وصايا مع بدء العام الدراسي الجديد
مبارك العشوان
1437/12/21 - 2016/09/22 15:52PM
إنَّ الحَمدَ لِلهِ...أمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ... مُسلِمُون.
عِبَادَ الله: قَدِمَ رَجُلٌ مِنْ الْمَدِينَةِ عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه وَهُوَ بِدِمَشْقَ، فَقَالَ مَا أَقْدَمَكَ يَا أَخِي ؟ فَقَالَ حَدِيثٌ بَلَغَنِي أَنَّكَ تُحَدِّثُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَـــالَ أَمَا جِئْتَ لِحَاجَةٍ ؟ قَالَ لَا، قَالَ: أَمَا قَدِمْتَ لِتِجَارَةٍ ؟ قَالَ لَا، قَالَ: مَا جِئْتُ إِلَّا فِي طَلَبِ هَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَبْتَغِي فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضَاءً لِطَالِبِ الْعِلْمِ، وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ حَتَّى الْحِيتَانُ فِي الْمَاءِ، وَفَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ ) أخرجه الترمذي وصححه الألباني. وَيَقُولُ رَبُّنَا جَلَّ وَعَلا: { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيـرٌ } المجادلة11
مَعَ بِدَايَةِ العَامِ الدِّرَاسِيِّ الجَدِيدِ يَحْسُنُ بِنَا تَذكِيرُ أنْفُسِنَا وَأَبْنَائِنَا بِفْضْلِ العِلْمِ وَالعُلَمَاءِ وَالمُتَعَلِّمِينَ، وَأَنْ نَتَوَاصَى بِالجِدِّ وَالاجْتِهَادِ فِي العَطَاءِ وَالطَّلَبِ، الجِدٌّ مِنَ الجَمِيعِ: من المُعَلّمِينَ وَالمُعَلِّمَاتِ، مِنَ الطُّلَابِ والطَّالِبَاتِ، وَمن أولياءِ أُمُورِهِم.
نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى التَّوفيِقَ للجَمِيعِ، وَأنْ يَجْعَلَ عَامَنَا مُبَارَكَاً؛ يُنْشَرُ فِيهِ الْعِلمُ، وَيُزَالُ الجَهْلُ، يُؤمَرُ بِالمَعْرُوفِ وَيُنْهَى عَنِ المُنكَرِ، يُعِزُّ اللهُ أَهْلَ طَاعَتِهِ وَيُثَبِّتُهُم، وَيَرُدُّ أَهْلَ مَعْصِيَتِهِ وَيَعْفُوَ عَنْهُم.
عِبَادَ الله: يَنْبَغِي أنْ يَتَذَكَّرَ كُلُّ مُعَلِّمٍ وَمُعَلِّمَةٍ شَرَفَ مِهْنَتِهِم، وَعِظَمَ أَجْرِهَا؛ قالَ تَعَالَى :{ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ } فصلت33
تَعْلِيمُ النَّاسِ، وَرَفْعُ الجَهْلِ عَنْهُم؛ دَعْوتُهُم لِلخَيرِ، وَتَحْذِيرُهُم مِنَ الشَّرِ؛ هِيَ المُهِمَّةُ العُظمَى التي قَامَ بِهَا رُسُلُ اللهِ، عَليهِم صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ، وَهِيَ قُرْبَةٌ إلى اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَهيَ مَجَالٌ خَصْبٌ لِكَسْبِ الحَسَنَاتِ وَمُضَاعَفَتِهَا؛ يقولُ عَليهِ الصلاةُ والسَّلامُ: ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرَضِينَ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الخَــيْرَ ) أخرجه الترمذي وصححه الألباني. وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ: ( إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ) رواه مسلم. ويقولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ ) رواه مسلم.
