واجبنا في الولاء والبراء

منديل الفقيه
1435/05/30 - 2014/03/31 19:12PM
واجبنا في الولاء والبراء
الخطبة الأولى
أيها المسلمون : إن موضوع الولاء والبراء موضوع قلَّ من يذكره ، موضوع يراد على مستوى العالم أن لا يذكر لقد أصبحنا نسمع كلاما تبكي له القلوب قبل العيون ، نسمع من ينعق بوحدة الأديان وأنَّ على المسلمين أن يتحدوا مع اليهود والنصارى وأنه لا فرق بيننا وبينهم بحجة أن الجميع أصحاب رسالة سماوية بل تعدى الأمر إلى القول بأنه لا فرق بين المسلم والكافر بحجة أنهم إخوة في الإنسانية وربما جمعت بينهم الوحدة الوطنية ، أصبحنا نسمع وصف من يتحدث عن موضوع الولاء والبراء بأنه رجل لا يزال يتمتع بعقلية متخلفة ينبغي أن يقضى عليها لأن العالم قد تحضر وتطور وتقدم وأنه دخل مرحلة جديدة ومنعطفا من منعطفات التاريخ – عصر السلام – كما يزعمون .
أيها المسلمون : وأمام هذا الضلال والذي الهدف من وراءه هدم ملة إبراهيم التي من أهم أسسها وقواعدها عداوة الكفار بل إظهار العداء لهم والتصريح بذلك { قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ } فهذه ملة إبراهيم التي أمر الله باتباعها { ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } هذه ملة إبراهيم ثم إذا بنا نسمع في هذه الأيام من يريد من المسلمين أن يتركوا هذه الملة ، إن المسلم حين يسمع مثل هذا الهراء ليتساءل وتدور في ذهنه أسئلة كثيرة منها ما مدى عداوة الكفار لنا ؟ وما هو شعورهم نحونا ؟ وما الذي يكنونه في قلوبهم وأنفسهم لنا ؟ وما الذي يريدون لنا ؟ وماذا يخططون لنا ؟ وما سبب كل هذه العداوة لنا ؟ أسئلة كثيرة تحتاج إلى جواب سأحاول الإجابة عنها فأقول : لقد أخبرنا الله وصرح لنا بأنهم يعادوننا عداوة ليست بالهينة بل عداوة ظاهرة لكل من لم يصبه مرض النفاق ولكل من لم ينخدع بضلالات الشرق والغرب ويعجب بهم { إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبينًا } إن عداوتهم ليست بالهينة بل لشدتها في قلوبهم على أهل الإسلام تظهر على ألسنتهم وما تخفي صدورهم أكبر { قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ } وبين تعالى أن هذه العداوة لشدتها إذا ما خلا أولئك الكفرة مع بعضهم في بلدانهم ومجالسهم فإنهم يعضون أناملهم من الغيظ الذي في قلوبهم ونفوسهم على المسلمين { وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ } وهم لا يتناسون هذا العداء وإن أظهروا الثناء علينا أو أظهروا بعض الكلمات التي ينخدع بها بعض من قل نصيبه من العلم والإيمان ولكن تأبى قلوبهم بناءا على ما فيها من الغل والحقد { يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ } فعداوتهم باقية لا يتناسونها . وأما المسلمون فيا للأسف سرعان ما يتناسون أي عداء ، سرعان ما يتناسون اليد التي صفعتهم والأرجل التي ركلتهم .
