وقفات حول الامتحانات
محمد الربيعة
هذه وقفات كتبها أخي الشيخ إبراهيم الدحيم رحمه الله ، وهو خطيب ، ومعلم مربي ، عاش هم الدعوة والتربية
أحببت نشرها لتعم بها الفائدة للخطباء وغيرهم .
الخطبة :
العد التنازلي يقترب من الصفر ، والهم يعلو المحيا ، آمال طموحه يجاورها خوف من ضياعها ...
تلك هي أيام الاختبارات التي لو أقسمت أنه لا يوجد بيت إلا وهو يعايش ألامها ويعاني أيامها ربما لم أحنث , الأمر الذي يجعلنا نعرض إلى وقفات مع الاختبارات .... فقف معي قبل أن توقف , وتأمل قبل أن تألم ..
الوقفة الأولى :
تأتي الاختبارات والكل يستعد لها ، فالبيت يعلن أشبه ما يكون بحالة استنفار عام يتغير معه نظام البيت , حتى أنك ترى الطفل الصغير الذي لم يبلغ سن الدراسة بعد يحس بذلك وهو يقلب عينيه لا يدري ما الأمر , بل ربما يشارك بنقل الأقلام وتقريب الكراريس .
يجتهد الوالدان بمتابعة أبنائهم ذكور كانوا أو إناثاً والتأكيد عليهم باستغلال الوقت والاجتهاد والتحصيل ،وربما جلس الأب أو جلست الأم مع أولادهم وقتاً ليس باليسير من أجل مساعدتهم على التحصيل ومتابعة سير دراستهم، بل قد يوقظ الابن آخر الليل ليتابع ما بقي عليه من دروس فيقوم وكأنما نشط من عقال!! أما حين ينام الطالب فيفوته الاختبار أو يتأخر عنه فتلك مصيبة والأمر هول !.
· في ظل هذه الأجواء قد يصدر قرار صارم يقضي بمنع الأبناء من الاستمرار في متابعة التلفاز أو نحوه مما يلهي ويلغي.. وربما كان هذا القرار صادراً من الطالب نفسه كمن يدرس في المراحل العليا كالثانوية والجامعية فيمتنع عن متابعة القنوات ونحوها.. كل ذلك حرصاً على التحصيل العلمي والنجاح والتفوق والوظيفة.. في قائمة لا تنتهي من الآمال الدنيوية ... التي قد تدرك وقد لا ترك !!
· لا عتب ولا لوم فالإسلام قد فرق بين الذين يعلمون والذين لا يعلمون , فهذا الجهد من الوالدين ومن الأبناء مطلوب وهو سعي مبارك مشكور, لكن اللوم كل اللوم أن يقف هذا الجهد والحماس والمتابعة عند تحصيل الشهادة الدنيوية والنجاح فحسب , ولا يتعدى ذلك فلماذا كل هذا ؟!!
· لماذا لا يعلن البيت حالة الطوارئ حين ينادي المنادي الصلاة خير من النوم فيوقظ الأبناء للصلاة خوفاً من الخسران الحقيقي (ألا ذلك هو الخسران المبين ).ورغبة في الفوز الحقيقي ذلك هو الفوز العظيم ( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً )
وفي الحديث ((كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته .. فالأب راعي في بيته ومسئول عن رعيته والله سائل من راع عما استرعاه أحفظ أم ضيع )).
· ثم لماذا تقف المتابعة للأولاد والحرص عليهم عند تحصيل الشهادة واجتياز الاختبار فقط .. أفلا سأل الواحد منا نفسه . كم مرة جلس مع أولاده يعلمهم القرآن ويبني في قلوبهم الإيمان ؟! .
- وكم مرة جلس معهم يعلمهم حديث رسول الله r أو يسمعه منهم أو أدبا من آداب الإسلام أو أدباً من آداب الإسلام أو فقه من سير السلف الصالح يتذكرون بها أمجادهم الخالدة وتاريخهم التليد حتى لا يكونوا ضحية الذل والهوان و الهزيمة النفسية .
- وكم مرة جلس إليهم يستقبل همومهم ويعيش آلامهم ويسأل عن جلسائهم ويحضهم على الخير وأهله .
فالعاقل حين يغرس شيئاً يسقيه ويحوطه ويحميه ...
ومن جد وجد ومن زرع حصد ومن أهمل عض أصابع الندم .
- ثم لماذا يصدر قرار من البيت بمنع الابن من هذه الملهيات حفاظاً على مستقبله الدنيوي أفلا يسري عليه هذا القرار حفاظاً على مستقبله الأخروي ( وللآخرة خير لك من الأولى ) ( وللآخرة خير وأبقى).
- لماذا تستمر الحضانة للأولاد من أجل حفظ الدين ومنعهم من كل ما يسقط الحياء ويذهب بالأدب ويزيل الثوابت ويقتل القيم .
- لما لا يستصدر حكم الإعدام على كل ما هو ملهي ومفسد سواء كان تلفاز أو دشاً أو مجلة ماجنة أو غيرها حتى تحيى الروح فحفظ الأرواح أولى من وحفظ الأبدان .ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.
· ثم أنت أيها الشاب المبارك والطالب الموفق .. يا من اتخذت قراراً بالامتناع عن متابعة القنوات والملهيات فوفيت وقمت بالعهد .. وعرفنا بذلك قوة شخصيتك وثباتك في أمرك وقدرتك على اتخاذ القرار ..أفلا قرار بالزوم الطريق المستقيم والطريق القويم ترتضي به الرحمن وتكيد به الشيطان فما أجمل النجاح يوم يكون دنيا وأخرى .
الوقفة الثانية :
( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ...) حول هذه الآية تعليق جميل للشيخ العلامة ابن عثيمين رحمة الله عليه قال فيه :( إن الله أمرنا أن نؤدي الأمانات إلى أهلها وأمرنا إذا حكمنا بين الناس أن نحكم بالعدل : هذان الأمران لا تقوم الأمانة إلا بهما أداء الأمانات إلى أهلها والحكم بين الناس بالعدل وأننا الآن على أبواب اختبار الطلبة من ذكور وإناث وإن الاختبارات أمانة وحكم ،فهي أمانة حين وضع الأسئلة وأمانة حين المراقبة وهي حكم حين التصحيح .
أمانة حين وضع الأسئلة يجب على واضع الأسئلة مراعاتها بحيث تكون على مستوى الطلبة والمستوى الذي يبين مدى تحصيل الطالب في عام دراسته بحيث لا تكون سهلة ولا تكشف عن تحصيل ،ولا صعبة تؤدي إلى التعجيز .
والاختبارات أمانة حين المراقبة فعلى المراقب أن يكون مستعيناً بالله يقظاً في رقابته وأن يكون ويكون أن قوياً لا تأخذه في الله لومه لائم يمنع الطالب من الغش لأن تمكينه منه تمكين في أمر محرم قال فيه النبي r : ( من غشنا فليس منا ).
وتمكين الطالب من الغش ظلم لزملائه الحريصين على العلم المجدين في طلبه وهو ظلم للطالب الغاش وهو في الحقيقة مغشوش حين انخدع بدرجة نجاح وهمية لم يحصل بها على ثقافة ولا علم ،إن تمكين الطالب من الغش خيانة لإدارة المدرسة والوزارة والدولة وهو ظلم للمجتمع وهضم لحقه حين تكون ثقافة المجتمع ثقافة مهملة يظهر فشلها عند دخول ميادين السباق .
وتمكين الطــالب من الغش خيانة وظلم من الناحية التربوية لأن الطالب بممارسته الغش يكون مستسيغاً له هيناً في نفسه فيتربى عليه ويربي عليه أجيال المستقبل ( من سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة )
إن على المراقب أن لا يراعي شريفاً لشرفه ولا قريباً لقرابته ولا غنياً لماله إن عليه أن يراقب الله الذي يعلم خيانة الأعين وما تخفي الصدور ...
إن الاختبارات حكم حين التصحيح فمن استحق شيئاً وجب إعطائه إياه ومن من لا يستحق شيئاً وجب حرمانه منه ..
وانتم أيها الطلبة لا تنزلوا بأنفسكم إلى الحضيض فلا تطلبوا ولا تناولوا تلك الشهادات بالغش والخيانة ، اربوا بأنفسكم على فشل مثل هذه الأخلاق ولا تصلوا إلى درجات لا تبلغوها على وجه الحقيقة .
إن الأمر خطير إن الإنسان إذا اعتمد على شهادة مزيفة وصار له راتب من أجل هذه الشهادة فإنه على خطر وإنه يخشى أن يكون أكله لهذا المال أكل للمال الباطل فاتق الله أيها الشاب ولا تحرم نفسك أن تكون من المصلحين الذين يريدون بعلومهم وجه الله والدار الآخرة .أ هـ كلام الشيخ .
