وحدة الكلمة ..

المهذب المهذب
1436/07/12 - 2015/05/01 04:01AM
هذه الخطبة مستفادة من خطبة للشيخ إبراهيم الحقيل وأخرى للشيخ صالح آل طالب .. وأراها مناسبة هذا الأسبوع


وحدةُ الكلِمَة
12/7/1436
الخطبة الأولى
الْحَمْدُ لِلَّهِ الْقَوِيِّ الْعَزِيزِ، الْحَمِيدِ الْمَجِيدِ; هَدَى الْمُؤْمِنِينَ لِتَوْحِيدِهِ، وَوَفَّقَهُمْ لِطَاعَتِهِ، وَجَمَعَ كَلِمَتَهُمْ عَلَى دِينِهِ، نَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَى وَكَفَى، وَنَشْكُرُهُ عَلَى مَا أَعْطَى وَأَسْدَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ; أَنَارَ الهُُ بِهِ الْقُلُوبَ مِنْ ظُلْمَتِهَا، وَجَمَعَ تَفَرُّقَهَا، وَوَحَّدَ كَلِمَتَهَا، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، اتَّقُوهُ فِي دِينِكُمْ فَتَمَسَّكُوا بِهِ، وَاتَّقُوهُ فِي أُمَّتِكُمْ فَانْهَضُوا بِهَا وَانْصُرُوهَا عَلَى أَعْدَائِهَا، وَاتَّقُوهُ فِيمَا أَنْعَمَ عَلَيْكُمْ مِنْ نِعَمٍ، وَمَا دَفَعَ عَنْكُمْ مِنْ نِقَمٍ، فَقَيِّدُوهَا بِالْطَّاعَاتِ، وَزِيدُوهَا بِالْشُّكْرِ، وَلَا تُزِيلُوهَا بِالمعَاصِي؛ فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوَءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ.
أَيُّهَا الْنَّاسُ، مَنِ اسْتَقْرَأَ الْشَّرِيعَةَ الْرَّبَّانِيَّةَ فِي بَابِ وَحْدَةِ الْكَلِمَةِ وَاجْتِمَاعِ الْقُلُوبِ، وَالتَّحْذِيرِ مِنِ اخْتِلَافِهَا وَتَفَرُّقِهَا؛ تَبَيَّنَ لَهُ مِقْدَارُ مَا أَولَتْهُ مِنْ عِنَايَةٍ بَالِغَةٍ لِهَذَا الْجَانِبِ الَّذِي بِهِ تَقْوَى الْأُمَّةُ وَيَتَحَقَّقُ عِزُّهَا، وَيَدُومُ أَمْنُهَا وَاسْتِقْرَارُهَا، وَلَا شَيْءَ أَكْثَرُ إِخِلالًا بِالْأَمْنِ وَلَا ضَرَرًا عَلَى الاسْتِقْرَارِ مِنِ اخْتِلَافِ الْكَلِمَةِ وَافْتِرَاقِ الْقُلُوبِ.
وَقَدْ اشْتَدَّتْ عِنَايَةُ الْنَّبِيِّ  بِبِنَاءِ المُجْتَمَعِ المُسْلِمِ عَلَى الْأُلْفَةِ وَالمَحَبَّةِ وَوَحْدَةِ الْكَلِمَةِ وَاجْتِمَاعِ الْقُلُوبِ، وَكَانَ مِنْ أَوَّلِيَّاتِ عَمَلِهِ  حِينَ وَطِئَتْ قَدَمُهُ المَدِينَةَ المُؤَاخَاةُ بَيْنَ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ. وَكَانَ مِنْ سِيَاسَتِهِ  مَعَ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَنَّهُ يَقْضِي عَلَى أَيِّ بِادِرَةِ اخْتِلَافٍ بَيْنَهُمْ فِي مَهْدِهَا، وَلَا يَتَهَاوَنُ فِي ذَلِكَ أَبَدًا، بَلْ نَجِدُهُ وَهُوَ الْرَّفِيقُ الْرَّحِيمُ يُغْلِظُ المَقَالَ فِي هَذَا المَقَامِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ؛ لِعِلْمِهِ أَنَّ نَارَ الْخِلَافِ وَالْفُرْقَةِ وَالْفِتْنَةِ إِذَا تَوَقَّدَتْ فَمِنَ الْعَسِيرِ إِطْفَاؤُهَا، عَيَّرَ رَجُلٌ رَجُلًا بِأُمِّهِ فَقَالَ : ((أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ؟! إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ)).
