وجاء شهر رمضان
أحمد عبدالله صالح
خطبــــة جمعــــــة بعنــــــــوان :
[ وجـــاء شَهْـــــــرُ رمضـــــــــان ]
إعـــــــداد وتنظيــــم وإلقـــاء :
الاستـــاذ/ احمــــد عبـداللَّـه صــالح
خــطيب مسجــــد بـــلال بـن ربــاح/
الجمـــهوريـه اليمنيـــه - محــافظـة إب .
ألقيــت في 10 مــــارس 2019 م
المـوافـــق 5 رمضـــــان 1440هـ
أمــا بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
ايهـــا الأحبــــاب الكــــــرام روّاد مـسجد بـــلال :
ونحــن في أوائـل هــذا الشهــر الكـــريم الذي هـو
منحــة من الله عــزوجــل لعبـــاده المــؤمـنين
وأولياءه المتقـــين ..
والمنحـــة مـن الله عـزوجـل تكــون نعمةٌ وتكــون لعنـةٌ ونقمــةٌ فــي آنٍ واحــــد ..
تكــون نعمـــــــةٌ على منْ منَّ الله عزوجل عليه وألهمه رشــده فـي آدائهــا والحفــاظ عليها ..
وتكـــون لعنـةٌ ونقمــةٌ على مـن لم يرحمه الله عزوجل ، وعلى من لم يقدرها قدرها ومن لم يقدرها قدرها فإنّ الله عـزوجـل يجعلها عليه حجــةٌ فــي الدنيا والآخـــره ..
نعـــــــم يـاكـــــــرام :
نعمُ الله عزوجل رحمــةٌ للصالحين ، رحمةٌ للمؤمنين
رحمـةٌ للمتسابقين والمتنافسين ..
ولعنةٌ على المتعــثرين ، على المتســاقطـــين
على الكســـالى ، على اهــل الشهـــوات ، على البعيديــن عنه عــزوجــل ...
ألم تـروا أن القــرآن الكــريم يُخـبر على أنّ أقــوام
ينتفعــون به ويكــون لهـم رحمــة وإيمــان بينمــا
يكــون على آخــرين نجســاً ويــزيدهــم عــن الله بعــداً :
[ وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَٰذِهِ إِيمَانًا ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ • وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَىٰ رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ ] التوبه 124 / 125
وقـس على ذلك كــل شعــيرة ٍمن شعــائــر الإســلام ، فإمــا أن تكــون لك نعمــة ووسيلة
تتقــرب بهــا الى الله ، وإمّــا أن تكــون عليك حجــةٌ تقــاد بهــا إلى النــار يوم القيامه ..
ومــن تلكــم النعــم نعمــةُ هــذا الشهــر
الذي يقــدرُ قــدره الصــادقــون والعــالمــون
والــذي يعــرفُ أهميتــه وحقــه العــارفــون بـربهــم ..
أمــا الجــاهلــون فهــم يحسبــونه أكــلاً وشــرباً
ويحسبــونه تسليةً وسمــراً ونومـــا ..
نــومــاً في النهــار ، وسهــراً ضائعاً في الليل أمــام الوسـائل ..!
وســائل الغــي والظــلال ..!
وســائل الضيــاع والتيه ..!
وســائل اللهــو والعبث ..!
وهــــؤلاء ونســأل الله ألاّ نكــون منهـــم ..
هــــؤلاء مــن الــذين أشقــاهم الله في رمضــان .!
ويا ويل مــن يشقــى فـي هــذا الشهــر .!
يا ويل مــن يتعـرضُ لنفحـاتِ ربِّ العالمـين وهـو عنهـا معــرض ، وهـو عنهـا مــن الغافلــين ..!
ويــلٌ لـه ثـــمّ ويـــلٌ لـه ..!!
لأنّ هــذه النفحـــات هي السـٓبب المــوصل الـى رحمــــاتِ الله ..!
فالله عـزوجـل اقـام أمــره ، واقــام رحمتــة علـى الأسبـــاب ومن الاسبــابِ المــوصّلةِ الى رحمتــه عــزوجــل هــذه النفحــات ..
