وجوب صلاة الجماعة

عايد القزلان التميمي
1446/03/09 - 2024/09/12 11:11AM
الحمد لله الذي جعل الصلاة كتابا موقوتا على المؤمنين، وأمر بإقامتها والمحافظة عليها، وأدائها مع جماعة المسلمين. أحمده على نعمه، وأشكره على جزيل منّه وكرمه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، توعّد من تخلّف عن صلاة الجماعة بأشد الوعيد، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تمسك بسنّته وسار على نهجه إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد فيا عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله في السر والعلن . أيها المؤمنون : قال الله تعالى ﴿ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾
وإن من أعظم النعم على المسلمين صلاة الجماعة ، لأن فيها المصالح والحكم والفوائد العظيمة لمن  أداها كما أمر الله تعالى بأدائها فقال تعالى: وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلوٰةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱرْكَعُواْ مَعَ ٱلرَّاكِعِينَ
عباد الله ويعتقد بعض المسلمين، أن صلاة الجماعة ليست بواجبة ، وهذا اعتقاد ومع الأسف لا أساس له من الصِّحة، ومخالف للأدلة الشرعية المعتبرة من كتاب الله عز وجل، ومن السنة الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، التي تدل وتؤكد أن صلاة الجماعة واجبة، وأن الذي يصلي في بيته بدون عذر على خطر عظيم،
. أيها المسلمون، وصلاة الجماعة واجبة على الرجال، في الحضر والسفر، وفي حال الأمن وحال الخوف، وجوباً عينياً، والدليل على ذلك الكتاب والسنة، وعمل المسلمين قرناً بعد قرن، ومن أجل ذلك أقيمت المساجد، ورُتِب الأئمة والمؤذنون، وشُرِع لها النداء بأعلى صوت، "حيّ على الصلاة، حيّ على الفلاح"
وقال تعالى آمراً نبيه أن يقيم صلاة الجماعة في حال الخوف:  وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ ٱلصَّلَوٰةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مّنْهُمْ مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَىٰ لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ  
فدلت هذه الآية الكريمة على وجوب صلاة الجماعة، حيث لم يرخّص للمسلمين في تركها في حال الخوف،
فهذا من أعظم الأدلة على وجوبها.
واعلموا عباد الله أن أول عمل بدأ به الرسول  حين قدم المدينة بناء المسجد لأداء الصلاة فيه، وشرع الله النداء لصلاة الجماعة ،
و كان رسول الله يتفقد الغائبين ويتوعد المتخلفين، وذلك من أجل صلاة الجماعة.
وقد شهد الله سبحانه وتعالى لمن يحافظ على صلاة الجماعة في المساجد بالإيمان حيث يقول سبحانه: إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَـٰجِدَ ٱللَّهِ مَنْ ءامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلاْخِرِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءاتَىٰ ٱلزَّكَوٰةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ ٱللَّهَ فَعَسَىٰ أُوْلَـئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ ٱلْمُهْتَدِينَ. وقد أخبر الرسول على أن الذي يداوم على صلاة الجماعة وقلبه معلق بها وبالمسجد فإنه يكون في ظل الله تعالى يوم القيامة فذكر وقال: ((سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله)) وذكر منهم: ((ورجل قلبه معلق في المساجد)) ويقول الحبيب صلى الله عليه وسلم : (( ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان، فعليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية )) رواه أحمد والنسائي.
ويشدد النبي  صلى الله عليه وسلم  النكير على المتهاون بها فيقول: (( والذي نَفْسِي بيَدِهِ لقَدْ هَمَمْتُ أنْ آمُرَ بحَطَبٍ، فيُحْطَبَ، ثُمَّ آمُرَ بالصَّلاَةِ، فيُؤَذَّنَ لَهَا، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ، ثُمَّ أُخَالِفَ إلى رِجَالٍ، لا يشهدون الصلاة فَأُحَرِّقَ عليهم بُيُوتَهُمْ )) متفق عليه.
 ولم يأذن النبي صلى الله عليه وسلم  للأعمى الذي جاء يطلب الرخصة في ترك صلاة الجماعة .
وبشّر صلى الله عليه وسلم المشائين إلى المساجد في الظلمات بالنور التام يوم القيامة.
وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الله يُعِدُّ نُزلاً مكاناً في الجنة للمحافظة على الجماعة، .
فاتقوا الله أيها المسلمون،  ويا من تُدعى إلى المسجد فلا تجيب، ويُطلب منك الحضور فتغيب، سوف تندم مع النادمين (( يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ  خَـٰشِعَةً أَبْصَـٰرُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُواْ يُدْعَوْنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ وَهُمْ سَـٰلِمُونَ )).
فاتقوا الله في أنفسكم، واتقوا الله في أولادكم، ممن وجبت في حقهم صلاة الجماعة، لأن  التخلف عن صلاة الجماعة ليس بالأمر الهين ، فهل أنت لم تسمع الآيات والأحاديث، أو سمعتها وقلت: سمعنا وعصينا.
فاتقوا الله عباد الله وأجيبوا نداء الله ،
يٰقَوْمَنَا أَجِيبُواْ دَاعِىَ ٱللَّهِ وَءامِنُواْ بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ   وَمَن لاَّ يُجِبْ دَاعِىَ ٱللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِى ٱلأَرْضَ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء أُوْلَـئِكَ فِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ
بارك الله لي ولكم...
الخطبة الثانية
الحمد لله، أمر عباده بالصلاة فقال: { وأقيموا الصلاة وأتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين } وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، مدح المؤمنين الذين هم على صلاتهم دائمون، والذين هم على صلاتهم يحافظون ، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله إمام الركع السجود .
أما بعد فيا عباد الله :  إن صلاة الجماعة ، تفضل على صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة، فأي فضل أعظم من هذا،
و صلاة الجماعة فيها تعاون على البر والتقوى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، و اجتماع كلمة المسلمين، وائتلاف قلوبهم، وتعارفهم، وتفقد بعضهم لأحوال بعض.
وفي صلاة الجماعة ومظهرُ التعاطف والتراحم.
وصلاة المسلم في جماعة، أقرب إلى الخشوع وحضور القلب والطمأنينة،
. وصلاة الجماعة في المسجد اقتداءً بهدي النبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح.
وصلاة المسلم في جماعة، تجعله في عداد الرجال الذين مدحهم الله ووعدهم بجزيل الثواب في قوله سبحانه: ((فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ))
عباد الله صلوا وسلِّمُوا على رسول الله .
المرفقات

1726128710_وجوب صلاة الجماعة.docx

المشاهدات 151 | التعليقات 0