واجعلوا بيتكم قبلة!
تركي بن عبدالله الميمان
1445/02/14 - 2023/08/30 11:34AM
وَاجْعَلُوا بُيُوْتَكُمْ قِبْلَة
الخُطْبَةُ الأُوْلَى
إِنَّ الحَمْدَ لِلهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ ونَتُوبُ إِلَيه، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
أَمَّا بَعْدُ: فَأُوْصِيْكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ، فَهِيَ سَبَبُ الحَيَاةِ السَّعِيْدَةِ، وَالعَاقِبَةِ الحَمِيْدَةِ! ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ العَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ﴾.
عِبَادَ اللهِ: مِنْ أَعْظَمِ نِعَمِ اللهِ عَلى عِبَادِهِ؛ أَنْ جَعَلَ لَهُمْ بُيُوْتًا يَسْكُنُوْنَ فِيْهَا، وَيَأْوُوْنَ إِلَيْهَا، وَيَسْتَتِرُوْنَ بِهَا، وَتَحْمِيْهِمْ مِنْ الأَذَى! قال I: ﴿وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا﴾.
قال السِّعْدِي: (تُكِنُّكُمْ مِنَ الحَرِّ وَالبَرْدِ، وَتَسْتُرُكُمْ أَنْتُمْ وأَوْلَادكُمْ وأَمْتِعَتكمْ).
وَمَنْ تَأَمَّلَ أَحْوَالَ المُشَرَّدِيْنَ، الَّذِيْنَ يَهِيْمُونَ في الشَّوَارِعِ والأَرْصِفَةِ؛ عَرَفَ نِعْمَةَ البَيْتِ الَّذِي يَسْكُنُ فِيْهِ! وَلِهَذَا كَانَ نَبِيُّكُمْ ﷺ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قال: (الحَمْدُ لِلهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا، وَكَفَانَا وَآوَانَا، فَكَمْ مِمَّنْ لَا كَافِيَ لَهُ وَلَا مُؤْوِيَ!). قال النَّوَوِي: (قِيْلَ مَعْنَاهُ: لَا وَطَنَ لَهُ، وَلَا سَكَنَ يَأْوِي إِلَيْه!).
والبُيُوتُ المُؤْمِنَةُ المُطْمَئِنَّةُ: مَلَاذٌ مِنَ الشُّرُوْرِ المُدْلَهِمَّةِ! لا سِيَّمَا في زَمَنِ الفِتَنِ، وَفَسَادِ النَّاسِ! فَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ t قال: (قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ: مَا النَّجَاةُ؟) قال: (أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ، وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ، وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ!).
وَبَقَاءُ المَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا؛ خَيرٌ لها مِنْ كَثْرَةِ خُرُوْجِهَا؛ قال U: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ﴾.
وَكُلَّمَا كَانَتِ المَرْأَةُ في بَيْتِهَا؛ كَانَتْ أَقْرَبَ إلى الرَّحْمَن، وأَبْعَدَ عَنْ الشَّيْطَانِ! قال ﷺ: (إِنَّ المَرْأَةَ عَوْرَةٌ، وَإِنَّهَا إِذَا خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهَا اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ؛ فَتَقُولُ: مَا رَآنِي أَحَدٌ إِلَّا أَعْجَبْتُهُ! وَأَقْرَبُ مَا تَكُونُ إِلَى اللهِ؛ إِذَا كَانَتْ فِي قَعْرِ بَيْتِهَا).
وَذِكْرُ اللهِ في البُيُوْتِ؛ حِرْزٌ مِنَ الشَّيْطَانِ! يَقُولُ ﷺ: (إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ، فَذَكَرَ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ؛ قَالَ الشَّيْطَانُ: لَا مَبِيتَ لَكُمْ وَلَا عَشَاءَ! وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرْ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ؛ قَالَ الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتُمْ المَبِيتَ! وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ اللهَ عِنْدَ طَعَامِهِ؛ قَالَ: أَدْرَكْتُمْ المَبِيتَ وَالعَشَاءَ!).
وَفِي الحَدِيْثِ الآخَرِ: (لَا تَجعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ، إِنَّ الشَّيطَانَ يَنفِرُ مِنَ البَيتِ الذِي تُقرَأُ فِيهِ سُورَةُ البَقَرَةِ).