{ الصلــواتُ الخمــس ، والجمعــةُ الـى الجمعــة
ورمضــانُ الـى رمضــان ، مكفــراتٌ لما بينهــنّ إذا اجتُنبت الكبـــائــر }
كـذلكــم هــذه النفحــات مـاهـي إلاّ اسبــاب تُذّكــرُ المسلمــين بـواجبهــم نحــو ربهــم سبحانه
واجبهــم عبيــداً نحــوه ، وفي عبادته أولاً :
" صيامــاً ، قيامــاً ، ركوعــاً ، سجــوداً ، ذكــراً ، تسبيحــاً ، استغفــاراً ، تـلاوةً ، دعــاءً ، إنفاقــاً ، احسانـاً ، رحمــةً ، صلةً .... الى اخر ذلك
كذلك تـذكـرهـم بـواجبهـم الجماعي نحـو امتهـم
كالجهـاد في سبيل الله ، وتحرير المقـدسـات ، وكالحيـاة مــن أجــلِ هــذا الــدين ، والحكــم بمـا أنــزل الله ..!
فإنك اخــــي المسـلم تـرتبـط بإخــوانك فـي أسقــاع الأَرْضِ وفـي أرجــائهــا بسـاعةٍ تمسـكُ فيها عن الطعــام وسـاعةٍ تُفطــرُ فيهــا ، وكـأنّ الصيــام يقــول لك :
يا أخــي الكــريم تذكــر أنّك عضــو في هذا العالم ، عضــوٌ في هــذا الجســم الاسلامي الموجوع ، المتألم ، الجريح ، المدمي ، النزيف .!
عضــوٌ في هذا الجسم الاسلامي الذي يبكي الليل النهار ..!
عضــوٌ في هذا الجسم الاسلامي الذي يتآمر عليه المتآمرون ، ويكيدُ عليه الكائدون ، ويمزقه اليهود والصليبيون ..
هــذا الجســم أنت عضــوٌ فيه ولك إراده ، ولك عزيمه ، ولك نفس ، ولك قوه ، ولك مال ، ولك قدره ، ولك سمع ، ولك بصر .!!
انت انســانٌ مكلــف تستطيــع انْ تقــدمَ لهــذا الــدين شيئــاً ، وهــذا ما يُـذكــرك به شهــر رمضـان.!
كذلك يذكــرك شهر رمضــان بجنّة الله عزوجل .!
يذكــرك بمسكنك الذي ينتظرك .!
يذكــرك بيومك الذي كنت توعد .!
يذكــرك بميعادِ القــرآن لك :
[ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً * حَدَائِقَ وَأَعْنَاباً * ] النبأ 31
يقـــول عليه الصلاة والســـلام :
( إذا جاءَ رمضان فُتّحت ابواب الجنان وغلقت ابواب النيران وصفدت الشياطين )
إنّه نـداءٌ من الله عزوجل الى الناس كآفـه ..!
نـداءٌ للعصاة وكلنا عصاة ، الى المقصرين وكلنا مقصر ، الى المذنبين وكلنا مذنب ، الى المتأخرين وكلنا متأخر..!
نـداءٌ من الله عزوجل أن هلمّوا فإن ابواب الجنان مفتوحه ، وأبواب النيران مغلقه ، فلا عذاب في شهر رمضان ، كأنّه يقــول لك هذا :
" لا يأس ، لا قنــوط ، لا إحبـاط ، لا خــذلان ،
لا فــرار من الله ، لا تعـذّر بالذنب والمعصيه فإنّ أبواب النيران مغلقه ، فهلّمَ الى ربِّ العالمين لتراجع حساباتك معه ، ولتراجع حساباتك عمّا فرطت فيما مضى طوال عامك ، وطوال سنتك الماضيه ..
تتعلمُ اليـوم في شهـرِ رمضان اخـلاق الصيام
تتعلمُ فيه اخـلاق الربانيين ، تتعلمُ فيه العباده
تتعلمُ فيه الدعاء والنحيب والبكاء ، تتعلمُ فيه الاحساس والشعور بالآخرين ، تتعلمُ فيه الشكوى والتضرع الى الله ، تتعلمُ فيه الدقة والانضباط والنظام ، تتعلمُ فيه الإنفاق والصدقه ، تتعلمُ فيه الرحمة والشفقة ، تتعلمُ فيه العطف والمواساة
تتعلمُ فيه القران والذكر والتلاوه ، تتعلمُ فيه التسبيح والاستغفار والاعتذار ، تتعلم في رمضان الصبر والمعاناة ، تتعلمُ فيه الاقتصاد والتقشف
تتعلمُ فيه الوحده والتعاون ، تتعلمُ فيه كل هذه الاخلاق التى يَصعبُ حصرها ويَصعبُ استقصائها ممّا يتعلمه المسلم في شهر رمضان إنْ كان يصـومُ مع الصائمين الصادقين..
