واسجد واقترب

خالد الكناني
1446/03/30 - 2024/10/03 16:43PM

واسجد واقترب

الحمد لله ربّ العالمين نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلِ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أن محمدًا عبده ورسوله ،  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.، أما بعدُ : أيها المسلمون : فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل

قال تعالى : {  يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }

أيها المسلمون :قال الله تعالى في آخر سورة العلق :{ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ }

أي:{وَاسْجُدْ} لربك {وَاقْتَرِبْ} منه في السجود وغيره من أنواع الطاعات والقربات، فإنها كلها تدني من رضاه وتقرب منه.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ، وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ» وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( .. وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ» صحيح مسلم (1/ 348)

أيها المسلمون : السجود أشرف حالات العبد ، فيه الخضوع التام لله تعالى الكبير المتعال ، وفيه جمال الإذعان للكريم المنان ، وهي لحظات كرم وبركة لا حدود لها ، ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في قيامة بالليل يطيل ذلك السجود ، ذلك أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت : «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، كَانَتْ تِلْكَ صَلاَتَهُ يَسْجُدُ السَّجْدَةَ مِنْ ذَلِكَ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ أَحَدُكُمْ خَمْسِينَ آيَةً، قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ، وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الفَجْرِ، ثُمَّ يَضْطَجِعُ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ حَتَّى يَأْتِيَهُ المُنَادِي لِلصَّلاَةِ» ، واسجد واقترب ، في السجود لك بكل سجدة مكانة ورفعة ، قال رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ لِلَّهِ، فَإِنَّكَ لَا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً، إِلَّا رَفَعَكَ اللهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً» صحيح مسلم (1/ 353) في السجود لك بكل سجدة حسنة ، ورفعة ، ومنزلة ، ومحو الذنوب ، وما عند الله أعظم ، فأكثروا من السجود للحي القيوم .

فعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا حَسَنَةً، وَمَحَا عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً، وَرَفَعَ لَهُ بِهَا دَرَجَةً، فَاسْتَكْثِرُوا مِنَ السُّجُودِ»

أيها المسلمون : السجود يضفي على وجه صاحبه النور، وعلى قلبه الطمأنينة ، وعلى روحة السكينة ، ويكسوه جلالا ووقارا ، قال تعالى : { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ } الفتح 29، قال الشيخ السعدي رحمه الله تعالى في تفسيره :{سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} أي: قد أثرت العبادة -من كثرتها وحسنها- في وجوههم، حتى استنارت، لما استنارت بالصلاة بواطنهم، استنارت بالجلال ظواهرهم .

أيها المسلمون : ما أجمل السجود في الليل والقيام للحي القيوم ، قال تعالى : { وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا } ، فسارعوا وتنافسوا في الخيرات وأكثروا من السجود لرب البريات .  

أكثروا من السجود لربكم لتنالوا مرافقة نبيكم صلى الله عليه وسلم في الجنة ، عن رَبِيعَة بْنُ كَعْبٍ الْأَسْلَمِيُّ، قَالَ: كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ فَقَالَ لِي: «سَلْ» فَقُلْتُ: أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ. قَالَ: «أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ» قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ. قَالَ: «فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ»

أقول ما تسمعون وأستغر الله العظيم

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد ألا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له تعظيما لشأنه ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى أله وصحبه وسلَّم تسليما كثيرا ، أما بعد ، أيها المسلمون : قال تعالى : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }

عباد الله اعلموا أن السجود ركن من أركان الصلاة ، يجب على المسلم في صلاته كلها أن يطمئن ويتم ركوعها وسجودها وكل شؤونها ، إن علينا أن نعتني بصلاتنا ،أن نأتي إلى المسجد ، فرحين مستبشرين ، شاكرين الله تعالى ، أن وفقنا لحضور الصلوات مع جماعة المسلمين ، وأن نتزود من نوافل الصلوات في بيوتنا ، نحافظ على الراتبة القبلية والبعدية ، وصلاة الضحى والوتر وقيام الليل ، ففي كل هذه الصلوات كم من سجدات ، فتزيد الحسنات وترفع الدرجات وتحط الخطيئات ، أيها المسلمون : أكثروا من ذكر الله وتسبيحه وتحميده والصلاة فإن ذلك يوسع الصدر ويشرحه ويعينك على أمورك ، قال تعالى : {  فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ} ، هذا وصلوا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه ، قال تعالى :{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }

 

 

 

 

المرفقات

1727962985_واسجد واقترب.pdf

المشاهدات 758 | التعليقات 0