واتق دعوة المظلوم

كامل الضبع زيدان
1436/08/19 - 2015/06/06 11:35AM
. واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب.
نصيحة من النصائح الغالية التي نصحها الحبيب الصادق الأمين حبيب رب العالمين صلى الله عليه وسلم لحبيبه والذي أقسم أنه يحبه الصحابي الجليل معاذ بن جبل ولا شك أنها من أنفع النصائح لأن الظلم عواقبه وخيمه في الدنيا والآخرة وبخاصة لو كان هذا المظلوم ضعيفا لا يستطيع أن يأخذ حقه بنفسه وليس له ناصر إلا الله العزيز الجبار فيا ويل من ظلمه إذا رفع هذا الضعيف المسكين
ـ رجلا كان أو امرأة ـ أكف الضراعة وقال يا رب انصرني على من ظلمني يا الله فإذ بهذه الدعوة ترفع فوق الغمام وتفتح لها أبواب السماء ويناديها رب العالمين وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين ولا شك أنه قريب حتى لو لم ينصر المظلوم في الدنيا فلا شك أنه منصور يوم الدين عندما يقال {اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب} رجع الجميع إلى أعدل العادلين فرادى كما خلقهم اول مرة حفاة عراة غرلا الحاكم والمحكوم الغني والفقير الوزير والغفير القوي والضعيف الشريف والوضيع سواسية في موقف واحد على أرض واحدة لا يلبسون شيئا جميعا ولا يستطيع أحد منهم أن يتخلف مهما كان شأنه في الدنيا من الكبر والغطرسة والتجبر والظلم لعباد الله الآن جاء ذليلا كالذرة كما أخبر الصادق المصدوق يطؤه أهل المحشر بأقدامهم جزاء وفاقا من جنس عمله.
واستمع إلى أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال: كنت أضرب غلاما لي بالسوط وكان غاضبا غضبا شديدا على هذا الغلام وإذ به يسمع صوتا من خلفه من بعيد اعلم أبا مسعود اعلم أبا مسعود مرات عدة فلم يميز الصوت ولم يفهمه من شدة الغضب فلما دنا منه فإذا هو حبيب الله صلى الله عليه وسلم صاحب الخلق العظيم الذي علم الدنيا الأخلاق فلما رآه أبو مسعود سقط السوط من يده هيبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإذ بالحبيب صلى الله عليه وسلم يقول له اعلم أبا مسعود أن الله عزو جل أقدر عليك منك على هذا الغلام فقال أبو مسعود بغير تردد يا رسول الله هو حر لوجه الله فقال له الحبيب صلى الله عليه وسلم لو لم تفعل لمستك النار أو للفحتك النار فقال أبو مسعود والذي بعثك بالحق لا أضرب مملوكا بعده أبدا ) رواه مسلم. فيا ويل من يرتكبون الفظائع من قتل الآلاف بغير حق ولا جرم ويعذبونهم ويسومونهم سوء العذاب بغير جرم ولا ذنب اقترفوه يا ويلهم ثم يا ويلهم.
الظلم ظلمات يوم القيامة
هكذا أمرنا الحبيب صلى الله عليه وسلم فقال: (اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة) متفق عليه ظلمات والعبد يوم القيامة في أشد وأمس الحاجة للنور لأنه سيمر بهذا النور على الصراط المظلم المضروب على شفير جهنم فكيف يسير في هذا الظلام الدامس والنار من تحته تتغيظ على العصاة والمذنبين والظالمين والمتكبرين والمتغطرسين وهي مأمورة بهم هي وكلاليبها وخطاطيفها يا له من مشهد مهيب رهيب لو استشعره العباد ما ظلم منهم أحد أحدا فإذ بهم يتخبطون في الظلمات ثم يهوون في أمهم الهاوية يا للمصيبة التي ما بعدها من مصيبة أما كان أهون عليه أن يستمع بقلبه إلى ربه جل في علاه وهو يناديه نداء في غاية الرحمة والشفقة (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا) وامتثل وخاف سوء العاقبة وأطاع الله عزو جل فيما أراد فهذا لا شك أهون وأيسر ولكن هيهات فهؤلاء نسوا الله فنسيهم ونسوا الله فأنساهم أنفسهم وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون {والله لا يهدي القوم الظالمين } يا للخسارة اللهم لا تجعلنا منهم ولا معهم أبدا يا رب العالمين.