فهو يتخرجُ من شهــر رمضان إمرءًا ربانياً ، وإنساناً مثالياً وبفضل رمضان ومدرسته انقلب رأساً على عقب من العــادة الى العبــاده ، ومن الحــرام الى الحــلال ، ومن الظلـم الى العـدل ،
ومن الظـلام الى النـور ، ومن العقـوق الى البر ، ومن وحشة المعصيه الى أنس الطاعه ، ومن القطيعة والهجـران الى الاحسـان والصله ،
ومن هجـر المساجد الى حضورها والصلاة فيها
ومن الشـح والبخل الى الجـود والكـرم والعطاء والبذل ، ومن الجمـود والقعـود الى النهـوض والانطـــلاق ..!
نعـــم
شهــر رمضـان منطلقٌ لي ولك ، منطلقٌ لمن صَعُبَ عليه ان يستقيم ، منطلقٌ لمن صعب عليه ان يُسلمَ وجهه لله رب العالمين..
منطلقٌ ومدرسةٌ يتعلم فيها المتعثر كيف يقــوم ،
كيف ينهض ، كيف يستقيم..!
تجوع طوال النهار فتخبو شهوتك وتموت غريزتك وإذا بذلكم القلب القاسي المتحجر قد صار قلباً رقيقاً، قلباً ليناً ، قلباً رحيماً يمد يديه يارب يارب وهو الذي ماعُرفَ إلاّ على المعاصي ، وماعُرفَ إلاّ على الذنوب طوال أيامه وماعرفته الأيام إلاّ مقصراً ، وماعرفته الأيام إلاّ منافحاً ، إلاّ محاربا ، إلاّ مستسلماً لشهوته ولذته ، ومستسلماً لشيطانه وهواه ..
اليوم يجــوع ويجــوع ويجــوع فماذا يكــون .!؟
يرقُ قلبه ، وتغرورقُ عيناه ، وتتحركُ نفسه وتلين روحه ، فيدعو فتكون استعتاب ، وتكون توبه ، وتكون رجعه ، ويُصلحُ الله حاله ..!
والله هو الذي لايضيع عنده المعــروف ابـداً ،
فهو الشكور الحليم ، وهو الغفور الشكور ..
والشكــور هــو مــنْ ؟؟!
الشكـور هو الذي يكافيءُ على الإحسانِ إحسانا.
فهو سبحانه وتعالى يكافئك ولو تلطفت بكلمه ، ولو كنت بعيد عنه ، مثقلٌ بالذنوب ، مثقلٌ بالسيئات ، مثقلٌ بالمعاصي ..!
لاتقول لك نفسك كيف تدعوا وانت مثقلٌ بالذنوب ومثقلٌ بالسيئات ؟!
لا لا
بل ادعـوا ثم ادعـوا فربّ كلمة تخرجها من فمك يكتبُ الله لك بها رضـوانه الى ان تلقاه .
ربِّ دعــوة توقظك من نومك ، من غفلتك .
ربِّ دعــوة تُحررك من ربقة عبوديتك لغير الله.
ربّ دعــوة يرضى الله بها عنك ، وإذا رَضيَ عنك قمت ، واستقمت ، وصَلُحَ حالك فيك وفي نفسك وفي بيتك وفي اهلك وفي ولدك وفي حياتك وفي مالك وفي شئونك كلها ..
اللهُ لايضيعُ عنده المعـــروف فهـو القائل :
" انا عند ظنّ عبدي بي "
هكذا يقول الله جل جلاله كما روى ذلك عنه
نبينا صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح ..
" انا عند ظنّ عبدي بي "
الله يقول لك تعال يا عبدي ، احسن الظنّ بي وانا استجيب لك ، وانا افتح لك بابي ، وانا ارحمك ، وانا اغفر ذنبك ، وانا أُقيلُ عثرتك ، وانا ارفع درجتك ، وانا أُحسنُ ختامك ، وانا أُعطيك سؤلك .
