وأئمة المساجد بركة الأمة
أبو عبد الرحمن
1431/08/20 - 2010/08/01 20:08PM
وأئمة المساجد بركة الأمة
*الشيخ:امجد يوسف المستريحي
صعود المنابر والقاء خطب الجمعة ليس امراً سهلا كما يظنه البعض من الناس ، بل هو مرتقى صعب لا يقدر عليه الا من وفقه الله له. فالوقوف على منبر المسجد ومخاطبة الجماهير من الناس على شتى ثقافاتهم ومداركهم و اعمارهم هو أمر عظيم وجليل وصعب وخطير بنفس الوقت ، لا يعرف قيمته ولا يدرك عظمته وصعوبته الا الخطباء والأئمة في المساجد ، الذين يلتقون بجماهيرهم في كل جمعة.
فليس صعود المنبر كصعود على منصة الاذاعة المدرسية ، ولا كالجلوس خلف الميكروفون في غرفة البث الاذاعي المغلقة ، ولا كالقاء كلمة او استفسار او ملاحظة خلف ميكروفون في محاضرة او ندوة عابرة ، بل صعود المنبر هو اعظم واصعب بكثير ، كيف لا يكون كذلك والخطيب على المنبر يقوم مقام النبي صلى الله عليه وسلم في تبيلغ الرسالة والشريعة ، وهو واقف بين يدي الله عز وجل وفي بيت من بيوته وامامه حشد كبير من المؤمنين والمؤمنات.
فهاهو سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه يصعد المنبر فيرتج عليه ، وهو من هو علما وايمانا وصحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيرفع يديه بالدعاء ويدعو للمؤمنين وللمؤمنات ثم ينزل من على المنبر. وها هو الخليفة الخامس عمر بن عبدالعزيز رحمه الله رائد العدالة الانسانية ، يصعد المنبر فيرتج عليه ولا يدري ما يقول فيقول للناس عملي لكم خير من قولي ، ويدعو وينزل للصلاة.
وها هو هارون الرشيد الذي كان يحج عاما ويغزو عاما وكان صواما قواما يسير الجيوش لنصرة الاسلام فيقولون له شبت قبل اوانك ، فيقول شيبني صعود المنبر ، ومثل ذلك قاله الحسن البصري وزاد عليه (اما تروني اني اعرض عقلي على الناس كل اسبوع).
وها هو الامام ابن قدامة المقدسي صاحب السفر والكتاب العظيم المغني في فقه الحنابلة كان اماما في الفقه واماما في اللغة واماما في التفسير بل كان اماما في كل فن كما نعته الامام ابو شامة ، يقول الامام ابن النجار في ترجمته كان يهاب صعود المنابر واذا صعدها ارتج وارتجف وما يدري ما يقول.
وليس هذا غريبا ولا عجيبا لمن يعرف رهبة الوقوف على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم واعظا ومرشدا وناصحا ومفسرا ومربيا.
انني اكتب واقول هذا الكلام وانا استغرب اشد الاستغراب والعجب واعجب والله عندما اقرأ لبعض الاخوة من كتّاب الاعمدة في الصحف ، عندما يتناولون موضوع خطبة الجمعة ويعلقون على خطباء المساجد متهمينهم بالتقصير او برداءة اختيار الموضوع او بضعف الالقاء ، ويعممون ذلك على سائر الأئمة والخطباء ، لخطبة من خطيب في مسجد ما سمعوها فسجلوا عليها ملاحظات ، وهم يجلسون يرقبون اكثر انهم يجلسون يستمعون ويتعبدون ، وانا هنا لا اجزم بانه ليس هناك خلل عند بعض خطبائنا الاجلاء في خطبهم من حيث الالقاء والاختيار وصدق المعلومة وحشد الشواهد لكن هنا يجب علينا ألاّ نعمم النقد ، فالناس مدارك وثقافات متعددة ومتنوعة وعقولهم وافكارهم متفاوتة ومختلفة وشان الخطباء هو شان بقية الخلق في ذلك ، فالمعلمون واساتذة الجامعات مثلا ليسوا كلهم على نفس المستوى الثقافي والعلمي والتدريسي ، فترى منهم القوي والوسط والضعيف وكذلك كتاب الاعمدة في الصحف ليسوا كلهم بمستوى واحد فهناك من تقرأ له وتعيد قراءة المقال مرة ومرتين وثلاثة لجودة العرض وسلامة الاسلوب ، وهناك من تعرض عنه مجرد قراءتك السطر الاول وهكذا.