الوقفة الثالثة :
أيها الطالب الموفق أجتهد وحصل وذاكر , لكن دون أن يدخلك الهم فتهلك نفسك , وأعلم أن مستقبل الأمور إلى الله وحده ولا تشغل نفسك بهم غيرك قد ضيع من يومه .
إن من الطلاب من يجلس أمام ورقة الاختبار وأمام دروسه وهو يراجع ثم يسرح بفكره محاولاً الإجابة على تسأولات كثيرة يرى أن الإجابة عليها ألزم من المذاكرة والإجابة على ورقة الاختبار .
هل ستقبلني جامعة وهل سأجد وظيفة ومتى سأتزوج ومن ومتى وكيف ؟ وأسئلة أخرى كثيرة .
إن الله لم يجعل لرجل قلبين في جوفه ( وإن تشتيت الهم على هذه الصورة سيضيع عليك لحظة الحاضر .وحظ المستقبل إذ سيضعف لدى الطالب التركيز وسيحد ذلك من همته العالية وجده واجتهاده ليرضى من مجرد النجاح فقط ).
إن غداً يوم مفقود حتى يأتي فلما نستبق الأحداث ونتوجس من المستقبل مصائبه ونتوقع كوارثه .. ( إن علينا أن لا نعبر جسر حتى نأتيه ) ومن يدري لعلنا نقف قبل وصوله أو لعل الجسر ينهار قبل وصولنا وربما وصلنا الجسر وممرنا عليه بسلام ..
أن إعطاء الذهن مساحة أوسع للتفكير في المستقبل وفتح كتاب الغيب ثم الاكتواء بالمزعجات المتوقعة ممقوت شرعاً لأنه طول أمل ومذموم عقلاً لأنه مصارعة للظل إن كثير من هذا العالم يتوقع في مستقبله الجوع والعرى والمرض والفقر والمصائب وهذا كل من مقررات مدارس الشيطان ((الشـيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعـدكم مغفرة منه وفضلا )).
عجيب أمر هؤلاء يقترضون الهم نقداً ويقرضوه نسيئة في يوم لم تشرق شمسه ولم ير النور بعد .
وقد جاء في التوراة كما نقل كعب الأشراف :(قال الله يا ابن آدم لا تطالبنا برزق غدٍ كما لا أطالبك بعمل غدٍ)
إن قَدْرَاً من نظر الطالب وغيره إلى المستقبل مطلوب , وهو ذلك الهم الذي يكون بدرجة حرارة معتدلة , تحرك ولا تحرق , وتنشط ولا تشطط , تبعث إلى الجد والعمل قدر الوسع لا فوقه ( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً..)
أيها الطالب الموفق ضع أمام عينيك دائماً قول الله تعالى :( ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيئاً قدرا )
بمعنى إن الله إذا قضى لك شيئاً , أو أراد لك خير فسيتسع لك ذلك لا محالة إن الله بالغ أمره لكن الله جعل لك لكل أمرا وقتا وقد جعل الله لكل شيئاً قدراً .
الوقفة الرابعة :
أيها الطالب الموفق تذكر وأنت تعيش أيام الامتحانات , إن هذه الدنيا بأسرها امتحان واختبار, وأنها محل عمل وغداً يوف العاملون ما عملوا . حين تكشف نتيجة امتحان الدنيا فينجح الطالب فيفرح بذلك ويسعد لكنها سعادة مؤقته سرعان ما يذهب أثرها .
وحين تظهر النتيجة فإذا هو راسب في الامتحان يحزن حزناً سرعان ما ينساه , ثم الفرصة أمامه مواتيه لتعويض ما فاته .
أما الامتحان الأكبر فإن السعادة فيه سعادة دائمة لا تنقطع في جنات المأوى , لا يموتون ولا يهرمون , وفي النعيم يتمتعون . وحين يخسر الإنسان الدنيا وتضيع عليه أيامه , فذلك هو الخسران المبين , والنار مثوى الظالمين .
أيها الطالب الموفق لقد قربت نوق الرحيل ولم أر لك في المزاد زاد , فتفكر في الحشر والمعاد وتذكر حين يقوم الأشهاد : إن في القيامة لحسرات , وإن في الحشر لزفرات , وإن عند الصراط لعثرات , وإن عند الميزان لهفوات ، وإن الظلم يؤمئذٍ ظلمات ،والكتب تحوى حتى النظرات , وإن الحسرة العظمى من السيئات , فريق في الجنة يرتقون الدرجات , وفريق في السعير يهبطون الدركات , وما بينك وبين هذا إلا أن يقال فلان مات , فتقول رب ارجعون فيقال هيهات هيهات , قد فات ما فات ..
جدوا فإن الأمر جدّ
وله أعدوا واستعدوا
لا يستقال الـيوم إن
ولىّ ولا للأمـر رد
لا تغـفلن فإنــما
أجالكم نفـس يـعدُ
وحوادث الدنيا تروح
عليكم طــوراً وتغدو
أين الأولى كنا نرى
ماتو ونحن نموت بعد
ما لي كأن مناي يبسط
لي وامــالي تــمد
.
ما غفلتي عن يـوم
يجمع شرتي كفن ولحد
ضيعت ما لا بد لي
مــنه بما لي منه بد
ما نحن فيه متاع أيام
يــعاد ويســترد
إن كان لا يغنيك ما
يكفي فما يـغنيك جد
هون عليك فليس كل
الناس يُعطى ما يــود
وتود نفسك في هواك
فإنها لك فيـــه ضد
من كان متبعاً هواه
فإنه لهواه عــــبد
الوقفة الخامسة :
هل يمكن أن نحافظ على حالة الجد فترة أطول ؟!
هذه الأيام نعيش حالة في الجد والنشاط والحيوية ، فكم يا ترى يكون ناتج هذه الفترة ؟ كتب قرأت ، مسائل فهمت ، وتطبيقات أجريت ، ومشاريع أنهيت ، وقد لا نكون مبالغين إذ قلنا أن ما يقرا في الاختبارات يساوي ما يقرأ في العام كله أو أكثر كل هذا خلال فترة وجيزة. فكيف لو إن لو فترة الجد التي نعيشها امتدت شهراً أو شهرين أو أكثر . ما هي النقلة الضخمة التي يمكن أن تفقدها الأمة من خلال رقي أفرادها واتساع مداركهم . إن أقل شيء يمكن أن نستفيده هو البعد عن حياة الهزل واللامبالاة التي تورث النفوس هبوطاً وضموراً في المفاهيم .
وإذا كنا أن استمرار حالة الجد لجميع الناس غير ممكنة فهي ممكنة مع البعض أو من بعضه . إننا حين ننجح في توجيه فئة ولو قليلة إلى متابعة الجد من خلال الاتصال بالعلم والكتب فترة الصيف أو مزاولة المهنة الجادة أو حتى استمرار التفكير المثمر فإننا نكون ناجحين وفاعلين .
لا بد على أقل تقدير أن توجد القناعة بأهمية الجد في حياة المسلم ، وأن لا نقف في هذه الحالة موقف العداء الظاهر أو حتى المستتر ؟! موقف من يطلب كشف كربته وإزالة غمته .....
إن حالة الجد التي نعيشها اليوم تعتبر حالة صحو ويقظة ونهوض - وإن جاءت على جهة الإلزام والتحتم – فإن مقررات النهوض لا تقبله كثير من النفوس , لكثرة التصاقها في الأرض ..
وعليه فيجب أن يتنبه القائمون على المناشط الصيفية – سياحية كانت أو مراكز طلابية – أن الهدف من إقامة هذه المناشط هو تنشيط الذهن وتهيئته لحالة جد أخرى – أي أن هذه المـناشط تعتبر استمرارا لمراحل الرقي والنهوض التعليمي – لا أنه تسلية من نكد الدراسة وخروجاً من همها .
لا بد أن تحمل المناشط الصيفية لغة الحفز العلمي والمعرفي , وأن تزيل من قاموسها كل لغة تنبئ عن التخلص من تلك الفترة التعليمية،وهذا التنبيه وإن كان يعني المناشط الصيفية بدرجة كبيرة إلا إن على أفراد المجتمع كله مراعاة ذلك .
على أفراد المجتمع في أقل ما يقدموه للتعليم أن يتجنبوا ألفاظ التذمر التي توحي بالكراهية للتعليم كقول بعضهم :( انتهى غش الدراسة ، ودعنا الكتاب ، خلاص قراءة ) ونحوها .