( احسنِ الظنّ بي ) ولو كنت ماكنت ..
" انا عند ظنّ عبدي بي ، فليظنّ بي ماشاء ، وانا معه اذا ذكرني ..!
هو معك سميع ، بصير ، قريب ، مجيب ، اذا ذكرته ، إذا تحــرك قلبك ولـو حــركةً بسيطه ،
علـم الله فيك خيراً استجاب لك ورحمك ..!
الدعــــــــاء .!
وانتمُ في شهـرِ الدعاء ، وما أحوجنا الى الدعاء يا كــرام .!
مـا أحـوجنا الى الدعـــاء لأنفسنا .!
ومـا احـوجك الى دعوةٍ تنتشلك مما انت فيه ،
إلا ان تكون ممن لا يشكو نفسه وهمه وحاله الى الله!
إلاّ ان تكـون قد كُتبَ لك انّك من اهل الفردوس!
يمرُّ الحسنُ البصري رحمه الله على شابٍ يضحكُ بملء فيه ، على شابٍ يُقهقه فقــال له :
مـا يُضحكك يا غــــلام ؟! مـا يُضحكك !؟
هل مــررت على الصـــراط ؟!
قال : لا
قال : هل عُرضت على الحســاب فنجــوت ؟!
قال : لا
قال : هل آتاك الملكان الموكلان فسئلاك فنجوت ؟!
قال : لا
قال : هل حَسُنَ ختامك ومتّ على الايمـــان ؟!
قال : لا
قال : هل دخلت الجنة ونجــوت من النـار !؟
قال : لا
قال له : فعـــــلامَ تضحك !!
عــلامَ تضحك وورائك هذه الأحداث ،وهذه الأهوال التى تنام عنها وتغفُل .!
هذه الأهــوال التي ينام عنها كثيرٌ من الناس .!
يعتبر الامر سهلاً لأنه عاش مع أبناء جنسه يضحكون ويلهون ويمرحون ويقهقهون .!
عــاش مع أقــوام للجنّةِ لا يذكرون ، ومن النار لايفرون ولا يهربون ، والى الله لا يشتاقون .!
عــاش مع أقــوام همهم القيل والقال .!
عــاش مع أقــوام همهم المطعم والمشرب والراحه والنوم والدعه .!
عــاش مع أقــوام يتفاخرون بالدنيا ، يتفاخرون بالبناء ، بالعمارات ، بالقصور ، بالسيارات ، بالأموال ، بالارصده ، بالأراضي الشاسعه .
عــاش مع أقــوام يتفاخرون بالطول والعرض والقبح والجمال .!
عــاش مع أقــوام تفكيرهم دنيء .!
يقول الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم :
[ فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ] 29 النجم
اعــــرض عنه ، اعـــــرض عنه ..!
إنّ من يُذكّرك الدنيا يُنسيّك الرحمن جل جلاله .
يُنسيّك جنَّة الله .!
يُنسيّك اليوم الذي سنقفُ فيه بين يدي الله ونسأل حينها عن كل شيء . كـــــلِّ شـــيء..!
﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ •عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ ﴾
الحجر 92 / 93
فالحيــاة مع هؤلاء تجعلُ الانسان بليد الاحساس ، ميّت المشاعر ، يحسبُ انّ الجنّة قد قُربت له
أمّا اذا عشت مع الصادقين المؤمنين فإنك تعرفُ قدر نفسك وقيمة نفسك ..!!
ولذلك لايهم بعض الناس هذا الامر ، لايهمه امرُ الجنّه او امرُ النار ، ولا امر الحشر ولا الحساب ولا الوقوف ولا السؤال ..!
كــم من الأوائل السابقين من بكى !
وكــم من الأوائل من مات كمدا !
وكــم من الأوائل من انفطر قلبه وانخلع كبده !
وكــم من الأوائل من رُسمَ على وجهه خطان أسودان من البكاء!
وكــم من الأوائل من فارق الاهل والأحباب خائفاً من النار !
وكــم من الأوائل من لم يتلذذ بطعام او شراب !
وكــم من الأوائل ما عرف النوم ولا الراحه !
