيق وَتَجْلِسُ وَقْتَاً طَوِيلاً تُكَلِّمُ الرَّفِيق ؟
أَيُّهَا الشَّابُّ : هَلْ تَسْتَفِيدُ مِنْ ذَلِكَ رِفْعَةً فِي دِينِكَ أَوْ مَحْمَدَةً فِي دُنْيَاك ؟ هَلْ تَعْتَبِرُ هَذَا رُجُولَةً ؟ أَمْ تَعُدُّ إِيذَاءَكَ للنَّاسِ بُطُولَةً ؟
هَلْ وَصَلَتْ بِكَ الْحَالُ إِلَى أَنْ تَتَمَتَّعَ بِإِيذَاءِ النَّاسِ ؟ وَتُمَارِسَ هِوَايَتَكَ فِي إِزْعَاجِ الْمُسْلِمِينَ ؟ أَمَا تَعْلَمُ أَنَّ الدَّعَوَاتِ تُرْفَعُ ضِدَّكَ إِلَى رَبِّ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ , مِنْ أُنَاسٍ آذَيْتَهُم وَمِن مُسْلِمينَ أَقْلَقْتَهُم ؟
أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ تَرْتَفِعُ فَوْقَ الْغَمَامِ فَيَقُولُ اللهُ لَهَا : وَعِزَّتَي وَجَلالِي لأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِين !
أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ النَّبِيِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ) مُتَّفَقٌ عَلَيْه.
شَبَابَ الإِسْلَامِ : عُودُوا إِلَى اللهِ وَانْظُرُوا فِي طَرِيقِكُم وَرَاجِعُوا أَنْفُسَكُم وَاقْتَدُوا بِأَهْلِ الصَّلاحِ والاسْتِقَامَةِ مِنْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ الْمُفْلِحِينَ وَمِن الدُّعَاةِ الْمُصْلِحين !
اللَّهُمَّ وَوَفِّقْ أَبْنَاءَنَا وَبَنَاتِنَا لِمَا تُحِبُّهُ وَتَرْضَاه , اللَّهُمَّ وَاجْعَلْهُمْ مَشَاعِلَ نُورٍ وَهِدَايَةٍ وَخُذْهُمْ إِلَى سَبِيلِ الرِّضَا وَالْوِلايَةِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ , اللَّهُمَّ احْفَظْهُمْ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، وَاكْلَأْنَا بِرِعَايَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ , اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ وَالْمُسْلِمِينَ ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلَاةَ أَمْرِنَا لِلْعَمَلِ بِكِتَابِكَ وَاتِّبَاعِ شَرْعِكَ ، اللَّهُمَّ أَعِنَّا وَإِيَّاهُمْ عَلَى أَعْمَالِ الْخَيْرِ وَالْبِرِّ وَالإِحْسَانِ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ , اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ عَلَى عبدِكَ وَرَسولِكَ محمدٍ وعلى آلهِ وصحبِهِ أَجْمَعينَ والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ .
المرفقات

وَقَفَاتٌ مَعَ مَظَاهِرَ فِي الامْتِحَانَاتِ 4 شَعْبَانَ 1436 هـ.doc

وَقَفَاتٌ مَعَ مَظَاهِرَ فِي الامْتِحَانَاتِ 4 شَعْبَانَ 1436 هـ.doc

المشاهدات 2874 | التعليقات 2

جزاك الله خيرا وبارك لك وفيك ، كان طرحا جميلا زادك الله من فضله .


جزاك الله خيرا ونفع بعلمك