هكذا نستقبل رمضان
إبراهيم بن سلطان العريفان
بسم الله الرحمن الرحيم
إخوة الإيمان والعقيدة ... نستقبل بعد أيام ضيفًا عزيزًا كريمًا يحتفي به المؤمنون ويفرحون بهلاله؛ كيف لا وهو الشهر الذي شرف الله به البشرية ببعثة خير البرية محمد صلى الله عليه وسلم، وهو الشهر الذي رفع الله به قدر الأمة المحمدية بنزول ذكرها الخالد وشرفها الدائم وهو القرآن الكريم، إنه شهر رمضان، فكيف نستقبل رمضان؟
أيها المؤمنون .. نستقبل شهر رمضان بمعرفة شرف زمانه وفضله؛ فهو ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾ أنزل الله فيه أفضل كتبه في ليلة مباركة؛ هي ليلة القدر ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: (من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه) و(مَن حُرم خيرُها فهو المحروم).
شهر افترض الله علينا صيام نهاره ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ وقال عليه الصلاة والسلام: (من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه).
إخوة الإسلام .. إذا أدركتم رمضان فأبشروا، بقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا كان أول ليلة من رمضان فُتحت أبواب الجنة، فلم يغلق منها باب، وغُلقت أبواب جهنم فلم يُفتح منها باب، وصُفِّدت الشياطين، وينادي مناد: يا باغي الخير أقبِل، وباغي الشر أقصِر، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة).
نستقبل رمضان بالشوق إليه والدعاء ببلوغه، وبالبشارة والتهنئة بقدومه، كما بشَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه، فقال: (قد جاءكم رمضان شهر مبارك).
إن شهود رمضان نعمة تستوجب الشكر لله بأن مدَّ في أعمارنا، وشهدنا هذا الفضل الكبير، فكم صام معنا في العام الماضي من المسلمين من الأقارب والجيران والأصدقاء، فرحلوا عن عالمنا، ومَن الله علينا بهذا الفضل، فشهِدنا شهر رمضان.
إخوة الإيمان، من حسن استقبال رمضان: تعلُّم أحكام الصوم والإفطار بقراءة أو سماع، وما أسهل ذلك علينا في عصرنا هذا وفي فراغنا هذا، حتى نصوم على بيِّنة، ولا نقع في محظورات الصيام، أو التلاوة والقيام، كما يلزمنا عقد العزم وتمحيص النية، وتقوية الهمة وشد العزيمة على صيام وقيام رمضان، وحسن استغلال وقته المبارك، فإنما الأعمال بالنيات.
من أحسن ما نستقبل به رمضان أن نتوب إلى الله بترك الذنوب، فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له، و(رُبَّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر والتعب)، و(الصيام جُنَّة، فإذا كان صوم يوم أحدكم، فلا يرفُث ولا يصخب)، و(ليس الصيام من الأكل والشرب، إنما الصيام من اللغو والرفث)، و(من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه).
كان سلفنا الصالح ينتظرون رمضان بشوق وحنين وقلوب صادقة؛ ليكون شهر مضمار وسباق إلى الله جل وعلا في قربات شتى. قال معلى بن الفضل عن السلف رحمهم الله: كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم، وقال يحي بن أبي كثير: كان من دعائهم: اللهم سلمني إلى رمضان، وسلم لي رمضان، وتسلمه منى متقبلاً.
أقول ما تسمعون ....
الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على النبي المصطفى، وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واقتفى.
معاشر المؤمنين ... شرع الله الصوم لحكم عدة خلاصتها تحقيق التقوى، والتقوى هي الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل، والرضا بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل، والتقوى: أن تجعل بينك وبين المعاصي والنار وقاية.
إخوة الإسلام، بالصوم نتعلم العفاف، عفةَ الفرج والفم، عفة الطعام والشهوة، وبالصوم نتعلم الصبر، فالصوم نصف الصبر، وبالصبر يكون النجاح، وفي الصوم صحة وشفاء ورحمة وعطاء وكرم، وإيثار للفقراء.
إخوة الإسلام .. إن أوقات رمضان غالية، فأشغلوها بصيام وصلاة، وقيام وأذكار ودعاء، وصدقات وتلاوات، وصلة رحم، وحسن جيرة، وقضاء حوائج المحتاجين والتحلي بكل حميد، والتخلي عن كل قبيح؛ حتى نحاسب أنفسنا، ونقيس أداءنا، ونتدارك نقصنا، ونستغل أوقاتنا.
اللهم أعنَّا فيه على الصيام والقيام وصالح الأعمال.
اللهم ارفَع عنا الوباء والبلاء والغلاء والفتن والمحن ما ظهر منها وما بطن.
اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك، وتحوُّل عافيتك، وفجاءةِ نقمتك وجميع سخطك. اللهم اكفِنا بحلالك عن حرامك، وبفضلك عمَّن سواك.
اللهم إنا نسألك العافية في الدنيا والآخرة.
اللهم إنا نسألك العفو والعافية في ديننا ودنيانا وأهلينا وأموالنا.
اللهم استُر عوراتنا وآمِن روعاتنا.
اللهم احفَظنا من بين أيدينا ومن خلفنا، وعن أيماننا وعن شمائلنا، ومن فوقنا ونعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا.
المرفقات
1709884659_هكذا نستقبل رمضان.pdf
1709884669_هكذا نستقبل رمضان.docx