الوقفة السادسة : الامتحان : هل انقلبت ( حائه ) ( هاءً )
كنا نعيش الامتحان هماً واحداً فتحول منذ سنوات إلى هموم متعددة , حتى أصبحنا من خلال بعض الصور المشينة لا ندرى هل أوقات الامتحانات أوقات جد أم هزل , وهل هو امتحان أم انقلبت حائه هاءً فصار امتهان ؟! , هل هو امتحان يعيش معه الطالب شيئاً من الاستنفار الذهني يدعوه إلى الجد والشغل بالنفس , أم هو امتهان للدين والأخلاق والقيم , ونوع من التمرد على المبادئ والأعراف الاجتماعية ،ونوع من اللامبالاة وعدم الشعور بحقوق الآخرين والممتلكات العامة..
إن مظاهر عدة أصبحت طافية على السطح , جعلتنا نتكلم وبحرقة عن هذا الموضوع , ونصرخ وبكل وضوح محذرين من عاقبة لا تحمد , ونهاية لا تحسد , قد تكون بدايتها فوض الامتحانات مع ضياع الدور التربوي أو ضحالته ..
إن فرصة الاختبارات وما فيها من الفراغ - الذي جاء على عكس حالة الجد المفترضة - يخلق نوعاً من الفوضى والتي يدخل من خلالها عناصر مشبوهة تحاول أن تجد مكانها بين الشباب أو الفتيات بما قد يقضي على الحياة الكريمة والمعاني الجليلة فيهم والوقع شاهد والحوادث عبر عبرات ..
يخرج الطالب والطالبة من الاختبار إلى البيت فينام في إجازة مفتوحة تخوله ترك الصلوات ......
فمرتزقة الدينار والدرهم , ومن يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين أمنوا يجدون الامتحانات فرصةً لبث سمومهم وترويج مخدراتهم عن طريق إغراء الطلاب بالحبوب المنشطة ليبدؤوا معه سلسلة التعاطي من أو خطوة , إن الذي قد يقوم بالخطوة الأولى لا يلزم أن يكون غريباً ,بل ربما يكون صاحباً ملازماً غرر فيه !! كنت يوماً مع أحد المسئولين في جهاز مكافحة المخدرات فكان يتحدث أن نسبة انتشار المخدرات بين الطلاب عموماً تزداد عاماً بعد عام . ويزداد ذلك زمن الامتحانات وفترات الإجازة فمن الذي ينشرها ومن الذي يروج لها في سكون الليل ..
وتخرج الفتاة تطلب دروساً خصوصية عند أحدى المعلمات ويجتهد وليها لإيصاله ويتركها الساعة والساعتين إلى أن تنتهي , وببراءة لا ترحمها الذئاب تخرج إلى السوق المجاور لتتجول فيه ملبية لدافع حب الاستطلاع أو مستجيبة لطلب أحدى زميلاتها ثم ترجع ليجدها وليها حيث تركها !!
وكل يوم ينهي فيه الطلاب امتحاناتهم يتجاوزون باب المدرسة أو يقفون عنده فيقوم بعض الطلاب ليعبروا عن حنقهم على التعاليم ونفورهم من الكتاب , من خلال تمزيقه ورميه في الطرقات غير مراعين ما فيه من لفظ الجلالة والآيات القرآنية محدثين نوعاً من التشوه الحضاري الذي يعكس ضحالة الدور التربوي ..
وبعد تمزيق الكتاب يبدأ مسلسل جديد من الفوضى والعبث , فالسيارات التي خلقها الله لتحملنا إلى بلد ما كنا بالغيه إلا بشق الأنفس ,تتحول إلى لعبة بأيدي السفهاء تذهب بها أرواحهم وأرواح غيرهم في استهتارٍ لا مزيد عليه , تفحيط ودوران مشبوه لا يراد منه المتعة بقدر ما يراد منه استدراج الأحداث , والاعتداء على الأعراض . ويتجاوب الغر الصغير لهذه المظاهر بطفولية سمجة تدل على بساطته وقرب استدراجه , فحيث عجز أن يجاري السفهاء في سيارتهما أصبح يرميهم ببالونة الماء التي تعلن انظمامه للفريق وتفتح معهم خطوط الاتصال دون أن يشعر - ببراءة لا بين أبرياء ولكن بين أنياب الذئاب ..
وإذا كان عدد من الطلاب لا زالوا يحترمون عقولهم ويراعون مبادئهم وقيمهم وينأون بأنفسهم عن مثل هذه التصرفات الطفولية . فإن هذه المظاهر الفاضحة وهذه الفوضى العارمة ظاهرة ليس من الحكمة أن نغفلها , لأنها تعتبر جرثومة يجب أن تدافع وأن تحصن النفوس عنها, وليس صحيحاً أن ندس رؤوسنا في التراب ونتجاهل حالنا..
0إن هذه المظاهر التي تكثر في فترة الاختبارات تكشف عن نوع من الهبوط الأخلاقي بين صفوف الطلاب .وتكشف لنا مدى تفريطنا في تربية أولادنا ، وضعف قدرتنا على توجيه فراغهم ..
وحتى نحافظ على فلذات أكبادنا ونحمي مجتمعنا من الضياع والفوضى التي قد يفرضها علينا حدثاء الأسنان في ظل غياب أهل العقل والرأي والحكمة عن الساحة فإني أذكر بوسائل عملية وأفكارٍ واقعية :
أولاً : على أهل الرأي والحكمة أن يجدوا دورهم في المجتمع , وإلا فسيحل مكانهم سفهاء الأحلام , حدثاء الأسنان وسيقودوا السفينة إلى الغرق , إنه لا يصحح أن يكون دور ممثلي البلد في المحافل والمجالس البلدية والأهلية مقتصراً على البناء المعماري المهني دون البناء الأخلاقي القيمي للمجتمع ..
ثانياً : دور المؤسسات التعليمية واقصد بذلك إدارات التعليم ومراكز الإشراف والمدرسة ممثلة بإدارتها ومعلميها وهي المسئول المباشر عليهم دور عظيم في رعاية الناشئة وتأكيد معاني الأدب والمرؤة , عليهم التوجيه والرعاية وفرض العقوبات على المخالفات , وضبط أوقات خروج الطلاب ليتسنى للآباء متابعة أبنائهم وبناتهم . إننا نذكر ونشكر جهوداً مباركة تقوم بها بعض إدارة المدارس والمدرسين ونرى أثر ذلك مع قلة الإمكانيات .. فيا ترى كم سيكون الأثر لو أن كل إدارة وكل معلم أحس بمسؤوليته تجاه الطلاب ...
ثالثاً : الجهات الأمنية وهيئات الأمر بالمعروف .. ومن له عناية بضبط وتوجيه المجتمع عليهم مسؤولية .. عليهم أن يحتسبوا
ثالثاً : مسؤولية الوالدين تجاه الأبناء : (( يا أيها الذين أمنوا قو أنفسكم وأهليكم ناراً )) ويجب أن يشعر الأب والأم بعظم المسؤولية . إن رعاية أبناءك ليس خياراً بل هو واجب تنال أجره ونفعه إن قمت به , ويلحقك ويزره وسوء عاقبته إن فرطت فيه
إن بعض الناس يعيش نوعاً من النظرة الجاهلية للحياة ((بطون تدفع وأرض تبلع )) نعم هو لا ينكر البيت لكن حاله حال من لا شرائه مسؤول حتى بدأت صور اليتم التربوي تكثر ...ا
أيها الآباء ... أبناءنا أكبادنا تمشي على الأرض لا بد من رعايتها لا بد من المتابعة ومراقبة الوضع وملاحظة أدنى تغيير ... هل تعرف متى ينتهي ابنك من الاختبارات ؟! مع من يذهب ؟! أيها الآباء الكرام: لا تشغلنا الدنيا بحجة بناء مستقبل الأولاد , فنبني القصر وقد لا نجد له ساكناً !! إن إعداد الأبناء للحياة أولى من إعداد الحياة للأبناء .
رابعاً :أن نتعامل مع الاختبارات على أنها ليست مشكلة بقدر ما هي فرصة , وهنا تهب النفس للعمل والحماية والرعاية وتجد متعتها في ذلك , ويفتح لها من الآفاق ما ينغلق عنه الذهن وقت الهم والحزن
الاختبار فرصة لتقوية العلاقة مع الأبناء من خلال تعليمهم والجلوس معهم ..ولو انك أخذت إجازة من أجل أبنائك ما كان ذلك كبيراً ...
خامساً : :لا بد من بناء الوعي لدى الأبناء وإعطائهم حصانات مبكرة ضد كيد المتربصين , حذرهم وبصراحة عن رفقاء السوء وعن مكائدهم وطرقهم في استهواء الشباب , ناقشهم عن مشكلة الاختبارات ودعهم يعيشون معك الهم , واطلب منهم حلولاً عملية , ستجد أنهم أكثر حماساً على تطبيقها , وأكثر حصانة . انتقد عندهم مظاهر السفه وكرهها في نفوسهم وبين لهم أن ذلك ذهاب للدور المطلوب منهم
سادساً استغلال وقت فراغ الطلاب وتوجيهه :
إما بالبحث لهم عن جلساء صالحين يرتبطون معهم ببرنامج يحميهم
أو بترتيب برنامج مشترك يشترك فيه خمسة أباء جيران أو أقارب أو زملاء يستأجرون لهم استراحة في الصباح مهيأة المرافق يقوم بالإشراف عليهم أحد الأباء كل يوم . يشغل وقتهم بمسابقات وإفطار وسباحة ونحوها .
سابعا: الوقوف وبقوة أمام هذه المظاهر وأن نعلم أن المسؤولية على الجميع ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) 0وجراحاتنالا يداويها أحد غيرنا لأن نزيفها يؤثر علينا , فنبلغ عن ظاهرة التفحيط , والعبث بالممتلكات , وعن أي تجمعات مشبوهة .. ونقوم بدورنا بالنصح والتوجيه ونشر الوعي العام ..
ثامناً : أيها الأبناء أيها الطلاب يا فلذات الأكباد بقى أن تحسوا بمسؤوليتكم وأن تربو بأنفسكم من مثل هذه التصرفات , وتعلموا انه ينتظر منكم مستقبل زهر ..
0 أيها الشاب أنا أجزم أنه لو أخذ لك سجل من حياة العبث ثم رأيتها بعين البصيرة الآن ما قبلتها فكيف حين تتربع على مسؤولية من مسؤوليات مجتمعك
0 أيها الشاب إياك والاعتداء على حقوق الناس وأعراضهم فهي ديون تقضيها بعد حين
أحذر دعوات الآخرين عليك ..
واخرج من الدنيا بدعاء لك لا عليك...
[/align]
المرفقات
وقفات حول الامتحانات.doc
وقفات حول الامتحانات.doc
المشاهدات 7322 | التعليقات 6
[align=center]ما أجمل الخطيب حين يعيش مع قضايا الناس وهمومهم يصلح ويسدد ويقارب [/align][align=center]
وهذا وربك منهج نبوي ألم تروا إلى الحبيب صلى الله عليه وسلم كيف كان يجوع إذا جاعوا ويفرح إذا فرحوا ..
جمع الناس ذات مرة فحدثهم عما أخبره به تميم بن أوس الداري كما في صحيح مسلم عن الدجال ..
يعيش قضايا الناس وأخبارهم فكان كما وصفه الله جل في علاه :
" لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم "
وقد قال ابن القيم رحمه الله عن خطبة النبي صلى الله عليه وسلم : " وكان يأمرهم بمقتضى الحال في خطبته "
وقال أيضاً :"وكان يخطب في كل وقت بما تقتضيه حاجة المخاطبين ومصلحتهم"
وأقمن بكل خطيب أن يسير هذه السيرة فهو مبلغ عن رسول الله وحري بالمبلغ أن يتخلق بأخلاق المبلغ عنه والله المستعان
جزاك الله خير الجزاء يا شيخ محمد ونسأل الله لحبيبنا الشيخ إبراهيم الدحيم رحمة واسعة ,
اللهم جازه بالإحسان إحسانا وبالسيئات عفوا وغفرانا وارحمنا إذا صرنا إلى ما صار إليه الأموات[/align]
أستأذن الشيخ ماجد في عرض خطبة الشيخ هيثم الرومي والتي أوردها في ملف مرفق :
[align=center]وقفات مع الاختبارات
هيثم بن فهد الرومي
إن الحمد لله ..أما بعد ..
أيها الإخوة المؤمنون .. اتقوا الله تعالى حق التقوى .. وتزودوا خيراً لأنفسكم وقدموا لنجاتكم يوم معادكم من صالح أعمالكم فإن اليوم عمل وفي غد يكون الجزاء .. البر لا يبلى والإثم لا ينسى والديان لا يموت ..
عباد الله .. في هذه الأيام تشتعل العزائم وتتوقد الهمم وتتضافر الجهود؛ استعدادًا للامتحانات الدراسية . تتهيأ المدارس والمؤسسات العلمية بجميع مرافقها وأعضائها، ويهتم الآباء بتوجيه أبنائهم وتشجيعهم، وينشط الطلاب للمذاكرة سهرًا وجدًا واجتهادًا.
العقول الخاوية تصبح بالامتحانات واعية، والنفوس الباردة تصير بالامتحانات جادة، والهمم الفاترة تتحول لتكون عالية صامدة. إن الامتحانات تحدث نقلة في حياة الناس عجيبة؛ فتجد أكثر الناس مهتمين بها، معظمين لها، حريصين عليها. ولنا هنا وقفات عدة :
الوقفة الأولى : ديننا دين توسط واعتدال ونبينا الكريم يقول : والقصد القصد تبلغوا . وقد اتفق العقلاء على أن الحكمة تكمن بين الغلو والجفاء .. والملاحظ في مثل هذه الأيام أن الكثير من الناس والأسر لا يعتدلون في نظرتهم بل يجنحون ذات اليمين أو ذات الشمال فبعض الناس لا يلقون بالاً لأمر الامتحانات بالكلية وربما سموا ذلك توكلاً وهو في الحقيقة إهمال لأن الله وضع للنتائج أسباباً ومقدمات .. وبالمقابل فهناك من جعل من أمر الامتحانات كابوساً مرعباً كالخيالات التي يخوف بها الصبيان ولا شك أن ذلك غلو وإرجاف وإشاعة لنفسية القلق والتوتر ووضع للأمور في غير نصابها إضافة لما فيه من تقديم للوسائل على الغايات وتبغيض العلم على الناشئة بالترهيب من وسائل تقويمه ، فيصبح الطالب مبغضاً للعلم بسبب ما شحنه به المجتمع من رعب وخوف من الاختبارات ولا أدل على ذلك من ركام الكتب الممزقة والأوراق المبعثرة التي تذروها الرياح عند كل مدرسة وفي كل جامعة .. كأن الطالب ينتقم من هذه الأوراق التي سببت له الارتباك والقلق فترةَ الامتحانات .. أهذا هو هدف التعليم ؟ أم تلك هي نتيجة التربية ؟ .. إن ذلك يدل على خلل في تربية كثير من الأسر لأبنائها حيث يربونهم على أن العلم مقصود به غيره فإذا تحقق المقصود فلتمزق الكتب ولتتناثر الأوراق .. كيف تنهض أمة هذه نظرتها للعلم والمعرفة ؟! إن ذلك لا ريب نقص في الوعي وقصور في النظر وخلل في الرؤية الاجتماعية الشاملة .. أي شيء تريده المجتمعات إلا العيشَ الهادئ المطمئن في ظروف تصل فيه الحقوق إلى أصحابها في وداعة وسكينة .. وذلك ما لا يتحقق بالشهادات المزورة ولا التفوق المؤقت بل يتهيأ بثقافة واعية وتنمية عقلية وافرة يسقيها العلم وتغذيها المعرفة والخلق .. وإذا كانت الامتحانات وسيلة لتقويم التحصيل فينبغي أن يهتم الآباء والمربون بالغايات ولا يقفوا عند الوسائل .. ولا يجعلوا من حياة أبنائهم جحيماً إذا كانوا من أهل النبل والخلق لأجل إخفاقهم في وسيلة تقويم .. وليعلموا أن كلاً ميسر لما خلق له ..
الوقفة الثانية : موسم الامتحانات موسم لبث الكثير من المبادئ والقيم والأخلاق الفاضلة في نفوس الناشئة .. وأول ذلك تعلقهم بالله تعالى ولجأهم إليه وتوكلهم عليه وعدم الاعتماد على ما يؤتاه المرء من ذكاء وذاكرة فها هو النبي كان يقول: ((يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين)). وعليهم أن يلحوا على الله بالدعاء فقد قال النبي الكريم : ((إن ربكم حيي كريم، يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرًا خائبتين)). ومن ذلك بث روح التفاؤل والنظرة المستبشرة إلى الحياة ودروبها وأن الدنيا لن تضيق على أهلها ما دامت لم تضق بهم نفوسهم .
الوقفة الثالثة : امتحان الدنيا يذكر النفوس بامتحان الآخرة يوم يقوم الناس لرب العالمين .. والواقع أن الكثير من الناس تتغير حياتهم في موسم الامتحانات ويحققون أموراً كانوا يستصعبونها قبل ذلك من دقة المواعيد وكثرة الإنجاز .. وهنا يتساءل العاقل : ألا تستحق الآخرة أن تشغل نصيبا من اهتمامنا وحيزا من تفكيرنا؟! ألا يستحق امتحان الآخرة أن يهتم له بأكثر من امتحان الدنيا؟! كم من أب شفيق وأم حنون حَرِصا على إيقاظ أبنائهما عند أذان الفجر في أيام الامتحانات، بل في أيام الدراسة، وبذلا في ذلك كلّ ما في وسعهما ؛ لئلا يفوتهم موعد الدراسة أو الامتحان فيخفقوا، ولكن هذين الوالدين لم يهتمّا في يوم ما بإيقاظ الأبناء لصلاة الفجر أو صلاة العصر مع عِلمهما بأهمية الصلاة وخطورتها.
