هل ستصادر أمريكا أموال المسلمين بقانون جاستا؟!
احمد ابوبكر
1438/01/01 - 2016/10/02 06:29AM
[align=justify]قانون جاستا أو قانون "العدالة ضد رعاة الإرهاب" أقره الكونجرس الأربعاء 28 سبتمبر 2016 ضارباً بفيتو الرئيس الأمريكي باراك أوباما ضده عرض الحائط. هذا القانون الذي يسمح لضحايا سبتمبر رفع قضايا تعويضات مالية ضد الدول التي ينتمي إليها المشتبه بهم في جريمة 11سبتمبر. وقد ركز الطرح الإعلامي الغربي على المملكة العربية السعودية بأنها المقصودة بالقانون وأنها ستغرم مؤكداً تعويضات بمئات المليارات، قد تؤدي للحجز على كافة أموالها وأصولها في الولايات المتحدة الأمريكية والدول المتعاونة معها. فهل هذا القانون ولد فجأة أم أنه حصيلة أعوام عديدة من الإعداد التشريعي والتهيئة الدولية لتمكين العصابة الأمريكية والغربية من سرقة أموال المسلمين المغتربة لديهم ؟!
في هذا الإطار وحول هذا السؤال تحديداً نشرت لي عدة دراسات أكثرهما تفصيلاً دراستين؛ الأولى نُشرت بالتقرير الاستراتيجي السنوي الثاني الصادر عن (مجلة البيان) وذلك قبل ثلاثة عشر سنة وحملت الدراسة عنوان: «التدابير الدولية ومصادرة الخيرات الإسلامية»، والدراسة الثانية نُشرت بملف الأهرام الاستراتيجي الصادر عن (مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية) وذلك قبل أحد عشر سنة وحملت عنوان: «المشكلات المحتملة التي تواجه الأموال العربية في الخارج». وحَذَّرتُ حينها من المخاطر التي تواجه الأموال العربية الموجودة بالخارج، وعلى رأس هذه المخاطر: تجميد الأموال ومصادرتها لصالح الدول الغربية. وكنتُ حينها قد توصلتُ إلى أن التقدير المتوسط المقبول لحجم الأموال العربية المغتربة في أوروبا وأمريكا هو أكثر من أربعة تريليون دولار أي أكثر من أربعة آلاف مليار دولار، وإذا أضفنا إليها الأرباح المُركَّبة لتلك المبالغ وما اُستحدث من تحويلاتٍ مالية عربية إلى الغرب خلال الأعوام التي تلت الدراستين، فسيكون الرقم المغترب مُرعبًا.
وقلت في دراسة تقرير البيان الاستراتيجي : " الفرضية الراجحة لدينا هي أن إعداد التدابير وسنّ التشريعات ليس من أجل مصادرة أموال العمل الخيري؛ ولكن من أجل استخدامها في مصادرة الكعكة الكبيرة، وهي الأموال الإسلامية والعربية". واستشهدت بتصريح " بول أونيل" – وزير المالية الأمريكي أمام لجنة الخدمات المالية لمجلس النواب الأمريكي في 4/10/2001 م-: " بأن هناك فريق عمل في وكالات حكومية أمريكية تتزعمه وزارة المالية؛ مهمته مصادرة الأموال، اسم الفريق ( عملية التنقيب عن الأخضر) ( أي عملية البحث عن مال)."
والأخضر هنا قد يكون دلالة عن الدولار، وقد يكون دلالة عن الإسلام بحسب بعض المحللين؛ كما أن اختيار لفظة " التنقيب" ليست عفوية فهي كلمة دقيقة ذات دلالات بترولية.
وجاء في دراسة تقرير البيان الاستراتيجي أيضاً أنه " منذ فترة وجيزة اعتُمد لضحايا لوكيربي 10 ملايين دولار للفرد الواحد، وقيل إنه بذلك تم رفع تسعيرة التعويضات، وما نود أن نقوله: إن رفع التعويضات بهذه الصورة هو من باب تهيئة الرأي العام نحو تقبل الأرقام الخيالية التي قد تحكم بها المحاكم الأمريكية لضحايا سبتمبر وأسرهم الذين رُفضت قضيتهم الأولى، ويستعدون لرفعها أمام دائرة أخرى، وتسديد فاتورة التعويضات سيتم من خلال التدابير التشريعية التي تعد منذ 1996م، والتي من أهمها الفقرة الرابعة من المادة 8 من الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب والتي تنص على: ( تنظر كل دولة طرف في إنشاء آليات تنص على تخصيص المبالغ التي تتأتى من عمليات المصادرة؛ لتعويض ضحايا الجرائم أو تعويض أسرهم".
