( وَقَفَاتٌ مَعَ ذِكْرٍ مِنْ أَذْكَارِ النَّوْمِ )

مبارك العشوان 1
1442/12/18 - 2021/07/28 22:45PM

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى - أَيُّهَا النَّاسُ - حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُون.

عِبَادَ اللهِ: رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا إِذَا أَخَذْنَا مَضْجِعَنَا أَنْ نَقُولَ: ( اللهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ، وَرَبَّ الأَرْضِ، وَرَبَّ العَرْشِ العَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، فَالِقَ الحَبِّ وَالنَّوَى، وَمُنْزِلَ التَّوْرِاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالفُرْقَانِ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا، اللهُمَّ أَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ البَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ، وَأَغْنِنَا مِنَ الفَقْرِ ).

عِبَادَ اللهِ: مِنْ نِعْمَةِ اللهِ تَعَالَى عَلَى عَبْدِهِ أَنْ يُوَفِّقَهُ لِمُلَازَمَةِ ذِكْرِهِ؛ يُصْبِحُ عَلَى ذِكْرِ اللهِ، وَيُمْسِي عَلَى ذِكْرِهِ، وَيَنَامُ عَلَى ذِكْرِهِ؛ فَيَكُونُ مِمَّنْ قَالَ اللهِ فِيْهِمْ: { وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا }الأحزاب 35

اُفْتُتِحَ هَذَا الدُّعَاءُ العَظِيْمُ بِالتَّوَسُلِ إِلَى اللهِ تَعَالَى؛ وَمَتَى اشْتَمَلَ الدُّعَاءُ عَلَى التَّوَسُلِ إِلَى اللهِ كَانَ أَحْرَى لِقَبُوْلِهِ.

تَوَسُّلٌ إِلَى اللهِ تَعَالَى بِرُبُوبيِّتهِ: ( اللهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ، وَرَبَّ الأَرْضِ، وَرَبَّ العَرْشِ العَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ ).

اللهُ تَعَالَى رَبُّنَا وَرَبُّ كُلِّ شَيْءٍ، هُوَ الخَالِقُ لِكُلِّ شَيءٍ، وَالمَالِكُ لِكُلِّ شَيءٍ، وَالمُدَبِّرُ لِكُلِّ شَيءٍ.

اللهُ جَلَّ وَعَلَا فَالِقُ الحَبِّ وَالنَّوَى، يَشُقُّ حَبَّةَ الطَّعَامِ وَنَوَى التَّمْرِ وَغَيْرِهِ لِتَخْرُجَ الأَشْجَارُ وَالزُّرُوعُ: { إِنَّ اللهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ، فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَــــكَنًا وَالشَّــمْسَ وَالْقَمَــرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَـــزِيزِ الْعَلِيمِ }الأنعام 95 - 96

وَفِي هَذَا الدُّعَاءِ تَوَسُّلٌ إِلَى اللهِ تَعَالَى بِإِنْزَالِهِ الكُتُبَ؛ أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوْسَى، وَالإِنْجِيْلَ عَلَى عِيْسَى، وَالقُرْآنَ الكَرِيْمَ عَلَى مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمْ جَمِيْعًا صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ.

وَفِي هَذَا الدُّعَاءِ العَظِيْمِ: ( أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا ) يَلْجَأُ العَبْدُ إِلَى رَبِّهِ جَلَّ وَعَلَا، وَيَعْتَصِمُ بِهِ لِيَحْفَظَهُ وَيَحْمِيَهُ مِنْ شَرِّ كُلِّ مَا يَدُبُّ عَلَى الأَرْضِ، فَكُلُّ هَذِهِ المَخْلُوقَاتِ؛ اللهُ تَعَالَى آخِذٌ بِنَوَاصِيْهَا، كُلَّهَا تَحْتَ قُدْرَتِهِ وَقَهْرِهِ وَسُلْطَانِهِ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ القَادِرُ عَلَيْهَا، يَتَصَرَّفُ فِيْهَا كَيْفَ يَشَاءُ، وَيَحْمِي مِنْ شُرُورِهَا مَنْ يَشَاءُ.

