وعند الله تجتمع الخصوم

الخطبة الأولى: وعند الله تجتمع الخصوم

الْـحَمْدُ لِلّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، لَا عِزَّ إلّا فِي طَاعَتِهِ، وَلَا سَعَادَةَ إلّا فِي رِضَاهُ، وَلَا نَعِيمَ إلّا فِي ذِكْرِهِ، الَّذِي إِذَا أُطِيعَ شَكرَ، وَإِذَا عُصِيَ تَابَ وَغَفَرَ، وَالَّذِي إِذَا دُعِيَ أَجَابَ، وَإِذَا اسْتُعِيذَ بِهِ أَعَاذَ. وَأَشْهَدُ أَنَّ محمَّداً عَبْدُ اللـهِ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمَا كَثِيرًا. أَمَّا بَعْدُ:

فأوصيكم ....

يَقُولُ جَابِرُ بنُ عبدِ اللـهِ، لَـمَّا رَجَعَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّـهِ r مُهَاجِرَةُ الْبَحْرِ، قَالَ: "أَلَا تُحَدِّثُونِي بِأَعَاجِيبِ مَا رَأَيْتُمْ بِأَرْضِ الْـحَبَشَةِ؟" قَالَ فِتْيَةٌ مِنْهُمْ: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّـهِ بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ مَرَّتْ بِنَا عَجُوزٌ مِنْ عَجَائِزِ رَهَابِينِهِمْ، تَحْمِلُ عَلَى رَأْسِهَا قُلَّةً مِنْ مَاءٍ، فَمَرَّتْ بِفَتًى مِنْهُمْ، فَجَعَلَ إِحْدَى يَدَيْهِ بَيْنَ كَتِفَيْهَا، ثُمَّ دَفَعَهَا فَخَرَّتْ عَلَى رُكْبَتَيْهَا، فَانْكَسَرَتْ قُلَّتُهَا، فَلَمَّا ارْتَفَعَتِ الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ، فَقَالَتْ: سَوْفَ تَعْلَمُ يَا غُدَرُ إِذَا وَضَعَ اللَّـهُ الْكُرْسِيَّ، وَجَمَعَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَتَكَلَّمَتِ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلُ، بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ، فَسَوْفَ تَعْلَمُ كَيْفَ أَمْرِي وَأَمْرُكَ عِنْدَهُ غَدًا، قَالَ: يَقُولُ رَسُولُ اللَّـهِ r: «صَدَقَتْ، صَدَقَتْ كَيْفَ يُقَدِّسُ اللَّـهُ أُمَّةً لَا يُؤْخَذُ لِضَعِيفِهِمْ مِنْ شَدِيدِهِمْ؟» ابْنُ مَاجَةَ.

عباد الله: ذَنْبٌ عَظِيمٌ وَجُرْمٌ خَطِيرٌ، يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ، وَيَجْلِبُ الْوَيْلَاتِ، وَيُورِثُ الْعَدَاوَاتِ وَالْـمُشَاحَنَاتِ، وَيُسَبِّبُ الْقَطِيعَةَ وَالْعُقُوقَ، وَيُحِيلُ حَيَاةَ النَّاسِ إِلَى جَحِيمٍ وَشَقَاءٍ، وَكَدَرٍ وَبَلاءٍ، إِنَّهُ الظُّلْمُ...الظلمُ مُجَاوَزَةُ الْـحُدودِ الَّتِي شَرَعَهَا اللـهُ عَزَّ وَجَّلَ، الظُّلْمُ هُوَ التَّعَدِّي وَالتَّطَاوُلُ عَلَى شَرَائِعِ اللـهِ وَرَسُولِهِ r وَعَلَى حُقُوقِ الآخَرِينَ.

الظُّلْمُ مِنَ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ، وَالْكَبَائِرِ الْجِسَامِ، يُحِيطُ بِصَاحِبِهِ وَيُدَمِّرُهُ، وَيُفْسِدُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ، وَيُغَيِّرُ عَلَيْهِ أَحْوَالَهُ، فَتَزُولُ بِهِ النِّعَمُ، وَتَنْزِلُ بِهِ النِّقَمُ، وَيُدْرِكُهُ شُؤْمُهُ وعُقُوبَاتُهُ فِي الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ.