وَفِي إِحْدَى مَغَازِيهِ تَثَاوَرَ المُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَارِ، وَقَالَ المُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَقَالَ الْنَّبِيُّ : ((مَا بَالُ دَعْوَى جَاهِلِيَّةٍ؟!)) وَقَالَ: ((دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ)).
وَلمّا قَسَمَ  مَالًا بَيْنَ المُهَاجِرِينَ وَوَجَدَ الْأَنْصَارُ فِي أَنْفُسِهِمْ شَيْئًا جَمَعَهُمْ وَخَطَبَ فِيهِمْ قَائِلًا: ((يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلَّالًا فَهَدَاكُمْ اللهُ بِي؟! وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمْ اللهُ بِي؟! وَمُتَفَرِّقِينَ فَجَمَعَكُمْ اللهُ بِي؟!)) فَأَقَرُّوا لَهُ بِذَلِكَ، فَطَيَّبَ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّ الْنَّاسَ إِنْ فَازُوا بِالْأَمْوَالِ فَالْأَنْصَارُ ظَفِرَتْ بِرَسُولِ الله  تَحُوزُهُ إِلَى رَحْلِهَا.
فَتَأَمَّلُوا كَيْفَ كَانَ النَّبِيُّ  يَحْرِصُ عَلَى وَحْدَةِ الْكَلِمَةِ، وَيُزِيلُ مَا قَدْ يَعْلَقُ فِي الْقُلُوبِ فَيُؤْثِّرُ عَلَيْهَا.
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ، إِنَّهُ لَا شَيْءَ أَعْظَمُ خَطَرًا عَلَى وَحْدَةِ الْكَلِمَةِ مِن افْتِرَاقِ الْدِينِ؛ فَإِنَّ الْتَّخَلِّيَ عَنِ الْدِينِ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ هُوَ الْسَّبَبُ الْرَّئِيسُ لِزَوَالِ الْوَحْدَةِ وَحُدُوثِ الْفُرْقَةِ، وَأُمَّةُ الْعَرَبِ فِي جَاهِلِيَّتِهَا كَانَتْ أَمَةً مُّسْتَبَاحَةً مُسْتَضَامَةً بِسَبَبِ فُرْقَتِهَا، فَلَمَّا جَمَعَهَا اللهُ تَعَالَى بِالْإِسْلَامِ وَوَحَّدْ كَلِمَتَهَا سَادَتْ أُمَمَ الْأَرْضِ، وَحَكَمَتِ الْنَّاسَ قُرُونًا كَثِيرَةً.