يَقُولُ الشَّيخُ السَعْديُّ رَحِمَهُ الله: ( فَالمُعَلِّمُ مَأجُورٌ عَلَى نَفْسِ تَعْلِيمِهِ، سَوَاءً أَفَهِمَ المُتَعَلمُ أوْ لَمْ يَفْهَم؛ فَإِذَا فَهِمَ مَا علَّمَهُ، وَانْتَفَعَ بِهِ بِنَفْسِهِ أَو نَفَعَ بِهِ غَيْرَهُ؛ كَانَ الأَجْرُ جَارِياً لِلْمُعَلِّمِ مَا دَامَ النَّفْعُ مُتَسَلْسِلاً مُتَّصِلاً. وَهَذِهِ تِجَارَةٌ بِمِثْلِهَا يَتَنَافَسُ المُتَنَافِسُونَ... الخ
عِبادَ الله: ثمَّ إنَّهُ يَنْبَغِي لكُلِّ مُعَلِّمٍ وَمُعَلِّمَةٍ أنْ يُدْرِكُوا عِظَمَ مَا تَحَمَّلُوا مِنَ الأَمَانَةِ: { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً } الأحزاب72
أَخِي المُعَلِّمُ، أَخِي مُدِيرَ المَدْرَسَةِ وَقَائِدَهَا، وَوَكِيلَهَا وَالمُرْشِدَ الطُّلَابي: لَقَدْ عُلِّقَتْ بِرِقَابِكُم أَمَانَةُ التَّرْبِيَةِ وَالتَّعْلِيمِ، وَسَتُسْأَلُونَ عَنْهَا وَتُحَاسَبُونَ؛ فَارْعَوهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا.
إنَّ عَلَيكُم لِأُمَّتِكُم وَمَنْ يَتَعَلَّمُونَ مِنْكُم حُقُوقاً عَظِيمَةً؛ فَقُومُوا بِهَا لِلهِ مُخْلِصِينَ، وَبِهِ تَعَالَى مُسْتَعِينِين، اللهَ اللهَ فِي بَذْلِ مَا يُصْلِحُ الطُّلابَ، قَدِّمُوا لَهُمُ العُلومَ النَّافِعَةَ بِأَسْهَلِ طَرِيقٍ وَأَقْرَبِهِ لِلفَهْم، رَبُّوا طُلَّابَكُم وَأَدِّبُوهُم بِأفْعَالِكُم قَبْلَ أقْوَالِكُم.
قُومُوا بِتَهْذِيبِ سُلُوكِ الطَّالِبِ وَخُلُقِهِ، وَصِيَانَةِ عَقْلِهِ وَدِينِهِ.
لِيَخْرُجَ لِلمُجْتَمَعِ عَلى أَيْدِيكُم صَالِحُونَ مُصْلِحُونَ نَافِعُونَ لِأَنْفُسِهِم وَدِيْنِهِم وَأَهْلِيهِم وَمُجْتَمَعِهِم، يَخَافُونَ اللهَ وَيُرَاقِبُونَهُ قَبَلَ أنْ يُرَاقِبُوا مُدِيراً أو مَسْؤُولاً.
وَمَتَى أُهْمِلَ فِي التَّعلِيمِ جَانِبُ الخُلُقِ وَالدِّينِ؛ فَإِنَنَا نَخْرُجُ بِخَسَارَةٍ وَأَيُّ خَسَارَةٍ؛ تُقْضَى فِي التَّعلِيمِ الأَوقَاتُ الطَّويلَةُ، وَتُصْرَفُ عَلِيهِ الأمْوالُ الطَّائِلَةُ؛ ثُمَّ لَا يُؤْتِي ثَمَرَتَهُ.