أيها المسلمون : لقد بين لنا الحق سبحانه أن الكفار يعادون الأنبياء والمرسلين فكلما أرسل الله رسولا عادوه وقاتلوه بل قتل بعض الأنبياء بأي الكفار ولما بعث الله رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم عاداه الكفار أشد العداء وآذوه وحاربوه بل حاولوا قتله مرارا وكان من أهدافهم وأعظم أمنياتهم إطفاء نور الله الذي بعث به حتى لا يبقى له أثر { يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ } ومن أعظم أمنياتهم كذلك حرصهم على أن نكون كفارا مثلهم { وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ }{ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ } فهذا هو الذي يختلج في صدورهم ويبذلون وينفقون من أجله أموالهم وأنفسهم { وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ } فلينفق الكفار ما شاءوا وليخططوا ولينسقوا ما أرادوا فإن الله سيظهر دينه وسيعلي كلمته ولو كره المنافقون ولو كره الكافرون ولو كره المشركون ولو كره العلمانيون والليبراليون الذين يندسون في صفوف المسلمين ويغيظهم انتصار المسلمين .
أيها المسلمون : إن الله يبين لنا هذه الحقائق من بذل الأموال والأرواح في سبيل صدنا عن ديننا وأنهم لا يريدون للمسلمين أي خير مطلقا بل يحبون ويودون كل أمر يسوء المسلمين ويشق عليهم { إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا }{ وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ } فكل أمر فيه عنت ومشقة على المسلمين يحبونه ويريدونه لهذا كله فقد أوجب الله علينا معاداة الكفار والمشركين من اليهود والنصارى وغيرهم وأكد إيجابه وحرم علينا موالاتهم وشدد في ذلك حتى أنه ليس في كتاب الله حكم فيه من الأدلة أكثر ولا أبين من هذا الحكم بعد الأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك كما قال الشيخ حمد بن عتيق رحمه الهل قال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ }{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ }والآيات التي تأمر بعداوة الكفار وعدم موالاتهم أكثر من أن تحصر فعداوتهم وبغضهم هو الواجب الأول المتحتم على المسلمين نحو الكفار .
الواجب الثاني نحو الكفار: عدم طاعتهم لأن الله نهى عن طاعتهم { وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا }{ فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا } وبين عقوبة من أطاعهم فقال تعالى { إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ } فهذه العقوبة الشديدة لمن وعدوا الكفار أن يطيعوهم في بعض الأمر فكيف يكون العقاب لمن لم يعد الكفار بالطاعة فقط بل حققها فأطاعهم في جميع الأمر وقد بين تعالى عاقبة من أطاع الكفار ألا وهي الكفر والردة عياذا بالله { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ }{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوايَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ } .
الواجب الثالث نحو الكفار: هو عدم الركون إليهم { وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ } بل تهدد الله نبيه وتوعده لو ركن إلى الكفار بالعذاب المضاعف دنيا وآخرة { وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا *إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا } فإذا كان هذا التهديد الشديد لرسول الله لو ركن إلى الكفار شيئا قليلا فكيف بمن يركن كل الركون إلى الكفار ويثق بهم كل الثقة ويصدق أقوالهم الكاذبة .
الواجب الرابع نحو الكفار : الحذر منهم ومن خطرهم لأنهم قوم من طبيعتهم نقض العهود والغدر والخيانة { إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ } وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيكون في آخر الزمان صلح بين المسلمين والنصارى نهايته الغدر والخيانة منهم فقال صلى الله عليه وسلم « تُصَالِحُونَ الرُّومَ صُلْحًا آمِنًا حَتَّى تَغْزُوا أَنْتُمْ وَهُمْ عَدُوًّا مِنْ وَرَائِهِمْ فَتُنْصَرُونَ وَتَغْنَمُونَ وَتَنْصَرِفُونَ حَتَّى تَنْزِلُوا بِمَرْجٍ ذِي تُلُولٍ، فَيَقُولُ قَائِلٌ مِنَ الرُّومِ: غَلَبَ الصَّلِيبُ، وَيَقُولُ قَائِلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ: بَلِ اللَّهُ غَلَبَ فَيَثُورُ الْمُسْلِمُ إِلَى صَلِيبِهِمْ وَهُوَ مِنْهُ غَيْرُ بَعِيدٍ فَيَدُقُّهُ، وَتَثُورُ الرُّومُ إِلَى كَاسِرِ صَلِيبِهِمْ، فَيَضْرِبُونَ عُنُقَهُ، وَيَثُورُ الْمُسْلِمُونَ إِلَى أَسْلِحَتِهِمْ فَيَقْتَتِلُونَ .. » صححه ابن حبان .