يَقُولُ الشَّيْخُ ابْنُ بَاز: (الأَظْهَرُ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِقِرَاءَةِ سُوْرَةِ البَقَرَةِ مِنَ المِذْيَاعِ؛ مَا ذَكَرَهُ النَّبِيُّ ﷺ مِنْ فِرَارِ الشَّيْطَانِ مِنْ البَيْتِ).
وَبُيُوتُ أَهْلِ الإِيْمَانِ: عَامِرَةٌ بِعِبَادَةِ الرَّحْمَنِ! فَإِنَّ اللهَ أَمَرَ أَنْ نَجَعَلَ بُيُوْتَنَا إِقْبَالاً عَلَى اللهِ! كَمَا قال تعالى: ﴿وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً﴾. يَقُولُ الطَّبَرِيُّ: (وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَسَاجِدَ تُصَلُّونَ فِيهَا). وقال ﷺ: (صَلُّوا -أَيُّهَا النَّاسُ- في بُيُوتِكُمْ؛ فَإِنَّ أَفْضَلَ الصَّلاَةِ: صَلاَةُ المَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا المَكْتُوبَةَ).
وَمِنْ سَعَادَةِ البُيُوْتِ: الرِّفْقُ وَالرَّحْمَةُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَمَعَ الأَوْلَادِ؛ فَإِنَّ الرِّفْقَ يَجْعَلُ البَيْتَ مَوْطِنًا لِلْسَّكِيْنَةِ وَالسَّلَامِ، وَلَيْسَ مَكَانًا لِلْنِّزَاعِ والخِصَامِ! قال ﷺ: (إِذَا أَرَادَ اللهُ U بِأَهْلِ بَيْتٍ خَيْرًا، أَدْخَلَ عَلَيْهِمُ الرِّفْقَ!).
وَبَعْضُ الرِّجَالِ قَدْ يَأْنَفُ مِنْ مُسَاعَدَةِ أَهْلِهِ في البَيْتِ! سُئِلَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: (مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ؟) قَالَتْ: (كَانَ يَخِيطُ ثَوْبَهُ، وَيَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَعْمَلُ مَا يَعْمَلُ الرِّجَالُ فِي بُيُوتِهِمْ).
وَلا تَدْخُلُ المَلائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ! قال ﷺ: (مَنْ اقْتَنَى كَلْبًا إِلَّا كَلْبًا ضَارِيًا لِصَيْدٍ، أَوْ كَلْبَ مَاشِيَةٍ، فَإِنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ). قال ابنُ عُثَيْمِيْن: (وَأَمَّا اتِّخَاذُ الكَلْبِ؛ فَإِنَّهُ حَرَامٌ، بَلْ هُوَ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَقْتَنِي الكَلْبَ؛ يَنْقُصُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ أَجْرِهِ قِيْرَاطَان!)و(القِيرَاطُ: نَصِيبٌ كَبِيرٌ مِنَ الأَجْرِ لا يَعْلَمُهُ إِلَّا الله! وَسَبَبُ نُقْصَانِ الأَجْرِ بِاقْتِنَاءِ الكَلْبِ؛ لِامْتِنَاعِ المَلَائِكَةِ مِنْ دُخُولِ البَيْتِ بِسَبَبِهِ، وَلِمَا يَلْحَقُ المَارِّينَ مِنَ الأَذَى بِتَرْوِيعِ الكَلْبِ لَهُمْ! وَلِكَثْرَةِ أَكْلِهِ لِلْنَّجَاسَاتِ، وَكَرَاهَةِ رَائِحَتِهِ!) .
أَقُوْلُ قَوْلِي هَذَا، وَاسْتَغْفِرُ اللهَ لِيْ وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَاسْتَغْفِرُوْهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيم
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِه، والشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيْقِهِ وَامْتِنَانِه، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا الله، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُه.
عِبَادَ الله: التَّعَلُّقُ بِالقُرْآنِ والأَذْكَارِ: شِعَارُ البَيْتِ المُسْلِمِ! فَقَدْ كانَ ﷺ إِذَا مَرِضَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ؛ نَفَثَ عَلَيْهِ بِـ(المُعَوِّذَات).