استدراج رب العالمين لهم
فيا ويلهم وهم يحسبون أن ما يعطيهم الله من زينة الدنيا وزهرتها خير لهم وحبا من الله لهم لا حاشاه فهو الحكم العدل إنما هو كما قال جل جلاله {سنستدرجهم من حيث لا يعلمون} وكما أخبر عنه حبيبه صلى الله عليه وسلم (إن الله عزو جل ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ثم قرأ صلى الله عليه وسلم {وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد} وقد قال الله عزو جل {إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين} وقال جل جلاله {فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين} يطول في أعمارهم ويمدهم بالأموال والبنين والخدم والحشم والجنود الذين هم كالأنعام أينما وجهوهم توجهوا بدون فهم وبدون علم وبدون سؤال {فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين} ألهاهم بالفسق والفجور وأبعدهم بذلك عن الله وعن الخوف من لقاء الله فما كان من الجبار إلا أن باغتهم وهم في لهوهم وفجورهم وهتكهم للأعراض وإهلاكهم للحرث والنسل وظلمهم للعباد أخذهم بغتة على حين غرة فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين أهلكهم جميعا عن بكرة أبيهم حكاما ومحكومين القائد والجنود ومن ركن إليهم وأعجبه صنيعهم لابد وأنه سيؤاخذ كما قال عزو جل {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون} والركون الرضا بما يصنعه الظالمون والدفاع عن ظلم الظالمين وإعانتهم بأي شكل من أشكال الإعانة كبر أم صغر نسأل الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة.
الحذر الحذر من أن يقع أحد منا في شيء من الظلم
فليحذر كل واحد منا غاية الحذر كما سمعنا العواقب والمآل الذي يؤول إليه الظالمون فالله عزو جل لا يحبهم والله عزو جل لعنهم وطردهم من رحمته واسمع إلى هذا الرجل وهو ينادي سليمان بن عبد الملك وهو خليفة المسلمين وكان يخطب على المنبر فقال له الرجل اتق يوم الأذان فارتعد سليمان ونزل من على المنبر وقال للرجل وما يوم الأذان فتلى عليه قول الله عزو جل {فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين} فعلينا جميعا أن نتقي هذا اليوم العصيب وننقي أنفسنا جميعا من كل ظلم مهما كان صغيرا وعلينا أن نرد الحقوق إلى أصحابها فالذي أكل ميراث أخواته البنات فليرد لهم حقوقهم والذي أكل مال اليتيم عليه أن يرد له حقه والذي عق والديه فليبرهم وليستسمحهم والذي قطع أرحامه فليصلهم والذي أساء إلى جيرانه فليحسن إليهم والذي أكل حق الأجير فليراجع نفسه وليوفيه حقه والذي جار على زوجته وكسر بخاطرها ظلما لها فليستسمحها وليجبر بخاطرها والذي ضرب أو شتم أو سب أو أكل مال أحد فعليه أن يتحلل من كل ذلك الآن قبل الغد ولا ينتظر إلى يوم القيامة فإذ بهؤلاء جميعا يمسكون بتلابيبه ويأخذون حسناته إن كان له حسنات وإن لم يكن أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار والعياذ بالله.
من هدي النبي صلى الله عليه وسلم
أنه كان إذا خرج من بيته قال: (بسم الله توكلت على الله اللهم إني أعوذ بك من أن أضل أو أضل أو أذل أو أذل أو أظلم أو أظلم أو أجهل أو يجهل على) رواه أبو داود والترمذي عن أم سلمة رضي الله عنها وأرضاها. فلنتمسك بهذا الهدي المبارك ما حيينا لنبتعد عن الظلم بعون الله وبحفظ الله وبتوفيق الله أسأل الله عزو جل أن نكون جميعا بعيدين كل البعد عن كل ظلم صغيرا أو كبيرا وألا نكون معهم ولا في صفهم لا في الدنيا ولا في الآخرة اللهم عجل بهلاك الظالمين في كل مكان أحصهم عددا واقتلهم بددا ولا تغادر منهم أحدا عاجلا غير آجل يا رب العالمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
أخوكم / كامل الضبع محمد زيدان
المشاهدات 1261 | التعليقات 0