وَلأَجْلِ كَثْرَةِ مَضَارِّ الظُّلْمِ وَعَظِيمِ خَطَرِهِ، وَتَنَوُّعِ مَفَاسِدِهِ وَكَثِيرِ شَرِّهِ؛ حَرَّمَهُ اللـهُ بَيْنَ عِبَادِهِ، كَمَا حَرَّمَهُ عَلَى نَفْسِهِ، فَقَالَ تَعَالَى فِي الْـحَديثِ الْقُدْسِيِّ: "يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا"م. وَمَا ذَلِكَ إلّا لِعَواقبِهِ الْوَخِيمَةِ عَلَى الْأُمَمِ، وَآثَارِهِ الْـمُدَمِّرَةِ عَلَى الْـمُجْتَمَعَاتِ، وَمَا ظَهَرَ الظُّلْمُ بَيْنَ قَوْمٍ إلّا كَانَ سَبَبًا فِي هَلاكِهِمْ، وَتَعْجِيلِ الْعُقُوبَةِ عَلَيهِمْ ( وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ )

الظَّالِمُ لَا يُحِبُّهُ اللَّـهُ، وَلَا يَهْدِيهِ، وَلَا يَغْفِرُ لَهُ -إلّا إِذَا شَاءَ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بَلْ إِنَّهُ مَحْرُومٌ مِنَ الْفَلاَحِ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ. تَأَمَّلْ مَعِي فِي قَوْلِ اللـهِ تَعَالَى: (وَاللَّـهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ). وفي قولِهِ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّـهُ لِيَغْفِرَ لَـهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرًا )

أَيُّهَا الْـمُؤْمِنُونَ: لَا يَظُنَّنَّ أحَدٌ أَنَّ ظُلْمَهُ لِلْعِبَادِ بِضَرْبٍ، أَوْ سَبٍّ أَوْ شَتْمٍ، أَوْ تَزْوِيرٍ، أَوْ أَكْلِ مَالٍ بِالْبَاطِلِ، أَوْ هَتْكِ عِرْضٍ، أَوْ سَفْكِ دَمٍ، أَوْ غِيْبَةٍ أَوْ نَمِيمَةٍ، أَوْ اسْتِهْزاءٍ أَوْ سُخْرِيَةٍ، أَوْ جَرْحِ كَرَامَةٍ؛ أَوْ مُمَاطَلَةٍ فِي الدُّيُونِ وغيرِها- لَا يَظُنَّنَّ أحَدٌ- أَنَّ شيئاً مِنْ ذَلِكَ الظُّلْمِ سَيَضِيعُ وَيَذْهَبُ دُونَ حِسَابٍ وَلَا عِقَابٍ.

كَلَّا، كلَّا وَاللـهِ... بَلْ لابُدَّ لِلظَّالِمِ وَالْـمَظْلُومِ مِنَ الْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّـهِ عِزَّ وَجَلَّ فِي مَحْكَمَةِ الْعَدْلِ الْإلَهِيَّةِ، لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ بِالْعَدْلِ. ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي لَا ظُلْمَ فِيهِ وَلَا وَاسِطَةَ وَلَا جَاهَ وَلَا رَشْوَةَ وَلَا شَهَادَةَ زُورٍ ( اللَّـهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ )

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللـهِ r قال:"لَتُؤَدُّنَّ الْـحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْـجَلْحَاءِ، مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ".م.

ذكرَ الهيتَميُّ في كتابِه الزواجرُ عن اقترافِ الكبائرِ: "قَالَ بَعْضُهُمْ: رَأَيْتُ رَجُلاً مَقْطُوعَ الْيَدِ مِنَ الْكَتِفِ وَهُوَ يُنَادِي: مَنْ رَآنِي فَلَا يَظْلِمَنَّ أَحَدًا، فَتَقَدَّمْت إلَيْهِ وَقُلْت لَهُ: يَا أَخِي مَا قِصَّتُك؟، فَقَالَ: يَا أَخِي قِصَّتِي عَجِيبَةٌ، وذكرَ لهُ قصتَه وهي أنَّهُ أخذَ سمكةً من مِسكينٍ كانتْ هي قوتَ عيالِه قَهرًا، فلما رجعَ إلى بيتِهِ ضَرَبتْ عليهِ إبهامُه وآلمتْه ألمًا شديدًا.

