وقفات مع حديث: ( اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ ) الجزء الثاني: السحر

مبارك العشوان 1
1441/04/22 - 2019/12/19 18:47PM

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِيْنُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَسْتَهْدِيْهِ، وَنَعُوْذُ بِهِ تَعَالَى مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى أيُّهَا النَّاسُ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.

عِبَادَ اللهِ: رَوَى البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا هُنَّ؟ قَالَ الشِّرْكُ بِاللهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَـافِلاتِ ).

يُحَذِّرُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ مِنَ الذُّنُوبِ المُهْلِكَةِ.

وَمِنْ هَذِهِ الكَبَائِرِ: السِّحْرُ ـ أَعَاذَنَا اللهُ وَإيَّاكُمْ مِنْهُ وَمِنْ أَهْلِهِ ـ وَهُوَ: عَزَائِمُ وَرُقَى وَطَلَاسِمٌ وَعُقَدٌ، يُتَوَصَّلُ بِهَا إِلَى اِسْتِخْدَامِ الشَّيَاطِينِ لِإِلْحَاقِ الضَّرَرِ بِالمَسْحُورِ، وَمِنْهُ مَا هُوَ تَخْيِيلٌ لَا حَقِيقَةَ لَهُ، وَمِنْهُ مَا لَهُ حَقِيْقَةٌ وَتَأْثِيرٌ فِي القُلُوبِ وَالْأَبْدَانِ؛ فَيُسَبِبُ المَرَضَ وَالقَتْلَ وَالتَّفْرِيقَ بَينَ الأَزْوَاجِ.

السِّحْرُ كَبِيْرَةٌ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ، وَشِرْكٌ بِاللهِ تَعَالَى؛ فَلَا يَكُونُ السَّاحِرُ سَاحِرًا حَتَّى يَكْفُرَ بِاللهِ وَيَتَقَرَّبَ إِلَى الشَّيْاطِينِ وَيَصْرِفُ لَهُمْ مَا يُرِيدُونَ مِنَ العِبَادَاتِ مُقابِلَ اِسْتِخْدَامِهِمْ.

وقَالَ تَعَالَى: { وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ }البقرة 102

قَالَ شَيخُ الإِسْلَامِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ رَحِمَهُ اللهُ، وَهُوَ يُعَدِدُّ نَوَاقِضَ الإِسْلَامِ: النَّاقِضُ السَّابِعُ: ( السِّحْرُ، وَمِنْهُ الصَّرْفُ وَالعَطْفُ، فَمَنْ فَعَلَهُ أَوْ رَضِيَ بِهِ كَفَرَ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: { وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ }البَقَرَة  102؛ فَهَذَا الذَّنْبُ العَظِيمُ لَا يَتَعَلَّقُ بِفَاعِلِهِ فَحَسْب؛ بَلْ بِكُلِّ مَنْ فَعَلَهُ أَوْ رَضِيَ بِهِ أَوْ تَعَلَّمَهُ، أَوْ عَلَّمَهُ، أَوْ صَدَّقَ السَّحَرَةَ أَوْ سَأَلَهُمْ.

أمَّا حُكْمُ السَّاحِرِ: فَالقَتْلُ؛ لِحَدِيثِ بَجَالَةَ، قَالَ: ( جَاءَنَا كِتَابُ عُمَرَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ: اقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ...) الحَدِيثَ؛ وَفِيـــهِ: ( فَقَتَلْنَا فِي يَوْمٍ ثَلَاثَةَ سَوَاحِرَ ) رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني.

  وَفِي مُوَطَّأِ الإِمَامِ مَالِكٍ ( أَنَّ حَفْصَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتَلَتْ جَارِيَةً لَهَا سَحَرَتْهَا )

عِبَادَ اللهِ: وَمَعَ كلِّ هَذَا يَقَعُ طَوَائِفُ مِنْ عامَّةِ النَّاسِ فِي هذه المُوبِقَةِ؛ إِذَا أُصِيبَ بِمَرَضٍ أَوْ مَشَاكَلَ زَوْجِيَّةٍ، أَوْ غَيْرِهَا، اِتَّجَهَ إِلَى السَّحَرَةِ وَظَنَّ الْأمْرَ يِسِيرًا، فَرَّ مِنْ مُصْيْبَةٍ دُنْيَوِيَّةٍ، فَوَقَعَ فِي أَعْظَمِ المَصَائِبِ، مُصِيبَةَ الدِّينِ؛ جَاء فِي الحَدِيثِ: (  وَمَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَـفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم ) رواه البزار وقال الألباني صحيح لغيره.

