وفي مسألة الحوثيين أيضاً: من أحرص على الوطن؟! /أ.د. ناصر العمر

أبو عبد الرحمن
1430/11/23 - 2009/11/11 05:36AM
وفي مسألة الحوثيين أيضاً: من أحرص على الوطن؟! /أ.د. ناصر العمر


21/11/1430 هـ


مناضلو سواقة المرأة للسيارة، ومناهضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونشطاء الدعوات من أجل المسرح والسينما، والذين تسمح لهم ثقافاتهم الدينية العريضة بالتصدي لكل محاولة من العلماء لـ"التشدد في الدين"، وأولئك "المدركون بعقولهم ما لا يفهمه المتنطعون من الدعاة"، وجميع محاربي طواحين الهواء من التيار التغريبي المسمى اعتسافاً بالليبرالي، هل أدركوا اليوم كم كانوا مخطئين بحق الوطن، وهم يفتعلون المعارك الوهمية الداخلية، ويشغلون البلاد بعيداً عن الأخطار الحقيقية التي تتهددها؟!

نحن، وغيرنا، عندما كنا نحذر من الطائفيين، ونؤكد على خطورة تجاهل ما يفكك عرى المجتمع، كانوا يتخذونهم بطانة في صحفهم ووسائل إعلامهم ومراكز ثقافتهم ونواديهم الأدبية وغير الأدبية، وكنا نحذر من مغبة الصمت على تطويق جزيرتنا العربية من قبل الدول الإقليمية المحيطة كانوا يتهموننا بالمبالغة والدعوة الطائفية، وكانوا يسمحون في المقابل للطابور الخامس سواء للأمريكيين أو للإيرانيين ببث ونشر ما يريدون من خلال وسائل إعلامنا التي تدفع البلاد ثمن فاتورتها الباهظة.

والآن، بعد أن اندفع الطائفيون من الحوثيين عبر الحدود، وحاولوا المس بأمننا، هل أدرك التغريبيون كم من مشكلة حقيقية لووا أعناق الناس عنها، وكم خطر لا ينتبهون إليه إلا بعد أن نحذر منه بسنوات؟ وهل أدركوا إذ سكتوا بشكل مريب عن قضية فوضى البقيع التي أحدثها الطائفيون وحاولوا النيل من أمن البلاد في تلك البقاع الطاهرات أنهم ليسوا جديرين بأن يجسدوا قوة ردع ثقافية وإعلامية وفكرية لكل من يريد أن يهدد أمن هذه البلاد ويستبيح حماها؟

باسم الليبرالية كان الحلف الغريب بين رجال أمريكا ورجال إيران في وسائل إعلامنا يغطي بصمته على الاضطرابات المحدودة التي حصلت في المنطقة الشرقية بعد أحداث البقيع بافتعال جملة من المشكلات الوهمية بغرض التغطية عما يتهدد أمننا الحقيقي ويسعى لتفكيك بنى المجتمع المتماسكة، واليوم وهم ما زالوا يهزلون في ساعة الجد، ويجذبون مراكز ثقل الأحداث باتجاهات تقتل الوعي وتميع القضايا وتزيد الهوة بين أطياف المجتمع وتنوعات لأغراض لا تتقاطع مع طموحات أهل البلاد وقادتها وأهل الرأي فيها.

وعندما كنا نحذر من مغبة الانجرار وراء البورصة قبل انهيارها، كانوا يحرضون الناس على الاقتراب من إعصارها ويسوقون للناهبين الدوليين لأموالنا، ويروجون للأرباح الوهمية والمكاسب المؤقتة التي لا تنمي بلداً أو ترفع وطناً.

للأسف نحن لا نجد هؤلاء إلا في معركة ضد قاضٍ شرعي، أو ناشط محتسب، أو داعية خير وعفة، أو ثابت أخلاقي، أو فكر أصيل، وعند الكريهة يذوبون كما الملح لا يُرى لهم أثر أو يُسمع لهم صوت.

لن نجد التغريبيين في أي معركة تخوضها أمتنا، أكانت فكرية أم سياسية أم اقتصادية أم حتى عسكرية، ولن نصادفهم إلا في مواطن الفتن والتشكيك في الثوابت والتفكيك؛ فدورهم أبداً لن يتعدى ما يطمح إليه الآخرون في عواصم الخبث والتخطيط، ولسوف لن تجد أمتنا من يدافع عنها في ساعة العسرة إلا من يحبها وينتمي إليها ولا يهوى سواها.

المشاهدات 2141 | التعليقات 0