ورحل الداعية التويجري 9 جمادى الأولى

صالح التويجري
1439/05/11 - 2018/01/28 12:25PM

خطبة الجمعة 9 جمادى الأولى إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ....

حينما نفرح بالإجازات ليسافر الكثير منا إلى سفر نزهة وترويح نفس ، يختار الله من عباده أقواماً ينتهزون فرصة الإجازة لنشر التوحيد والعقيدة الصحيحة في أقطار المعمورة ، ونحمد الله تعالى أننا من مجتمع فيه يقظة ، وفيه الشعور بأهمية التأثير والتغيير الايجابي والاحتساب لذلك من هؤلاء الدعاة الذين جابوا غرب أفريقيا لأكثر من ثنتي عشر سنة وهو ينتظر الاجازة تلو الإجازة ليبني هناك مسجداً أو يحفر بئراً أو مركزاً إسلامياً أو دار أيتام هو الشيخ الداعية عبدالعزيز بن صالح بن محمد التويجري الذي اغتالته رصاصة الغدر من أحد الوثنيين ، واختاره الله لجواره قبل عشرة أيام في أحسن ميتة ، يتمناها كل مؤمن موقن بالدار الآخرة ونحمد الله تعالى أن أخذ هذا الحدث الجلل بُعداً رسمياً وشعبياً منقطع النظير ، يعطي انطباعاً إيجابياً لهذه الأمة رغم كل الكيد والمكر لها لتغيير هويتها وفي وفاة هذا الداعية عظة لمن كان له قلب وكانت في حياتك لي عظاتٌ ......... فأنت اليوم أوعظ منك حيا واسمحو لي بوقفات عجلى ومختصرة مع هذا الحدث علّ أن ينفع الله بها السامع والمتكلم وهي موجهة للدعاة وكلنا كمسلمين دعاة لقول الله (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني) فأتباع النبي صلى الله عليه وسلم كلهم دعاة:

الوقفة الأولىاجعل لك أيها الداعية ( وكل مسلم ومسلمة داعية ) مشروعاً - أو مشروعاً تلو مشروع - دعوياً كان، أو تربوياً أو اجتماعياً أو إعلامياً أو غيرها ينفع الله به الإسلام والمسلمين ، تتبناه وترعاه ، ويكون هو همك وشغلك الشاغل، ليحقق أهدافه المرجوة في الأمة، هذا المشروع قد لا يكون بالضرورة كبيراً وظاهراً للناس، ولكنه مع غيره وأمثاله - منك ومن غيرك - يكتب الله به التغيير المنشود ، والإصلاح المقصود على مرّ الأيام والإستمرار على ذلك والصبر عليه وأظن أنه لو لم نستفد من هذا الحدث إلا أن نتحرك أكثر نحو إيجاد مشاريع نوعية ومؤثرة ومتعددة، ونتعاون على إنشائها، كلٌّ في موقعه.. لكفى بها. هذا الزمن تتوفر لدينا وسائل وإمكانات نستطيع أن نقدم من خلالها الكثير وسيسألنا الله عنها إن قصرنا في استثمارها لمصلحة ديننا العظيم لو اهتمّ الواحد منا بأن يهدف أن يُسلم على يده ولو شخصاً واحداً لكان في ذلك خيرٌ كثير.

الوقفة الثانية  – ما أجمل أن تمدّ يدك أكثر لإخوانك الدعاة والمصلحين حولك، وتتعاون معهم تعاوناً مثمراً في الداخل أو الخارج لأجل رفعة هذا الدين، ونشر الإسلام ، والتصدي للأديان الباطلة، والفرق الضالة، والداعية لا يمكن أن يعمل بمفرده بل يحتاج إلى من يؤازره ويسدّ نقصه وهكذا العمل الإسلامي عمل جماعي بامتياز .

الوقفة الثالثة – الداعية المخلص نحسبه كثير الطاعات الظاهرة والخفية، والخبيئات الصالحة من صلوات وصدقات ، وأذكار ودمعات ، وتوبات واستغفار ، فهذه بإذن الله وتوفيقه ورحمته من أقوى وسائل القبول عند الله ، وأعظمها تأثيراً في نفوس الناس وإصلاحهم. ولما توفي هذا الداعية المبارك الذي نحسبه شهيداً بإذن الله تداول الناس له أعمالاً صالحة كان قد أخفاها بينه وبين ربه.

الوقفة الرابعة – ما رأيك أيها المبارك أن تكتشف طاقاتك المدفونة، وإمكاناتك التي لا حدود لها؟ والتي تستطيع بها - إن أردت بجد – خدمةَ الإسلام ورفعَ رايته والدعوةَ إليه ، وذلك عن طريق النزول الفعلي للميدان والحركة والنشاط بكل صوره وأشكاله، وأمكنته وأزمنته، وليس من خلال التنظير في المجالس، أو الأمنيات المحبوسة في الأنفس . وتذكّر جيداً أن الأجل يأتي بغتة فكن مستعداً.

