وقفات إيمانية مع الشتاء

حسين عامر
1433/01/19 - 2011/12/14 14:53PM
[font=arial,helvetica,sans-serif]وقفات إيمانية مع الشتاء
الوقفة الأولى: تأمل وتفكر

من العبادات التي تزيد الإيمان في القلب عبادة
التفكر في آيات الله وعجائب صنعه، ولنتأمل معا هذه الحكمة البالغة في الحر والبرد ، وكيف أن الإنسان
[/font]

[font=arial,helvetica,sans-serif]يتقلب بينهما ،ونتأمل دورة الماء في الكون التي تحفظ عليه حيويته وطهارته الدائمة ، ونتأمل المطر والبرد: قال تعالى: أًلَمَ تَرَ أَنَ اللهَ يُزجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ
بَينَهُ ثُمَّ يَجعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الوَدقَ يَخرُجُ مِن خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنَ يَشَاءُ وَيَصرِفُهُ عَن مَّن يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرقِهِ يَذهَبُ بِالأَبصَارِ
(النور:43

وعن أبي هريرة قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : { اشتكت النار إلى ربها فقالت: يا رب. أكل بعضي بعضاً فجعل لها نفسين؛ نفس في الشتاء ونفس في الصيف فشدة ما تجدون من البرد من زمهريرها وشدة ما تجدون من الحر من سمومها } رواه البخاري ومسلم
[/font]


[font=arial,helvetica,sans-serif]واختلف العلماء هل هذا الكلام على الحقيقة أم المجاز :
[/font]


[font=arial,helvetica,sans-serif]قال ابن عبد البر رحمه الله هذه الشكوى بلسان المقال.
[/font]


[font=arial,helvetica,sans-serif]وقال النووي رحمه الله حمله على حقيقته هو الصواب ، وتنفسها على الحقيقة.
[/font]


[font=arial,helvetica,sans-serif]والمراد بالزمهرير شدة البرد , ولا إشكال من وجوده في النار قال تعالى (لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا )
[/font]

[font=arial,helvetica,sans-serif]فهذه النار عندما اشتكت إلى خالقها، والشكوى كانت من أنه قد أكل بعضها بعضاً، فكيف بالذي في داخلها؟ وكيف بمن يعذب فيها؟ وكيف بمن حكم الله عليه بالخلود فيها؟ فشفقةً من الله بهذه النار التي خلقها لإحراق الكفار والمنافقين والعصاة ومن يستحق دخولها، أذن لها بنفسين، نفس في كل موسم فأشد ما نجد أيها الأحبة من الحر ما هو إلاّ نفس من أنفاس جهنم، وأشد ما نجد من البرد أيضاً ما هو إلاّ نفس من أنفاس جهنم.
[/font]

[font=arial,helvetica,sans-serif]فتذكر يا أخي شدة زمهرير جهنم بشدة البرد القارس في الدنيا، وإن ربط المشاهد الدنيوية بالآخرة ليزيد المرء إيماناً على إيمانه

وقد ينزعج بعض الناس من برودة الشتاء كما
[/font]
[font=arial,helvetica,sans-serif] يتضايق البعض من حر الصيف، وفي كلٍ[/font][font=arial,helvetica,sans-serif] منهما وفي تقلب الأحوال عموماً مصالح وحكم.
[/font]

[font=arial,helvetica,sans-serif]قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
[/font]


[font=arial,helvetica,sans-serif] ثم تأمل بعد ذلك أحوال هذه الشمس في انخفاضها وارتفاعها لإقامة هذه الأزمنة والفصول وما فيها من المصالح والحكم،
[/font]


[font=arial,helvetica,sans-serif] إذ لو كان الزمان كله فصلا واحدا لفاتت مصالح الفصول الباقية فيه، فلو كان صيفا كله لفاتت منافع ومصالح الشتاء، ولو كان شتاء لفاتت مصالح الصيف، وكذلك لو كان ربيعا كله أو خريفا كله.
[/font]


[font=arial,helvetica,sans-serif]وقد عذب الله تعالى أقوامًا بالمطر منهم :

-1
قوم نوح -عليه السلام- :
[/font]


[font=arial,helvetica,sans-serif]
قال تعالى: فَدَعَا رَبَّهُ
أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِر فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ) القمر:10-14
[/font]
[font=arial,helvetica,sans-serif]
-2
قوم عاد عذبهم الله بالريح : [/font]