وقد أوضحتُ في دراسة تقرير (البيان) الاستراتيجي التدابير الدولية التي اتخذتها كافة دول العالم حيال تجميد ومصادرة الأرصدة الموجودة لديها، فقد رفعت جميع دول العالم إلى لجنة مكافحة الإرهاب بالأمم المتحدة تقاريرها المتخذة حيال ما سموه "الإرهاب"؛ وكل تقرير تباين عدد صفحاته باختلاف الدولة، وتراوحت بين 15 إلى 100 صفحة، وفي أحيان قليلة تجاوزت بعض التقارير مائة صفحة، وقد نشرت هذه التقارير ضمن مطبوعات الأمم المتحدة الداخلية، وقد قمت حينها بتحليل محتوى هذه التقارير ودراسة الجزء المتعلق بالتمويل لـ 180 دولة، وعرض ملخص للتدابير التي اتخذتها بعض الدول لتجميد الأرصدة ومصادرتها وذلك في دراسة البيان.
فعلى سبيل المثال قالت سويسرا في تقريرها : «يجدر التوضيح أن السرية المصرفية في سويسرا لا يمكن أن تشكل عقبةً تعترض العدالة؛ إذ يمكن رفع هذه السرية فور تقديم طلبٍ للمساعدة، وبوسع السلطات المختصة أن تُجمِّد الأصول المالية، وقد أطلقت سويسرا مبادرةً دولية تدعى (إنترلاكن) ترمي إلى فرض جزاءاتٍ مالية مُوجهة تستهدف قادة البلدان التي تنتهك السلم الدولي».
أما فرنسا فقد قالت: «يمكن لفرنسا على الصعيد الوطني تجميد حسابات الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين غير المقيمين، وذلك بمرسومٍ يُستصدَر بناءً على تقرير الوزير المكلف وفقًا للمادة L-151-2 من القانون النقدي والمالي».
وأما باقي الدول الأوروبية فقد أوضحت أن «القواعد والتدابير التي حددها مجلس الاتحاد الأوروبي هي الأساس الذي يُستنَد إليه في تجميد ومصادرة الأرصدة والأصول».
وقال الاتحاد الأوروبي: " توصل مجلس الاتحاد الأوروبي خلال جلسته في 10/12/2001م؛ إلى اتفاق موحد ولائحة ينشئان معاً مجموعة من الالتزامات القانونية التي تستوجب تجميد الأموال أو غيرها من الموجودات أو الموارد الاقتصادية، والحرص على عدم إتاحتها لكل شخص طبيعي أو اعتباري".
وأشار تقرير الاتحاد الروسي إلى أن المادة 25 من القانون الاتحادي " بشأن مكافحة الإرهاب" تنص على إمكانية إعلان أن المنظمة المعنية إرهابية، ومن ثم تصنيفها بموجب قرار قضائي، وعند ذلك تتعرض ممتلكاتها للمصادرة والإضافة إلى إيرادات الدولة، وأن وزارات وهيئات الاتحاد الروسي تعكف بصورة نشطة على إعداد مشاريع قوانين من شأنها أن تمكن من إقامة الدعاوى بشكل أكثر فعالية ضد المنظمات بسبب دعمها للأعمال الإرهابية.
أما أمريكا فقد أوضحت في تقريرها بعض الإجراءات العملية في تجميد أصول يشتبه في علاقتها بالإرهاب، حيث أنشأ مكتب التحقيقات الاتحادي فريق التحقيقات المالية المشترك بين الوكالات لبحث الترتيبات المالية المستخدمة لدعم الهجمات الإرهابية، كما شكلت دائرة الجمارك فرقة عمل مالية operation green ques ، ومهمتها الكشف عن الهياكل الأساسية المالية للمنظمات الإرهابية ورصدها وتفكيكها، وأوضحت أمريكا أنها اتصلت بكل دولة في العالم لتشجيعها على الكشف عن أصول الإرهابيين وتجميدها؛ من خلال تنفيذ القرارات الصادرة عن مجلس الأمن ووسائل أخرى.
كما تبين أن هناك تشريعًا دوليًا اتفقت عليه الدول الغربية وهو أنه «يجوز لكل دولة طرف معنية أن تنظر في إبرام اتفاقاتٍ تَنَصُّ على اقتسامها الأموال المتأتية من عمليات المصادرة مع غيرها من الدول». وعلينا أن نلاحظ هنا تحديدًا استخدام مصطلح (اقتسام الأموال) فهو مصطلحٌ حاضرٌ بقوة في الأدبيات المالية والقانونية الغربية.