الواجب الخامس نحو الكفار : جهادهم وقتالهم وإعداد العدة لذلك { وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ }{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ }{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً..} بل أمر بقتالهم حتى يكونوا أذلة صاغرين { قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}.
الواجب السادس نحو الكفار: عدم التشبه بهم في الأمور التي تخصهم أو الأمور التي يكون المسلم فيها متشبها بهم والأحاديث في ذا المعنى كثيرة جدا فعن ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ » أبو داود والترمذي . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا بمخالفتهم حتى في الهيئات والأشكال فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لاَ يَصْبُغُونَ فَخَالِفُوهُمْ » النسائي وأبو داود وابن ماجه . بل أمر صلى الله عليه وسلم بمخالفتهم حتى في اللباس فعن عَبْدِ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ : قَالَ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَىَّ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ فَقَالَ « إِنَّ هَذِهِ مِنْ ثِيَابِ الْكُفَّارِ فَلاَ تَلْبَسْهَا » مسلم .
الواجب السابع نحو الكفار: ألا نتخذ منهم بطانة نستشيرهم ونأتمر بأمرهم{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ } . وَفَدَ أبو موسى إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا , وَمَعَهُ كَاتَبٌ نَصْرَانِيُّ , فَأَعْجَبَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَا رَأَى مِنْ حِفْظِهِ , فَقَالَ: " قُلْ لِكَاتِبِكَ يَقْرَأْ لَنَا كِتَابًا " , قَالَ: إِنَّهُ نَصْرَانِيٌّ , لَا يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ , فَانْتَهَرَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , وَهَمَّ بِهِ , وَقَالَ: " لَا تُكْرِمُوهُمْ إِذْ أَهَانَهُمُ اللهُ , وَلَا تُدْنُوهُمْ إِذْ أَقْصَاهُمُ اللهُ , وَلَا تَأْتَمِنُوهُمْ إِذْ خَوَّنَهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ " شعب الإيمان عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قِبَلَ بَدْرٍ فَلَمَّا كَانَ بِحَرَّةِ الْوَبَرَةِ أَدْرَكَهُ رَجُلٌ فقال جِئْتُ لأَتَّبِعَكَ وَأُصِيبَ مَعَكَ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ » قَالَ لاَ قَالَ « فَارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ » مسلم . فالله تعالى يأمرنا أن لا نتخذ منهم بطانة ولكن نقول بكل أسف كثير من بلدان المسلمين البطانة فيها من اليهود والنصارى بل ربما وجدت بل ربما وجدنا أخطر المواقع التي تهم المسلمين فيها منهم والله المستعان .
الواجب الثامن نحو الكفار : عدم مشاركتهم في احتفالاتهم ولا حضورها ولا حتى تهنئتهم وقد نقل ابن القيم الاتفاق على أنه لا يجوز تهنئة الكفار بأعيادهم وذلك لقوله تعالى { وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ }{ وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا } قال مجاهد والربيع بن خثيم في تفسيرها " إنها أعياد المشركين " وروى البيهقي بسند صحيح عن عمر رضي الله عنه قال : لا تعلموا رطانة الأعاجم ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم فإن السخطة تنزل عليهم . وقال ثَابِتُ بْنُ الضَّحَّاكِ : نَذَرَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَنْحَرَ إِبِلاً بِبُوَانَةَ فَأَتَى النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : إِنِّى نَذَرْتُ أَنْ أَنْحَرَ إِبِلاً بِبُوَانَةَ. فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم« هَلْ كَانَ فِيهَا وَثَنٌ مِنْ أَوْثَانِ الْجَاهِلِيَّةِ يُعْبَدُ ». قَالُوا : لاَ. قَالَ : « هَلْ كَانَ فِيهَا عِيدٌ مِنْ أَعْيَادِهِمْ ». قَالُوا : لاَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « أَوْفِ بِنَذْرِكَ فَإِنَّهُ لاَ وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِى مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَلاَ فِيمَا لاَ يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ » أبو داود وصححه الألباني.