كم وكم وكم لانهم عرفوا ذلك اليوم الذي سيقابلون فيه ربّ العالمين ، انه يوم الفصل ، يوم الحساب ، يوم الجزاء ، يوم التغابن ، يوم القارعه ، يوم الزلزلة ، يوم الصاخه ، يوم الطامه ، يوم يقوم الناس لرب العالمين.
ولذلك انت أحـوج ما تحتاج هذه الايام الى دعوة في شهــر الدعاء والرسول الكـريم هو القائل :
( للصائـم عند الله دعـــوةٌ لاترد )
دعــوة وانت تتحرك الى الله عزوجل طوال يومك وفي اعمالك وواجباتك وانت مُخمص البطن ، ضامر الجسد ، مرهق الاعضاء ، متعب ، عطشان ، جائع من اجل الله عزوجل فتقول يارب يارب فيرحمك الله عــزوجل ...!
فما أحوجنا للدعاء !!
ما أحوجنا لدعــوة ترفع عنا إصرنا والاغلال :
أغلال الإنحراف ، أغلال المنكر ، أغلال العبوديه ، أغلال الضيق الذي يمر بأمتنا ، أغلال الفقر ، أغلال الغلاء ، أغلال الامراض والأوبئة النازله ، أغلال المعاصي والسيئات والشهوات التى أذلت النفوس ونكست الرؤوس وهانت الشخصيات
أغلال أغلال أغلال ما أحوجنا الى دعوةٍ ترفعها عنا ، ما أحوجنا الى دعوةٍ صادقه والله يقول :
[ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ...] البقرة 186
بــــارك الله لــــي ولكـــم بالقـــــــران العظيـــم ونفعنــي وإيــاكــم بمــا فيه مـن الآيـــات والـذكـــر الحكـــيم وأقـــــــول مـا سمـعتـــم واستغفـــروا اللـَّه لـي ولــكم مــــن كل ذنـب فيـــا فــــــوز المستغفـــريـــن ويــا نجــــــاة التـــــائبــــــين ..
الخطبــــــــــــــــــــــــــــه الثانيــــه :
أمــا بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
احبتــــــي الگـــــــرام .. روّاد مســجد بــلال :
[ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ... ]
الله يقول لك أنّه قــريب .....!
ويالها من لفظة وما ادفئها يخاطب بها الله عزوجل العبد المؤمن الذي يعلم أنّه لاحول له ولاقوة إلاّ بالله وإنّه لا ملجأ له ولا منجا منه إلاّ إليه سبحانه وأنّ القوة بيده ، وانّ النصر بيده ، وانّ الامر بيده ، وانّ العزةَ بيده ، وانّ الجبروت بيده ، وانّ الملك بيده ، وانّ المحيا والممات بيده ، وانّ صلاح الاحوال بيده ، لا بيدي ولابيدك ولا بيد مسؤولٍ أنْ يُصلحَ حالاً حتى يُصلح الله أحوالهم ولن تصلح أحوالهم حتى تصلح قلوبهم.
ولذلكــم ما ادفـىء هذه الكلمة والله يخاطبك فيقـــول : ( فَإِنِّي قَـــرِيبٌ )
مــن الذي يخاطبك ؟! مــن الذي يهاتفك ؟!
لو قال لك مَلِكْ : هذا رقم هاتفي اتصل بي في اي وقتٍ شئت .!
فكيف سيكون حالك ، وفرحك ، وسرورك وهو اتصال وحديث مع بشر لاحول له ولاقوة .!!
كيف والله يقول لك ( فَإِنِّي قَـــرِيبٌ )
فعليك بالدعاء ، وعليك ان تكون صاحب همةٍ في الدعاء وتختار خيرة ماتدعوا وتسأل الله فإنّه غنيٌ لا ينقص من ملكه شيء :
" يا عبادي لو ان اولكم واخركم وانسكم وجنكم اجتمعوا في صعيدٍ واحد فسألوني فأعطيت كلاً مسألته مانقص ذلك من ملكي شيء إلا كما ينقص المخيط اذا أُدخل البحر ".
فأدعوا وانت موقنٌ بالإجابة وتخيّر الاوقات عند الأسحار وعند الإفطار ، عند انشغال الناس بالمطعوم والمشروب ، عند انشغال الناس بالجوع ، عند انشغال الناس ببطونهم .!