إِتْيَانُ السَّحَرَةِ أَمْرٌ مُحَرَّمٌ، وَسُؤَالُهُمْ وَتَصْدِيقُهُمْ وَفِعْلُ مَا يَطْلُبُونَ مِنَ الذَّبْحِ وَنَحْوِهِ شِرْكٌ أَكْبَرُ.

أمَّا فَكُّ السِّحْرِ وَحَلُّهُ بِسِحْرٍ آخَرَ فَهَذَا مَا يُعْرَفُ بِالنُّشْرَةِ وَلَمَّا سُئِلَ عَنْهَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلّـَمَ قَالَ: ( هُوَ مِنْ عَمَلِ الشَّيطَانِ )  رواه أبو داود وصححه الألباني. فَالشَّرُّ لَا يُزَالُ بِالشَّرِّ، وَالنَّجَاسَةُ لَا تُطَهِّرُهُا النَّجَاسَةُ، وَقَدْ سُئِلَتِ اللَّجْنَةُ الدَّائِمَةُ لِلبُحُوثِ العِلْمِيَّةِ وَالإِفْتَاءِ عَنْ هَذَا فَأَجَابَتْ: بِأنَّ فَكَّ السِّحْرِ بِالسِّحْرِ لَا يَجُوزُ، وَإِتْيَانُ الكُهَّانِ أَوْ إِحْضَارُهُمْ عِنْدَ المَسْحُورِ لِفَكِّ مَا بِهِ مِنْ سِحْرٍ لَا يَجُوزُ، وَتَعْلِيقُ الحُجُبِ وَالتَّمَائِمِ لِذَلِكَ لَا يَجُوزُ..) فتاوى اللجنة (1/ 566) الفتوى رقم ( 9295 ).

فَلْتَحْذَرُوا عِبَادَ اللهِ السَّحَرَةِ وَالمُشَعْوِذِينَ أَشَدَّ الحَذَرِ مِمَّنْ يَدَّعُونَ الطِّبَ وَالعِلَاجَ الشَّعْبِيَّ.

ثُمَّ لْتَعْلَمُوا أَنَّ لِلسَّحَرَةِ عَلَامَاتٌ يُعرَفُونَ بِهَا فَمِنْهَا:

أَنَّ السَّاحِرَ يَدَّعِي عِلْمَ الغَيبِ، وَمِنْهَا أَنَّهُ يَخْفِضُ صَوتَهُ وَيَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ لَا يُعْرَفُ، وَقَدْ يُخَادِعُ النَّاسَ فَيَقْرَأُ شَيْئًا مِنَ القُرْآنِ بِصَوتٍ عَالٍ ثُمَّ يُتَمْتِمُ بِأَشْيَاءَ لَا تُفْهَمُ، وَمِنْ عَلَاماتِهِ أنَّهُ يَسْألُ عَنِ اسمِ الأُمِّ،  وَمِنْ عَلَامَاتِهِ أَنَّهُ يَطْلُبُ شَيْئًا مِنْ مَلَابِسِ المَرِيضِ، وَمِنْهَا أَنَّهُ يَقُولُ اِفْعَلْ كَذَا وَلَا تَقُلْ بِسْمِ اللهِ، وَمِنْ عَلَامَاتِ السَّاحِرِ أَنَّهُ فِي الغَالِبِ مُنْحَرِفٌ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، بَعِيدٌ عَنْ أَهْلِ الخَيْرِ، وَيَسْكُنُ فِي أَمَاكِنَ ضَيِّقَةٍ وَمُظْلِمَةٍ، وَيَكُونُ عِنْدَهُ رَوَائِحُ كَرِيْهَةٌ.

عِبَادَ اللهِ: وَالوَاجِبُ عَلَى مَنْ عَرَفَ هَؤُلَاءِ إِبْلَاغُ الجِهَاتِ المُخْتَصَّةٍ، لِيَقِفَ السَّحَرَةُ عِنْدَ حَدِّهِمْ، وَيَسْلَمُ النَّاسُ شَرَّهُمْ.  

حَفِظَنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ كُلِّ سُوْءٍ، وَبَارَكَ لَنَا فِي القُرْآنِ العَظِيمِ وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الآيِ وَالذِّكْرِ الحَكِيمِ، وَأَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ

 

 الخطبة الثانية: 

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ. أَمَّا بَعْدُ: فَاعْلَمُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ أَنَّ السَّحَرَةَ لَا يَضُرُّونَ أحدًا إِلَّا بِقَدَرِ اللهِ، وَفِي الحَدِيثِ: ( ... مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ )  أخرجه أبو  داود وصححه الألباني. 

وَقَدْ شَرَعَ اللهُ لِعِبَادِهِ مَا يَتَّقُونَ بِهِ شَرَّ السِّحرِ قَبْلَ وُقُوعِهِ، وَأَوْضَحَ لَهُمْ مَا يُعَالِجونَ بِهِ بَعْدَ وُقُوعِهِ؛ فَمِنْ ذَلِكَ: مُلَازَمَةُ طَاعَةِ اللهِ وَرَسُولِهِ، وَالمُحَافَظَةُ عَلَى الصَّلَوَاتِ فِي أَوْقَاتِهَا، وَالمُدَاوَمَةُ عَلَى ذِكْرِ اللهِ؛ مِنْ قِرَاءَةِ القُرْآنِ، وَالأَذْكَارِ اليَوْمِيَّةِ؛ فِي الصَّبَاحِ وَالمَسَاءِ، وَأَذْكَارِ النَّوْمِ، وَالِاسْتِيقَاظِ مِنْهُ، وَقِرَاءَةُ آيَةِ الكُرْسِيِّ خَلَفَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبةٍ، وَعِنْدَ النَّوْمِ، وَقِرَاءَةُ: { قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ }  الإخلاص 1 وَ{ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ } الفلق 1  وَ { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ } الناس 1  بَعْدَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ، وَفِي أوَّلِّ النَّهَارِ بَعْدَ صَلَاةِ الفَجْرِ، وَأوَّلِّ اللَّيْلِ بَعْدَ صَلَاةِ المَغْرِبِ، وَمِنْ ذَلِكَ قِرَاءَةُ الآيَتَينِ الأَخِيْرَتيِنِ مِنْ سُوْرَةِ البَقَرَةِ: { آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ } البقرة  285 وَكَذَلِكَ قِرَاءَةُ سُوْرَةِ البَقَرَةِ، وَمِنْ ذَلِكَ: الإِكْثَارُ مِنَ التَّعَوُّذِ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ؛  فِي أَوَّلِ اللَّيلِ وَالنَّهَارِ، وَعِنْدَ نُزُولِ المَنْزِلِ، وَمِنْهُ: ( بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ )  ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي أولِّ اللَّيلِ وَالنَّهَارِ، وَأَذْكَارِ دُخُولِ المَنْزِلِ وَالخُرُوُجِ مِنْهُ، وَدُعَاءُ دُخُولِ الخَلَاءِ وَالخُروجِ مِنْهُ، وَقَولُ: ( لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) مِائَةَ مَرَّةٍ كُلَّ يَوْمٍ؛ وَغَيرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي كُتُبِ الأَذْكَارِ، كُلُّ ذَلِكَ يَقِي بِإِذْنِ اللهِ مِنَ السِّحْرِ، وَالعَينِ، وَالجَانِّ، وَهُوَ أَيْضًا عِلَاجٌ  لِهَذِهِ الآفَاتِ وَغَيْرِهَا بَعْدَ الإِصَابَةِ، وَتحصِيلٌ لِلْأجُورِ المُرَتَّبَةِ عَلَى ذِكْرِ اللهِ تَعَالَى. 

وَمِمَّا يَقِي مِنَ السِّحْرِ وَغَيرِهِ، مَا جَاءَ فِي الحَدِيثِ: ( مَنْ تَصَبَّحَ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعَ تَمَرَاتٍ عَجْوَةً لَمْ يَضُرَّهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ سُمٌّ وَلَا سِحْرٌ ) رواه البخاري. وَيَقُولُ الشَّيخُ ابنُ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ: أَنَّ ذَلِكَ يُرْجَى لِمَنْ أَكَلَ سَبْعَ تَمَرَاتٍ مِنْ غَيرِ تَمْرِ المَدِينْةِ.

