وَدَاعَاً أيُّها الحَاجُّ الكَرِيمُ 3/12/1438ه
خالد محمد القرعاوي
وَدَاعَاً أيُّها الحَاجُّ الكَرِيمُ 3/12/1438ه
الحمدُ للهِ أتمَّ علينا النِّعمَةَ وأَكملَ لنا الدِّين,نشهد ألاَّ إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ رَبُّ العالَمِينَ, ونَشهَدُ أنَّ مُحمَّدَا عبدُ الله ورسولُه المُصطفى الأمينُ صلَّى الله وسلَّم وباركَ عليه وعلى آلِهِ وأَصحَابِهِ وأَتبَاعِهِ إلى يوم الدِّين.أمَّا بعدُ:فاتَّقوا اللهَ عبادَ اللهِ حَقَّ التَّقوى واستَمسِكُوا من الإسلام بالعُروة الوُثقُى:(وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى).أرْبَعَةُ أَيَّامٍ وَنُودِّع حُجَّاجَنا,وقُلُوبُنَا مَعَهُم!تَرْقُبُهم وتَدعُوا لهم, فَنَقُولُ لهم:زوَّدكمُ اللهُ التَّقوى وغَفَرَ ذَنُوبَكُم ويَسَّر لكمُ الخَيرَ حَيثُما كُنْتُمْ,ونَستَودِعُ الله دِينَكم وأماناتِكم وخواتيمَ أَعمَالِكم,وإنَّا مَعاشِرَ الحُجَّاجِ نُبَشِّرُكُم بِبِشَارَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيهِ لَكُمْ حَيثُ قَالَ:«الحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلاَّ الجَنَّةُ».فاحْرِصْ أيُّها الحاجُّ الكريمُ:أنْ يكونَ حَجُّكَ كذلكَ بأنْ تَبتغِيَ به وجهَ اللهِ تَعَالى وَالدَّارَ الآخرةَ قُل:«اللَّهُمَّ حَجَّةً لَا رِيَاءَ فِيهَا وَلَا سُمْعَةً». وَاحْرِص على إتباع سُنَّةِ نَبِيِّكَ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيهِ وَعلى آلِهِ وَأصْحَابِهِ في كُلِّ المَنَاسِكِ فقد كانَ يُؤدِّيَ المَنَاسِكَ ويقولُ:«خُذُوا عَنِّى مَنَاسِكَكُمْ».أَكْثِرُوا أيُّهَا الحُجَّاجُ الكِرَامُ:مِن ذِكْرِ اللهِ تَعَالى وَمِنَ التَّكبِيرِ والتَّلبِيَةِ,فَقَدْ قَالَ رَسُولُنا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ:«أَفْضَلُ الحَجِّ العَجُّ والثَجُّ».والعَجُّ رفعُ الصَّوتِ بالتلبيةِ والثَّجُّ إرَاقَةُ دَمِ الهَدْي والنُّسُكِ,وَتَعلَّموا أَحكَامَ الحَجِّ حتى تَعبُدُوا اللهَ على عِلمٍ وبصيرةٍ.أيُّها الحَآجُّ المُبَارَكُ:ابْتَعِدْ عَن الآثَامِ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ تَحَلَّ بِالصَّبرِ الجَمِيلِ وَأَحسِنْ إلى عِبَادِ اللهِ بِكُلِّ مَا تَسْتَطِيعُ تَعلِيمَاً وإرشادَاً وإطعَامَاً وإيواءً,سُئلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيهِ:مَا بِرُّ الحَجِّ؟قَالَ:«إِطْعَامُ الطَّعَامِ وَإفْشَاءُ السَّلامِ وَطِيبُ الْكَلاَمِ.».أيُّها الحَاجُّ الكَرِيمُ:تَأمَّلْ قَولَ اللهِ تَعَالَى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ).أَتَدْرِي مَا مَعْنَاها؟مَعْنَاهَا أَنْ تَكُونَ أَعْمَالُ حَجِّكَ كُلُّهَا خَالِصَةً للهِ تَعَالَى لا رَيِاءَ فِيهَا وَلا سُمْعَةً!لا تَفَاخُرَ فِيهَا ولا فَوضَى!كَمَا فَعَلَتْهُ الجَاهِلِيَّةُ الأُوْلَى فَإنَّهُم يَسْتَغِلُّونَ أَيَّامَ الحَجِّ واجْتِمَاعَ النَّاسِ لِيَتَفَاخَرُوا بِأَنْسَابِهِمْ وَأَحْسَابِهِمْ وَآبَائِهِمْ!لِذَا جَعَلَ النَّبِيُّ الأعْظَمُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حَجَّهُ خَالِيَاً مِنْ كُلِّ أَعْمَالِ الجَاهِلِيَّةِ الأُوْلَى وَقَالَ:(أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ).إشَارَةٌ مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَ سَلَّمَ إلى أَنَّ الحَجَّ كَذَلِكَ لَيسَ مَجَالاً لِلْحِسَابَاتِ السِّيَاسِيَّةِ أَو النَّعَرَاتِ القَبَلِيَّةِ أو الأطْمَاعِ الحِزْبِيَّةِ أَو أنْ تَكُونَ مَجَالاً لِرَفْعِ شِعَارَاتٍ بَشَرِيَّةٍ أو حُكُومِيَّةٍ!أتَذْكُرُونَ المَسِيرَاتِ والهُتَافَاتِ الإيرِانِيَّةِ؟وَكَيفَ كَانَتْ تُثيرُ رُعْبَاً وَفَوضَى لَدى حُجَّاجَ البَيتِ الحَرَامِ؟وَكيفَ أنَّ حُكُومَتَنَا وَفَّقَهَا اللهُ قَضَتْ عَلَيهَا وَمَنَعَتَهَا بِكُلِّ حِكْمَةٍ واقْتِدَارٍ!وَقَالَتْ لِلعالَمِ لَيسَ الحَجُّ مَيْدَانَاً لِلنِّزَاعَاتِ أو الشِّعَارَاتِ السِّيَاسِيَّةِ!ألا فَلتَعْلَمُوا يَا رَعَاكُمُ اللهُ أنَّ حُكُومَتَنَا المُوَفَّقَةَ بِإذْنِ اللهِ تَعَالى تَنْئ بِنَفْسِهَا أنْ تَجْعَلَ الحَجَّ مُسَيَّسَاً أو مَجَالاً لِلْمُسَاوَمَاتِ المَصْلَحِيَّةِ كَمَا تَدَّعِيهِ أقْلامٌ وَأقْوالٌ دَعِيَّةٌ! فَقَدْ أَخَذَتْ عَلى عَاتِقِهَا العَهْدَ وَالمِيثَاقَ أَنْ تَجْعَلَ البَيتَ الحَرَامَ لِلمُسْلِمِينَ عَامَّةً,وَمَا ضُيُوفُ الْمَمْلَكِةِ وَتَنَوُّعُهُمْ وَأعْدَادُهُمْ إلاَّ أوضَحُ بُرْهَانٍ لِذَلِكَ,فَاحْذَرُوا أَيُّهَا الحُجَّاجُ الكِرَامُ مِن دَعَاوى الجَاهِلِيَّةِ البَاطِلَةِ أو السِّيَاسَاتِ المَاكِرَةِ.فَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا).تقبَّل الله منَّا ومنكم صالحَ القولِ والعَمَلِ.عبادَ اللهِ:لَئِنْ مَضَى الحُجَّاجُ بِالأَجْرِ وَالغَنِيمَةِ فَفَضْلُ الله وَاسِعٌ,فَقد شَرَعَ لَنَا رَبُّنا صيامَ يومِ عَرَفَةَ!وجَعَلَهُ مُكفِّراً لِذُنُوبِ سَنَتَينِ كَامِلَتَينِ!كَمَا قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:«صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ». فَيَومُ عرفةَ يومُ إكمالِ الدِّينِ وإتمامُ النِّعمةِ فما أعظَمَهُ من يومٍ أَقْسَمَ اللهُ فيهِ وما أَجَلَّهُ من يومٍ يُباهي اللهُ فيهِ ويَستَجِيبُ فيهِ!