وقد ختمت دراسة تقرير البيان الاستراتيجي التي نشرت عام 2004 بالفقرة التالية:
" إن كل هذه التدابير اتُخذت على الرغم من إخفاق الأمم المتحدة في وضع تعريف محدد للإرهاب، ومن ثم تم تحديد العقوبة دون تحديد الذنب، فقد أعلنت وكالات الأنباء في 6/10/2001 م أن الجمعية العامة للأمم المتحدة أخفقت في تبني قرار بشأن التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب وذلك بسبب خلافات بين أعضاء الجمعية حول تحديد مفهوم الإرهاب. إن الأمر جدّ خطير، وأموالنا المغتربة مهددة بين عشية وضحاها بالمصادرة، والعلاج الأمثل والأوحد هو عودة الأموال المغتربة إلى أحضان أصحابها".
وعليه فإننا نرى أن الإيقاع يسير بوتيرة سريعة نحو إنهاء العلاقة الدافئة بين الغرب ممثلاً في أمريكا والدول السنية الثرية ممثلة في المملكة العربية السعودية؛ وأن عملية مصادرة الأموال تحت مسمى التعويضات هي بمثابة " مؤخر الصداق" الذي يرى الغرب أنه الأحق به، وأن مصادرة أموال المسلمين آتية لا محالة إن آجلاً أو عاجلاً إلا أن يتداركنا الله برحمته.
وبدورنا سنحاول وضع بعض المؤشرات لمدافعة هذه الأزمة؛ ومحاولة تجاوز ذلك المأزق باهظ التكاليف، والتي منها:
1- ما نزلت عقوبة إلا بذنب وما رفعت إلا بتوبة؛ والتوبة هنا عامة وخاصة؛ عامة عن كافة المظالم التي قد يظن معها أنها موجبة للمهالك؛ وخاصة مرتبطة بأموال المسلمين المغتربة في أوروبا وأمريكا، وهي متعلقة بذنبين؛ الأول تنقية هذا المال من عوامل تلويثه من سرقات وربا وتوظيف في المحرمات وغيرهم من المفاسد؛ والثاني تطهيره بالزكاة المستحقة عليه سواء أكانت خمساً أو أقل.
2- ضرورة إنشاء خلية أزمة استراتيجية تضع خطط المدافعة بمعزل عن التجاذبات الإعلامية، والضغوطات السياسية.
3- ضرورة العمل على كشف أكذوبة الحادي عشر من سبتمبر وإبطال تهمة مسئولية المسلمين عنها؛ وقد عمل عدد غير قليل من الخبراء والباحثين الغربيين على كشف حقيقة ما حدث في 11 سبتمبر، وتوجيه الاتهام المباشر لأمريكا في صناعة تلك الجريمة؛ ويمكن في هذا الصدد صناعة سلسلة من الأفلام الوثائقية والبرامج التحقيقية التي توثق الشهادات الفنية وبخاصة الغربية، والتي تبرئ ساحة المسلمين من هذه الجريمة الاستخباراتية عالية المستوى. كما يمكن الاستفادة من تلك الشهادات الفنية الموثقة في الدفوع القضائية مستقبلاً.
4- معاملة الكيان الصهيوني بالمثل؛ وذلك برعاية ودفع آلاف الأسر الفلسطينية وبخاصة في غزة إلى رفع دعاوى تعويضات مالية قضائية دولية ضد جرائم الصهاينة في غزة وفلسطين.
5- معاونة السوريين في رفع دعاوى تعويضات مالية قضائية دولية ضد جرائم إيران وروسيا على أرض روسيا.
6- رعاية رفع دعاوى تعويضات مالية قضائية دولية ضد أمريكا وذلك عن جرائمها في العراق منذ عام 2003.
7- عقد مؤتمر دولي لبحث مصطلح الإرهاب؛ مع توثيق الشهادات الدولية لتعريف الإرهاب بحيث تضم إليه جرائم أمريكا ضد الهنود الحمر؛ وجرائم أوروبا ضد المسلمين في إسبانيا.
8- الوقف الفوري لضخ أية أموال أو استثمارات عربية جديدة للغرب؛ وذلك على مستوى الحكومات والأفراد.