وَالغَفْلَةُ عَنْ الذِّكْرِ في البيت: وَكَثْرَةُ المَعَاصِي فِيْهِ؛ قَدْ يَظْهَرُ أَثَرُهُ في كَآبَةٍ نَفْسِيَّةِ، وَمُشَاكِلَ أُسَرِيَّةِ، وَظُلْمَةٍ رُوْحِيَّةٍ! حَتَّى يَتَحَوَّلَ البِيْتُ إِلى مَقْبَرَةٍ مُوْحِشَةٍ! قال ﷺ: (مَثَلُ البَيْتِ الَّذِي يُذْكَرُ اللهُ فِيهِ، وَالبَيْتِ الَّذِي لَا يُذْكَرُ اللهُ فِيهِ، مَثَلُ الحَيِّ وَالمَيِّتِ). وَفِي الحَدِيْثِ: (اجْعَلُوا مِنْ صَلَاتِكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ، وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا!). قالَ العُلَمَاء: (المُرَادُ: لا تَجْعَلُوا بُيُوْتَكُمْ وَطَنًا لِلْنَّوْمِ فَقَط، لا تُصَلُّوْنَ فِيْهَا! وَإِنَّمَا حَثَّ على النَّوَافِلِ فِي البُيُوتِ؛ لِيَتَبَرَّكَ البَيْتُ بِذَلِكَ، وتَنْزِلَ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَالمَلَائِكَةُ، وتَنْفِرَ مِنْهُ الشَّيَاطِين!).
*******
* اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ والمُسْلِمِينَ، وأَذِلَّ الشِّرْكَ والمُشْرِكِيْن.
* اللَّهُمَّ فَرِّجْ هَمَّ المَهْمُوْمِيْنَ، وَنَفِّسْ كَرْبَ المَكْرُوْبِين.
* اللَّهُمَّ آمِنَّا في أَوْطَانِنَا، وأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُوْرِنَا، وَوَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لما تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِمَا لِلْبِرِّ والتَّقْوَى.
* عِبَادَ الله: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾.
* فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوْهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ﴿وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾.
* * * *
d قَنَاةِ الخُطَبِ الوَجِيْزَةa
¨https://t.me/alkhutab©
* * * *
الخُطْبَةُ الأُوْلَى
إِنَّ الحَمْدَ لِلهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ ونَتُوبُ إِلَيه، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
أَمَّا بَعْدُ: فَأُوْصِيْكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ، فَهِيَ سَبَبُ الحَيَاةِ السَّعِيْدَةِ، وَالعَاقِبَةِ الحَمِيْدَةِ! ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ العَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ﴾.
عِبَادَ اللهِ: مِنْ أَعْظَمِ نِعَمِ اللهِ عَلى عِبَادِهِ؛ أَنْ جَعَلَ لَهُمْ بُيُوْتًا يَسْكُنُوْنَ فِيْهَا، وَيَأْوُوْنَ إِلَيْهَا، وَيَسْتَتِرُوْنَ بِهَا، وَتَحْمِيْهِمْ مِنْ الأَذَى! قال I: ﴿وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا﴾.
قال السِّعْدِي: (تُكِنُّكُمْ مِنَ الحَرِّ وَالبَرْدِ، وَتَسْتُرُكُمْ أَنْتُمْ وأَوْلَادكُمْ وأَمْتِعَتكمْ).
وَمَنْ تَأَمَّلَ أَحْوَالَ المُشَرَّدِيْنَ، الَّذِيْنَ يَهِيْمُونَ في الشَّوَارِعِ والأَرْصِفَةِ؛ عَرَفَ نِعْمَةَ البَيْتِ الَّذِي يَسْكُنُ فِيْهِ! وَلِهَذَا كَانَ نَبِيُّكُمْ ﷺ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قال: (الحَمْدُ لِلهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا، وَكَفَانَا وَآوَانَا، فَكَمْ مِمَّنْ لَا كَافِيَ لَهُ وَلَا مُؤْوِيَ!). قال النَّوَوِي: (قِيْلَ مَعْنَاهُ: لَا وَطَنَ لَهُ، وَلَا سَكَنَ يَأْوِي إِلَيْه!).
