هل ربنا يحبنا

راشد بن عبد الرحمن البداح
1445/02/08 - 2023/08/24 17:33PM

الْحمدُ لِلهِ نَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ،وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ تَسْلِيْماً كَثِيْراً.أَمَّا بَعْدُ:

فلنسألْ أنفسَنا: هلْ ربُنا يحبُنا؟! والجوابُ المتفائلُ: أننا نرجُو أنربَنا يحبُنا.

وإذا أردتَ الأدلةَ والعلاماتِ على حبِ اللهِ لنا فاسمعِ الآنَ وتأملْ جيدًا:

لقدِ اختارَنا –تعالَى- مِنْ بينِ مخلوقاتهِ التيْ لا تُعَدُ ولا تُحصَى؛ليختصَنا بنعمةِ العقلِ، ويُفضلَنا بفضائلَ لا تكونُ إلا لنا: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً}[الإسراء70].

فدعُونا نَسْبَحُ في خيالاتنا، لنَقْدُرَ بعضَ فضلِ اللهِ علينا، وتفضيلَهُ لنا.

نعمْ! كانَ منَ الممكنِ أنْ تكونَ مخلوقًا آخرَ غيرَ الإنسانِ، كأنْ تكونَحجرًا، أو شجرًا، أو طيرًا.

تخيلْ لو أنكَ وَجدتَ نفسَك ابنًا منْ أبناءِ قومِ فرعونَ أو عادٍ وثمودَ، أو منْ القرامطةِ أو الفرقِ الضالةِ. ألا ترَى في تجنيبِك كلَ ذلكَ عظيمَ حبِربِكَ لكَ، وسبقِ فضلِه عليكَ.

وتخيلْ أنْ لو كنتَ تعيشُ قبلَ مئةِ سنةٍ، فهلْ ستُطيقُ صعوبةَ الحياةِفي ذلكَ الوقتِ؟! لا كهرباءَ، لا سياراتٍ، أو طائراتٍ، لا مواصلاتٍ ولااتصالاتٍ، لا مستشفياتٍ ولا عملياتٍ.

تخيلْ نفسَك تريدُ العمرةَ، فكمْ يومًا ستقضِيها على ظهرِ بعيرِكَلتصِلَ؟!

ثم وأنتَ في هذا الزمنِ المتحضرِ، هَبْ أنك وُلدتَ في أدغالِ أفريقيا، أو في الإسكيمو، أو في أماكنِ فيضاناتٍ أو زلازلَ، أو أماكنِ فتنٍ أو اضطراباتٍ أمنيةٍ. فماذا عساكَ أن تفعلَ وقد وُلدتَ في بلادِ الحرمينِ ومتنزلِ القرآنِ، البلدِ الآمنِ العزيزِ بتطبيقِ الشريعةِ، وإحياءِ السنةِ؟!

وتخيلْ أنك وُلِدْتَ في هذهِ الحضارةِ، ولكنْ لأبوينِ نصرانييَنِ أو هندوسييَنِ مثلاً.

ماذا كنتَ ستفعلُ لو كنتَ ترَى أبويكَ يسجدانِ لبقرةٍ، أو لصليبٍ؟! أكنتَ ستضمنُ عقلَك ليَهديَك، أمْ كنتَ ستسيرُ على خُطى والدَيكَ؟! إنه امتحانٌ رهيبٌ عصَمَكَ اللهُ منه، بأنْ خلقكَ لأبوينِ مسلمينِ، دونَ اجتهادٍمنكَ.

ألا ترَى عظيمَ فضلِ اللهِ عليك أن أوجَدَك في بيئةٍ تتحدثُ العربيةَ، فلا تحتاجُ إلى جهدٍ كبيرٍ، لكيْ تفهمَ القرآنَ والسنةَ؟!

أتدريْ ما الذي حدثَ معكَ، فكنتَ منْ أهلِ الصلاةِ والصلاحِ؟!

أتظنُ أنّ لكَ يدًا في ذلكَ؟! لا واللهِ، بل هوَ الذيْ {حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ(7)فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}[الحجرات].