[font=arial,helvetica,sans-serif]قال تعالى (وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ الرِّيحَ الْعَقِيمَ مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ) الذاريات[/font][font=arial,helvetica,sans-serif]41،42[/font]
[font=arial,helvetica,sans-serif]
-3
قوم لوط -عليه السلام- :
[/font]


[font=arial,helvetica,sans-serif]قال تعالى: وأمطرنا عليهم مطرًا فساء مطر المنذرين )58 النمل
[/font]

[font=arial,helvetica,sans-serif]فقدأرسل الله تعالى عليهم حجارة من سجيل لتكذيبهم رسولهم.
[/font]



[font=arial,helvetica,sans-serif] - 4 قوم سبأ :
[/font]
[font=arial,helvetica,sans-serif]
قال تعالى: فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ
سَيْلَ الْعَرِمِ سـبأ: من الآية16، وهو الماء الغزير.
[/font]
[font=arial,helvetica,sans-serif]
وما واقعة تسونامي عنا ببعيد، فقد هلك أكثر من 155 ألفا في دقائق معدودة نسأل الله تعالى العفو والعافية .

الوقفة الثانية /العبادة في الشتاء
[/font]


[font=arial,helvetica,sans-serif]من أحكام الطهارة في الشتاء[/font]
[font=arial,helvetica,sans-serif]- إسباغ الوضوء في البرد كفارة للذنوب والخطايا كما في الحديث:
[/font]
[font=arial,helvetica,sans-serif]
( ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا و يرفع به الدرجات ؟ إسباغ الوضوء على المكاره و كثرة الخطا إلى المساجد و انتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط فذلكم الرباط . )رواه الترمذي عن أبي هريرة.
[/font]


[font=arial,helvetica,sans-serif]- يكثر في الشتاء الاحتياج للجوارب والخفاف :
[/font]


[font=arial,helvetica,sans-serif]ومن رحمة الله بعبادة أن أجاز المسح عليهما إذا لُبسا على طهارة وسترا محل الفرض، للمقيم يوماً وليلة - أي أربعاً وعشرين ساعة - وللمسافر ثلاثة أيام بلياليهن - اي اثنتان وسبعون ساعة - وتبدأ المدة من أول مسح بعد اللبس على الصحيح ، بأن يمسح أعلى الخف فيضع يده على مقدمته ثم يمسح إلى ساقه، ولا يمسح أسفل الخف والمسح مرة واحدة .[/font]

-اشتراط المسح على الجورب الثقيل
[font=arial,helvetica,sans-serif]
تقييد لما أطلقه الشرع لا دليل عليه وعلى هذا يجوز المسح على الجورب لا فرق بين خفيف أو ثقيل ، وإنما الأصل في ذلك التخفيف والتيسير .
[/font]


[font=arial,helvetica,sans-serif]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية
رحمه الله في الفتاوى ( 21 / 174 )

فلما أطلق الرسول
الأمر بالمسح على الخفاف مع علمه بما هي عليه في العادة ولم يشترط أن تكون سليمة من العيوب وجب حمل أمره على الإطلاق ولم يجز أن يقيد كلامه إلا بدليل شرعي . وكان مقتضى لفظه أن كل خف يلبسه الناس ويمشون فيه فلهم أن يمسحوا عليه وإن كان مفتوقاً أو مخروقاً من غير تَحديد لمقدار ذلك فإن التحديد لا بدّ له من دليل .. ) . وهذا مذهب إسحاق وابن المبارك وابن عيينة وأبي ثور .
[/font]


[font=arial,helvetica,sans-serif]- وكمايقول الشيخ القرضاوي:
[/font]


[font=arial,helvetica,sans-serif]معظم الجوارب في عصرنا رقيقة لكنها قوية ،وليس من الضروري متابعة المشي عليهما فإن الناس لا يمشون على الجوارب عادة الآن ، وإنما يلبسونها مع الأحذية.
[/font]


[font=arial,helvetica,sans-serif]
المسح على العمامة والخمار
[/font]


[font=arial,helvetica,sans-serif]- ويشرع للرجل أن يمسح على عمامته لما رواه مسلم عن المغيرة بن شعبة (أن النبي مسح على عمامته، وعلى الناصية والخفين ) وفي لفظ (مسح على الخفين والخمار ) يعني العمامة
[/font]


[font=arial,helvetica,sans-serif]- قال ابن تيمية : اشترط البعض أن تكون محنكة وهذا الشرط لا دليل عليه .
[/font]


[font=arial,helvetica,sans-serif]-والحكمة هنا هو أنه لو نزعها مع عرق الرأس قد يصاب بضرر بسبب الهواء ،

[/font]


[font=arial,helvetica,sans-serif]- ويجوز للمرأة أن تمسح على خمارها قياسا على الرجل وهو رواية عن الإمام أحمد وقال ابن تيمية:وقد كانت أم سلمة زوج النبي تمسح على خمارها ، فهل تفعل ذلك بدون إذنه ؟
[/font]


[font=arial,helvetica,sans-serif]- البعض لايكشفون أكمامهم عند غسل اليدين وهذا يؤدي إلى أن يتركوا شيئاً من الذراع بلا غسل، والوضوء معه غير صحيح، والأعجب من ذلك أني رأيت من يمسح عليهما وهذا لا يجوز .