والبُيُوتُ المُؤْمِنَةُ المُطْمَئِنَّةُ: مَلَاذٌ مِنَ الشُّرُوْرِ المُدْلَهِمَّةِ! لا سِيَّمَا في زَمَنِ الفِتَنِ، وَفَسَادِ النَّاسِ! فَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ t قال: (قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ: مَا النَّجَاةُ؟) قال: (أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ، وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ، وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ!).
وَبَقَاءُ المَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا؛ خَيرٌ لها مِنْ كَثْرَةِ خُرُوْجِهَا؛ قال U: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ﴾.
وَكُلَّمَا كَانَتِ المَرْأَةُ في بَيْتِهَا؛ كَانَتْ أَقْرَبَ إلى الرَّحْمَن، وأَبْعَدَ عَنْ الشَّيْطَانِ! قال ﷺ: (إِنَّ المَرْأَةَ عَوْرَةٌ، وَإِنَّهَا إِذَا خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهَا اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ؛ فَتَقُولُ: مَا رَآنِي أَحَدٌ إِلَّا أَعْجَبْتُهُ! وَأَقْرَبُ مَا تَكُونُ إِلَى اللهِ؛ إِذَا كَانَتْ فِي قَعْرِ بَيْتِهَا).
وَذِكْرُ اللهِ في البُيُوْتِ؛ حِرْزٌ مِنَ الشَّيْطَانِ! يَقُولُ ﷺ: (إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ، فَذَكَرَ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ؛ قَالَ الشَّيْطَانُ: لَا مَبِيتَ لَكُمْ وَلَا عَشَاءَ! وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرْ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ؛ قَالَ الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتُمْ المَبِيتَ! وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ اللهَ عِنْدَ طَعَامِهِ؛ قَالَ: أَدْرَكْتُمْ المَبِيتَ وَالعَشَاءَ!).
وَفِي الحَدِيْثِ الآخَرِ: (لَا تَجعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ، إِنَّ الشَّيطَانَ يَنفِرُ مِنَ البَيتِ الذِي تُقرَأُ فِيهِ سُورَةُ البَقَرَةِ).
يَقُولُ الشَّيْخُ ابْنُ بَاز: (الأَظْهَرُ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِقِرَاءَةِ سُوْرَةِ البَقَرَةِ مِنَ المِذْيَاعِ؛ مَا ذَكَرَهُ النَّبِيُّ ﷺ مِنْ فِرَارِ الشَّيْطَانِ مِنْ البَيْتِ).
وَبُيُوتُ أَهْلِ الإِيْمَانِ: عَامِرَةٌ بِعِبَادَةِ الرَّحْمَنِ! فَإِنَّ اللهَ أَمَرَ أَنْ نَجَعَلَ بُيُوْتَنَا إِقْبَالاً عَلَى اللهِ! كَمَا قال تعالى: ﴿وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً﴾. يَقُولُ الطَّبَرِيُّ: (وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَسَاجِدَ تُصَلُّونَ فِيهَا). وقال ﷺ: (صَلُّوا -أَيُّهَا النَّاسُ- في بُيُوتِكُمْ؛ فَإِنَّ أَفْضَلَ الصَّلاَةِ: صَلاَةُ المَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا المَكْتُوبَةَ).
وَمِنْ سَعَادَةِ البُيُوْتِ: الرِّفْقُ وَالرَّحْمَةُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَمَعَ الأَوْلَادِ؛ فَإِنَّ الرِّفْقَ يَجْعَلُ البَيْتَ مَوْطِنًا لِلْسَّكِيْنَةِ وَالسَّلَامِ، وَلَيْسَ مَكَانًا لِلْنِّزَاعِ والخِصَامِ! قال ﷺ: (إِذَا أَرَادَ اللهُ U بِأَهْلِ بَيْتٍ خَيْرًا، أَدْخَلَ عَلَيْهِمُ الرِّفْقَ!).
وَبَعْضُ الرِّجَالِ قَدْ يَأْنَفُ مِنْ مُسَاعَدَةِ أَهْلِهِ في البَيْتِ! سُئِلَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: (مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ؟) قَالَتْ: (كَانَ يَخِيطُ ثَوْبَهُ، وَيَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَعْمَلُ مَا يَعْمَلُ الرِّجَالُ فِي بُيُوتِهِمْ).