وخطباء المساجد شأنهم في ذلك شأن سائر الناس فهم ليسوا ملائكة منزلين من السماء فترى الخطيب القوي والوسط والضعيف ، لكن هذا الضعيف لربما خرج منه كلاما مؤثرا في بعض الاحيان يعجز عنه البلغاء والفصحاء من الخطباء.
والخطيب عندما يختار موضوع خطبته وهو ادرى بحاجة جمهوره لهذا الموضوع الذي يطرحه ، ومن الطبيعي ان يكون هناك من لا يعجبه الموضوع لانه لا يهمه او لانه يريد في تلك الجمعة مقالا هو يهواه ويراه جديرا بالطرح لذلك سيخرج غير راض عن خطبة الخطيب ، وخطيب الجمعة مسكين في جميع الاحوال فهو ان تحدث عن الربا فلربما يصيب بعض المرابين الجالسين امامه وان تحدث عن اكل الحرام اصاب فئة من المجتمع وان تحدث عن حرمان المراة من الميراث اصاب فئة اخرى وان تحدث عن العقوق او السرقة او الاعتداء على المال العام او عن النفاق او.. او فانه يصيب اصحاب هذه الامراض ومن الطبيعي ان يخرج هؤلاء غير راضين عن الخطيب لانه وضع يده على الجرح فتسبب بالالم لاصحاب الجراحات.
انني اكتب هذا الكلام ليس من باب الدفاع بالباطل ، ولا من باب الانتصار لزملائي في المهنة العظيمة الشريفة ، ولا من باب الغضب من النقد انني اكتب هذا الكلام من باب النصح والتوجيه والرفق بخطبائنا وائمة مساجدنا ، وعندي من الخبرة في هذا المجال مجال الخطابة والتدريس لسنوات طويلة حيث انني اصغر خطيب صعد المنبر في تاريخ وزارة الاوقاف في الاردن ، حيث صعدت منبر المسجد منذ نعومة اظفاري وقبل سن البلوغ ولا زلت من يومها خطيبا ومدرسا وواعضا ، فانا عندما اطرح هذا الموضوع وأتكلم فيه ، فاني أتكلم من داخل الواقع الذي امارسه ، ولست مراقبا وناقدا أبغي العثرات والزلات ، وفي النهاية ما اجمل المقولة الشهيرة التي تقول: إرضاء الناس غاية لا تدرك.
http://www.addustour.com/ViewTopic.aspx?ac=%5CExtra%5C2010%5C07%5CExtra_issue1002_day09_id250221.htm
Date : 09-07-2010
*الشيخ:امجد يوسف المستريحي
صعود المنابر والقاء خطب الجمعة ليس امراً سهلا كما يظنه البعض من الناس ، بل هو مرتقى صعب لا يقدر عليه الا من وفقه الله له. فالوقوف على منبر المسجد ومخاطبة الجماهير من الناس على شتى ثقافاتهم ومداركهم و اعمارهم هو أمر عظيم وجليل وصعب وخطير بنفس الوقت ، لا يعرف قيمته ولا يدرك عظمته وصعوبته الا الخطباء والأئمة في المساجد ، الذين يلتقون بجماهيرهم في كل جمعة.
فليس صعود المنبر كصعود على منصة الاذاعة المدرسية ، ولا كالجلوس خلف الميكروفون في غرفة البث الاذاعي المغلقة ، ولا كالقاء كلمة او استفسار او ملاحظة خلف ميكروفون في محاضرة او ندوة عابرة ، بل صعود المنبر هو اعظم واصعب بكثير ، كيف لا يكون كذلك والخطيب على المنبر يقوم مقام النبي صلى الله عليه وسلم في تبيلغ الرسالة والشريعة ، وهو واقف بين يدي الله عز وجل وفي بيت من بيوته وامامه حشد كبير من المؤمنين والمؤمنات.
فهاهو سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه يصعد المنبر فيرتج عليه ، وهو من هو علما وايمانا وصحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيرفع يديه بالدعاء ويدعو للمؤمنين وللمؤمنات ثم ينزل من على المنبر. وها هو الخليفة الخامس عمر بن عبدالعزيز رحمه الله رائد العدالة الانسانية ، يصعد المنبر فيرتج عليه ولا يدري ما يقول فيقول للناس عملي لكم خير من قولي ، ويدعو وينزل للصلاة.
وها هو هارون الرشيد الذي كان يحج عاما ويغزو عاما وكان صواما قواما يسير الجيوش لنصرة الاسلام فيقولون له شبت قبل اوانك ، فيقول شيبني صعود المنبر ، ومثل ذلك قاله الحسن البصري وزاد عليه (اما تروني اني اعرض عقلي على الناس كل اسبوع).
