وقفات مع الانتخابات البلدية 29/2/1437 هـ

مبارك العشوان
1437/02/29 - 2015/12/11 00:39AM
الحمدُ للهِ... أما بعد:فاتقوا الله... مسلمون.
عباد الله: يوم غدٍ هو يوم الانتخابات البلدية، وبمناسبته فهذه بعض الوقفات:
الوقفة الأولى: أخي المرشَّح أنت أعلمُ الناس بنفسك، أنت أعلمُ الناس بنيتك، أنت أكثرُ الناس علما بقدراتك.
وهذه مسؤولية وأنت مسؤول عنها يوم القيامة، هي أمانة فإن تحملتها فستحاسب عنها أحفظتها أم ضيعتها: { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا } الأحزاب72
إذا كنت تعلم من نفسك أنك أهلٌ لهذا المكان، تملك القدرة على هذه المهمة، والأمانة فيما ستتحمله، فتوكل على الله وأقدم.
فخير من يتولى المناصب من اتصف بهذين الوصفين، وقد ذكرهما الله تعالى في قصة موسى عليه السلام مع المرأتيــــن: { قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ } القصص 26
وإن كنت تعلم من نفسك الضعف فإياك إياك، فقد روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي قَالَ فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِي ثُمَّ قَــــالَ: ( يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ ضَعِيفٌ وَإِنَّهَا أَمَانَةُ وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ إِلَّا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا ).
قال النووي رحمه الله: هذا الحديث أصلٌ عظيمٌ في اجتناب الولايات، لا سيما لمن كان فيه ضعفٌ عن القيام بوظائفِ تلك الولاية، وأما الخزيُ والندامة فهو في حقِّ من لم يكن أهلا لها، أو كان أهلاً ولم يعدل فيها؛ فيخزيه الله تعالى يوم القيامة ويفضحه، ويندم على ما فرط، وأما من كان أهلا للولاية وعدل فيها؛ فله فضلٌ عظيمٌ تظاهرت به الأحاديثُ الصحيحة كحديث سبعة يظلهم الله، والحديث المذكور هنا عقب هذا: أن المقسطين على منابر من نور وغير ذلك، وإجماع المسلمين منعقد عليه ومع هذا فلكثرة الخطر فيها حذره صلى الله عليه و سلم منها وكذا حذر العلماءُ وامتنع منها خلائقُ من السلف وصبروا على الأذى حين امتنعوا.
أخي المرشَّح: لا تجمع أصوات الناخبين لك بإحراجهم، لا تأخذ أصواتهم بالحياء.
أخي المرشَّح: إن كتب الله لك أن تكون عضوا في المجلس البلدي، فاحمد الله تعالى، وسله جل وعلا العون والتوفيق والسداد.
ثم لا تألُ جهداً فيما ينفع بلدك؛ النفع الديني أولا، ثم النفع الدنيوي ابذل وسعك في حوائج الناس، وأبشر حينئذ ببشارة النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: ( الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) رواه البخاري.
وكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَاءَهُ السَّائِلُ أَوْ طُلِبَتْ إِلَيْهِ حَاجَةٌ قَالَ: ( اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا، وَيَقْضِي اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ ) رواه البخاري.
الله الله في اليسر والرفق؛ فقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم لصاحب الرفق، كما دعا على صاحب المشقة، فقال: ( اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ ) رواه مسلم.
بارك الله لي ولكم ....


الخطبة الثانية:
الحمد لله... أما بعد: فاتقوا الله تعالى أيها الناخبون والزموا الصدق، وارعو الأمانة فيمن تنتخبون، لا تبذلوا أصواتكم تبعية لأحد، أو مجاملة لأحد لا لقريب، ولا لصديق، ولا لرئيس، ولا لصاحب مصلحة.
انظروا رحمكم الله: الأفضل، والأصلح، والأنفع، وابذلوا له أصواتكم، فإنه متى قُدِّم، عادت المصلحة عليكم، وعلى بلدكم، ومتى أُخِّرَ الأصلح وقدم غيره عاد بالضرر على الجميع.
عباد الله: في أيامنا هذه؛ كثرت الوقيعة في أعراض الناس، وامتلأت مجالسنا بغيبة المرشحين أو ببهتانهم: ( فلانٌ رشح نفسه؛ فيه كذا وكذا، وفلان فيه كذا وكذا)
فاتقوا الله، وفقكم الله، واحفظوا ألسنتكم عن عباد الله؛ كفوا عن أعراض إخوانكم؛: إن رضيتم هذا المتقدم فرشحوه؛ وإلا فاتركوه، وليسلم من ألســنتكم؛ فإن: ( الْمُسْلِمُ مَنْ سَـلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ ويده ) رواه البخاري ومسلم.
ولتسلموا أنتم من الإثم فإنه كما قال تعالى: { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } ق 18
ولما قال معاذ رضي الله عنه: وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟! قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ ) أخرجه الترمذي وصححه الألباني.
اللهم إنا نعوذ بك من النار برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام...
اللهم صل على محمد ...
عباد الله: اذكروا الله...
المرفقات

909.zip

المشاهدات 1136 | التعليقات 0