وَلا تَدْخُلُ المَلائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ! قال ﷺ: (مَنْ اقْتَنَى كَلْبًا إِلَّا كَلْبًا ضَارِيًا لِصَيْدٍ، أَوْ كَلْبَ مَاشِيَةٍ، فَإِنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ). قال ابنُ عُثَيْمِيْن: (وَأَمَّا اتِّخَاذُ الكَلْبِ؛ فَإِنَّهُ حَرَامٌ، بَلْ هُوَ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَقْتَنِي الكَلْبَ؛ يَنْقُصُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ أَجْرِهِ قِيْرَاطَان!)و(القِيرَاطُ: نَصِيبٌ كَبِيرٌ مِنَ الأَجْرِ لا يَعْلَمُهُ إِلَّا الله! وَسَبَبُ نُقْصَانِ الأَجْرِ بِاقْتِنَاءِ الكَلْبِ؛ لِامْتِنَاعِ المَلَائِكَةِ مِنْ دُخُولِ البَيْتِ بِسَبَبِهِ، وَلِمَا يَلْحَقُ المَارِّينَ مِنَ الأَذَى بِتَرْوِيعِ الكَلْبِ لَهُمْ! وَلِكَثْرَةِ أَكْلِهِ لِلْنَّجَاسَاتِ، وَكَرَاهَةِ رَائِحَتِهِ!) .
أَقُوْلُ قَوْلِي هَذَا، وَاسْتَغْفِرُ اللهَ لِيْ وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَاسْتَغْفِرُوْهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيم
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِه، والشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيْقِهِ وَامْتِنَانِه، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا الله، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُه.
عِبَادَ الله: التَّعَلُّقُ بِالقُرْآنِ والأَذْكَارِ: شِعَارُ البَيْتِ المُسْلِمِ! فَقَدْ كانَ ﷺ إِذَا مَرِضَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ؛ نَفَثَ عَلَيْهِ بِـ(المُعَوِّذَات).
وَالغَفْلَةُ عَنْ الذِّكْرِ في البيت: وَكَثْرَةُ المَعَاصِي فِيْهِ؛ قَدْ يَظْهَرُ أَثَرُهُ في كَآبَةٍ نَفْسِيَّةِ، وَمُشَاكِلَ أُسَرِيَّةِ، وَظُلْمَةٍ رُوْحِيَّةٍ! حَتَّى يَتَحَوَّلَ البِيْتُ إِلى مَقْبَرَةٍ مُوْحِشَةٍ! قال ﷺ: (مَثَلُ البَيْتِ الَّذِي يُذْكَرُ اللهُ فِيهِ، وَالبَيْتِ الَّذِي لَا يُذْكَرُ اللهُ فِيهِ، مَثَلُ الحَيِّ وَالمَيِّتِ). وَفِي الحَدِيْثِ: (اجْعَلُوا مِنْ صَلَاتِكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ، وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا!). قالَ العُلَمَاء: (المُرَادُ: لا تَجْعَلُوا بُيُوْتَكُمْ وَطَنًا لِلْنَّوْمِ فَقَط، لا تُصَلُّوْنَ فِيْهَا! وَإِنَّمَا حَثَّ على النَّوَافِلِ فِي البُيُوتِ؛ لِيَتَبَرَّكَ البَيْتُ بِذَلِكَ، وتَنْزِلَ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَالمَلَائِكَةُ، وتَنْفِرَ مِنْهُ الشَّيَاطِين!).
*******
* اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ والمُسْلِمِينَ، وأَذِلَّ الشِّرْكَ والمُشْرِكِيْن.
* اللَّهُمَّ فَرِّجْ هَمَّ المَهْمُوْمِيْنَ، وَنَفِّسْ كَرْبَ المَكْرُوْبِين.
* اللَّهُمَّ آمِنَّا في أَوْطَانِنَا، وأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُوْرِنَا، وَوَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لما تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِمَا لِلْبِرِّ والتَّقْوَى.
* عِبَادَ الله: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾.
* فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوْهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ﴿وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾.
* * * *
d قَنَاةِ الخُطَبِ الوَجِيْزَةa
¨https://t.me/alkhutab©
* * * *
المرفقات
1693384431_واجعلوا بيوتكم قبلة!.pdf
1693384431_ واجعلوا بيوتكم قبلة (وورد).doc
1693384432_واجعلوا بيوتكم قبلة (للطباعة).pdf