فخيرُ الدُّعاءِ,دُعاءُ يومِ عرفةَ وخيرُ ما قالَهُ نَبِيُّنا مُحَمَّدٌ والنَّبيُّونَ قبلَه لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ المُلكُ ولهُ الحمدُ وهو على كلِّ شيءٍ قَديرٌ,فَعَظِّموا يومَ عَرفةَ وصومُوه,وحثُّوا أولادَكم وأهلِيكم,خاصَّةً أنَّهُ يَجتَمِعُ لَنَا فَضلانِ يومُ عَرَفَةَ وَيَومُ الخَمِيسِ!وَأَبْشِرُوا يامؤمنونَ:فقد شَرَعَ لَنا ربُّنا كَذَلِكَ ما نُشارِكُ به الحُجَّاجَ من ذَبحِ الأَضَاحي فَهي مِن أَعْظَمِ شَعَائِرِ الدِّينِ وَهِيَ سُنَّةُ أَبِينَا إبراهيمَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ:(قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ). الأضاحي من أَجَلِّ العِبَادَاتِ وأَحبِّها إلى اللهِ تَعَالَى ولَمَّا سُئِلَ رَسولُ الله عن الأضاحي قالَ:«سُنَّةُ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ».وقد قالَ بوجوبِها عَدَدٌ من العلماءِ لقولِ الرَّسولِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ وَلَمْ يُضَحِّ,فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا».قَالَ الشَّيخُ ابنُ العُثَيمِينَ رَحِمَهُ اللهُ:وَالقَولُ بِالوُجُوبِ أَظهَرُ بِشَرْطِ القُدرَةِ, أَمَّا الْمَدِينُ فإنَّه لا تَلزَمُهُ الأُضحِيَةُ بل إنْ كان عليه دَينٌ فَينبَغي أنْ يَبدَأَ بالدَّين قبلَ الأضحيةِ. أيُّها الكرامُ:وبعضُ إخوانِنا قد يتذمَّرُ من ارتفاعِ أَسعَارِ الأَضاحي!أومِن الظُّرُوفِ المَعِيشِيَّةِ الحَاضِرَةِ, فَيجعَلُ ذلك مُبرراً لِعدمِ الشِّراءِ وهو قَادِرٌ ومُوسِرٌ!والعَجِيبُ أنَّنا قد نُنفِقُ أَضعَافَ هذهِ المَبَالِغَ في قِطعةِ أثاثِ منزليَّةٍ أو في سَفْرَةٍ عَائِلِيَّةٍ!ونَتَكاثرُ سِعرَ أُضحيةٍ سنويَّةٍ!فَدَعْ عَنْكَ كَيدَ الشَّيطانِ,فَإنَّهُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ!وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ المَغْفِرَة وَالفَضْل!وبَعضُنا قد يُفَاخِرُ بِالأَسْعَارِ عِنْدَ النَّاسِ فَيَقولُ:اشتَريتُ بِأَغْلَى الأَثْمَانِ,أَو أَطْيَبِ مَا فِي السُّوقِ,فَكأَنَّهُ يَمُنُّ بِذَلِكَ على اللهِ,واللهُ تَعَالَى يَقُولُ:(بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ( اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ لا إله إلا اللهُ و اللهُ أكبرُ و اللهُ أكبرُ وللهِ الحمدُ, أقولُ ما تَسْمَعُونَ واستغفرُ الله لي ولكم فاستغفروه إنَّه هو الغَفُورُ الرَّحيمُ.