إِنَّ مَنْ تَأَمَّلَ آيَاتِ الْذِّكْرِ الْحَكِيمِ فِي الْحَثِّ عَلَى الْوَحْدَةِ وَالْنَّهْيِّ عَنِ الْفُرْقَةِ يَجِدُهَا تُؤَكِّدُ عَلَى الْتِزَامِ الدينِ لِتَحْقِيقِ هَذِهِ الْوَحْدَةِ؛ فَأَمَرَتْ بِالْتَّمَسُّكِ بِحَبْلِ الله تَعَالَى الَّذِي هُوَ دِينُهُ أَوْ كِتَابُهُ أَوْ عَهْدُهُ، وَنَهَتْ عَنِ الْفُرْقَةِ؛ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَدَمَ الَّتَمَسُّكِ بِالْدِّينِ سَبَبٌ لِلْفُرْقَةِ ((وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا)). وَوَصِيَّةُ الله تَعَالَى لَنَا وَلِمَنْ قَبْلَنَا كَانَتْ: ((أَنْ أَقِيمُوا الْدِينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ))، فَإِقَامَةُ الْدِينِ سَبَبٌ لِلْوَحْدَةِ كَمَا أَنَّ تَفَرُّقَ الْدِينِ سَبَبٌ لِلْفُرْقَةِ؛ وَلِذَا بَرَّأَ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ  مِمَّنْ فَرَّقُوا دِينَهُمْ فَاخْتَلَفَتْ كَلِمَتُهُمْ؛ فَصَارُوا شِيَعًا مُتَنَاثِرَةً وَأَحْزَابًا مُتَنَاحِرَةً، ((إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ))، وَنَهَانَا اللهُ تَعَالَى أَنْ نَسْلُكَ مَسْلَكَهُمْ لِئَلَّا تَفْتَرِقَ قُلُوبُنَا: ((وَلَا تَكُونُوا مِنَ المُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا)).
وَلِأَهَمِّيَّةِ وَحْدَةِ الْكَلِمَةِ يُذَكِّرُنَا رَبُّنَا سُبْحَانَهُ بِحَالِ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ، فَفَقَدُوا بِسَبَبِهِ الْتَّفْضِيلَ عَلَى الْعَالَمِينَ، وَجَرَتْ بَيْنَ طَوَائِفِهِمْ المُتَفَرِّقَةِ حُرُوبٌ طَاحِنَةٌ أَفْنَتْ بَشَرًا كَثِيرًا، ((وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ)).
وَأَرْشَدَ الْنَّبِيُّ  عِنْدَ اخْتِلَافِ الْنَّاسِ وَانْتِشَارِ الْفُرْقَةِ فِيهِمْ إِلَى لَزُومِ سُنَّتِهِ وَالَّتَمَسُّكِ بِهَا لِلْسَّلَامَةِ مِنَ الْزَّلَلِ وَالْوَقَايَةِ مِنَ الْفِتْنَةِ، فَقَالَ : ((مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسَنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْرَّاشِدِينَ المَهْدِيِينَ، عَضُوا عَلَيْهَا بِالْنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَالمُحْدَثَاتِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ)).
كُلُّ هَذِهِ الْقَوْاعِدِ الْرَّبَّانِيَّةِ وَالْإِرِشَادَاتِ الْنَّبَوِيَّةِ هِيَ لِأَجْلِ المُحَافَظَةِ عَلَى الْوَحْدَةِ وَالْقَضَاءِ عَلَى الْفُرْقَةِ؛ وَلِذَا فَإِنَّ مَنْ يَدْعُونَ إِلَى تَرْكِ الْدِّينِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ هُمْ مِنْ أَكْبَرِ دُعَاةِ الْفُرْقَةِ وَالْفِتْنَةِ وَلَوِ ادَّعَوا الْإِصْلاحَ وَالمَصْلَحَةَ؛ لِأَنَّ افْتِرَاقَ الْدِينِ بِأَخْذِ بَعْضِهِ وَتَرْكِ بَعْضِهِ سَبَبٌ لِلْفُرْقَةِ، كَمَا أَنَّ الْتَّمَسُّكَ بِهِ كُلِّهِ سَبَبٌ لِلْوَحْدَةِ.