فَيَتَخَرَّجُ المُهندِسُ، وَالطَّبِيبُ، وَالفَنِّيُّ؛ وَلَكِنْ مَا الفَائِدَةُ عِندَمَا يَكونُ مُهْندِساً فَاجِراً، أو طَبِيباً فَاسِقاً، أو مُوظَّفاً خَائِناً ؟ لَا يُؤتَمَنُ أحَدُهُم عَلى شَيءٍ؛ كَم هِيَ خَسَارَةُ الأُمَّةٍ عِندَمَا تُخَرِّجُ أَمْثَالَ هَؤلاءِ ؟
أيُّهَا المُعلمُونَ المُرَبُونَ: يَقولُ مُعَاوِيَةُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ وَهُوَ يُحَدِّثُ عَن القُدْوةِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: ( فَبِأبِي هُوَ وَأُمِّي مَا رَأيْتُ مُعَلِّماً قَبْلَهُ وَلاَ بَعْدَهُ أحْسَنَ تَعْلِيماً مِنْهُ، فَوَ اللهِ مَا كَهَرَني وَلاَ ضَرَبَنِي، وَلاَ شَتَمَنِي ) رواه مسلم.
اُرْفُقُوا بِطُلَّابِكُم؛ لَا تُثْقِلُوا عَلَيهِم؛ فَتَجْمَعُوا لَهُمُ الدَّرْسَينِ والثَّلاثَةَ، اُرْفُقُوا بِهِم فِي عَرْضِ المَعْلُومَةِ الجَدِيدة.
لَا تَحْتَقِرُوهُم أو تَهْزَؤُوا بِهِم، أو تَسْخَرُوا مِنْ سُؤَالِ أَحَدِهِم، أو تُحْرِجُوهُ أمَامَ زُمَلَائِهِ.
اُرْفُقُوا بِهِم فِي تَرْبِيَتِهِم وَتَعْلِيمِهِم، ثُمَّ ارفُقُوا كَذَلِكَ بِفُقَرَائِهِم، فَلَا تَطْلُبُوا مِنْهُم مَالَا حَاجَةَ لَهُ مُلِحَّة، أوْ مَا يُمْكِنُ الاسْتِغْناءُ عَنه.
اُذكُرُوا دَوْماً قَولَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: ( إنَّ الرِّفْقَ لاَ يَكُونُ في شَيْءٍ إِلاَّ زَانَهُ، وَلاَ يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ شَانَهُ ) رواه مسلم.
بَارَكَ اللهُ … وَأَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ…
الخطبة الثانية:
الحَمدُ لِلهِ...أمَّا بَعْدُ: فَاجْتَهِدُوا أيُّهَا الآبَاءُ وَلْتَجْتَهِدِ الأُمَّهَاتُ أنْ تَغْرِسُوا فِي قُلُوبِ أوْلَادِكُم حُبَّ العِلمِ والعُلمَاءِ، اغرِسُوا فِي نُفُوسِهِم أنَّهُم يَذْهَبُونَ لِلمَدْرَسَةِ لِتَحْصِيلِ العِلمِ وَرَفْعِ الجَهْلِ وَخِدَمَةِ الدِّينِ، وَتَقدِيمِ النَّفعِ لِأَنفُسِهِم وَأهلِهِم ومُجْتَمَعِهِم؛ واعلَمُوا أنَّ مِنَ الخَطَأِ أنْ يُغْرَسَ فِي نفسِ الطَّالِبِ مُنذُ صِغَرِهِ أنَّهُ يَدْرُسُ حتَّى يَكْبُرُ ويَحْصُلُ على وظِيفَةٍ وَمَكَانَةٍ وَسَيَّارَةٍ وَبَيْتٍ وَزَوْجَةٍ... وَغَيْرِهَا، دُونَ أنْ يُذْكَرَ لَهُمُ الهَدَفُ الأَسَاسُ مِنَ الدِّرَاسَة.
مَعَاشِرَ الأولِياء: اللهَ اللهَ فِي حُقُوقِ المُعَلِّمِينَ والمُعَلِّمَاتِ، رَبُّوا أولادَكُم على حُبِّ مَنْ يُعَلِّمُهُم وَ إِجْلَالِهِ وَتَوقِيرِهِ واحتِرَامِهِ والصَّبرِ على قَسْوَتِهِ.