الخطبة الثانية:الحمدُ للهِ وحدَهُ,نَشهدُ ألا إلهَ إلاَّ اللهُ سُبحانَهُ وبِحمدِهِ,ونَشهدُ أنَّ مُحمدَاً عبدُ اللهِ ورسولُهُ,صلَّى اللهُ وسلَّم وبَارَكَ عليهِ وعلى آلِهِ وصَحبِهِ,وَمَنْ تَبِعَهُم بِإحْسَانٍ وإيمَانٍ إلى يَومِ الدِّينِ, أمَّا بعدُ:فاتَّقوا اللهَ يا مُؤمنونَ واشكروا اللهَ على نِعَمِهِ وفَضلِهِ,فقد تفضَّل علينا بالتَّقرُّبِ إليهِ بِذبْحِ الأَضَاحِي فَقَالَ تَعالى:(فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ).وإنَّ لِلأضاحِي أَحْكَامٌ وَحِكَمٌ:فَمِنْ أَحْكَامِهَا أنَّ الأصلَ أنْ تكونَ الأُضْحِيَةُ عَن الأَحْيَاءِ وَيَجُوزُ أَنْ يُشرِكَ مَعَهُ فِي الأَجْرِ مَنْ أَرَادَ أَحْيَاءً وَمَيِّتِينَ, لِذَا أَنْصَحُ أَنْ تُشرِكُوا مَعَكُمْ والِدِيِكُم في كُلِّ عملٍ صالِحٍ فَفَضلُ اللهِ واسِعٌ,وجُودُهُ ليسَ لهُ حدٌّ.وَيُشتَرَطُ في الأَضاحي أنْ تكونَ من بَهيمةِ الأَنعامِ وهي الإبلُ والبَقَرُ وَالغَنَمُ,وَأَنْ تَبلُغَ السِّنَّ المُعتَبَرَ شَرعَاً,وَأَنْ تَكُونَ سَالِمَةً مِن العُيوبِ فَقَد سُئل رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:مَاذَا يُتَّقَى مِن الأَضاحِي فَأَشَارَ بِيدِه فَقَالَ:«أَرْبَعَاً الْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا وَالْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لاَ تُنْقِي».وَيسأَلُ البَعضُ عن الْخُرَّاجِ في الأُضحيةِ وهو الطَّالُوعُ؟فَيقولُ ابنُ العُثيمِينَ رَحِمَهُ اللهُ: إنْ كان الطَّالُوعُ حَيَّاً مُفسِداً لِمَا تَحتَهُ من الَّلحمِ فلا تُجزئُ الأُضحيةُ وإنْ كان مَيتَاً فلا يَضُرُّ.وَيُشْتَرطُ فِي الأُضْحِيَةِ أَنْ تَكُونَ مُلْكَاً لِلمُضحي أو مَأذُونَاً لَهُ فيها.وبعضُ النَّاسِ يتأخَّر في تَسديدِ المَبلغِ أو يُمَاطِلُ فِيهِ وَهَذا لا يَجُوزُ أَصْلاً فَكيفَ إذا تَعلَّقَ بِنُسُكٍ!؟وآخِرُ الشُّروطِ أَنْ يَكُونَ الذَّبحُ في الوَقتِ الْمُحدَّدِ شَرعاً مِنْ بعدِ صلاةِ العيدِ إلى آخِرِ أيَّامِ التَّشريقِ,قَال رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ عَجَّلَهُ لأَهْلِهِ لَيْسَ مِنَ النُّسُكَ فِي شيءٍ».عبادَ اللهِ:طِيبُوا بِالأُضْحِيَةِ نَفْسَاً واستَسمِنُوها وأَخْلِصُوا بِهَا للهِ تَعَالَى:«فإنَّ اللهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلاَّ طَيِّباً».تَقَبَّلَ اللهُ منَّا ومنكم صالِحَ القولِ والعمَلِ.أيُّها المؤمنون:عيدُ الأَضحى شِعَارُنا به نَفْخَرُ ونَسعَدُ,ونتقرَّبُ إلى اللهِ ونَسجدُ, فحضورُهُ عبادَةٌ,والتَّخَلُّفُ عنهُ خَسَارَةٌ,وَقَد أَمَرَنَا رَسُولُنَا بِحُضُورِهِ,بَلْ حَتَّى العَواتِقَ وهُنَّ البَنَاتُ البَالِغَاتُ,وذواتُ الخُدُورِ وهنَّ الصَّغيراتُ,بل حَتَّى الحُيَّضَ أَمَرَهُنَّ أَنْ يَخْرُجنَ لِصَلاةِ العِيدِ وَأَنْ يَشْهَدْنَ الخَيرَ ودَعْوَةَ المُؤمِنِينَ!