أَمَّا عِلَاجُ السِّحْرِ بَعْدَ وُقُوْعِهِ؛ فَهُوَ أَنْوَاعٌ؛ قَالَ الشَّيْخُ ابنُ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ: عِلَاجُ السِّحْرِ يَكُونُ بِشَيْئَينِ: أَحَدُهُمَا: الرُّقَى الشَّرْعِيَّةِ. وَالثَّانِي: الأَدْوِيَةُ المُبَاحَةُ التي جُرِّبَتْ فِي عِلَاجِهِ  وَمِنْ أَنْجَعِ العِلَاجِ، وَأَنْفَعِ العِلَاجِ الرُّقَى الشَّرْعِيَّةِ، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الرُّقْيَةَ يَرْفَعُ اللهُ بِهَا السِّحْرَ، وَيُبْطِلُ بِهَا السِّحْرَ.

وَهُنَاكَ نَوعٌ ثَالِثٌ وَهُوَ: العُثُورُ عَلَى مَا فَعَلَهُ السَّاحِرُ مِنْ عُقَدٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَإِتْلَافُهَا، كَذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ زَوَالِ السِّحْرِ وَإِبْطَالِهِ.

فَمِنَ الرُّقَى الَّتِي تُسْتَعْمَلُ: أَنْ يُرْقَى المَسْحُورُ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ، وَآيَةِ الكُرْسِيِّ وَ{ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ }و{ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ }و{ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ }و{ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّــاسِ } مَعَ آيَاتِ السِّحْرِ الَّتِي جَاءَتْ فِي سُورَةِ الأَعْرَافِ، وَسُورَةِ يُونُسَ، وَسُوْرَةِ طَهَ، وَهِيَ قَولُهُ سُبْحَانَهُ فِي سُورَةِ الأَعْرَافِ: { وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ، فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ، فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَانقَلَبُواْ صَاغِرِينَ } الأعراف  117 ـ 119 وَفِي سُورَةِ يُونُسَ يَقُولُ سُبْحَانَهُ: {  وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ، فَلَمَّا جَاء السَّحَرَةُ قَالَ لَهُم مُّوسَى أَلْقُواْ مَا أَنتُم مُّلْقُونَ، فَلَمَّا أَلْقَواْ قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ، وَيُحِقُّ اللهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ } يونس79 ـ 81 وَفِي سُورَةِ طَهَ يَقُولُ سُبْحَانَهُ: { قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى، قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى، فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى، قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الأَعْلَى، وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى } طه  65 - 69 .هَذِهِ الآيَاتُ الكَرِيْمَاتُ العَظِيْمَاتُ يُنْفَثُ بِهَا فِي المَاءِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُصَبُّ هَذَا المَاءُ الَّذِي قُرِئَتْ فِيْهِ عَلَى مَاءٍ أَكْثَرَ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ بِهِ المَسْحُورُ، وَيَشْرَبُ مِنْهُ بَعَضَ الشَّيءِ، كَثَلَاثِ حَسَوَاتٍ يَشْرَبُهَا مِنْهُ، وَيَزُولُ السِّحْرُ بِإِذْنِ اللهِ ويَبْطُلُ...) الخ.

ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ - عَلَى مَنْ أَمَرَكُمُ اللهُ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيهِ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَــــا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُــوا صَلُّـــوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُــــــوا تَسْلِيمـًا }الأحزاب 56

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

اللَّهُمَّ أصْلِحْ أئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلَاةَ أمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، اللَّهُمَّ خُذْ بِنَوَاصِيهِمْ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا وَإِيَّاهُمْ لِهُدَاكَ، واجْعَلْ عَمَلَنَا فِي رِضَاكَ، اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَنَا وَدِينَنَا وَبِلَادَنَا بِسُوءٍ فَرُدَّ كَيْدَهُ إِلَيهِ، وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ تَدْمِيرًا عَلَيهِ، يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ.

عِبَادَ اللهِ: اُذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.

 

 

المشاهدات 1377 | التعليقات 0