وقال العلامة ابن عثيمين " أما التهنئة بالأعياد فهذه حرام بلا شك، وربما لا يسلم الإنسان من الكفر؛ لأن تهنئتهم بأعياد الكفر رضا بها، والرضا بالكفر كفر ومن ذلك تهنئتهم بما يسمى بعيد الكرسمس أو عيد الفَصْح أو ما أشبه ذلك فهذا لا يجوز إطلاقاً، حتى وإن كانوا يهنئونا بأعيادنا فإننا لا نهنئهم بأعيادهم، والفرق أنّ تهنئتهم إيانا بأعيادنا تهنئة بحق، وأن تهنئتنا إياهم بأعيادهم تهنئة بباطل " .
الواجب التاسع نحو الكفار : الهجرة من بلادهم فقد أوجب الله الهجرة على من لا يستطيع أن يظهر دينه في بلاد المشركين قال تعالى { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا } فكيف بحال من يسافر إلى بلادهم للنزهة ومعاقرة الخموروالمومسات أعوذ بالله من الشيطان الرجيم { لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بهدي خير المرسلين

الخطبة الثانية
أيها المسلمون : ما سمعتموه في الخطبة الأولى هو واجب المسلم تجاه الكفار على اختلاف مللهم ونحلهم وفي الجانب المقابل يأمر الله تعالى ورسوله بحب المؤمنين وموالاتهم ومؤاخاتهم في الله تعالى فيقول { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ }{ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ }{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا }{ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ } قال العلماء في هذه الآية إن لم توالوا المؤمنين وتعادوا الكافرين تكن فتنة في الأرض وفساد كبير وشبه النبي صلى الله عليه وسلم المؤمنين في محبتهم لبعضهم وتوادهم فيما بينهم بالجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر فعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم« مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِى تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى » وشبههم في تناصرهم فيما بينهم ومؤازرتهم لبعضهم بالبنيان المرصوص المتماسك فعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ " البخاري ومسلم . وحصر المولى جل شأنه التآخي بين المؤمنين وحدهم دون سواهم فقال سبحانه { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ } عن عَبْدِ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال قال رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " البخاري ومسلم . بل جعل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للمسلم على أخيه المسلم حقوقا وواجبات يجب أن يحفظها ويؤديها كاملة من غير نقص فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلمقَالَ « حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ قِيلَ مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَسَمِّتْهُ وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ » مسلم . وعن جَابِرِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبي طَلْحَةَ بْنَ سَهْلٍ الأَنْصَارِىَّ قالا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « مَا مِنِ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا فِى مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ إِلاَّ خَذَلَهُ اللَّهُ فِى مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ وَمَا مِنِ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِى مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إِلاَّ نَصَرَهُ اللَّهُ فِى مَوْطِنٍ يُحِبُّ نُصْرَتَهُ » أحمد وأبو داود. وأخبر صلى الله عليه وسلم أن دعوة المسلم لأخيه المسلم مستجابة « دَعْوَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّمَا دَعَا لأَخِيهِ بِخَيْرٍ قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ آمِينَ وَلَكَ بِمِثْلٍ » مسلم . فهل يعي المسلمون حق إخوانهم في شتى بقاع العالم خصوصا في ظل التآمر الدولي لفصم عرى الأخوة بين المؤمنين وتشتيت وحدة المسلمين والسعي لأجل تمزيق وحدتهم وتفريق كلمتهم .
صلوا وسلموا على رسول الله ................
المشاهدات 2049 | التعليقات 1

يرفع رفع الله قدر كل من مر وعلق وأفاد واستفاد