وَفِي سُورَةِ الفَلَقِ: { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ، وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ، وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ } الفلق 1-5

فَلْيَحْذَرِ المُسْلِمُ أَنْ يَلْجَأَ إِلَى غَيْرِ اللهِ تَعَالَى فَيَدْعُوهُ؛ أَوْ يَسْتَعِيْذُ بِهِ؛ أَوْ يَصْرِفُ لَهُ شَيْئًا مِنَ العِبَادَةِ؛ فَيَقَعَ فِي الشِّرْكِ وَالعِيَاذُ بِاللهِ.

حَفِظَ اللهُ لِي وَلَكُمْ دِيْنَنَا، وَحَفِظَنَا مِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي شَرِّ.

وَبَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ العَظِيمِ وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الآيِ وَالذِّكْرِ الحَكِيمِ، وَأَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ الجَلِيلَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمْ. 

 

الخطبة الثانية: 

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى: { وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا... } الأعراف 180  هَذِهِ الأَسْمَاءُ الأَرْبَعَةُ؛ جَاءَتْ فِي سُورَةِ الحَدِيدِ:  { هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ  } الحديد 3

وَجَـــــــاءَ تَفْسِيْرُهَا وَدُعَاءُ اللهِ تَعَالَى بِهَا فِي هَذَا الحَدِيثِ: ( اللهُمَّ أَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ البَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ، وَأَغْنِنَا مِنَ الفَقْرِ ).

فَتَدَبَّرُوا - وَفَّقَكُمُ اللهُ - هَذِهِ الأَسْمَاءَ الحُسْنَى وَمَعَانِيهَا الجَلِيْلَةَ الدَّالّةَ عَلَى تَفَرُّدِ اللهِ تَعَالَى بِالكَمَالِ المُطْلَقِ، وَالعَظَمَةِ المُطْلَقَةِ، وَالإِحَاطَةِ المُطْلَقَةِ، وَالعُلُوِّ المُطْلَقِ؛ عُلُوِّ الذَّاتِ وَعُلُوِّ الصِّفَاتِ، لَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ، وَلَا تَغِيْبُ عَنْ عِلْمِهِ غَائِبَةٌ: { اللهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ، عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ، سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ } الرعد 8 – 10

وفِي هَذَا الذِّكْرِ العَظِيْمِ: يَدْعُوا المُسْلِمُ رَبَّهُ أَنْ يَقْضِيَ عَنْهُ الدَّيْنَ، وَيُغْنِيَهُ مِنَ الفَقْرِ.

فَالدَّينُ وَالفَقْرُ هَمٌّ عَظِيْمٌ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَعِيْذُ مِنْهُ؛ كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ: ( اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ المَأْثَمِ وَالمَغْرَمِ ) فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ يَا رَسُولَ اللهِ مِنَ المَغْرَمِ؟ قَالَ: ( إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ، وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ ). رَوَاهُ البُخَارِيِّ وَمُسْلِمٌ.

اللهُمَّ إِنّا نعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ، وَالعَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالبُخْلِ وَالجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ.

اللهُمَّ اكْفِنِا بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَأَغْنِنِا بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ

ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ - عَلَى مَنْ أَمَرَكُمُ اللهُ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيهِ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }الأحزاب 56

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإسْلَامَ وَالمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ وَانْصُرْ عِبَادَكَ المُوَحِّدِينَ، اللَّهُمَّ وَعَلَيكَ بِأَعْدَائِكَ يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ.

اللَّهُمَّ أصْلِحْ أئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلَاةَ أمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، اللَّهُمَّ خُذْ بِنَوَاصِيهِمْ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا وَإِيَّاهُمْ لِهُدَاكَ، واجْعَلْ عَمَلَنَا فِي رِضَاكَ، اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَنَا وَدِينَنَا وَبِلَادَنَا بِسُوءٍ فَرُدَّ كَيْدَهُ إِلَيهِ، وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ تَدْمِيرًا عَلَيهِ، يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ.  

عِبَادَ اللهِ: اُذْكُرُوا اللهَ العَلِيَّ الْعَظِيْمَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.

 

المرفقات

1627512241_وَقَفَاتٌ مَعَ ذِكْرٍ مِنْ أَذْكَارِ النَّوْمِ.pdf

1627512290_وَقَفَاتٌ مَعَ ذِكْرٍ مِنْ أَذْكَارِ النَّوْمِ.docx

المشاهدات 1189 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا