وقفات المنبر بمناسبة العام الدراسي الجديد

محسن الشامي
1435/11/02 - 2014/08/28 14:47PM
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وحده لا شريك له وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وصفيه وخليله بلّغ الرسالة وأدّى الامانة ونصح الأمّة فكشف الله به الغمة فجزاه الله عنا خير ما جزى نبياً عن أمته صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا أما بعدُ عباد الله فأوصيكم ونفسي بتقوى الله فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى فَإِنَّ تَقوَاهُ خَيرُ زَادٍ وَاستَعِدُّوا بِالأَعمَالِ الصَّالِحَةِ لِيَومِ المَعَادِ
إخوة الايمان بعد غدٍ تستأنفُ الطرقاتُ سيرَها بفلذات أكبادنا إلى المدارس وإلى دور التربية والمعرفة بعد غدٍ تُستأنف رحلة العلم وتبدأ مسيرة الفكر يبرق فجر بعد غدٍ والمستقبلون له أصناف بين محب وكاره فكم من محب لهذا اليوم يترقب قدومه بفارغ الشوق وكم من كاره له يتمنّى لو أن بينه وبينه أمدًا بعيدًا وبهذه المناسبة المهمة فللمنبر وقفات علها تكون نذر خير ورقاع إصلاح ومشاعل هداية تضيء لقائلها وسامعها الطريق وتهدي جميعنا السبيل فالوقفة الأولى مع انتهاء إجازة الصيف: فبالأمس بدأنا إجازة الصيف واليوم نحن نودعها ونسمع من يقول مضت الإجازة بسرعة بالأمس بدأت والآن انتهت! نعم وهكذا ما بقي من عمرك أيها الإنسان سيمضي سريعاً كالذي مضى قبله فماذا أعددت لآخرتك؟وبماذا ستلقى ربك؟هل أنت مستعد للقاء الله،تخيل نفسك لو أنك أنت ذلك الميت ماذا ستقول لربك إذا وقفت بين يديه وسألك:عبدي ألم أعطك الصحة والعافية والمال والولد، فأين حقُّ هذه النعم من الشكر فما أجمل والله يا عباد الله أن نعتبر بمضي الأعوام والمواسم ففي سرعة الزمن عبرة للمعتبر إذ هو منبه لقصر الأعماروقرب الآجال فحاسب نفسك،واعتبر بما مضى من الليالي والأيام واسأل نفسك:ماذا قدّمتُ لغدٍ؟{يا ايها الذين اتقوا الله ولتنظر نفس } الوقفة الثانية:مع أمل الأمة وفلذات الأكباد أيها الطلاب :أوصيكم بطلب العلم بإخلاص وتجرّد لله تعالى واعلموا أن المجد لاينال بالتمني ولا يدرك بالنوم والبطالة وإنما يناله أهل الهمم العالية والنفوس الأبية،وما وصلت الأمم المتحضرة إلى ما وصلت إليه بالنوم في الصباح والسهر في الليل على اللهو والضياع قل لمن نام وهو يطلب مجداً فاتك المجد يا حليف الوسائد فأوصيكم أيها الطلاب أن تتزينوا بأخلاق العلم وأن ترتدوا لبوس العلماء كونوا صبورين أصحابَ أخلاقٍ رفيعة وهمم ٍعالية فلن ينالَ العلمَ مستكبرٍ ولامستحٍ ولا أحمق وتذكروا قول الحبيب صلى الله عليه وسلم « مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ)فجِدُّوا واجتهدوا ولايغرنكم كثرة البطالين فإن من لم تكن له بداية محرقة لم تكن له نهاية مشرقة واجعلوا من العلم سلما تنالون به رضا ربكم وترفعون به من شأن أوطانكم وترتقون به إلى جنات الخلود وأوصيكم باحترام من يقدم لكم العلم وعاملوهم بالاحترام والمنطق الحسن مع الإنصات لهم والتأدب معهم وقبول نصحهم والتواضع من أوضح سمات الطالب المميز ومن لم يحتمل ذل التعلم ساعة تجرع مر الجهل طول حياته
الوقفة الثالثة :معاشرالآباء انتم شركاء للمدرسة في مسئوليتها فليست مسئوليتكم توفير الدفاتر والأقلام فحسب ولكن دوركم أعظم وأكبراحرصوا على أدب أبنائكم احرصوا على إرضاعهم الأدب قبل العلم فلا قيمة للعلم بدون أدب فهذه أم الإمام مالك رحمه الله ورحمها لما كان صغيراً ألبسته أحسن الثياب ثم قالت له يا بني اذهب إلى مجالس ربيعة واجلس في مجلسه وخذ من أدبه قبل أن تأخذ من علمه فالله الله أيها الآباء فيمن إسترعاكم الله وأجعلوا نصبَ أعينِكُم قول النبي صلى الله عليه وسلم ((ما من عبدٍ يسترعيهُ اللهُ رعيةً يموتُ يومَ يموتُ وهو غاشٌ لها إلا حرَّم اللهُ عليه الجنة)فلا تتركوا الحبل على الغارب لأبنائكم يمكثون في الشوارع وأماكن التجمعات الشيطانية ما شاؤوا من الوقت ومع من شاؤوا فيتعلمون ما يفسد تربيتهم ويهدم أخلاقهم احفظوا أوقات أبنائكم وكونوا أعينًا تربيهم عن قرب وعن بعد شاركوا المدرسة الهم في التربية وثمة ومما يؤسف له والله أن بعض الآباء كان آخرُ عهده بالمدرسة يوم سجّل ابنه فيها وبعضهم لا يأتي إلاّ حين الاستدعاء فيا أيها الوالد العزيز ويا ولي الأمر لا تنتظر أن تقومَ المدرسة بكل شيء فإذا لم تضع يدك بيد مدير المدرسة ومعلميها فالخاسر أنت وابنك واعلموا أيها الآباء أنكم محتاجون أبناءكم إذا دخلتم قبوركم فإحسانُك لتربيةِ ابنكَ هو عملٌ صالحٌ مستمرٌ لك بعد موتك فكلُّ خير زرعته في أبنائك لهو أُجرٌ لك بعد موتك، وكلُّ شرٍ كنت سببًا في تعليمه لأبنائك من خلالك أو من خلال فضائياتٍ سمحت بها أو أحضرتها لهي سيئات تصبُّ في ميزانك بعد موتك فاختاروا أيها الآباء ما شئتم معاشر الآباء:الله الله في حقوق المعلمين والمعلمات واغرسوا في نفوس أبنائكم حب معلميهم واحترامهم وتقديرهم فإن من الآباء من يتكلم بكلام فيه إنقاص من قدر المعلم أو المعلمة أمام مسامع الأبناء فبالله إن فعل أحدكم هذا ماذا يبقى للقدوة وماذا يبقى للتعليم وماذا يبقى لهيبة العلم والمعلم وأعلموا أنه لما أساء بعض الآباء واولياء الأمور في قلة تقديرهم للمعلمين نتج لنا جيل يلعن المعلم ويضرب المعلم ويتلف ممتلكاته أترجون أن نعلوا على الأمم وهذه أخلاقنا مع من يعلمون أبنائنا حتى وان أخطأ المعلم،أو كان هناك معلم سيء ونموذج سيء فلا ينبغي هتك ستار الهيبة والاحترام الذي له لأن في إهانة المعلم إهانة للعلم والتعليم وإذا كان الطالب يأتي للمدرسة وهو ينظر للمعلم أنه ليس بشيء لما استقر في ذهنه تجاه هذا المعلم وإذا كان المعلم يرى من سوء أدب طالبه وسوء أدب والده فأي خير نرجوه من التعليم



الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وعظيم امتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.
الوقفة الثانية مع رُعاةِ الجيل وأمنة التعليم ورواد العلم أنتم أيها المعلمين فبين
أيديكم عقولُ الناشئة وَعُدَّةُ المجتمع وأمله، عليكم تُعقد الآمال كيف ونبيكم أكبرَ شأنكم وأعلى مقامَكُم فقال بأبي وأمي هو « إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ حَتَّى النَّمْلَةَ فِى جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ » فجمِّلوا عملكم بالإخلاص لله في تعليم أبناء المسلمين فأجرُ الدنيا آت وإلا فأجر الآخرة أعلى وأبقى فكم هَدَى الله بكم من ضال وكم أَنْقَذَ بكم من عمى وكم بَصَّرَ بكم من جهل فأنتم مشاعلُ الهدى ومصابيحُ الدجى فابذلوا ما تستطيعون لأبناء المسلمين وقدِّموا ما تطيقون فمصادر الشر تغزو اليوم أبناءنا من كل مكان ما بين قنوات مدمرة للأخلاق إلى انترنت لنشر الإباحية إلى تقليد وذوبان الشخصية في شخصية غربي كافر نجس إلى أفكار تتسلل إليهم من هنا وهناك يحتاجون من يجليها بصدق ووضوح فزاحموا الشر الذي ترون، وتخلَّقوا بالخُلُق الحسن واصبروا وارحموا واعطفوا فإن من المعلمين من تبقى ذكراه عاطرة في أذهان طلابه واخيراً أيها المعلمون اوصيكم بالرفق الرفق بالأبناء ستجدون في أبناءنا تصرفات تنكرونها وسلوكيات ترفضونها وأفكار تتبرؤون منها فعليكم بمنهج النبي صلى الله عليه وسلم في التعليم أيها المعلم : البسمة تأسر بها طالبك والحنان تملك به قلبه والمناقشة الهادئة البعيدة عن التشنج والتعصب ترفع الغبش عن العقول أطلقوا ألسنة أبناءكم للكلام فان أحسنوا فكافئوهم وإن أخطاؤا فقوموهم بالتي هي أحسن سددك الله
ألا فاتقوا الله أيها المسلمون فنحن جميعًا في دائرة التربية والتعليم نسير في هذه البلاد المباركة وولاةُ الأمر في هذهِ البلاد وفّقهم الله يبذلون ويحرِصون ويوجِّهون ويتابِعون فإنَّ الواجبَ على المربّين والمتربِّين عمومًا أن يكونوا على قدرِ المسؤوليّة في القيام بهذا الواجِبِ العظيم لأجلِ مستقبَل مضيءٍ بإذن الله بالعلمِ والهدَى والعطاءِ والبناءِ في ظلِّ دوحة الإيمان حفِظ الله بلادَنا وبلادَ المسلمين
عزيزةً بدينها آمنةً بإيمانها سابقةً لكلِّ خير

اللهم وفق أبنائناوبناتنا لخيري الدنيا والآخرة واكفهم شر الأشرار الا وصلوا
المرفقات

539.doc

المشاهدات 1998 | التعليقات 0