مَعَاشِرَ الأولياءِ: تَابِعُوا أولادَكُم في دُرُوسِهِم وَوَاجِبَاتِهِم، واسْأَلُوا عَنْ أَحْوَالِهِم أوَّلاً بِأوَّلٍ، مَنْ يُجَالِسُونَ وَمْن يُصَاحِبُون.
أَخِي وَلِيَّ الأمْرِ لَا تَتَسَاهَلْ بِأَمرِ السَّائِقِينَ وَخَلْوتِهِم بِبَنَاتِك.
لَا تَتَسَاهَلْ بِأمْرِ الحِجَابِ، لِتَلتَزِمِ البِنْتُ حِجَابَهَا مِنْ خُرُوجِهَا إلى عَودَتِهَا؛ فَلَكَم جَرَّ التَّسَاهُلُ بِالحِجَابِ مِن وَيْلَاتٍ ومَصَائِبَ؛ مِنَ السَّائِقِينَ أو مِنَ المُعَاكِسِين.
ثُمَّ هَذِهِ وَصِيَّةٌ لِلطُّلَابِ وَفَّقَهُمُ اللهُ وَأَعَانَهُم وَسَدَّدَهُم: اِبْدَأُوا عَامَكُم بِالجِدِّ وَالنَّشَاطِ، وَاحْرِصُوا مَا اسْتَطَعْتُم عَلى تَحْصِيلِ العلمِ النَّافِعِ، وابْذُلُوا غَايَةَ الجُهْدِ لِرُسُوخِهِ، اجْتَهِدُوا أوَّلاً بِأَوَّلٍ وَرَاجِعُوا مَا تَعَلَّمْتُم لِيَثْبُتَ، اذْهَبُوا لِمَدَارِسِكُم رَاغِبِينَ مُحِبِّينَ لِلعلمِ وأهْلِهِ، وَالتَّزُوُدِ مِنهُ، لِتَكُنْ هِمَمُكُم عَالِيَةَ، وَلَا تَرْضَوا مِنَ العِلمِ بِالقَلِيلِ وَتَفْرَحُوا بِمَا يُحْذَفُ عَنْكُم مِنَ الدُّرُوسِ.
ثُمَّ تَحَلَّوا وَفَّقَكُم اللهُ بِالأخْلاقِ الكَرِيمَةِ، وَتَجَنَّبُوا الرَّذَائِلَ، واحْذَرُوا جُلَسَاءَ السُّوء.
عِبَادَ الله: وَهَذِهِ وَصِيَّةٌ لِلأَغنِيَاءِ، وَمَنْ وَسَّعَ اللهُ لَهُم فِي الرِّزْقِ، وَأصْحَابِ المَكْتَبَاتِ وَمَحَلاتِ مَلابِسِ الرِّيَاضَةِ وَغَيْرِهَا، بِأنْ يَتَفَقَّدُوا الفُقَرَاءَ والمُحْتَاجِينَ، وَيَتَلَمَّسُوا حَوَائِجَهُم، وَيُشْفِقُوا عَلى فَقِيرٍ لَا يَدْرِي أيُواجِهُ غَلَاءَ المَعِيْشَةِ، أم المُسْتَلزَمَاتِ الدِّرَاسِيَّةِ وَقَد يَكُونُ عِنْدَهُ عَددٌ مِنَ الأبنَاءِ وَالبَنَاتِ، فَرِّجُوا ـ فَرَّجَ اللهُ عنكُم ـ كُرْبَةَ مَكْرُوبٍ وَوَسِّعُوا عَلى مُحْتَاجٍ، واعلَمُوا أنَّ : ( مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ ) هَكَذَا صَحَّ عَن النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ فِيمَا رَواهُ الإمامُ مسلمٌ فِي صَحِيْحِه.
ثم صلوا وسلموا ... اللهم صلِّ على محمدٍ وآلِ محمدٍ...
اللهم أعزَّ الإسلامَ... اللهم أصلح أَئِمَّتَنَا...