9- التفكير الجدي في وضع خطة زمنية لتصفية وسحب الاستثمارات العربية والإسلامية المغتربة في أوروبا وأمريكا في أسرع وقت ممكن.
10- وضع خطة اقتصادية مدروسة لفك الارتباط الدولاري بالعملات المحلية؛ مع السعي الجدي للتحرر من التبعية الاقتصادية لأمريكا وأوروبا؛ وذلك بالبحث عن شركاء مسلمين جدد يستوعبون التحول الاقتصادي الجديد؛ وأحسب أن مثلث مصر والسودان وتركيا يمكنهم لعب دوراً استيعابياً مؤثراً في هذا التوجه الجديد.
[/align]
في هذا الإطار وحول هذا السؤال تحديداً نشرت لي عدة دراسات أكثرهما تفصيلاً دراستين؛ الأولى نُشرت بالتقرير الاستراتيجي السنوي الثاني الصادر عن (مجلة البيان) وذلك قبل ثلاثة عشر سنة وحملت الدراسة عنوان: «التدابير الدولية ومصادرة الخيرات الإسلامية»، والدراسة الثانية نُشرت بملف الأهرام الاستراتيجي الصادر عن (مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية) وذلك قبل أحد عشر سنة وحملت عنوان: «المشكلات المحتملة التي تواجه الأموال العربية في الخارج». وحَذَّرتُ حينها من المخاطر التي تواجه الأموال العربية الموجودة بالخارج، وعلى رأس هذه المخاطر: تجميد الأموال ومصادرتها لصالح الدول الغربية. وكنتُ حينها قد توصلتُ إلى أن التقدير المتوسط المقبول لحجم الأموال العربية المغتربة في أوروبا وأمريكا هو أكثر من أربعة تريليون دولار أي أكثر من أربعة آلاف مليار دولار، وإذا أضفنا إليها الأرباح المُركَّبة لتلك المبالغ وما اُستحدث من تحويلاتٍ مالية عربية إلى الغرب خلال الأعوام التي تلت الدراستين، فسيكون الرقم المغترب مُرعبًا.
وقلت في دراسة تقرير البيان الاستراتيجي : " الفرضية الراجحة لدينا هي أن إعداد التدابير وسنّ التشريعات ليس من أجل مصادرة أموال العمل الخيري؛ ولكن من أجل استخدامها في مصادرة الكعكة الكبيرة، وهي الأموال الإسلامية والعربية". واستشهدت بتصريح " بول أونيل" – وزير المالية الأمريكي أمام لجنة الخدمات المالية لمجلس النواب الأمريكي في 4/10/2001 م-: " بأن هناك فريق عمل في وكالات حكومية أمريكية تتزعمه وزارة المالية؛ مهمته مصادرة الأموال، اسم الفريق ( عملية التنقيب عن الأخضر) ( أي عملية البحث عن مال)."
والأخضر هنا قد يكون دلالة عن الدولار، وقد يكون دلالة عن الإسلام بحسب بعض المحللين؛ كما أن اختيار لفظة " التنقيب" ليست عفوية فهي كلمة دقيقة ذات دلالات بترولية.
وجاء في دراسة تقرير البيان الاستراتيجي أيضاً أنه " منذ فترة وجيزة اعتُمد لضحايا لوكيربي 10 ملايين دولار للفرد الواحد، وقيل إنه بذلك تم رفع تسعيرة التعويضات، وما نود أن نقوله: إن رفع التعويضات بهذه الصورة هو من باب تهيئة الرأي العام نحو تقبل الأرقام الخيالية التي قد تحكم بها المحاكم الأمريكية لضحايا سبتمبر وأسرهم الذين رُفضت قضيتهم الأولى، ويستعدون لرفعها أمام دائرة أخرى، وتسديد فاتورة التعويضات سيتم من خلال التدابير التشريعية التي تعد منذ 1996م، والتي من أهمها الفقرة الرابعة من المادة 8 من الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب والتي تنص على: ( تنظر كل دولة طرف في إنشاء آليات تنص على تخصيص المبالغ التي تتأتى من عمليات المصادرة؛ لتعويض ضحايا الجرائم أو تعويض أسرهم".