لتكن انت ربانياً تتذكر فيه ربّ العالمين بدعوةٍ صالحه لنفسك ولأمتك ..!
والدعاء ليس سهلاً ، الدعاء مفتاحٌ لخزائن الرحمن الرحيم ، الدعاء مفتاحٌ للجنان وقد يقلب الوجود قلباً إنّ صَدقَ الله العبد في دعاءه ..
الم تروا انّ هارون عليه السلام صار نبياً بدعوة اخيه موسى عليه السلام .
ولكي تستجاب دعوتك عليك ان تُقرّب مع الدعاء صدقه ، من مطعم ، من مشرب ، من ملبس ، من صلةٍ لرحم لأم ، لأب ، لجار ، لقريب ، لمقطوع ، ليتيم ، لثكلى ، لأرمله ....
تتقدم بين يدي دعوتك بصدقه ، بلقمة ، شربة مرق ، حُبيبات من الأرز ، فخذ دجاجه ، كيلو سكر ، ولو ان تتقدم بتمره ..
والصدقــة في رمضان من افضل الصدقات كما
قال عليه الصلاة والسلام كما روى ذلك الترمذي
" افضــلُ الصـدقـات صـدقةٌ في رمضـان "
تُزكي بها قلبك ، تزكي بها حياتك ، تزكي بها دعوتك ..!
كما أنّها وقايةٌ لك ، ولروحك ، ولمالك ، ولأولادك ولأهلك ، ووقايةٌ لجسدك من الامراض الخبيثة ، من السرطان عافاني الله وإياكم من كل مرض.
وقايةٌ لك من مرض الفشل الكلوي ، من السكتة القلبيه ، من القرحة المعديه ....
وقايةٌ لك من السفــر الى الخارج للعلاج وربما لاتعود إلاّ في صنـدوق محمــولاً على أكتاف الرجـال.
وقايةٌ لك من المحاكـم والشـرائع والمشاكل ..!
وكم من آمن مطمئن لايصبح إلاّ على مشكلةٍ قد جناها ولده او قريباً له وجاءته مصيبة من حيثُ لايدري ..
والنبي صلى الله عليه وسلم هــو القــائل :
" صنائعُ المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات ، وأهلُّ المعروف في الدنيا هم اهلُّ المعروف في الآخره "..
وهــو القائل عليه الصلاة والســلام :
" تجافوا عن ذنبِ السخي فإن الله آخذٌ بيده كلمّا تعثر ".
قد تعثر انت ، قد تعثر قدمك ، قد تعثر في حياتك ، في عملك ، في وظيفتك ، في شئونك ومستقبلك
والسخي يأخذُ الله على يده في حياته وعند مماته جزاءً لكرمه ، لبذله ، لإنفاقه ، لإحسانه ، لرحمته وشفقته بالجوعى والضعفاء والمحرومين ..!
اللهم اجعلنا من اهل السخـــاء والكــرم والعطـاء
أرزقنا اللهم الرحمـة بالفقـراء والمحتاجين وحبُّ المساكين يارب العالمين ..
ثم اعلمــوا انّ الله أمركــم بأمــرٍ بدأ به نفسه وثنـى به ملائكته المسبحــةِ بقدسه وثلّثَ به عبــاده من جنِّـه وإنســه فقــال :-
(( إنَّ اللّهَ وملائِكتَه يُصلونَ على النَّبي يا أيَّها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ))....
اللهــم صـلِّ وسلّــم وبـارك علـى نبينا محمــد وارضَ اللهــم عـــن خـلفــائـه الــراشـــــــدين
وعــن الصحــابة أجمعـــين، وعــن التابعـــين
ومــن تبعهــم بإحســــانٍ إلـى يــوم الــــــدين
وعنـا معهــم بمنك ورحـــمتك، يا أرحـم الراحمين.
------------------------------------
-----------------------------------
اللهــــم اجعلـــها صــــدقةً جـــاريــةً لــــــي ولــوالــدتي المرحــــــومه..
وأنفــــع بهــا عبــــادك المسلمــين اجمعـــين ...
واجعلنـــــــي خـــــــيراً ممّـــــا يظنــــــــــون
واغفــــــــــــر لــــي مـــــالا يعلمـــــــــــــون..
--------------------------------
والحَمْـــــــدُ للّــه رَبِّ العَـــــــالَمِــين