الوقفة الخامسة – إن استطعت - أن تقلّل أيها المبارك من أوقات الراحة والترفيه، وأن تخفّف التعلق بالأزواج والأولاد - على أهميتهم - وكذلك ألا تسرف في التعامل مع وسائل التواصل؛ فهذا أفضل وأجدى، وذلك بهدف بذل المزيد من الوقت والجهد في نفع الناس وتوجيههم، والتخطيط والابداع للدعوة، وبناء وتنفيذ المشاريع المؤثرة.

الوقفة السادسة  – ما أعظم أن يكون لك انفاق مالي، سراً وجهراً، مهما كانت ظروفك، على مستوى العامة من الفقراء والمساكين والمحتاجين ، أو على مستوى المشاريع الدعوية والخيرية المتنوعة، فالمال هو العمود الفقري لنجاح البرامج والأعمال الدعوية، كما أن الانفاق - مع غيره - هو خير لك، وبركة عليك في نفسك وأهلك، وأجر عظيم ستناله عند ربك ، فإن كنت لا تملك المال فكن وسيط خير لمشاريع الخير والبر والإحسان فالدال على الخير كفاعله.

الوقفة السابعة - لا تنس كثرة الدعاء بإخلاص،، لنفسك؛ بالثبات والنفع والسداد، وللمسلمين؛ بالصلاح والهداية والعزة والنصر، فهو أعظم سلاح للتغيير إن أُحسن استخدامه مع الجدّ والعمل، وخاصة في الأوقات التي يرجى فيها الإجابة، فرب دعوة صادقة من قلب صادق يغير الله بها من حال إلى حال.

الوقفة الثامنة – أخيراً.. كن مؤلفاً للقلوب، حسن التعامل مع كل فئات الناس مهما اختلفت أوطانهم، لطيف المعشر، كثير الابتسامة، رقيق الكلمة، لين الجانب، نقي السريرة، حسن السمت،، فهذه السمات والأخلاقيات وأمثالها هي ما يريده الناس منك، وهي الدعوة الصامتة، وما يؤثر فيهم بقوة، وهي الثمرة الحقيقية للإيمان والتقوى. والله وحده الموفّق والهادي إلى سواء السبيل.

أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه فيا فوز المستغفرين.

الخطبة الثانية:

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد أيها الكرام يتكرر على أسماعنا كل جمعة (غالباً) قول الله ( يا أيها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون).

تأمل قول الله (ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) ألم يدُر بذهنك سؤال : كيف يختار العبد خاتمته ؟ "تكرر للفت الانتباه" هناك معادلة خطيرة وهي أن من عاش على شئ مات عليه ومن مات على شئ بُعث عليه فاختر لنفسك ما ترضى أن تموت عليه استثمر هذه الدار الفانية بعملٍ يستمر لك أجره ويبقى لك ذخره ضع لنفسك هدفاً سامياً تسعى لتحقيقه ، ثم ضع له الوسائل الممكنة لتحقيق هذا الهدف وستجد لحياتك متعة في الدنيا وأجراً في الآخرة تذكّر جيدا أن خير الأمة بعد نبيها رجل لم يكن كثير صيام ولا صلاة، ولكنه أسلم على يديه خمسة من العشرة المبشرين بالجنة فله مثل أعمالهم الصالحة لا ينقص من أجورهم شيئاً تأمل صدقات عثمان بن عفان وعبدالرحمن بن عوف وصلوات سعد بن أبي وقاص وتسبيحات طلحة بن عبيد الله وصيام أبي عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنهم أجمعين كلها في ميزان حسنات الصديق تأمل عمل بلال وجهاده وورع أبي ذر وصلة الأرقم بن أبي الأرقم كلها في ميزان حسنات الصديق فيا لخسارة من غفل عن عبادة الدعوة إلى الله وهي مهمة أفضل خلق الله وهم الأنبياء والمرسلون

وسيُصلى هذا اليوم الجمعة على داعيةٍ لا أعرفه ولا تعرفونه وما ضره أن لا نعرفه ، ويكفيه شرفاً أنه عمل بوظيفة الأنبياء والمرسلين ، وهو الداعية الفلبيني ناصر سليمان الذي أسلم منذ عشرين سنة وأسلم على يديه الاف الناس ، تقبّله الله في عداد الشهداء وجمعنا به في مستقر رحمته والموفق من وفقه الله لمثل ذلك والمغبون من خسر هذه الدار الفانية فقضى أجله وهو لم يستزد من خير زاد اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك

اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك الصالحين ، واجعلنا من أنصار دينك يا رب العالمين

اللهم اعز الاسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين واحم حوزة الدين ، واجعل هذا البلد آمنا مطمئناً سخاء رخاء وجميع بلدان المسلمين

اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى ، وخذ بناصيته للبر والتقوى ، اللهم ول علينا خيارنا واكفنا شر شرارنا يا رب العالمين ، وأبرم لهذه الأمة أمراً رشيداً يعز فيه أهل طاعتك ويُهدى فيه أهل معصيتك ويؤمر فيه بالمعروف ويُنهى فيه عن المنكر وتقال فيه كلمة الحق لا يخشى قائلها فيك لومة لائم يا رب العالمين

اللهم أغثنا .... 

المشاهدات 1085 | التعليقات 1

جزى الله الشيخ صالح خير الجزاء على خطبته ونفع الله بها ... ننتظر المزيد من المشاركة