عباد الله: { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ ... }.
فاذكروا الله ...
عِبَادَ الله: قَدِمَ رَجُلٌ مِنْ الْمَدِينَةِ عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه وَهُوَ بِدِمَشْقَ، فَقَالَ مَا أَقْدَمَكَ يَا أَخِي ؟ فَقَالَ حَدِيثٌ بَلَغَنِي أَنَّكَ تُحَدِّثُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَـــالَ أَمَا جِئْتَ لِحَاجَةٍ ؟ قَالَ لَا، قَالَ: أَمَا قَدِمْتَ لِتِجَارَةٍ ؟ قَالَ لَا، قَالَ: مَا جِئْتُ إِلَّا فِي طَلَبِ هَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَبْتَغِي فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضَاءً لِطَالِبِ الْعِلْمِ، وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ حَتَّى الْحِيتَانُ فِي الْمَاءِ، وَفَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ ) أخرجه الترمذي وصححه الألباني. وَيَقُولُ رَبُّنَا جَلَّ وَعَلا: { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيـرٌ } المجادلة11
مَعَ بِدَايَةِ العَامِ الدِّرَاسِيِّ الجَدِيدِ يَحْسُنُ بِنَا تَذكِيرُ أنْفُسِنَا وَأَبْنَائِنَا بِفْضْلِ العِلْمِ وَالعُلَمَاءِ وَالمُتَعَلِّمِينَ، وَأَنْ نَتَوَاصَى بِالجِدِّ وَالاجْتِهَادِ فِي العَطَاءِ وَالطَّلَبِ، الجِدٌّ مِنَ الجَمِيعِ: من المُعَلّمِينَ وَالمُعَلِّمَاتِ، مِنَ الطُّلَابِ والطَّالِبَاتِ، وَمن أولياءِ أُمُورِهِم.
نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى التَّوفيِقَ للجَمِيعِ، وَأنْ يَجْعَلَ عَامَنَا مُبَارَكَاً؛ يُنْشَرُ فِيهِ الْعِلمُ، وَيُزَالُ الجَهْلُ، يُؤمَرُ بِالمَعْرُوفِ وَيُنْهَى عَنِ المُنكَرِ، يُعِزُّ اللهُ أَهْلَ طَاعَتِهِ وَيُثَبِّتُهُم، وَيَرُدُّ أَهْلَ مَعْصِيَتِهِ وَيَعْفُوَ عَنْهُم.
عِبَادَ الله: يَنْبَغِي أنْ يَتَذَكَّرَ كُلُّ مُعَلِّمٍ وَمُعَلِّمَةٍ شَرَفَ مِهْنَتِهِم، وَعِظَمَ أَجْرِهَا؛ قالَ تَعَالَى :{ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ } فصلت33
تَعْلِيمُ النَّاسِ، وَرَفْعُ الجَهْلِ عَنْهُم؛ دَعْوتُهُم لِلخَيرِ، وَتَحْذِيرُهُم مِنَ الشَّرِ؛ هِيَ المُهِمَّةُ العُظمَى التي قَامَ بِهَا رُسُلُ اللهِ، عَليهِم صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ، وَهِيَ قُرْبَةٌ إلى اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَهيَ مَجَالٌ خَصْبٌ لِكَسْبِ الحَسَنَاتِ وَمُضَاعَفَتِهَا؛ يقولُ عَليهِ الصلاةُ والسَّلامُ: ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرَضِينَ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الخَــيْرَ ) أخرجه الترمذي وصححه الألباني. وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ: ( إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ) رواه مسلم. ويقولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ ) رواه مسلم.