وها هو الامام ابن قدامة المقدسي صاحب السفر والكتاب العظيم المغني في فقه الحنابلة كان اماما في الفقه واماما في اللغة واماما في التفسير بل كان اماما في كل فن كما نعته الامام ابو شامة ، يقول الامام ابن النجار في ترجمته كان يهاب صعود المنابر واذا صعدها ارتج وارتجف وما يدري ما يقول.
وليس هذا غريبا ولا عجيبا لمن يعرف رهبة الوقوف على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم واعظا ومرشدا وناصحا ومفسرا ومربيا.
انني اكتب واقول هذا الكلام وانا استغرب اشد الاستغراب والعجب واعجب والله عندما اقرأ لبعض الاخوة من كتّاب الاعمدة في الصحف ، عندما يتناولون موضوع خطبة الجمعة ويعلقون على خطباء المساجد متهمينهم بالتقصير او برداءة اختيار الموضوع او بضعف الالقاء ، ويعممون ذلك على سائر الأئمة والخطباء ، لخطبة من خطيب في مسجد ما سمعوها فسجلوا عليها ملاحظات ، وهم يجلسون يرقبون اكثر انهم يجلسون يستمعون ويتعبدون ، وانا هنا لا اجزم بانه ليس هناك خلل عند بعض خطبائنا الاجلاء في خطبهم من حيث الالقاء والاختيار وصدق المعلومة وحشد الشواهد لكن هنا يجب علينا ألاّ نعمم النقد ، فالناس مدارك وثقافات متعددة ومتنوعة وعقولهم وافكارهم متفاوتة ومختلفة وشان الخطباء هو شان بقية الخلق في ذلك ، فالمعلمون واساتذة الجامعات مثلا ليسوا كلهم على نفس المستوى الثقافي والعلمي والتدريسي ، فترى منهم القوي والوسط والضعيف وكذلك كتاب الاعمدة في الصحف ليسوا كلهم بمستوى واحد فهناك من تقرأ له وتعيد قراءة المقال مرة ومرتين وثلاثة لجودة العرض وسلامة الاسلوب ، وهناك من تعرض عنه مجرد قراءتك السطر الاول وهكذا.
وخطباء المساجد شأنهم في ذلك شأن سائر الناس فهم ليسوا ملائكة منزلين من السماء فترى الخطيب القوي والوسط والضعيف ، لكن هذا الضعيف لربما خرج منه كلاما مؤثرا في بعض الاحيان يعجز عنه البلغاء والفصحاء من الخطباء.
والخطيب عندما يختار موضوع خطبته وهو ادرى بحاجة جمهوره لهذا الموضوع الذي يطرحه ، ومن الطبيعي ان يكون هناك من لا يعجبه الموضوع لانه لا يهمه او لانه يريد في تلك الجمعة مقالا هو يهواه ويراه جديرا بالطرح لذلك سيخرج غير راض عن خطبة الخطيب ، وخطيب الجمعة مسكين في جميع الاحوال فهو ان تحدث عن الربا فلربما يصيب بعض المرابين الجالسين امامه وان تحدث عن اكل الحرام اصاب فئة من المجتمع وان تحدث عن حرمان المراة من الميراث اصاب فئة اخرى وان تحدث عن العقوق او السرقة او الاعتداء على المال العام او عن النفاق او.. او فانه يصيب اصحاب هذه الامراض ومن الطبيعي ان يخرج هؤلاء غير راضين عن الخطيب لانه وضع يده على الجرح فتسبب بالالم لاصحاب الجراحات.
انني اكتب هذا الكلام ليس من باب الدفاع بالباطل ، ولا من باب الانتصار لزملائي في المهنة العظيمة الشريفة ، ولا من باب الغضب من النقد انني اكتب هذا الكلام من باب النصح والتوجيه والرفق بخطبائنا وائمة مساجدنا ، وعندي من الخبرة في هذا المجال مجال الخطابة والتدريس لسنوات طويلة حيث انني اصغر خطيب صعد المنبر في تاريخ وزارة الاوقاف في الاردن ، حيث صعدت منبر المسجد منذ نعومة اظفاري وقبل سن البلوغ ولا زلت من يومها خطيبا ومدرسا وواعضا ، فانا عندما اطرح هذا الموضوع وأتكلم فيه ، فاني أتكلم من داخل الواقع الذي امارسه ، ولست مراقبا وناقدا أبغي العثرات والزلات ، وفي النهاية ما اجمل المقولة الشهيرة التي تقول: إرضاء الناس غاية لا تدرك.
http://www.addustour.com/ViewTopic.aspx?ac=%5CExtra%5C2010%5C07%5CExtra_issue1002_day09_id250221.htm
Date : 09-07-2010