﴿وَظِــــلࣲّ مَّــمۡـــدُودࣲ﴾

وَظِــــلࣲّ مَّــمۡـــدُودࣲ﴾ـ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْوَلِيِّ الْحَمِيدِ، الْبَرِّ الرَّحِيمِ؛ لَهُ فِي خَلْقِهِ آيَاتٌ دَالَّةٌ عَلَى عَظَمَتِهِ، وَلَهُ فِي عِبَادِهِ أَفْعَالٌ دَالَّةٌ عَلَى حِكْمَتِهِ، وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ، نَحْمَدُهُ حَمْدًا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ وَعَظَمَتِهِ، وَنَشْكُرُهُ عَلَى هِدَايَتِهِ وَرِعَايَتِهِ وَنِعْمَتِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. أما بعد:

﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱصۡبِرُوا۟ وَصَابِرُوا۟ وَرَابِطُوا۟ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ﴾ عباد الله: مع شدة وهج الشمس ولهيب حرها تعظم حاجة البشر لكل شيء يخفف عليهم سلطانها ويحتمون به من حرها ولذلك أكرم الله عباده بخلق من خلقه أتقنه إن شاء مده وإن شاء سكّنه: ﴿ألَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً * ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا﴾  الظل نعمة مغفول عنها ذكر الله بها عباده فقال سبحانه: ﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ﴾ وذكر ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قرأ "لعلكم تَسلمون" بالفتح.   والظل _عباد الله_ خلق من خلق الله خاضع له سبحانه قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ﴾

قال القرطبي رحمه الله: وظلالهم بالغدو والآصال أي ظلال الخلق ساجدة لله تعالى بالغدو والآصال ; لأنها تبين في هذين الوقتين، وتميل من ناحية إلى ناحية ; وذلك تصريف الله إياها على ما يشاء ; وهو كقوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ﴾ قال بن جرير رحمه الله: أخبر الله في هذه الآية أن ظلال الأشياء هي التي تسجد، وسجودها: مَيَلانها ودورانها من جانب إلى جانب، وناحية إلى ناحية، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما.   عباد الله: إنه لمن عظيم النعم في الدنيا أن يجد العبد ظلا باردا ممتدا يحتمي به من وهج الشمس ويتقيه ويهتني فيه بعيش رغيد لكن تمام النعمة وعظيم الإكرام يكون حين تدنُو الشَّمسُ يومَ القيامة من الخَلْق، حتى تَكُونَ منهم كَمِقْدَار ميل على أرض قاع صفصفا فلا أكنان ولا ظلال فيخص الله أقواما بظله سبحانه فأكرم بذاك المقام وساكنيه روى البخاري في صحيحه حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة ربه، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل طلبته امرأة ذاتُ منصب وجمال فقال إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه» وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "إن الله تعالى يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي،" رواه مسلم وعن أبي قَتادةَ قال: سَمِعتُ رسولَ اللهِ ﷺ يقولُ: "مَن نَفَّسَ عن غَريمِه أو مَحا عنه كان في ظِلِّ العَرشِ يومَ القِيامةِ." فطوبى لعبد فاز برضوان الله فأكرمه بالظل والناس يعرقون ... اللهم إنا نسألك من فضلك ياكريم  

الخطبة الثانية  

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. أما بعد: عباد الله: لما وصف الله لعباده الجنة ليرغبهم فيها قال سبحانه "مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا .." وقال سبحانه ﴿وَأَصۡحَـٰبُ ٱلۡیَمِینِ مَاۤ أَصۡحَـٰبُ ٱلۡیَمِینِ (٢٧) فِی سِدۡرࣲ مَّخۡضُودࣲ (٢٨) وَطَلۡحࣲ مَّنضُودࣲ (٢٩) وَظِلࣲّ مَّمۡدُودࣲ﴾ وقال جل في علاه "هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ" وأنعم فيها على أبصارهم فـــــــ" لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا * وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا" وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها»   وحين وصف الله النار ليحذرهم منها قال "(وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ * فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ * وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ * لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ" وقال سبحانه"..انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ * لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ" فسبحان من جعل الظل في الدنيا نعمة وأكرم به من شاء يوم العرض عليه وجعله نعيما لأهل الجنة لا يزول وعذابا على أهل النار لايغني من اللهب عباد الله: لافوز بالنعيم إلا بطاعة الله ولا نجاة من الجحيم إلا برحمته وقد أفلح المؤمنون وفاز المتقون والعاقل يبصر حال نفسه لينجيها والخاسر من أسَرَته الذنوب فصار هلاكه فيها اللهم إنا نسألك الجنة ونعوذ بك من النار اللهم إنا نسألك الجنة ونعوذ بك من النار

 

 

 

 

 

 

 

المشاهدات 1737 | التعليقات 0