فَكيفَ بِالشَّبَابِ وَالرِّجالِ الأَقْوِيَاءِ,يُسَنُّ لَنَا مَعاشِرَ الرِّجَالِ الاغتِسَالُ والتَّطيُّبُ ولُبسُ أَحْسَنِ مَا نَجِدُ,أَمَّا النِّساءُ فَيَخرُجنَ مُحتَشِمَاتٍ غيرَ مُتَطَيِّبَاتٍ,والسُّنةُ أن نَذْهَبَ مَشْيَاً على الأَقدَامِ ولا نَأكُلَ شَيئَاً قَبلَ الصَلاة حتى نَأكُلَ من الأُضحيةِ وأنْ نَذهبَ من طَريقٍ ونَعودَ من آخرَ وَمِنْ فَضْلِ اللهِ علينا هذا العامِ أنَّهُ سيجتَمعُ لَنَا عِيدَانِ عيدُ الأضحى ويومُ الجُمُعَةِ وقد حَدَثَ ذلِكَ في عهدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ:«إِنَّهُ قَدِ اجْتَمَعَ عِيدُكُمْ هَذَا وَالْجُمُعَةُ وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ،فَمَنْ شَاءَ أَنْ يُجَمِّعَ فَلْيُجَمِّعْ».فَلَمَّا صَلَّى الْعِيدَ جَمَّعَ.قالَ أهلُ العلمِ:أنَّ مَن حضرَ صلاةَ العيدِ فَيُرَخَّصُ لهُ بِعَدَمِ حضُورِ صلاةِ الجُمَعَةِ,وإنْ حضَرَ الجُمَعَةَ كَذَلِكَ مَعَ العِيدِ فَهُوَ أَفْضَلُ وَأَوْلَى, وَمَنْ صَلَّى العِيدَ وَلا يَرْغَبُ بِحُضُورِ الجُمُعَةِ,فَعَلَيهِ أَنْ يُصلِّيَها ظُهْرَاً إذَا دَخَلَ وَقْتُ الظُّهْرِ المُعْتَادُ وَيُصَلِّيَهَا أَرَبَعَ رَكَعَاتٍ كَامِلاتٍ,يُصَلِّيَهَا مُنفَرِداً أَو فِي جَمَاعَةٍ فِي غَيْرِ المَسْجِدِ,فَإنَّ مَسْجِدَ الحَيِّ لا يَصْلُحُ فِي ذالِكَ الوَقْتِ أنْ يُؤذَّنَ فيهِ ولا تُقَامَ فِيهِ صَلاةُ الظُّهْرِ.وإنَّا أيُّها الكرامُ:سَنَقومُ في هذا الجامعِ بِإذنِ اللهِ تعالى بِإقامَةِ صلاةِ العِيد في السَّاعةِ السَّادِسَةِ تَمَامَاً,وَسَنقُومُ كَذَلِكَ بِمَشِيئَةِ اللهِ تَعَالى بِصَلاةِ الجُمَعَةِ فِي وَقتِها المُعتادِ,كما توجدُ إعلاناتُ ِالمُصلَّياتِ والجوامِعِ على الأبوابِ. عبادَ اللهِ:أكثروا من ذِكرِ اللهِ تعالى,فهو شِعَارُ هذهِ الأيَّامِ المَعلُوماتِ,ومن أفضَلُ أعمالِها!وارفعوا أصواتَكم بِذلِكَ خاصَّةً عند الخُروجِ لصلاةِ العيدِ,فقد كان رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَخرَجُ في العيدِ رَافِعَا صوتَهُ,وارفعوا أكُفَّ الضراعَةِ إلى اللهِ تعالى بقلوبِ حاضِرَةٍ فأنتم حَريُّونَ بالإجابةِ فنحنُ ننتَظِرُ فَرِيضةً من فرائِضِ اللهِ,وَكَثِيرٌ مِنْكُمْ صَائِمٌ للهِ تعالى,وفي عشرٍ فاضِلةٍ,ورَبَّنا رَحيمٌ كريمٌ,لا يَرُدُّ سائِلهُ (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ)فاللهم آت نفوسنا تقواها وزكِّها أنت خيرُ من زكاها،أنت وليها ومولاها.اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.اللهم اجعلنا ممن يستمعُ القولَ فيتبعُ أحسنَه، اللهم اغفر لنا ولوالدينا والمسلمين أجمعينَ.اللهم سهِّل على الحُجَّاجِ حَجَّهم,وَيَسِّر لهم أمورَهم,وَوَفِّقْ وُلاتَنا لِما تُحبُّ وترضى,وأعنهم على البر والعدلِ والتقوى,اللهم مَن أرادنا وَدِيننا وَأمننا يسوء فأشغلهُ في نفسه,اللهم انصر جُنُودَنا واحفظ جُدُودَنا والمسلمين أجمعينَ. ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.عباد الله:اذكروا الله الجليل يذكركم،واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر،والله يعلم ما تصنعون.
المرفقات
2-وَدَاعَاً-أيُّها-الحَاجُّ-الكَرِيمُ-3
2-وَدَاعَاً-أيُّها-الحَاجُّ-الكَرِيمُ-3