فأتى الطبيبَ فقالَ له: هذه بدايةُ أَكَلةٍ، اقطعها وإلا تَلفتْ يدُكَ كلُها، ثُمَّ انتشرَ الألمُ إلى الكفِ فقطَعها، ثمَّ انتشرَ إلى السَّاعدِ فقطَعها من المرفقِ، ثمَّ انتشرَ إلى العضدِ فقطعَها من الكتفِ، فَقَالَ لِي بَعْضُ النَّاسِ: مَا سَبَبُ أَلَمِكَ فَذَكَرْتُ لَهُ قِصَّةَ السَّمَكَةِ، فَقَالَ لِي: لَوْ كُنْتَ رَجَعْتَ مِنْ أَوَّلِ مَا أَصَابَك الْأَلَمُ إلَى صَاحِبِ السَّمَكَةِ فَاسْتَحْلَلْتَ مِنْهُ وَاسْتَرْضَيْتَه وَلَا قَطَعْتَ يَدَك، فَاذْهَبْ إلَيْهِ وَاطْلُبْ رِضَاهُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ الْأَلَمُ إلَى بَدَنِك. قَالَ: فَلَمْ أَزَلْ أَطْلُبُهُ فِي الْبَلَدِ حَتَّى وَجَدْتُه فَوَقَعْتُ عَلَى رِجْلَيْهِ أُقَبِّلُهُمَا وَأَبْكِي، وَقُلْتُ: يَا سَيِّدِي سَأَلْتُك بِاَللَّـهِ إلَّا مَا عَفَوْتَ عَنِّي، فَقَالَ لِي: وَمَنْ أَنْتَ؟ فَقُلْت أَنَا الَّذِي أَخَذْتُ مِنْك السَّمَكَةَ غَصْبًا، وَذَكَرْتُ لَهُ مَا جَرَى وَأَرَيْتَه يَدِي فَبَكَى حِينَ رَآهَا، ثُمَّ قَالَ: يَا أَخِي قَدْ حَالَلْتُكَ مِنْهَا لِمَا قَدْ رَأَيْتُ بِك مِنْ هَذَا الْبَلَاءِ، فَقُلْتُ لَهُ: بِاَللَّـهِ يَا سَيِّدِي هَلْ كُنْتَ دَعَوْتَ عَلَيَّ لَمَّا أَخَذْتُهَا مِنْك؟، قَالَ: نَعَمْ، قُلْت: اللَّهُمَّ هَذَا تَقَوَّى عَلَيَّ بِقُوَّتِهِ عَلَى ضَعْفِي وَأَخَذَ مِنِّي مَا رَزَقْتَنِي ظُلْمًا، فَأَرِنِي فِيهِ قُدْرَتَك، فَقُلْتُ لَهُ: يَا سَيِّدِي قَدْ أَرَاك اللَّـهُ قُدْرَتَهُ فِي، وَأَنَا تَائِبٌ إلَى اللَّـهِ -عَزَّ وَجَلَّ- عَمَّا كُنْتُ عَلَيْهِ"

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ... إِنَّ الظُّلْمَ مُحَرَّمٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَلِكُلِّ إِنْسانٍ، قَالَ شَيْخُ الْإِسْلامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: "وَلِهَذَا كَانَ الْعَدْلُ أَمْرًا وَاجِبًا فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَعَلَى كُلِّ أَحَدٍ، وَالظُّلْمُ مُحَرَّمًا فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَلِكُلِّ أَحَدٍ. فَلَا يَحِلُّ ظُلْمُ أَحَدٍ أَصْلًا. سَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا، أَوْ كَانَ ظَالِمًا قَالَ تَعَالَى:( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّـهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) ".

ألا فاتقوا الله عباد الله وتذكروا (ولا تحسبن اللـهَ غافلا عما يعملُ الظالمونَ إنما يؤخرُهم ليومٍ تشخصُ فيه الأبصارُ ) بارك ...

 

 

الخطبة الثانية:

الْحَمْدُ لِلِّـهِ ...أَمَّا بَعْدُ: فيا عباد الله:

ذكرَ ابنُ كثيرٍ في البدايةِ والنهايةِ أنَّ يحيى بنَ خالدٍ البرمكيَّ -أَحدَ وزراءِ بني العَباسِ-، قَالَ له أَحدُ بَنيهِ -وهما في السجنِ والقيودِ-: يا أبتي، بعدَ الأمرِ والنَّهي والنعمةِ، صِرنا إلى هذا الحالِ؟، فقَالَ: "يا بُنيَّ، دَعوةُ مَظلومٍ سَرتْ بليلٍ ونحنُ عنها غَافلونَ، ولم يَغفلِ اللـهُ عَنها، ثمَّ أَنشأَ يَقولُ:

رُبَّ قومٍ قد غدوا في نعمةٍ ** زَمنًا والدَّهرُ ريَّانٌ غَدِقْ

سَكتَ الدَّهرُ زَمانًا عَنهمُ ** ثُمَّ أَبكاهُم دَمًا حِينَ نَطَقْ

عباد الله: إِنَّ اللـهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى تَوَعَّدَ الظَّالِمِينَ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ فِي الدَّارَيْنِ، وَهَذَا هُوَ عَزَاءُ الْـمَظْلُومِينَ، فَمِنْ آثَارِ الظُّلْمِ:

أَنَّ الظَّالِمَ لَا يَهْنَأُ بِحَيَاةٍ، فَهُوَ دَائِمُ الشُّعُورِ بِالْـخَوْفِ وَالْقَلَقِ، وَالْـخَوفِ مِنِ انْتِقَامِ الْـمَظْلُومِينَ، وَمِنْ دَعَوَاتِهِمُ الَّتِي لَا تُرَدُّ.