يَقُولُ الشَّيخُ السَعْديُّ رَحِمَهُ الله: ( فَالمُعَلِّمُ مَأجُورٌ عَلَى نَفْسِ تَعْلِيمِهِ، سَوَاءً أَفَهِمَ المُتَعَلمُ أوْ لَمْ يَفْهَم؛ فَإِذَا فَهِمَ مَا علَّمَهُ، وَانْتَفَعَ بِهِ بِنَفْسِهِ أَو نَفَعَ بِهِ غَيْرَهُ؛ كَانَ الأَجْرُ جَارِياً لِلْمُعَلِّمِ مَا دَامَ النَّفْعُ مُتَسَلْسِلاً مُتَّصِلاً. وَهَذِهِ تِجَارَةٌ بِمِثْلِهَا يَتَنَافَسُ المُتَنَافِسُونَ... الخ
عِبادَ الله: ثمَّ إنَّهُ يَنْبَغِي لكُلِّ مُعَلِّمٍ وَمُعَلِّمَةٍ أنْ يُدْرِكُوا عِظَمَ مَا تَحَمَّلُوا مِنَ الأَمَانَةِ: { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً } الأحزاب72
أَخِي المُعَلِّمُ، أَخِي مُدِيرَ المَدْرَسَةِ وَقَائِدَهَا، وَوَكِيلَهَا وَالمُرْشِدَ الطُّلَابي: لَقَدْ عُلِّقَتْ بِرِقَابِكُم أَمَانَةُ التَّرْبِيَةِ وَالتَّعْلِيمِ، وَسَتُسْأَلُونَ عَنْهَا وَتُحَاسَبُونَ؛ فَارْعَوهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا.
إنَّ عَلَيكُم لِأُمَّتِكُم وَمَنْ يَتَعَلَّمُونَ مِنْكُم حُقُوقاً عَظِيمَةً؛ فَقُومُوا بِهَا لِلهِ مُخْلِصِينَ، وَبِهِ تَعَالَى مُسْتَعِينِين، اللهَ اللهَ فِي بَذْلِ مَا يُصْلِحُ الطُّلابَ، قَدِّمُوا لَهُمُ العُلومَ النَّافِعَةَ بِأَسْهَلِ طَرِيقٍ وَأَقْرَبِهِ لِلفَهْم، رَبُّوا طُلَّابَكُم وَأَدِّبُوهُم بِأفْعَالِكُم قَبْلَ أقْوَالِكُم.
قُومُوا بِتَهْذِيبِ سُلُوكِ الطَّالِبِ وَخُلُقِهِ، وَصِيَانَةِ عَقْلِهِ وَدِينِهِ.
لِيَخْرُجَ لِلمُجْتَمَعِ عَلى أَيْدِيكُم صَالِحُونَ مُصْلِحُونَ نَافِعُونَ لِأَنْفُسِهِم وَدِيْنِهِم وَأَهْلِيهِم وَمُجْتَمَعِهِم، يَخَافُونَ اللهَ وَيُرَاقِبُونَهُ قَبَلَ أنْ يُرَاقِبُوا مُدِيراً أو مَسْؤُولاً.
وَمَتَى أُهْمِلَ فِي التَّعلِيمِ جَانِبُ الخُلُقِ وَالدِّينِ؛ فَإِنَنَا نَخْرُجُ بِخَسَارَةٍ وَأَيُّ خَسَارَةٍ؛ تُقْضَى فِي التَّعلِيمِ الأَوقَاتُ الطَّويلَةُ، وَتُصْرَفُ عَلِيهِ الأمْوالُ الطَّائِلَةُ؛ ثُمَّ لَا يُؤْتِي ثَمَرَتَهُ.
