واجبنا تجاه كبار السن
عايد القزلان التميمي
1446/04/06 - 2024/10/09 07:19AM
الحمدُ للهِ رب العالمين ، القائل ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ﴾ أَشهدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ َ, وأَشهدُ أنَّ نَبِيَّنا مُحمَّدًا عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ صلى الله وسلم عليه وعلَى آلِهِ, وَصَحْبِهِ, والتَّابِعينَ لَهمْ بِإحْسَانٍ.
أمَّا بعدُ. فأوصيكم ونفسي بتقوى الله في السِّرِّ والعلن .
أيها المؤمنون : إنَّ ديننا الإسلامي يدعوا ويحثُّ على الأخلاقِ النبيلة والخصالِ الكريمة ومن ذلك الاحترام والتقدير لكبار السن ومَعْرَفَةِ حَقِّهِم وحِفْظِ واجِبِهم .
وقد حثنا نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم على احْتِرامِ كبير السِّن وتوقِيرِه وإكرامِه في أحاديث كثيرة ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: (هل تُنصَرون وتُرزَقون إلا بضعفائكم)أخرجه البخاري
وقوله صلى الله عليه وسلم (( اُبغُوني ضُعَفَاءَكُم ؛ فَإِنَّمَا تُرزَقُونَ وَتُنصَرُونَ بِضُعَفَائِكُم)) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
وعن أَبي موسى رضي الله عنه قَالَ: قالَ رسولُ اللَّه ﷺ (( إِنَّ مِنْ إِجْلالِ اللَّهِ تَعَالَى: إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبةِ المُسْلِمِ، وَحَامِلِ الْقُرآنِ غَيْرِ الْغَالي فِيهِ والجَافي عَنْهُ، وإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ المُقْسِطِ ((حديثٌ حسنٌ، رواه أَبُو داود. وتحت لفظ “إكرام ذي الشيبة المسلم”، تأتي كل صور الرعاية والإكرام للمسنين،.
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه: أن رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: )) لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا (( رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ))يُسَلِّمُ الصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ، وَالْمَارُّ عَلَى الْقَاعِدِ، وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ)) أخرجه البخاري
عباد الله وديننا الإسلامي يحثنا على تقديم الْمُسِن في وُجُوهِ الإكرام عَامَّةً: فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (( أَمَرني جبريلُ أن أُكَبِّرَ )) أي أُقَدِّم الأكبر سنا , أخرجه أحمد وصححه الألباني.,
وهذه قاعدة عامة في تقديم الكبير والْمُسِن في وجوه الإكرام والتشريف عامة.
وقد كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَنُّ وعندَه رجلان، أحدُهما أكبرُ مِن الآخرِ، فأوحى اللهُ إليه في فضلِ السواكِ أَنْ كبِّرْ أعْطِ السواكَ أكبرَهما)) أخرجه أبو داود وصححه الألباني .
ودَخلَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ فَاتحاً مُنتصِراً، وإذا بأَبي بَكْرٍ رضيَ اللهُ عَنهُ وأَرضَاهُ آخِذًا بَيَدِ أبيهِ أَبِي قُحَافَةَ، ذلكَ الشيخُ الكَبِيرُ، يَسُوقُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلمَّا رَآهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: (( أَلَا تَرَكْتَهُ حَتَّى نَكُونَ نَحْنُ الَّذِي نَأْتِيهِ))، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: هُوَ أَحَقُّ أَنْ يَأْتِيَكَ. رواهُ الإمامُ أَحمدُ، وصَححهُ الألبانيُّ.
إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي تحث المسلمين إلى احترام كبار السن ، ومعرفة حق ذي الشيبة المسلم ومراعاة كِبِرِ سِنِّهم وأعمارِهم.
إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي تحث المسلمين إلى احترام كبار السن ، ومعرفة حق ذي الشيبة المسلم ومراعاة كِبِرِ سِنِّهم وأعمارِهم.
واعلموا أننا إذا احترمنا الكبير، ورعينا حقوقه، يَسَّرَ اللهُ تعالى لنا في كِبَرِنا مَن يرعى حُقُوقَنا، جَزاءً من جنس إحساننا، لأن الله عز وجل يقول: ﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ﴾
عباد الله إن الأحكام الشرعية في الإسلام دائمًا تأخذ في الاعتبار مبدأ التخفيف عن صَاحِب الحرج، كالْمُسِن , نرى ذلك بوضوح في جميع التشريعات الإسلامية , فقد خَفَّفَ الشرع عن المُسن في الكفّارات والفرائض والواجبات.