فإنْ كنتَ في شكٍ منْ هذا فتأملْ حالَ الأنبياءِ المصطفَينَ الأخيارِ، فإمامُ الموحدينَ إبراهيمُ -عليهِ السلامُ- يخافُ على نفسهِ الشركَ، ويدعُو ربَه قائلاً {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأصْنَامَ}[إبراهيم35]. بلْ قالَعنْ محمدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا}[الإسراء74]

ألا ينبغيْ أنْ ينطِقَ كلٌ منا-بيقينٍ– قائلاً: أَشْهَدُ أَنَّكَ إِنْ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي، تَكِلْنِي إِلَى ضَعْفٍ وضَيْعَةٍ وَعَوْرَةٍ وَذَنْبٍ وَخَطِيئَةٍ.

وأنْ نُرددَ قائلينَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَى مِنَ الضَّلَالَةِ، وَبَصَّرَ مِنَ الْعَمَى، وَفَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِهِ تَفْضِيلًا().

الحمدُ للهِ حمدَ الشاكرينَ، والصلاةُ والسلامُ على خيرِ الحامدينَ، أما بعدُ:

فلنُعِدِ السؤالَ على أنفسِنا قائلينَ: هلْ ربيْ يحبُني؟ والجوابُ المبهجُ: نعمْ يحبُك، فمِنْ مظاهرِ حبِهِ لكَ كرمُه البالغُ، وهداياهُ المضاعفةُ، فـــ:{مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}[الأنعام160].

ومنْ الهدايا الربانيةِ الفخمةِ: أنْ جعلَ الجمعةَ كفارةً، والصلواتِالخمسَ كفارةً، وصومَ عرفةَ يَغفِرُ ذنوبَ عامينِ، وعاشوراءَ يغفرُ ذنوبَعامٍ. فبماذا ستقابلُ مَنْ يُهديكَ هذهِ الهدايا الجزلةَ بلا مقابلٍ؟!

إن ربَنا شكورٌ يُعظِّمُ أعمالَنا ولو حَقُرَتْ، وتأملْ قولَه لأهلِ الجنةِ{ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}[النحل32]. أأعمالُنا القليلةُتستحقُ هذا الجزاءَ العظيمَ؟! مع أنه -عزَ وجلَ- هوَ الذيْ أعانَنا عليها، ثم يقولُ لأهلِ الجنةِ وهم يتقلبونَ في نعيمِها: {إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا}[الإنسان22]().

أيُ كرمٍ بعدَ هذا الكرمِ في الجزاءِ؟!

أما الكرمُ في الرزقِ والعطاءِ؛ فانظرْ لمثالٍ نعيشُه هذهِ الأيامَ، ألا وهيَأصنافُ التمورِ الكثيرةِ، ألمْ يكنْ يكفِينا صنفانِ نتمتعُ بلذيذِ طعمِهما؟!ولكنَ الكرمَ الإلهيَ غيرَ المحدودِ أخرجَ لنا مئاتِ الأصنافِ، بل إن الصنفَ الواحدَ له عدةُ طُعومٍ.

ثم إنهُ -تعالَى- رضيَ منا بكلمةِ "الحمدُ للهِ" لننالَ بها كرامةً أعظمَمنْ الجنةِ، ألا وهيَ أنْ يرضَى عنا! ألمْ يقلْ رَسُولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّ اللهَ لَيَرْضَى عَنِ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ، فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا().

• فاللهم اجعلنا لكَ ذكّارينَ، شكّارينَ، منيبينَ، مخبتينَ، مِطواعينَ.
• اللهم تقبلْ توباتِنا، واغسلْ حوباتِنا، وأجبْ دعواتِنا.
• اَللَّهُمَّ اِحْفَظْ دِيْنَنَا وَأَمْنَنَا وَتَعْلِيْمَنَا وَحُدُوْدَنَا وَجُنُوْدَنَا. وَاحْفَظْ ثَرَوَاتِنَا وَثَمَرَاتِنَا.
• اللَّهُمَّ إِنِّا نسْأَلُكَ كَمَا هَدَيْتَنَا لِلإِسْلاَمِ، أَلاَ تَنْزِعَهُ مِنّا حَتَّى تَتَوَفَّانا وَنحْنُ مُسْلِمُونَ().
• اَللَّهُمَّ وَفّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِمَا لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى. وَارْزُقْهُمْ بِطَانَةَ اَلصَّلَاحِ وَالْفَلَاحِ.
• اَللَّهُمَّ

المرفقات

1692887568_هل ربنا يحبنا.docx

1692887581_هل ربنا يحبنا.pdf

المشاهدات 1116 | التعليقات 0