فَيَتَخَرَّجُ المُهندِسُ، وَالطَّبِيبُ، وَالفَنِّيُّ؛ وَلَكِنْ مَا الفَائِدَةُ عِندَمَا يَكونُ مُهْندِساً فَاجِراً، أو طَبِيباً فَاسِقاً، أو مُوظَّفاً خَائِناً ؟ لَا يُؤتَمَنُ أحَدُهُم عَلى شَيءٍ؛ كَم هِيَ خَسَارَةُ الأُمَّةٍ عِندَمَا تُخَرِّجُ أَمْثَالَ هَؤلاءِ ؟
أيُّهَا المُعلمُونَ المُرَبُونَ: يَقولُ مُعَاوِيَةُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ وَهُوَ يُحَدِّثُ عَن القُدْوةِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: ( فَبِأبِي هُوَ وَأُمِّي مَا رَأيْتُ مُعَلِّماً قَبْلَهُ وَلاَ بَعْدَهُ أحْسَنَ تَعْلِيماً مِنْهُ، فَوَ اللهِ مَا كَهَرَني وَلاَ ضَرَبَنِي، وَلاَ شَتَمَنِي ) رواه مسلم.
اُرْفُقُوا بِطُلَّابِكُم؛ لَا تُثْقِلُوا عَلَيهِم؛ فَتَجْمَعُوا لَهُمُ الدَّرْسَينِ والثَّلاثَةَ، اُرْفُقُوا بِهِم فِي عَرْضِ المَعْلُومَةِ الجَدِيدة.
لَا تَحْتَقِرُوهُم أو تَهْزَؤُوا بِهِم، أو تَسْخَرُوا مِنْ سُؤَالِ أَحَدِهِم، أو تُحْرِجُوهُ أمَامَ زُمَلَائِهِ.
اُرْفُقُوا بِهِم فِي تَرْبِيَتِهِم وَتَعْلِيمِهِم، ثُمَّ ارفُقُوا كَذَلِكَ بِفُقَرَائِهِم، فَلَا تَطْلُبُوا مِنْهُم مَالَا حَاجَةَ لَهُ مُلِحَّة، أوْ مَا يُمْكِنُ الاسْتِغْناءُ عَنه.
اُذكُرُوا دَوْماً قَولَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: ( إنَّ الرِّفْقَ لاَ يَكُونُ في شَيْءٍ إِلاَّ زَانَهُ، وَلاَ يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ شَانَهُ ) رواه مسلم.
بَارَكَ اللهُ … وَأَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ…
الخطبة الثانية:
الحَمدُ لِلهِ...أمَّا بَعْدُ: فَاجْتَهِدُوا أيُّهَا الآبَاءُ وَلْتَجْتَهِدِ الأُمَّهَاتُ أنْ تَغْرِسُوا فِي قُلُوبِ أوْلَادِكُم حُبَّ العِلمِ والعُلمَاءِ، اغرِسُوا فِي نُفُوسِهِم أنَّهُم يَذْهَبُونَ لِلمَدْرَسَةِ لِتَحْصِيلِ العِلمِ وَرَفْعِ الجَهْلِ وَخِدَمَةِ الدِّينِ، وَتَقدِيمِ النَّفعِ لِأَنفُسِهِم وَأهلِهِم ومُجْتَمَعِهِم؛ واعلَمُوا أنَّ مِنَ الخَطَأِ أنْ يُغْرَسَ فِي نفسِ الطَّالِبِ مُنذُ صِغَرِهِ أنَّهُ يَدْرُسُ حتَّى يَكْبُرُ ويَحْصُلُ على وظِيفَةٍ وَمَكَانَةٍ وَسَيَّارَةٍ وَبَيْتٍ وَزَوْجَةٍ... وَغَيْرِهَا، دُونَ أنْ يُذْكَرَ لَهُمُ الهَدَفُ الأَسَاسُ مِنَ الدِّرَاسَة.
مَعَاشِرَ الأولِياء: اللهَ اللهَ فِي حُقُوقِ المُعَلِّمِينَ والمُعَلِّمَاتِ، رَبُّوا أولادَكُم على حُبِّ مَنْ يُعَلِّمُهُم وَ إِجْلَالِهِ وَتَوقِيرِهِ واحتِرَامِهِ والصَّبرِ على قَسْوَتِهِ.
مَعَاشِرَ الأولياءِ: تَابِعُوا أولادَكُم في دُرُوسِهِم وَوَاجِبَاتِهِم، واسْأَلُوا عَنْ أَحْوَالِهِم أوَّلاً بِأوَّلٍ، مَنْ يُجَالِسُونَ وَمْن يُصَاحِبُون.