وفي الفرائض: أجاز لِلْمُسِن أن يُفْطِر في نهار رمضان -ويُطْعِم- إذا شَقَّ عليه الصيام، وأن يُصَلِّي جالسًا إذا شَقَّ عليه القِيام، وأن يُصَلِّي مُسْتَلْقِياً إذا شَقَّ عليه الْجُلوس. وهكذا.
ورَخَّص صلى الله عليه وسلم لِلْمُسِن العَاجِز عن الحج أن يُنِيب من يحج عنه.
عباد الله ونشاهد في مجتمعنا احترام كبير السن وخاصة في مجالسنا وتخصيص صَدْرَ المجلس للأكبر فالأكبر، بل إن المُتعارف عليه أن صَدْرَ المجلس حيث يجلس كبار السن، ولكي لا نختصر موضوع الاحترام في الجلوس فقط لا بد من الإشارة إلى أهمية الحديث مع المُسن سواء كان من الأقارب أو الجيران أو غيرهم، فهم يحتاجون إلى الاهتمام، فالحديث معه يُشْعِره بأنّ من حَوْلَه يَشْعُرُونَ بِه، كما أن على الأبناء والبنات الاهتمام بحقوق والدِيهِم، ويُكْثروا من الجلوس معهم وأن لا ينشغلوا بالأجهزة التي بين أيديهم، وهم جالسون عندهم وأخشى أن يكون هذا الفعل الذي قد يراه البعض سهلا يدخل في باب العقوق غير المباشر.
أيها المؤمنون : فمثلما نضع كبار السن في صدر مجالسنا، فقد وضعت حكومتنا كبار السن في صدر اهتماماتها من خلال نظام حقوق كبير السن ورعايته, ومنها الخصم في تذاكر السفر والقطارات
أيها المؤمنون : فمثلما نضع كبار السن في صدر مجالسنا، فقد وضعت حكومتنا كبار السن في صدر اهتماماتها من خلال نظام حقوق كبير السن ورعايته, ومنها الخصم في تذاكر السفر والقطارات
وغيرها، وكذلك الاستفادة من خبراتهم كمستشارين حسب تخصصاتهم وخبراتهم.
عباد الله : ما كان لِلْكِبار مِنَ الحسنات فانْشُرُوها واقبلوها واذكروها, وما كان من السيئات والأخطاء فاغْفِرُوها واسْتُرُوها فإن الله يُعظم لَكُم الأجر والثواب.
أقول ما سمعتم وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي أمر بالإحسان بالوالدين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد : فيا أيها المؤمنون, يجب علينا الإحسان لكبار السن لاسيما الوالدين من الآباء والأمهات لإنّ بِرَّ الوالدين من القربات العظيمة فقد تسابق إليه الأتقياء من عباد الله من الأنبياء والرسل وأتباعهم . فهذا نُوحٌ عليه السلام يخص والديه بالدعاء بالمغفرة بقوله: (( رَّبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ))
وكذلك عيسى ابن مريم عليه السلام حين قال عنه الله عز وجل : (( وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا))
وقال تعالى: ((وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ))
وقال سبحانه ((وَٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِٱلْوٰلِدَيْنِ إِحْسَـٰناً ))
ولقد جاءت نصوص السنة في الدلالة على هذا الحق العظيم فمن ذلك ما رواه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:قال سَأَلْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ العَمَلِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قالَ: الصَّلاةُ علَى وقْتِها، قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: ثُمَّ برُّ الوالِدَيْنِ، قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: الجِهادُ في سَبيلِ اللَّهِ،)) متفق عليه
واعلموا عباد الله أنَّ بِرَّ الوالدين سَبَبٌ في بَسْطِ الرِّزْق وطُول العُمر وكذلك سَبَبٌ في دَفْعِ المصائب كما جاء في خبر أصحاب الغار. كما أنه سَبَبٌ في إجابة الدعاء كما جاء في صحيح مسلم في خبر أُوَيْسٌ القَرَنيُّ أنَّه كان بَاراً بِأُمِّه. إلى غير ذلك مما هو مُدَّخّرٌ لِلْبَارِّ بِوالديه من خَيْرَيّ الدُّنيا والآخرة.
عباد الله صلوا وسلموا على رسول الله ......
المرفقات
1728447844_واجبنا تجاه كبار السن.doc