وَإِذَا عُلِمَ شَأْنُ وَحْدَةِ الْكَلِمَةِ فِي الْشَّرِيعَةِ وَالْنَّهْيُّ عَنِ الْفُرْقَةِ فَإِنَّ مِنْ كَيَاسَةِ الْعَقْلِ وَكَمَالِ الْفَهْمِ أَن لَا يَنْسَاقَ المَرْءُ إِلَى مَنْ يُرِيدُ تَصْدِيعَ هَذِهِ الْوَحْدَةِ؛ لِمَا يَرَاهُ ظُلْمًا قَدْ وَقَعَ عَلَيْهِ، أَوْ حَقًّا لَمْ يُؤَدَّ إِلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إِنْ فَقَدَ بَعْضَ حَقِّهِ حَالَ الْوَحْدَةِ فْسَيَفقِدُهُ كُلَّهُ إِذَا وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ، وَلَنْ يَأْمَنَ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا عِرْضِهِ وَلَا مَالِهِ.
وَإِذَا كَانَ أَهْلُ السِّيَاسَةِ قَدْ اصْطَلَحُوا عَلَى أَنَّ الْحُقُوقَ تُنْتَزَعُ وَلَا تُوهَبُ؛ فَإِنَّ الْإِرْشَادَ الْرَّبَّانِيَّ الَقُرْآنيََّ أَثْبَتُ وَأَنْفَعُ لِلْنَّاسِ، وَهُوَ قَوْلُ الله تَعَالَى: ((وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوَا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ))، فَوَحْدَةُ الْكَلِمَةِ سَبَبُ كُلِّ خَيْرٍ، كَمَا أَنَّ افْتِرَاقَهَا سَبَبُ كُلِّ شَرٍّ، وَلَا سِيَّمَا مَعَ كَثْرَةِ المُتَرَبِّصِينَ وَتَسَارُعِ الْأَحْدَاثِ وَتَوَتُّرِ الْأَوْضَاعِ وَاتِّسَاعِ الْهَرْجِ فِي الْبَشَرِ.
نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَجْمَعَ قُلُوبَنَا عَلَى الْحَقِّ، وَأَنْ يُوَحِّدَ كَلِمَتَنَا عَلَى أَعْدَائِنَا، وَأَنْ يُبْعِدَ أَسْبَابَ الْشِّقَاقِ وَالِافْتِرَاقِ عَنَّا وَعَنْ إِخْوَانِنَا المُسْلِمِينَ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.
وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ...

الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لله حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الْدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَىَ الله ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ".
أيها المسلمون، إن المقامَ مقامُ حمدٍ لله تعالى وثناء، لا مقام فخرٍ ورياء، وحين تُذْكر النعم فإنه لأجلِ شكرِ مُسْدِيها، وحَمْدِ بارِيها: ((وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْ اللَّهِ)) وليزدادَ تشبّثُ المسلمِ بها وبأسبابها الجالبةِ لها.
عباد الله، في عالمٍ يُتَخَطَّفُ فيه الناسُ من حولنا، وتُفْنَى فيه شعوب، في عالم مضطرب بالحروب والاعتداءات، والفوضى والانقلابات، وانفلات الأمن واحتلال الديار، والتفجير والاغتيالات، في خضمّ هذه الصراعات تظلّل سحابةُ الأمنِ والاستقرارِ بلادَ الحرمين الشريفين، وتمطر مُزْنةٌ الأمن هدوءًا وسكينة، ألا يستحقّ هذا تفكّرًا وتدبّرًا وحمدًا وشكرًا؟!
إنها نعمةٌ عظيمة لا يُقدّرها إلا من فقدها، ((أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ)). إن هذا الأمنَ الوارِف، واجتماعَ الكلمة من غير مخالف؛ لهو إحدى ثمراتِ التوحيدِ الذي أنعم اللهُ به على هذه البلاد، وقد قال الحقُّ سبحانه: ((الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ)).
حفظ اللهُ بلادَنا وبلادَ المسلمين من كل سوء ومكروه، وأَدامَ علينا وعلى المسلمينَ نعمةَ الأمنِ والإيمان، والحمد لهث ربِّ العالمين.
هذا وَصَلُوا وَسَلِّمُوا على خير البرية...

المشاهدات 1639 | التعليقات 0