وَمِنْهَا: الْـمَصَائِبُ وَالْبَلايَا الَّتِي تُصِيبُهُ مِنْ دُعَاءِ الْـمَظْلُومِينَ وَابْتِهَالِهِمْ إِلَى اللـهِ، فَكَمْ نَغَّصَتْ عَلَى الظَّالِمِينَ حَيَاتَهُمْ! وَكَمْ جَرَّتْ عَلَيْهِمُ الْأَوْجَاعَ وَالْأسْقَامَ، وَذَهَابَ الْأَوْلاَدِ وَالْأَمْوَالِ، وَالْقَتْلَ وَالتَّعْذِيبَ وَغَيْرَ ذَلِكَ.

قال r( ثلاثٌ لا تُرَدُّ دعوتُهُم ...ودعْوةُ المظلومِ تُحمَلُ علَى الغَمامِ و تُفتَحُ لها أبوابُ السَّماءِ و يقولُ اللهُ تباركَ وتعالى وعزَّتي وجلالي لأنصرَنَّكَ ولَو بعدَ حينٍ )

أَمَّا فِي الْآخِرَةِ: فَأَوَّلُ مَا يَنْزِلُ بِالظَّالِمِ اللَّعْنَةُ( يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَـهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَـهُمْ سُوءُ الدَّارِ )

وتَأَمَّلُوا  فِي ذَلِكَ الظَّالِمِ عِنْدَمَا يُحِيطُ بِهِ خُصَمَاؤُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كُلٌّ يُرِيدُ أَخْذَ حَقِّهِ مِنْهُ؛ فَهَذَا يُمْسِكُ يَدَهُ وَهَذَا يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ، وهَذَا يَقُولُ: ظَلَمَنِي فَغَشَّنِي، وَذَاكَ يَقُولُ: ظَلَمَنِي فَخَدَعَنِي، وَثَالِثٌ يَقُولُ: ظَلَمَنِي فَأَكَلَ مَالِي، وَرَابِعٌ يَقُولُ: ظَلَمَنِي فَاغْتَابَنِي، وآخَرٌ يَقُولُ: كَذَبَ عَلَيَّ، وَهَذِهِ زَوْجَةٌ تَقُولُ: ظَلَمَنِي ، وهذا يقول أكلَ ميراثي ...وهذا وهذا..

فيَا لَهَا مِنْ مُصِيبَةٍ وَمَا أَشَدَّهَا مِنْ حَسْرَةٍ إِذَا جَاءَ الرَّبُّ جَلَّ وَعَلَا لِلْفَصْلِ بَيْنَ عِبَادِهِ بِحُكْمِهِ الْعَدْلِ، وَرَأَى الظَّالِمُ وَعَلِمَ أَنَّهُ مُفْلِسٌ فَقِيرٌ عَاجِزٌ مَهِينٌ، لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَرُدَّ حَقًّا أَوْ يُظْهِرَ عُذْرًا. وَبَعْدَ كُلِّ هَذَا سَيَمْكُثُ الظَّلَمَةُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، ما شاء اللـهُ وَتَكُونُ هِي نِهَايَتَهُمْ فَبِئْسَتِ النِّهَايَةُ، وَسَاءَتِ الْخَاتِمَةُ (وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ)

أمَا واللَّـهِ إنَّ الظُّلمَ لُومٌ:: وما زال المُسيءُ هو الظَّلومُ

إلى دَيَّانِ يومِ الدِّينِ نَمضي::وعندَ اللَّـهِ تجتَمِعُ الخُصومُ

ألا فاتقوا الله عباد الله وتحللوا من المظالمِ(مَن كانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لأخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْها، فإنَّه ليسَ ثَمَّ دِينارٌ ولا دِرْهَمٌ، مِن قَبْلِ أنْ يُؤْخَذَ لأخِيهِ مِن حَسَناتِهِ، فإنْ لَمْ يَكُنْ له حَسَناتٌ أُخِذَ مِن سَيِّئاتِ أخِيهِ فَطُرِحَتْ عليه) خ.

ثم صلوا ...

 

المرفقات

1734609936_وعند الله تجتمع الخصوم.doc

1734609936_وعند الله تجتمع الخصوم.pdf

المشاهدات 1243 | التعليقات 0