أَخِي وَلِيَّ الأمْرِ لَا تَتَسَاهَلْ بِأَمرِ السَّائِقِينَ وَخَلْوتِهِم بِبَنَاتِك.
لَا تَتَسَاهَلْ بِأمْرِ الحِجَابِ، لِتَلتَزِمِ البِنْتُ حِجَابَهَا مِنْ خُرُوجِهَا إلى عَودَتِهَا؛ فَلَكَم جَرَّ التَّسَاهُلُ بِالحِجَابِ مِن وَيْلَاتٍ ومَصَائِبَ؛ مِنَ السَّائِقِينَ أو مِنَ المُعَاكِسِين.
ثُمَّ هَذِهِ وَصِيَّةٌ لِلطُّلَابِ وَفَّقَهُمُ اللهُ وَأَعَانَهُم وَسَدَّدَهُم: اِبْدَأُوا عَامَكُم بِالجِدِّ وَالنَّشَاطِ، وَاحْرِصُوا مَا اسْتَطَعْتُم عَلى تَحْصِيلِ العلمِ النَّافِعِ، وابْذُلُوا غَايَةَ الجُهْدِ لِرُسُوخِهِ، اجْتَهِدُوا أوَّلاً بِأَوَّلٍ وَرَاجِعُوا مَا تَعَلَّمْتُم لِيَثْبُتَ، اذْهَبُوا لِمَدَارِسِكُم رَاغِبِينَ مُحِبِّينَ لِلعلمِ وأهْلِهِ، وَالتَّزُوُدِ مِنهُ، لِتَكُنْ هِمَمُكُم عَالِيَةَ، وَلَا تَرْضَوا مِنَ العِلمِ بِالقَلِيلِ وَتَفْرَحُوا بِمَا يُحْذَفُ عَنْكُم مِنَ الدُّرُوسِ.
ثُمَّ تَحَلَّوا وَفَّقَكُم اللهُ بِالأخْلاقِ الكَرِيمَةِ، وَتَجَنَّبُوا الرَّذَائِلَ، واحْذَرُوا جُلَسَاءَ السُّوء.
عِبَادَ الله: وَهَذِهِ وَصِيَّةٌ لِلأَغنِيَاءِ، وَمَنْ وَسَّعَ اللهُ لَهُم فِي الرِّزْقِ، وَأصْحَابِ المَكْتَبَاتِ وَمَحَلاتِ مَلابِسِ الرِّيَاضَةِ وَغَيْرِهَا، بِأنْ يَتَفَقَّدُوا الفُقَرَاءَ والمُحْتَاجِينَ، وَيَتَلَمَّسُوا حَوَائِجَهُم، وَيُشْفِقُوا عَلى فَقِيرٍ لَا يَدْرِي أيُواجِهُ غَلَاءَ المَعِيْشَةِ، أم المُسْتَلزَمَاتِ الدِّرَاسِيَّةِ وَقَد يَكُونُ عِنْدَهُ عَددٌ مِنَ الأبنَاءِ وَالبَنَاتِ، فَرِّجُوا ـ فَرَّجَ اللهُ عنكُم ـ كُرْبَةَ مَكْرُوبٍ وَوَسِّعُوا عَلى مُحْتَاجٍ، واعلَمُوا أنَّ : ( مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ ) هَكَذَا صَحَّ عَن النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ فِيمَا رَواهُ الإمامُ مسلمٌ فِي صَحِيْحِه.
ثم صلوا وسلموا ... اللهم صلِّ على محمدٍ وآلِ محمدٍ...
اللهم أعزَّ الإسلامَ... اللهم أصلح أَئِمَّتَنَا...
عباد الله: { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ ... }.
فاذكروا الله ...
قاسم الهاشمي
شكر الله لك
تعديل التعليق