عباد الله، إن من الشقاء الواضح والخسارة الفادحة أن يظلّ اهتمام الإنسان منصبًّا على هذه الدنيا وزخارفها، وأن لا يظهر حرصه إلا عليها ومن أجلها، ثم لا يهمّه بعد ذلك أمر الآخرة، ولا أين موقعه منها إن في سعادة أو في شقاء.
الوقفة الرابعة : مخطئ من يظن الغش ذنباً صغيراً محدوداً بظرف الاختبار أو الفصل الدراسي أو المرحلة الدراسية .. إنه حين يشكل ظاهرة شائعة هو في الحقيقة جريمة كبرى في حق أمة تسند الأمور فيها إلى غير أهلها .. وما شكاوى الناس من سوء الأداء الوظيفي والعملي إلا ثمرة من ثمار هذه الجريمة التي لا يجوز عنها .. إن المربين إذ يكافحون ظاهرة الغش إنما يحسنون لمجتمعاتهم وإن تخلل ذلك شيء من القسوة .. وقد كانت صفية بنت عبد المطلب عمة النبي تضرب ابنها الزبير رضي الله عنهما وهو صغير فكانت إذا سئلت عن ذلك تنشد : إنما أضربه لكي يلب – ويهزم الجيش ويأتي بالسلب .. وقد قال الأول : فقسا ليزدجروا ومن يك حازماً .. فليقس أحياناً على من يرحم .. يقول الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى : ( إن تمكين الطالب من الغش أو تلقينه الجواب بتصريح أو تلميح ظلم للمجتمع وهضم لحقه؛ حيث تكون ثقافة المجتمع ثقافة مهلهلة يظهر فشلها عند دخول ميادين السباق، ويكون مجتمعنا دائمًا في تأخّر وفي حاجة إلى الغير؛ وذلك لأن كل من نجح عن طريق الغش لا يمكن إذا رجع الأمر إلى اختياره أن يدخل في مجال التعليم والتثقيف لعلمه أنه فاشل فيه، بل إن الطالب بممارسته الغش يكون مستسيغًا له هينًا في نفسه، فيتربى عليه ويربي عليه أجيال المستقبل، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة. إن على المراقب أن لا يراعي شريفًا ولا قريبًا لقرابته ولا غنيًا لماله ولا فقيرًا لمسكنته، إن عليه أن يراقب الله عز وجل الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، عليه أن يؤدّي الأمانة كما تحمّلها لأنه مسؤول عنها يوم القيامة ) انتهى كلامه رحمه الله تعالى .
الوقفة الخامسة : في أيام الامتحانات تتفجر الطاقات وتبرز المواهب والملكات ويعلم الشخص من نفسه ما لم يكن يعلمه قبل ذلك وما ذاك إلا أنه جعله على المحك في حين كانت كامنة قبل ذلك .. فلله كم من مواهب كامنة وطاقات مدفونة قتلها الكسل وأخفاها التواني .. إن المتأمل في تاريخ هذا العالم ليتقرر لديه أن العظماء الذين غيروا مجرى التاريخ أناس أدركوا مواهبهم ومكامن القوة فيهم فاستعملوها في مقاصدهم فبلغوا آمالهم .. رسل وأنبياء .. قادة وزعماء .. مثقفون وعلماء .. إن الإنسان ما لم يدرك مكمن القوة في نفسه طاقة معطلة وثروة مهدرة كمعدن نفيس في باطن الأرض .. ولا يمكن للإنسان أن يعرف مواهبه إلا بجعلها على المحك في مجتمع يشجع الإبداع ويعتني بالموهوبين .. طاقات هائلة تبذل أيام الاختبارات .. ماذا لو بذل نصفها أو ربعها بقية الأيام .. أيَّ إنجاز سنقدم ؟ أم أيَّ نهضة سنحقق ؟
بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين ، أحمده حمد الشاكرين ، والصلاة والسلام على النبي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعد ..
أيها الإخوة الكرام ..
الوقفة الأخيرة من هذه الوقفات : ماذا عن أولادنا أيام الاختبارات .. لقد ثبت بِتَتَبُّعِ كثيرٍ من المهتمِّين ورجال الهيئات واستقرائهم للِجَرَائمِ والمشاكل الأخلاقية وَحَوَادِثِ السَّيَّارَاتِ التي تَقَعُ للطلابِ أَنَّ أَكثَرَها وُقُوعًا وَأَشنَعَها إنما يحَدُثُ في أَيَّامِ الاختِبَارَاتِ، حَيثُ طُولُ الفَرَاغِ وَانعِدَامُ الرَّقِيبِ وَتَسلِيمُ الآبَاءِ السَّيَّارَاتِ لأبنَائِهِم مِن غَيرِ اهتِمَامٍ وَلا مُتَابَعَةٍ. وهذا ما ينبغي الاستعلان باستنكاره ووجوب اتخاذ موقف منه .. فالكل راعٍ ومسؤول عن رعيته ولا يتخلى من المسؤولية أحد ..إنها مسؤولية مجتمع كامل .. الأسرة مسؤولة .. والمؤسسات التعليمية مسؤولة .. والأجهزة الأمنية مسؤولة .. وعلى الجميع أن يتقوا الله تعالى وأن يحفظوا ما استؤمنوا عليه .. ينبغي للآباء حفظ أولادهم عن أن يكونوا مصدراً للأذى أو مورداً له وينبغي اتخاذ العقوبة الرادعة والزاجرة عن هذه السلوكيات فإن من أمن العقوبة أساء الأدب وينبغي على كل أحد أن يقف من ذلك موقف الناصح المشفق والمحتسب الغيور .. نسأل الله تعالى أن يحفظ لنا أمننا وإيماننا وأن يلهمنا رشدنا ويقينا شر أنفسنا وعادية فجارنا ..
عباد الله .. إن الله وملائكته يصلون ...
اللهم صل على عبدك ونبيك محمد صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر وارض اللهم عن خلفائه الراشدين الأربعة المهديين الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون .. وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بفضلك يا أرحم الراحمين ..
اللهم أعز الإسلام والمسلمين ...
اللهم إنا نعوذ بك من جَهْدِ الْبَلَاءِ وَدَرَكِ الشَّقَاءِ وَسُوءِ الْقَضَاءِ وَشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ ..
اللهم أبرم لأمة الإسلام ..
اللهم انصر إخواننا المستضعفين في كل مكان ..
اللهم آمنا في دورنا ..
ربنا آتنا في الدنيا ...
عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى[/align]
[align=center][align=center]الاختبارات
عبد الله البصري
أما بعدُ: فأُوصِيكم ـ أيُّها الناسُ ـ ونفسِي بتقوى اللهِ عز وجل، فتزوّدوا بها فإنها خيرُ الزَّادِ، واستعدُّوا بالأعمالِ الصالحةِ ليومِ المَعَادِ، يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ [غافر:39، 40].
أيُّها المُسلمونَ، وقَبلَ أَشهُرٍ مَعدودةٍ بَدَأَ العامُ الدِّراسيُّ لِطُلابِ المَدَارسِ والجامعاتِ، وفي أَوَّلِ يومٍ منهُ نَظَرَ كثيرٌ مِنَ الطلابِ إلى ما أمامَهم من أيامٍ، فَرَأَوا أنها طَوِيلةٌ مُمتدّةٌ، وأنَّ بإمكانِهم أنْ يَلهُوا في أولِها ويَلعبوا، ثم يَعكُفُوا على كُتُبِهِم وَدَفَاتِرهِم في آخِرِها عُكُوفَ الجَادِّينَ، فَيَلتهِموُا ما فِيها من قَوَاعدَ وَمَعلُوماتٍ، وَيَشرَبوُا مَا تَحوِيهِ مِن مَسَائِلَ وَتَفرِيعَاتٍ، وَمَا زَالوا على الإِهمالِ مُقِيمِينَ، يَأكُلُ التَّسويفُ أَوقَاتَهُم سَاعةً بَعدَ سَاعةٍ، وَيَلَتهِمُ التَّأجِيلُ فُرَصَهُم يَومًا بَعدَ يَومٍ، حَتى اقتربَ مَوعدُ الاختِبارِ وَحَانت سَاعةُ الصِّفرِ، فإذا بِهِم يَجِدُونَ نَتِيجَةَ تَفرِيطِهِم وإِضاعتِهِم الأوقاتَ، يَجِدُونهََا نَدَمًا وَأَلمًا وَحَسَرَاتٍ، فَاستبدَلَ كَثيرٌ مِنهُم بِفرْحةِ اللَّعِبِ طُوالَ العَامِ تَرْحَةَ َاَلمُذَاكَرَةِ، وَبِجَلَسَاتِ الأحبَابِ العُكُوفَ على الكِتَابِ، بَل كَم مِن أبٍ وأمٍّ لم يَستَريحا في مَنَامٍ ولم يَهنَئَا بِطَعَامٍ تَضَامُنًا مَعَ أَبنائِهِم وبَنَاتِهِم، وَخَوفًا على مُستقبلِهِم مِنَ الضَّيَاعِ.
وَهَذا الشُّعورُ بِرَهْبةِ الامتحانِ مِن قِبَلِ الأبناءِ وَذَاكَ الخَوفُ مِن قِبَلِ الآباءِ والأولياءِ إنما هُوَ شُعُورٌ طَبيعِيٌّ وَخَوفٌ جِبِلِّيٌّ، لا غُبارَ عَلَيهِما ولا عَيبَ فَيهِما، وَلَكِنَّ المُصِيَبةَ العُظْمَى وَقَاصِمَةَ الظَّهرِ الكُبرَى أنْ تَرَى هذا الشُّعورَ أَوفرَ مَا يَكونُ عِندَ أُمُورِ الدّنيا وَاختِبَارِها اليَسِيرِ الذي أعظمُ ما يَحصلُ لِلطالبِ مِن جَرَّائِهِ أنْ يخُفِقَ فِيهِ أو يُحرَمَ مِنه، فإذا جاء أمرٌ مِمَّا يَخُصُّ الآخِرةَ واختبارَهَا الحقيقيَّ رأيتَ الأبوينِ أَبرَدَ ما يَكونانِ شُعُورًا، وَوَجدتَ الأبناءَ أَقَلَّ ما يُلْفَونَ اهتِمَامًا. كم مِن أَبٍ وَأمٍّ حَرِصا عَلَى إيقاظِ أبنائِهِم عِندَ أَذَانِ الفَجرِ في أَيَّامِ الامتِحَانَاتِ بل في أيامِ الدِّراسةِ، وَبَذَلُوا كُلَّ ما في وُسعِهِم لِتَنبِيهِهِم وَتَنشِيطِهِم، لِئَلا يفوتَهُم مَوعدُ الدِّراسةِ أوِ الامتحانِ فيُخفِقُوا، وَكم قد ذَكَّرُوهُم بِفُلانٍ وعَلانٍ مِمَّن نَجَحُوا في دِرَاسَتِهِم وَتعلِيمِهِم وَهُمُ الآنَ يتقلَّدونَ أغلى المناصبِ وَيَتَرَبَّعُونَ على أعلى المَرَاتِبِ؛ لعلَّهُم يَقتدونَ بِهِم ويَصنعُونَ مِثلَ ما صَنَعُوا، وَلَكِنَّ هَذينِ الوَالِدينِ لم يَهتَمَّا في يَومٍ مَا بِإِيقَاظِ الأبنَاءِ لِصَلاةِ الفَجرِ أو صَلاةِ العَصرِ، مَعَ عِلمِهِمَا بِأَهَمِّيَّةِ الصلاةِ وَخَطَرِ تَركِها، وَلَم يَربِطاهُم في دِينِهِم بِالقُدُوَاتِ الحَقِيقِيينَ مِن سَلَفِهِمُ الصَّالِحِ وَعُلَمَاءِ الأمَّةِ الرَّبَانِيينَ.
إنَّ مِنَ الشَّقَاءِ الوَاضِحِ وَالخَسَارَةِ الفَادِحَةِ ـ أيُّهَا المُسلِمُونَ ـ أنَّ يَظَلَّ اهتِمامُ الإِنْسانِ مُنصَبًّا على هذهِ الدُّنيا وَزَخَارِفِها، وَأَن لا يَظْهَرَ حِرصُهُ إلا عليها وَمِن أَجلِها، لا يُسعِدُهُ إلا نَجَاحُهُ في اختِبارِها، وَلا يُحزِنُهُ إلا إِخفَاقُهُ في جَمعِ حُطامِها، ثم لا يُهِمُّهُ بَعدَ ذَلكَ أَمرُ الآخِرَةِ ولا أَينَ مُوقِعُهُ مِنها، مَعَ عِلمِهِ أنَّهُ لا بُدَّ أنْ يَصيرَ إليها يَومًا ما، وَأَنَّها هِيَ المَقَرُّ وَفِيها البَقَاءُ، إِنْ في سَعَادَةٍ وَإِنْ في شَقَاءٍ.
إنَّ كُلَّ مُوَفَقٍ مِنَ العِبَادِ ـ أيُّها الإخوَةُ ـ لا يَمُرُّ بِهِ مُوقِفٌ حتى وَإنْ كان دُنيويًا بَحْتًا إلا تَذَكَّرَ بِهِ الآخِرةَ وَيَومَ الحِسَابِ. وَنحنُ مُقبِلونَ على امتحِانَاتِ الطُّلابِ، فَإِنَّ هَذِهِ الأيامَ العَصِيبَةَ على أبنَائِنا بل وَعَلى كَثيرٍ مِنَ الآباءِ لا بُدَّ أنْ نَتَذَكَّرَ بهَا يَومَ السُّؤَالِ والحِسَابِ وما أَعَدَّ اللهُ فَيهِ مِنَ الثَّوَابِ والعِقَابِ، ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لأَجَلٍ مَعْدُودٍ يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ [هود:103-108].
إِنَّهُ كَمَا أنَّ الطُّلابَ يُسْأَلُونَ في الامتِحَانِ وَلَن يَنجَحَ مِنهُم إلا مَن كَانَ مُجِدًّا مجتَهِدًا وَلَن يُفلِحَ مِنهُم وَيَنَالَ الدَّرَجَاتِ العَالِيةَ إلا مَنِ اغتَنَمَ عَامَهُ مِن أَوَّلِه، فَيَجِبُ أَنْ نَعلَمَ أنَّ كُلَّ عَبدٍ سَيُسْأَلُ يَومَ القِيامَةِ عَمَّا سَلَفَ مِنهُ وَكَان، وَلَن يَنجَحَ إلا أَهلُ التَّقوَى وَالإيمَانِ الذين يَغتَنِمُونَ الأعمَارَ ويُبادِرُونَ الأوقَاتَ في التَّزَوُّدِ مِنَ البَاقِياتِ الصَّالِحَاتِ وَاكتِسَابِ الحَسَنَاتِ، فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الحجر:92، 93]. فَكُلٌّ سَيُسْأَلُ لا مَحَالَةَ، دَاعِيًا كانَ أو مَدعُوًّا، رَسُولاً أو مُرسَلاً إليه، وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ [الأعراف:6-9].
أيُّهَا المُسلِمُونَ، إنهُ وَإِنْ حَرِصَ أَهلُ الدُّنيا على إِخفَاءِ أَسئِلَةِ الاختِبَارِ عَنِ الطُّلابِ إلا أنَّ اللهَ مِن رَحمتِهِ وَلُطفِهِ بِعبادِهِ جَعَلَ أَسئِلَةَ الاختِبَارِ الأُخرَوِيِّ مَكشُوفَةً وَمَعلُومَةً لِكُلِّ أَحَدٍ، فَقَد كَشَفَهَا مُعَلِّمُ البَشَرِيَّةِ الخيرَ بوحيٍ مِن ربِّهِ جل وعلا، وَنَصَحَ الأُمَّةَ بِتَوضِيحِها لهم، وَحَذَّرَهُم وَأَنذَرَهُم، فَقَالَ : ((لَن تَزُولَ قَدَمَا عَبدٍ يَومَ القِيامةِ حَتَّى يُسأَلَ عَن أَربعِ خِصَالٍ: عَن عُمُرِهِ: فِيمَ أَفنَاهُ؟ وَعَن شَبَابِهِ: فِيمَ أَبلاهُ؟ وَعَن مَالِهِ: مِن أَينَ اكتَسَبَهُ؟ وَفِيمَ أَنفَقَهُ؟ وَعَن عِلمِهِ: مَاذَا عَمِلَ فِيهِ؟)). ألا فَأَعِدُّوا لِلسُّؤَالِ جَوَابًا، وَأَعِدُّوا لِلجَوَابِ صَوَابًا، احفظُوا الرَّأسَ وَمَا وَعَى، وَالبَطنَ وَمَا حَوَى، وَتَذَكَّرُوا المَوتَ والبِلَى، وَاترُكُوا زِينَةَ الحَيَاَةِ الدُّنيَا لِتَفُوزُوا بِالأُخرَى، وَاعلَمُوا أَنَّهُ لا خَيرَ في طُولِ العُمُرِ إلا مَعَ حُسنِ العَمَلِ، وَلا في زَهرَةِ الشَّبَابِ إلا بِالطَّاعَةِ، وَلا في كَثرةِ المَالِ إلا مَعَ حُسنِ الإنفَاقِ، وَلا في العِلمِ إلا بِالعَملِ وَالتَّطبِيقِ.
إنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ ـ أيُّها الإِخوَةُ ـ قَد تَجَاوَزَتْ أَعمَارُهُمُ الأربَعينَ وَالخَمسينَ، وَمَعَ ذَلك مَا زَالُوا يَلعَبُونَ وَيَلهُونَ سَامِدِينَ، يَتَأَخَّرُونَ عَنِ الجُمُعَةِ وَالجَمَاعَةِ، وَيُقَصِّرُونَ في العِبَادَةِ وَالطَّاعَةِ، أَوقَاتُهُم تَضِيعُ في قِيلٍ وَقَالٍ، وَمَجَالِسُهُم غِيبةٌ وَنَمِيمَةٌ وَجِدَالٌ، أَضَاعُوا عَصرَ الفُتوَّةِ والشَّبَابِ وَمَا كَفَاهُم، فَيُرِيدُونَ أن يُلحِقُوا بِهِ عَصرَ الكُهُولةِ والشَّيخُوخَةِ، وَإِنَّ إِخوَانًا لهم مِن أَهلِ الغِنى والثَّرَاءِ مَا زَالُوا يَتَخَوَّضُونَ في مَالِ اللهِ بِلا خَوفٍ ولا تَوَرُّعٍ، يَحرِصُونَ عَلَى جَمعِ الأَموَالِ مِن كُلِّ وَجهٍ وَسَبِيلٍ، لا يَتَوَرَّعُونَ عَن غِشٍّ وَلا رِبا، ولا يَأبَهُونَ بِمَا أَخَذُوهُ بِالحِيَلِ وَشَهَادَاتِ الزُّورِ، وَلا بِمَا كَسَبُوهُ بِالأَيمَانِ الكَاذِبَةِ وَالخُصُومَاتِ الفَاجِرَةِ.
أمَّا مَعشرُ الشَّبَابِ ـ وَمَا أَدرَاكَ مَا حَالُهُم؟! ـ فَوَقتُهُم مُضَاعٌ وَفُرَصُهُم غَيرُ مُغتَنَمَةٍ، سَهَرٌ مُمْتَدٌ وَسَمَرٌ طَوِيلٌ في غَيرِ عِبادةٍ وَلا تَحصِيلٍ، نَومٌ عَنِ الصَّلاةِ وَتَثَاقُلٌ عَنِ الطَّاعَاتِ، وَصَحوٌ في البَاطِلِ وَخِفَّةٌ إلى المَعَاَصِي، عَلِمُوا فَلَم يَعمَلُوا، وَقَالُوا: سَمِعنَا وَعَصَينا، وَأُشرِبُوا في قُلُوبِهِم حبَّ المُوبقِاَت والشَّهَوَاتِ، فَلَبِئسَ العِلمُ عِلمُهُم، إذْ لم يُورِثْهُمُ العَمَلَ وَخَشيَةَ العَلِيمِ سُبحَانَه.
أيُّهَا المُسلِمُونَ، إِذَا كَانَ هَذَا هُوَ حَالُ جُمهُورِ شَبَابِنَا وَشِيبنَِا فَأَينَ الإِعدَادُ لاختِبَارِ الآخِرةِ؟! وَكَيفَ سَتَكُونُ الإِجَابَةُ عَنِ الأَسئِلَةِ بَينَ يَدِي رَبِّ العَالَمِينَ؟! يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ [النحل:111]. لَيتَ شِعرِي، بِأيِّ جَوَابٍ سَيُقَابِلُ تَارِكُ صَلاةِ الفَجرِ والعَصرِ رَبَّهُ؟! أَتُرَاهُ سَيَقُولُ: كَانَ البَردُ في الفَجرِ شَديدًا وَالفِرَاشُ وَثِيرًا، وَكُنتُ في العَصرِ مُتعَبًا بَعدَ الدَّوَامِ وَجَمعِ الحُطَامِ؟! وَلا أَدرِي إلى أينَ يَفِرُّ مِن مَولاهُ مَن عَصَاهُ فَأَكَلَ الحَرَامَ وَشَرِبَ الحَرَامَ وَسَعَى إلى الحَرَامِ؟! مَا جَوَابُ مَن غَشَّ رَعِيَّتَهُ وَأَهلَ بَيتِهِ فَأَدخَلَ عَلَيهِمُ الدُّشُوشَ وَأَجهِزَةَ اللَّهوِ وَالبَاطِلِ؟! أَتُرَاهُ سَيَنجَحُ في اختِبَارِ الآخِرَة ِوَرَسُولُ اللهِ يَقُولُ: ((ما من عبدٍ يَسترعيهِ اللهُ عز وجل رعيةً، يموتُ يومَ يموتُ وهو غاشٌّ رعيتَهُ إلا حرَّمَ اللهُ تعالى عليهِ الجنةَ)).
ألا فَليُحاسبْ كُلُّ امرئٍ نفسَهُ قبلَ أن يُحَاسَبَ، وَليَسأَلها قبلَ أن يُسأَلَ، فإنَّ مَن حَاسَبَ نفسَهُ هُنَا خَفَّ عليهِ الِحسابُ هُناكَ، وَمَن أهملَها اليومَ نَدِمَ يَومَ لا يَنفعُ النَّدَمُ، يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ [غافر:52].
إخوةَ الإيمانِ، إنَّ اختبارَ الآخرةِ فَصْلٌ وَمَا هُوَ بِالهَزْلِ، جِدٌّ ليس بِاللَّعِبِ، إنه واللهِ اختبارٌ لا يَستوي فيهِ مَن تابَ وآمنَ وعَمِلَ صَالحًا ثم اهتدى بمن أغفل اللهُ قَلبَهُ عَن ذكرِهِ واتَّبعَ هَوَاه ُوكان أمرُهُ فُرُطًا، إنه اختبارٌ لا يُعادُ ولا يُكَرَّرُ، وَنَتيجَتُهُ لا تُرَاجَعُ ولا يُرجَعُ فيها، وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ [الرعد:41]. مَا نَتيجَتُهُ وَاللهِ إلا أن يُحِلَّ اللهُ رِضوَانَهُ عَلَى عبدِهِ فَلا يَسخَطُ عليه بعدَهُ أَبَدًا، أَو يَسخَطُ عليه فَلا يَرضَى بَعدَهُ أَبَدًا، ما ثَمَّ إلا الحُسْنَى وَزِيَادَةٌ، جَنَّةٌ عَاليَةٌ قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ، لا تَسْمَعُ فِيهَا لاغِيَةً، عَرْضُها السماواتُ والأرضُ أُعِدَّت للمتقيَن، وَنَظَرٌ إلى وَجهِ رَبٍّ كَرِيمٍ، في عِيشةٍ رَاضيةٍ، في سِدرٍ مَخْضُودٍ وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ وَظِلٍ مَمْدُودٍ وَمَاءٍ مَسكُوبٍ وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لا مَقطُوعَةٍ ولا مَمْنُوعَةٍ وَفُرُشٍ مَرفُوعَةٍ، أَو نَارٌ مُوقدةٌ مؤصدةٌ حاميةٌ تلظَّى، أُعِدَّت للكافرينَ، لا يَصلاها إلا الأشقى الذي كذَّبَ وتوَلَّى، فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ [آل عمران:158].
فاتقوا اللهَ ـ يَا طُلابَ الآخرةِ ـ وأطيعوهُ، وراجِعوا كتابَ ربِّكُم والزمُوهُ، واقتدوا بمعلمِكُم الخيرَ واتَّبِعُوهُ، ولا يكنْ حالُكُم كحالِ المفرّطينَ الذين يلعبون ولا يَجِدُّونَ، حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [المؤمنون:99، 100].
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [الأنفال:20-25].
أما بعدُ: فاتقوا اللهَ ـ أيها المسلمونَ ـ حقَّ التقوى، وتمسَّكُوا مِنَ الإسلامِ بِالعروةِ الوُثقى، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ [الحشر:18-20].
أيها المسلمون، إن أولادَنا أمانةٌ في أعناقِنا، وَسَنُسْأَلُ عنها فيما نُسألُ عنه ولا بُدَّ، قال : ((كلُّكُم راعٍ وكُلُّكُم مسؤولٌ عن رعيتِهِ)).