من أحكام الصلاة في الشتاء:
[/font]


[font=arial,helvetica,sans-serif]- يسن الصلاة في الرحال (المنازل ) عند نـزول المطر مع شدة البرد؛ لحديث ابن عمر –رضي الله عنهما- أنه أذن بالصلاة في ليلة ذات برد وريح،
فقال: ألا صلوا في الرحال ثم قال كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يأمر المؤذن
إذا كانت ليلة باردة ذات مطر يقول (ألا صلوا في الرحال) رواه مسلم
[/font]


[font=arial,helvetica,sans-serif]- الجمع بين صلاتي الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء في وقت إحداهما سنة إذا وجد سببه وهي المشقة في الشتاء، من نزول المطر الشديد أو الثلج،أو ريح شديدة باردة، وهي رخصة من الله عز وجل والله يحب أن تؤتى رخصه.
[/font]


[font=arial,helvetica,sans-serif]- بل ويجوز الجمع أيضا إذا ضاق وقته ولم يستطع الصلاة في وقتها لحديث ابن عباس –رضي الله عنهما- قال: صلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- الظهر والعصر جميعًا بالمدينة من غير خوف ولا سفر. قال أبو الزبير: فسألت سعيدًا لم فعل ذلك؟ فقال: سألت ابن عباس كما سألتني فقال: أراد أن لا يحرج أحدًا منأمته. رواه مسلم

الدعاء في الشتاء
:
عند رؤية الريح: ( اللهم إني أسألك خيرها وخير ماأرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما أرسلت به(

عند رؤية المطر: ( اللهم صيباً نافعاً ) ويستحب للعبد أن يكثر من الدعاء عند نزول
المطر لأنه من المواطن التي تطلب إجابة الدعاء عنده كما في الحديث
( ثنتان ما تردان : الدعاء عند النداء و تحت المطر )رواه الحاكم عن سهل بن سعد. وحسنه الألباني
[/font]

[font=arial,helvetica,sans-serif]الوقفة الثالثة /فرح السلف بالشتاء

عَنْ عَامِرِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (الْغَنِيمَةُ الْبَارِدَةُ الصَّوْمُ فِي الشِّتَاءِ). رواه الترمذي وهوحديث حسن.
[/font]


[font=arial,helvetica,sans-serif]
وكانت غنيمةً باردةً لحصول المؤمن على الثواب بلا تعب كثير، فالصوم في الشتاء البارد لا يحس فيه الصائم بالعطش لبرودة الجو ولا بألم الجوع لقصر النهار، فحقاً إنها لغنيمة باردة، فأين أصحابها؟
[/font]


[font=arial,helvetica,sans-serif]
وحديث( الشتاء ربيع المؤمن قصر نهاره فصام و طال ليله فقام )**البيهقي عن أبي سعيد. وضعفه الألباني
[/font]

[font=arial,helvetica,sans-serif]
قال عمر رضي
الله عنه: ( الشتاء غنيمة العابدين)

وقال ابن مسعود: ( مرحباً بالشتاء
تتنزل فيه البركة ويطول فيه الليل للقيام، ويقصر فيه النهار للصيام). [/font]
المشاهدات 5441 | التعليقات 6

موضوع موفق ولفتات طيبة جزاك الله خيرا وأعظم لك أجرا ...


وجزاكم الله خيرا وبارك فيكم


بارك الله فيك ونفع بك، والذي عليه منهج أهل السنة أنه لا يمنع من أن يكون الكلام للجنة والنار حقيقة لا تأويل فيه كما تكلم الحصى، وناح الجذع حتى سمعه الصحابة في المسجد، وكما تتكلم الجوارح في الآخرة، فيجعل الله لها كلاما يليق بحالها، جزاك الله خيرا.


بارك الله فيك ونفع بعلمك


للرفع بمناسبة شتاء 1434هـ


الاخوة الأكارم بارك الله فيكم وحياكم بالخير