وقد أوضحتُ في دراسة تقرير (البيان) الاستراتيجي التدابير الدولية التي اتخذتها كافة دول العالم حيال تجميد ومصادرة الأرصدة الموجودة لديها، فقد رفعت جميع دول العالم إلى لجنة مكافحة الإرهاب بالأمم المتحدة تقاريرها المتخذة حيال ما سموه "الإرهاب"؛ وكل تقرير تباين عدد صفحاته باختلاف الدولة، وتراوحت بين 15 إلى 100 صفحة، وفي أحيان قليلة تجاوزت بعض التقارير مائة صفحة، وقد نشرت هذه التقارير ضمن مطبوعات الأمم المتحدة الداخلية، وقد قمت حينها بتحليل محتوى هذه التقارير ودراسة الجزء المتعلق بالتمويل لـ 180 دولة، وعرض ملخص للتدابير التي اتخذتها بعض الدول لتجميد الأرصدة ومصادرتها وذلك في دراسة البيان.
فعلى سبيل المثال قالت سويسرا في تقريرها : «يجدر التوضيح أن السرية المصرفية في سويسرا لا يمكن أن تشكل عقبةً تعترض العدالة؛ إذ يمكن رفع هذه السرية فور تقديم طلبٍ للمساعدة، وبوسع السلطات المختصة أن تُجمِّد الأصول المالية، وقد أطلقت سويسرا مبادرةً دولية تدعى (إنترلاكن) ترمي إلى فرض جزاءاتٍ مالية مُوجهة تستهدف قادة البلدان التي تنتهك السلم الدولي».
أما فرنسا فقد قالت: «يمكن لفرنسا على الصعيد الوطني تجميد حسابات الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين غير المقيمين، وذلك بمرسومٍ يُستصدَر بناءً على تقرير الوزير المكلف وفقًا للمادة L-151-2 من القانون النقدي والمالي».
وأما باقي الدول الأوروبية فقد أوضحت أن «القواعد والتدابير التي حددها مجلس الاتحاد الأوروبي هي الأساس الذي يُستنَد إليه في تجميد ومصادرة الأرصدة والأصول».
وقال الاتحاد الأوروبي: " توصل مجلس الاتحاد الأوروبي خلال جلسته في 10/12/2001م؛ إلى اتفاق موحد ولائحة ينشئان معاً مجموعة من الالتزامات القانونية التي تستوجب تجميد الأموال أو غيرها من الموجودات أو الموارد الاقتصادية، والحرص على عدم إتاحتها لكل شخص طبيعي أو اعتباري".
وأشار تقرير الاتحاد الروسي إلى أن المادة 25 من القانون الاتحادي " بشأن مكافحة الإرهاب" تنص على إمكانية إعلان أن المنظمة المعنية إرهابية، ومن ثم تصنيفها بموجب قرار قضائي، وعند ذلك تتعرض ممتلكاتها للمصادرة والإضافة إلى إيرادات الدولة، وأن وزارات وهيئات الاتحاد الروسي تعكف بصورة نشطة على إعداد مشاريع قوانين من شأنها أن تمكن من إقامة الدعاوى بشكل أكثر فعالية ضد المنظمات بسبب دعمها للأعمال الإرهابية.
أما أمريكا فقد أوضحت في تقريرها بعض الإجراءات العملية في تجميد أصول يشتبه في علاقتها بالإرهاب، حيث أنشأ مكتب التحقيقات الاتحادي فريق التحقيقات المالية المشترك بين الوكالات لبحث الترتيبات المالية المستخدمة لدعم الهجمات الإرهابية، كما شكلت دائرة الجمارك فرقة عمل مالية operation green ques ، ومهمتها الكشف عن الهياكل الأساسية المالية للمنظمات الإرهابية ورصدها وتفكيكها، وأوضحت أمريكا أنها اتصلت بكل دولة في العالم لتشجيعها على الكشف عن أصول الإرهابيين وتجميدها؛ من خلال تنفيذ القرارات الصادرة عن مجلس الأمن ووسائل أخرى.
كما تبين أن هناك تشريعًا دوليًا اتفقت عليه الدول الغربية وهو أنه «يجوز لكل دولة طرف معنية أن تنظر في إبرام اتفاقاتٍ تَنَصُّ على اقتسامها الأموال المتأتية من عمليات المصادرة مع غيرها من الدول». وعلينا أن نلاحظ هنا تحديدًا استخدام مصطلح (اقتسام الأموال) فهو مصطلحٌ حاضرٌ بقوة في الأدبيات المالية والقانونية الغربية.