وإذا كان الأمرُ كذلكَ ـ أيها الإخوةُ ـ فَيَجِبُ أن لا يَكُونَ كُلُّ هَمِّنا أن يُحَصِّلَ أبناؤُنا دنيًا فانِيةً، أو يَحُوزُوا مَنَافِعَ زَائِلَةً، أو يتقلَّدُوا مَنَاصِبَ غَالِيةً ويرتقوا رُتَبًا عَالِيةً، ثم نتركَهم بعدَ ذلك بِلا تربيةٍ إسلاميةٍ وتوجيهٍ سديدٍ؛ لأنَّ هَذهِ الأُمُورَ الدُّنيَوِيَّةَ البَحتةَ سَتُصبِحُ وَلا شَكَّ وَبَالاً عَلَيهِم إذا لَم تُربَطْ بَشَرْعِ اللهِ وَالدَّارِ الآخِرةِ، فَلْيكنْ هَمُّنا إِصلاحَهُم عَقِيدةً وَقَولاً وَفِعْلاً وَسُلُوكًا، لِيَستَفِيدُوا مِن دِرَاسَتِهِم وَمِن جَمِيعِ أُمُورِ حَيَاتِهِم، وليستَغِلُّوهَا في الخَيرِ وَنَشرِ الإسلامِ والدَّعوَةِ إليهِ.
وَمَا دامَ الكَلامُ عَنِ الاختِبَارِ وَأَيَّامِهِ وَعَنِ التَّربِيَةِ وَأَهَمِّيَتِهَا، فَإِنَّ هُنَا أَمْرًا مُهِمًا جِدّ مُهِمٍّ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالأبناءِ وَتَربيتِهِم، رَأَيتُ أنْ أُنَبِّهَ عَلَيهِ كُلَّ أَبٍ حَرِيصٍ غَيُورٍ يَعِي المَسؤوليةَ المُلقَاةَ عَلَى عَاتقِهِ وَيَشعُرُ بها، ذَلكم هُوَ أَنَّ أَيَّامَ الاختباراتِ والامتحاناتِ كَثيرًا مَا يَخرجُ الطَّالبُ فيها مِنَ المَدرَسَةِ مُبكِّرًا، وَهُنا مَكمَنُ الخَطَرِ وَمَنبَعُ الشَّرِّ، حَيثُ يَستَغِلُّ كَثيرٌ مِن عَبيدِ الشَّهَوَاتِ هَذا الوَقتَ الضَّائعَ الذي يَمتَدُّ إلى أَكثرَ مِن ثَلاثِ سَاعاتٍ أَحيَاَنًا، فَيَتَكَرَّمُون مَأْزُورِينَ غَيرَ مَأْجُورِينَ ويَجعَلُونَ مِن سَيَّارَاتِهِم مَأْوًى لِكَثِيرٍ مِنَ الأَيتامِ الضَّائِعِين الذينَ فَقَدُوا محَاَضِنَ التَّربيةِ السَّلِيمَةِ، وَبُلُوا بأمهاتٍ تَخَلَّينَ أَو آبَاءٍ مَشغُولِينَ، فَيَحصُلُ في هذا الإرْكَابِ مِنَ الشَّرِّ مَا اللهُ بِهِ عَلِيمٌ، مِنِ استماعِ غِنَاءٍ وَمَزَامِيرَ، وَإِيذَاءٍ لِعِبادِ اللهِ في أَسوَاقِهِم وَشَوَارعِهِم، وَمُهَاوَشَاتٍ وَمُنَاوَشَاتٍ، إلى لوَاطٍ وَهَتْكٍ لأعرَاضِ هؤلاءِ الأبناءِ المَخدُوعيَن مِن قِبَلِ تِلكَ السِّباعِ الضَّارِيةِ، بَلِ البَهَائِمِ العَارِيَةِ التي تَشَبَّعَت بما في الدُّشُوشِ مِن خَلاعةٍ وَمُجُونٍ، فَعَادَت لا تُفَكِّرُ إلا في كَيفيةِ قَضَاء ِالشَّهوَةِ والبَحثِ عَنها.
ألا فَاتقوا اللهَ أيُّهَا الآبَاءُ، واحفَظوا أَبنَاءَكُم مِنَ الضَّيَاعِ وَمِمَّا لا يَليقُ بِكُم ولا بِهِم، فَقَدْ ثَبَتَ بِتَتَبُّعِ كَثِيرٍ مِنَ المُعَلِّمِينَ المُهْتَمِّينَ بِالوَاقِعِ وَرِجَالِ الهَيئَةِ وَاستِقْرَائِهِم لِجَرَائمِ اللِّوَاطِ وَالمُضَارَبَاتِ وَاستِعْمَالِ المُخِدِّرَاتِ وَحَوَادِثِ السَّيَّارَاتِ التي تَقَعُ للطلابِ أَنَّ أَكثَرَها وُقُوعًا وَأَشنَعَها إنما يحَدُثُ في أَيَّامِ الاختِبَارَاتِ، حَيثُ طُولُ الفَرَاغِ وَانعِدَامُ الرَّقِيبِ وَتَسلِيمُ الآبَاءِ السَّيَّارَاتِ لأبنَائِهِم مِن غَيرِ اهتِمَامٍ وَلا مُتَابَعَةٍ.
أَلا فَرَحِمَ اللهُ أبًا اهتَمَّ بِأَبنَائِهِ وَتَابَعَهُم، وَأَخَذَ عَلَى أَيدِيهِم دَونَ كُلِّ شَرٍّ وَمَنَعَهُم، وَطُوبَى لِمَن كَفَى الناسَ شَرَّ أَبنَائِهِ وَأَذَاهُم، ذَاكَ وَاللهِ هُوَ المُسلِمُ حَقًّا، قَالَ : ((المُسلِمُ مَن سَلِمَ المُسلِمُونَ مِن لِسَانِهِ وَيَدِهِ، والمُهَاجِرُ مَن هَجَرَ ما نَهَى اللهُ عَنْه)). وَيَا لخسَارَةِ مَن ضَيَّعَ أَبنَاءَهُ وَأَهمَلَهُم، وَتَرَكَ لهم الحَبلَ عَلَى الغَارِبِ، وَشَجَّعَهُم لِيُؤذُوا عِبَادَ اللهِ بِغَيرِ ما اكتسبوا، وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا [الأحزاب:58].
وَقَضِيَّةٌ أَخِيرةٌ نُنَبِّهُ إِلَيهَا أَبنَاءَنَا الطلابَ وَإِخوَانَنَا المُعِلِّمِينَ، ألا وَهِيَ الغِشُّ في الامتحَاناتِ، أوِ الدُّخُولُ في سَرَادِيبَ مُلتَوِيَةٍ لِتَحصِيلِ أَورَاقِ الأَسئِلَةِ أَو جُزءٍ مِنها مِن بَعضِ المَصَادرِ، فَإِنَّ ذَلكَ مِن أَعظَمِ الغِشِّ لِلنَّفسِ وَلِلأُمَّةِ، حَيثُ يَنجَحُ بِهَذِهِ الطُّرُقِ مَن لا يَستَحِقُّ النَّجَاحَ، وَيَتَقَلَّدُ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ المُزَوَّرَةِ مَنَاصِبَ لا يَستَحِقُّهَا، وَيَأكُلُ بها أَموَالاً لا تَحِلُّ لهُ، فَالحَذرَ الحَذرَ مِن ذَلِكَ، وَليَتَذَكَّرْ كُلُّ مَن دَعَتهُ نَفسُهُ إلى الغِشِّ أوِ المُرَاوَغَةِ قَولَهُ : ((مَن غَشَّنَا فَلَيسَ مِنَّا)). وَلْيَعلَمْ أنَّ هَذا الحَدِيثَ مُنطَبِقٌ عَلَى الغِشِّ في الامتِحَانَاتِ وَفي كُلِّ المَوَادِّ بِلا استثناءٍ، كَمَا قَرَّرَ ذَلك الرَّاسِخُونَ في العِلمِ مِن عُلَمَائِنَا رَحِمَهُمُ اللهُ[/align].[/align]
شكر الله مسعاك أخي محمد الربيعة
وغفر الله للشيخ ابراهيم الدحيم، وأبلغه ثواب ما خطت به يداه...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يرفع للمناسبة
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
وهاتان خطبتان عن الامتحانات
واحدة للشيخ عبدالله البصري
والأخرى للشيخ هيثم بن فهد الرومي
المرفقات
https://khutabaa.com/wp-content/uploads/attachment/6/وقفات%20مع%20الاختبارات.doc
https://khutabaa.com/wp-content/uploads/attachment/6/وقفات%20مع%20الاختبارات.doc
https://khutabaa.com/wp-content/uploads/attachment/6/خطبة%20عن%20الاختبارات%20للبصري.doc
https://khutabaa.com/wp-content/uploads/attachment/6/خطبة%20عن%20الاختبارات%20للبصري.doc
تعديل التعليق