وقد ختمت دراسة تقرير البيان الاستراتيجي التي نشرت عام 2004 بالفقرة التالية:
" إن كل هذه التدابير اتُخذت على الرغم من إخفاق الأمم المتحدة في وضع تعريف محدد للإرهاب، ومن ثم تم تحديد العقوبة دون تحديد الذنب، فقد أعلنت وكالات الأنباء في 6/10/2001 م أن الجمعية العامة للأمم المتحدة أخفقت في تبني قرار بشأن التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب وذلك بسبب خلافات بين أعضاء الجمعية حول تحديد مفهوم الإرهاب. إن الأمر جدّ خطير، وأموالنا المغتربة مهددة بين عشية وضحاها بالمصادرة، والعلاج الأمثل والأوحد هو عودة الأموال المغتربة إلى أحضان أصحابها".
وعليه فإننا نرى أن الإيقاع يسير بوتيرة سريعة نحو إنهاء العلاقة الدافئة بين الغرب ممثلاً في أمريكا والدول السنية الثرية ممثلة في المملكة العربية السعودية؛ وأن عملية مصادرة الأموال تحت مسمى التعويضات هي بمثابة " مؤخر الصداق" الذي يرى الغرب أنه الأحق به، وأن مصادرة أموال المسلمين آتية لا محالة إن آجلاً أو عاجلاً إلا أن يتداركنا الله برحمته.
وبدورنا سنحاول وضع بعض المؤشرات لمدافعة هذه الأزمة؛ ومحاولة تجاوز ذلك المأزق باهظ التكاليف، والتي منها:
1- ما نزلت عقوبة إلا بذنب وما رفعت إلا بتوبة؛ والتوبة هنا عامة وخاصة؛ عامة عن كافة المظالم التي قد يظن معها أنها موجبة للمهالك؛ وخاصة مرتبطة بأموال المسلمين المغتربة في أوروبا وأمريكا، وهي متعلقة بذنبين؛ الأول تنقية هذا المال من عوامل تلويثه من سرقات وربا وتوظيف في المحرمات وغيرهم من المفاسد؛ والثاني تطهيره بالزكاة المستحقة عليه سواء أكانت خمساً أو أقل.
2- ضرورة إنشاء خلية أزمة استراتيجية تضع خطط المدافعة بمعزل عن التجاذبات الإعلامية، والضغوطات السياسية.
3- ضرورة العمل على كشف أكذوبة الحادي عشر من سبتمبر وإبطال تهمة مسئولية المسلمين عنها؛ وقد عمل عدد غير قليل من الخبراء والباحثين الغربيين على كشف حقيقة ما حدث في 11 سبتمبر، وتوجيه الاتهام المباشر لأمريكا في صناعة تلك الجريمة؛ ويمكن في هذا الصدد صناعة سلسلة من الأفلام الوثائقية والبرامج التحقيقية التي توثق الشهادات الفنية وبخاصة الغربية، والتي تبرئ ساحة المسلمين من هذه الجريمة الاستخباراتية عالية المستوى. كما يمكن الاستفادة من تلك الشهادات الفنية الموثقة في الدفوع القضائية مستقبلاً.
4- معاملة الكيان الصهيوني بالمثل؛ وذلك برعاية ودفع آلاف الأسر الفلسطينية وبخاصة في غزة إلى رفع دعاوى تعويضات مالية قضائية دولية ضد جرائم الصهاينة في غزة وفلسطين.
5- معاونة السوريين في رفع دعاوى تعويضات مالية قضائية دولية ضد جرائم إيران وروسيا على أرض روسيا.
6- رعاية رفع دعاوى تعويضات مالية قضائية دولية ضد أمريكا وذلك عن جرائمها في العراق منذ عام 2003.
7- عقد مؤتمر دولي لبحث مصطلح الإرهاب؛ مع توثيق الشهادات الدولية لتعريف الإرهاب بحيث تضم إليه جرائم أمريكا ضد الهنود الحمر؛ وجرائم أوروبا ضد المسلمين في إسبانيا.
8- الوقف الفوري لضخ أية أموال أو استثمارات عربية جديدة للغرب؛ وذلك على مستوى الحكومات والأفراد.
9- التفكير الجدي في وضع خطة زمنية لتصفية وسحب الاستثمارات العربية والإسلامية المغتربة في أوروبا وأمريكا في أسرع وقت ممكن.
10- وضع خطة اقتصادية مدروسة لفك الارتباط الدولاري بالعملات المحلية؛ مع السعي الجدي للتحرر من التبعية الاقتصادية لأمريكا وأوروبا؛ وذلك بالبحث عن شركاء مسلمين جدد يستوعبون التحول الاقتصادي الجديد؛ وأحسب أن مثلث مصر والسودان وتركيا يمكنهم لعب دوراً استيعابياً مؤثراً في هذا التوجه الجديد.
[/align]